أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاخر السلطان - في الدفاع عن المرشحة الكويتية أسيل العوضي















المزيد.....

في الدفاع عن المرشحة الكويتية أسيل العوضي


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 2643 - 2009 / 5 / 11 - 08:30
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


هناك من الكتّاب الإسلاميين من يعتقد بأن فهم النصوص الدينية هو حكر على بعض الفقهاء والمنتمين للمؤسسة الدينية، وأن آخرين ممن هم خارج تلك المؤسسة ليس لهم حق تفسير النصوص ولو استندوا إلى مناهج علمية "حديثة" في التفسير. لذلك لا يبالي هؤلاء في "إسكات" من يغرد خارج سربهم، وفي "إلغاء" من يختلف معهم في المنهج والتفسير والنتيجة، حيث ينعتونهم بنعوت جارحة، وذلك ما حصل ويحصل مع المرشحة لانتخابات مجلس الأمة الدكتورة أسيل العوضي، حيث وصفوها بالخارجة عن الدين والمخالفة لثوابت الدين، وبالزنديقة أيضا، لأنها اختلفت معهم في فهم آية الحجاب، حيث وظفوا ذلك سياسيا من أجل التأثير على نجاحها في الانتخابات، لكني أعتقد بأن تلك الحملة سوف تساهم في تقوية حظوظ فوزها، لأن الهجوم عليها يستند إلى أرضية فكرية تعادي الكثير من مواد الدستور ولا تتلاءم مع مفاهيم التنوع والاختلاف والتعدد التي تسود الحياة الراهنة والتي يقوم عليها مفهوم الديموقراطية. وللعلم فإن تلك الاتهامات والنعوت الجارحة يجري تبادلها بين الإسلاميين أنفسهم، وبالذات حينما يختلفون في تفسير النصوص وفي نتائج التفسير. فلا يزال الإسلاميون من أتباع المذهبين السني والشيعي يواجهون الاختلاف بينهما، وفي داخل كل مذهب، بإلقاء تهم الخروج عن ملة الإسلام والتكفير والارتداد والزندقة لمجرد وجود خلاف في فهم النص. وذلك يشكّل مأساة على الشعوب العربية والمسلمة الواقعة تحت وصاية هكذا فقهاء وكتّاب من أتباع المؤسسة الدينية ممن لا يفقهون ألف باء الاختلاف، وهو ما يعرقل تأسيس واقع مفاهيمي جديد يتماشى مع مفهوم الديموقراطية ويساهم في طرق باب العالم المعاصر القائم على احترام الآخر والتعايش معه وفق رؤى حديثة لا رؤى تاريخية عفا عليها الزمن بحيث لا تنفع الحاضر ولا تؤسس للمستقبل.

إن معظم الإسلاميين المشاركين في العملية الانتخابية في الكويت يعتقدون بأن فهمهم للنص الديني يعتبر من ثوابت الدين بحيث لا يمكن تغيير هذه الثوابت إلا في حدود ضيّقة يقرّها فقيه معين أو مؤسسة دينية معينة، إذ من يتبنى فهما مخالفا ولا ينتمي إلى مؤسستهم سيكون في المحصلة مبتدعا وزنديقا وخارجا عن الدين. والمفارقة هنا أن هذا الرأي يتداول في ظل ادعاءاتهم بقبول الديموقراطية فهما ونهجا وعملا. فأين الديموقراطية من إلغاء الآخر، ومن تهم البدعة والزندقة والارتداد؟ وأين هم من التنوع والتعدد والاختلاف؟ فنهجهم هو العدو الرئيسي والحقيقي للديموقراطية، ولابد للكويتيين أن يدركوا ذلك ويحسنوا اختيار نوابهم لمجلس الأمة ممن يرون فيهم أهلا لاحترام الحرية والتعددية، وألا ينخدعوا بالشعارات الدينية التي يستغلها أصحابها من أجل نشر الرؤى التاريخية الوصائية والإلغائية، التي هي في المحصلة رؤى طائفية، وإرعاب الآخرين المخالفين لهم، حتى الوصول إلى عدم تغيير المجتمع وإبقائه أحادي الرأي يخشى التعايش ولا يقدر على الاختلاف. فهم يستندون في اعتقادهم هذا إلى أن فهمهم الديني وثوابتهم الدينية أهم من حقوق وحريات الفرد وأهم من التعددية والاختلاف في الرأي، ويسعون إلى الدفع بانتهاك تلك الحقوق والحريات إذا ما ساهمت في تشجيع شخص ما من الاقتراب من حدود الثوابت وحاول تفنيد فهمهم لها، لأنهم يرفضون بالمطلق حرية الإنسان وحقه في الاختلاف في فهم الثوابت الدينية. لذلك هم غير فرحين بالحرية ولا بالديموقراطية إلا في حدود تحقيق أهدافهم الوصائية التاريخية، ويشددون على إلغاء ثقافة الحوار والنقاش والبحث والكلام. فهم لا يرون الحق إلا فيهم وعندهم، والآخر، الديني وغير الديني، مجرد ضلال لابد من "التقية" معه أو إلغاءه. ومادامت الانتخابات على الأبواب وفرص نجاح أسيل مرتفعة فإن الإلغاء الديني هو أفضل السبل معها.

وفي الحقيقة فإن موقف هؤلاء من أسيل أكبر مما تفوهت به في محاضرتها الجامعية. فهو انعكاس للمواجهة بين أنصار الاستبداد الديني غير المتسامح وأنصار الحرية والتعددية والتعايش. كذلك هو مواجهة بين طرف يطالب بالتشبث بالأغلال التي كبّلت إرادة الإنسان وحريته ورأيه باسم الدين، وآخر يدعو إلى كسر هذه الأغلال والتحرر منها والخروج من أسْر الثقافة الدينية التاريخية التي سعى رجال دينها وفقهائها، غصبا وجورا، إلى اعتبارها صالحة لكل زمان ومكان وكأنها هي القرآن الكريم نفسه وليس تفسيرا بشريا للنص الديني. وسبب ذلك هو تزمت الفكر الديني القائم على التقليد الأعمى للفقهاء مما يلغي العقل ويحث على التلقين ويطالب بالاعتقاد المطلق بالأفكار التاريخية، الأفكار التي لا تقبل السؤال فما بالك بالتجديد والتغيير. وحينما يقوم البعض بإعمال العقل وغربلة الفكر وحماية الدين من الموروث التاريخي الماضوي ويبحث عن إجابات لأسئلة يعتبرها الفقهاء محظورة، تتم محاربته بتهم الزندقة والخروج عن الدين والاستهزاء بالنصوص والثوابت. فثقافة حركات وجماعات وكتّاب الإسلام السياسي في الكويت تستند إلى الهيمنة السلطوية القائمة على الوصاية على العقول، لذلك تسعى إلى أسر الرأي والفكر في سجنها الكبير لكي تتحكم بما يجب أن يقال ويقرأ وينشر وما يجب أن يفكَّر فيه. بمعنى أنها تستهدف قتل الحرية الحقيقية، لكنها لاتستحي من المشي في جنازتها. والمثير للسخرية أنها تزعم وجود سلبيات في الحرية، لكنها لا تشير إلى آفات ثقافة الوصاية والهيمنة. فإذا كانت الحرية تجلب الفساد – على حد زعمها - فإن الاستبداد يجلب فسادا أكبر. فمن الخطورة بمكان أن تستند ثقافة الوصاية والهيمنة إلى الدين، لأنه سيتم رفض أي نقد يوجه إليها، وسيكون ذلك بمثابة نقد موجّه إلى الدين. وهنا يكمن الخطر إذ سيصبح الاستبداد دينيا وستتلطخ سمعة الدين وستتهدد مكانته الروحية في المجتمع. فما يهدد حرية المجتمع وأمنه واستقراره قبل أي شيء هو قيام الحركات والجماعات والكتّاب الإسلاميين، الذين لا تعكس ثقافتهم الدينية الإجماع في المجتمع، بفرض إرادتها ووصايتها وشروطها الاستبدادية على حرية الفهم والتعبير تحت ذريعة المحافظة على ثوابت الدين وسلامة المجتمع. فلا يمكن القبول بأن يحدد هؤلاء، من خلال ممارساتهم الوصائية الاستبدادية، شكل الحرية التي يجب أن يسود وما يجب أن ينشر من أفكار وفهومات وما يجب ألا ينشر. والمفكرون الغربيون في القرون الوسطى حينما طرحوا رؤيتهم حول دوران الأرض وسكون الشمس، تمت معارضتهم على أساس أن تلك الفكرة تخالف وجهة النظر الدينية السائدة في الكنيسة آنذاك، إذ بدلا من نقد تلك الرؤية إلا أنها وصفت بالجرثومة التي تهدد أمن المجتمع ولابد من وأدها. وجميعنا يعلم بأن عملية الوأد لم تأد إلى أي نتيجة، بل إن رؤية غاليليو وكوبرنيكوس في هذا الإطار انتشرت على نطاق واسع حتى أصبحت من أهم النظريات العلمية في العصر الحديث.

إذاً، التضييق على الأفكار والحريات بطريقة دينية استبدادية وإلغائية هي طريقة فاشلة. ومن الخطورة على سلامة المجتمع وحريته واستقراره أن تعتقد مجموعة من الناس بأنها وصيّة على الحرية والفكر والتعبير، وبأنها الجهة الوحيدة التي لها حق تحديد الحق من الباطل، وبأنها هي التي تستطيع أن تكتشف مكامن الخلل في طريق الحرية بالمجتمع، أي تعتقد بأنها المطبخ الوحيد الذي يجب أن يصار إليه تحديد موضوعات الأفكار ومسائل الحرية، وكأنها تقول بأن الأغذية فسدت قبل أن تصل إلى جميع المختبرات الخاصة بذلك. فالمشكلة الرئيسية تكمن في أن جماعات الإسلام السياسي بفقهائها وكتّابها حينما يمتلكون سلطة معينة وقوة خاصة فإنهم يمارسون سلطتهم وهيمنتهم ووصايتهم على أمور الفكر وقضايا النشر والتعبير، في حين أن تلك الأمور يجب أن تصار إلى المراكز الفكرية الأكاديمية لا إلى قوى الهيمنة في المجتمع. فالصراع العلمي حول الأفكار والحريات هو الذي يجب أن يسود، في حين أن الصراع السياسي يجب أن ينأى عن الدخول إلى هذا المجال. والجميع يعلم كيف وظف الإسلاميون، المعادون للديموقراطية والدستور، ما طرحته الدكتورة أسيل في محاضرتها كمادة للاستغلال السياسي.

كاتب كويتي



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نواب الصراخ.. والأسباب الحقيقية للأزمة السياسية في الكويت
- ضرورة الطرح العلماني
- لماذا سكت الشيعة؟!
- بين أخلاق الحداثة.. وأخلاق السلوك الديني
- لتتحدى المرأة الثوابت التاريخية
- في نقد العودة إلى التاريخ
- حل مجلس الأمة.. وسؤال الديموقراطية
- من هو السلفي؟
- لاهوت التسلط
- لماذا خفت صوت الإصلاحيين في إيران؟
- كيف هيمن الإسلام الفقهي على مجتمعاتنا؟
- في العلاقة بين -الجمهورية- وولاية الفقيه
- سلطة فوق كل السلطات
- هل كان موقف الإسلام السياسي من حرب غزة إنسانيا؟
- مسلم.. ولا ينتمي للمؤسسة الدينية
- لماذا التفريق بين عدو وآخر ما دامت نتيجة الظلم واحدة؟
- ردود شجاعة على مقال -عاشوراء دعوة للنقد-
- عاشوراء: دعوة للشباب لممارسة النقد
- الدين.. والموروث السياسي والاجتماعي
- في الصراع بين الوصاية والتنوّع


المزيد.....




- “أغاني الأطفال الجميلة طول اليوم“ اسعدي أولادك بتنزيل تردد ق ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- موضة: هل ستشارك السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون للمرة الأ ...
- “مش حيقوموا من قدامها” جميع ترددات قنوات الاطفال على النايل ...
- الحكم على الإعلامية الكويتية حليمة بولند بالسجن بذريعة “الفج ...
- استشهاد الصحافية والشاعرة الغزيّة آمنة حميد
- شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس ...
- إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
- تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت ...
- محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاخر السلطان - في الدفاع عن المرشحة الكويتية أسيل العوضي