أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاخر السلطان - سلطة فوق كل السلطات















المزيد.....

سلطة فوق كل السلطات


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 2546 - 2009 / 2 / 3 - 08:59
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مساء الأول من فبراير عام 1979 عنونت الصحف الإيرانية "وصل الإمام"، مشيدة بعودة روح الله الخميني من منفاه استعدادا لقيام الثورة وإعلان الجمهورية الإسلامية، حسب ما جاء في تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية، التي تضيف "يومها، نشرت وسائل الإعلام في كل أنحاء العالم صورة الرجل المسن بعباءته السوداء ينزل بتأن سلم الطائرة التابعة للخطوط الجوية الفرنسية التي أقلته من باريس إلى طهران".
وفي الذكرى السنوية لقيام الثورة في العاشر من فبراير 1979 تعود تلك الصورة إلى الأذهان، وتقرع أجراس المدارس والقطارات والسفن في اللحظة نفسها لعودة الإمام. وتضيف الوكالة بأنه "إذا كان الخميني يجسد الإطاحة بنظام الشاه محمد رضا بهلوي، فان هذا الأمر لم يكن ممكنا لولا مساعدة معارضة متنوعة، أزيلت مذ ذاك من كتب التاريخ والكتب المدرسية ووسائل الإعلام الإيرانية". إذن المعارضة ضد الشاه داخل إيران لم تقتصر على مناصري الخميني، وتجلت في مجموعات متنوعة الانتماء تضم ديموقراطيين وليبراليين وقوميين وماركسيين وشيوعيين لم يتبنوا مواقفه.
وتقول الوكالة الفرنسية، كما معظم المؤرخين والباحثين، أن الخميني "اكتسب شهرة منذ عام 1944، منتقدا انعدام الأخلاق والتأثير الغربي على النظام الملكي في إيران. وانصرف تدريجا إلى تطوير مفهوم حكومة، أعضاؤها من رجال الدين القادرين على تفسير الشريعة الإسلامية. وفي هذا الإطار، شرح عقيدته في كتاب (الحكومة الإسلامية) الذي صدر العام 1970. هذه العقيدة شكلت أساس الجمهورية الإسلامية التي أعلنت في الأول من ابريل 1979 وكان الخميني أول مرشد أعلى لها (ولي الفقيه)".
وقال الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد في احتفالات إحياء الذكرى يوم السبت الماضي "اليوم بعد مضي ثلاثين عاما، لا تزال الثورة حية". وتابع "ما زلنا في بداية الطريق وسنشهد تطورات أكبر. هذه الثورة ستستمر بإذن الله حتى إحلال العدل".
ينطلق المفهوم السياسي والقانوني الفقهي لمرشد الثورة أو لولي الفقيه من السلطة والحكم. أي النظرية التي تؤمن بضرورة وجود سلطة في المجتمع تتولى إدارة المجتمع وإقامة النظام العادل. وكان الخميني يؤكد على أنه لا وجود لمجتمع إسلامي من دون دولة إسلامية. وكان خلاف بعض المجتهدين الشيعة يرى بأنه لا يجوز أن تقتصر مطالبة رجال الدين على ضرورة تطابق القوانين التي تصدرها الدولة مع الشريعة، فالدولة في جوهرها حسب الخميني لابد أن تكون إسلامية. وكان يرى بأنه يوجد عند الشيعة نوعا من "السلطة الدينية العليا" المتشكلة من كبار الفقهاء والمجتهدين، وان هذه "السلطة الدينية العليا" ولو لم تكن هي نفسها "مؤسسة" فإنها تملك أن تحدّد من هو الأعلم من بين الفقهاء. وطالب بأن تمسك هذه "السلطة الدينية العليا" زمام الشؤون العليا للدولة الإسلامية. وبعبارة أخرى اعتبر الخميني أن من حق "السلطة الدينية العليا" أن تمارس السلطة العامة في الدولة الإسلامية من دون أن يعني ذلك أن يتولى الفقهاء الحكم مباشرة.
وخلافا لكثرة ساحقة من الفقهاء والمجتهدين الشيعة الذين يعتقدون انه في غيبة الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن (الإمام المهدي) فإنه على المسلمين الابتعاد عن السلطة، لأن أي دولة تقام في ظل غيبة الإمام الثاني عشر لا تكتسب الشرعية.. خلافا لرأي هؤلاء كان الخميني يرى أن "الحاكمية" أو الولاية السياسية الفقهية في غيبة الإمام المهدي تؤول إلى الفقيه الجامع للشرائط، وهذا ما قاده إلى صوغ مفهوم ولاية الفقيه في الستينات من القرن الماضي ومن ثم إلى الثورة على نظام الشاه عام 1979.
إن الجمع بين الوظيفة الدينية والوظيفة السياسية لمرشد الثورة أو لولي الفقيه أدى إلى مجموعة من النتائج السياسية: النتيجة الأولى هي قيام الدولة الدينية. والنتيجة الثانية هي إلحاق الدين بالسياسة. لكن النتيجة الثالثة، وهي الأهم والأخطر، فهي من شقين: ضرب مبدأ فصل السلطات من جهة، وإقامة سلطة فوق كل السلطات من جهة أخرى. فعلى الرغم من أن نظام ولاية الفقيه دخل في دستور الجمهورية الإسلامية وأصبح لولي الفقيه موقع دستوري، إذ لم يكن هناك تجاوزا على الدستور وأقر ذلك من خلال اقتراع شعبي، لكن الصحيح أيضا أن ثمة مفارقة كبيرة بين سلطة فوق السلطات، وسلطة منتخبة لا تملك إلا صلاحيات محدودة مثل سلطة رئيس الجمهورية. بعبارة أخرى قام الخميني بإرساء الدولة الدينية الدستورية، وهي لايمكن أن تكون ديموقراطية.
لذلك نجد من الطبيعي أن يتردد الجناح الإصلاحي في إيران في الوقت الراهن في تقديم مرشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو المقبل، لخشيته من المفارقة الحاصلة بين التأييد الشعبي العارم للرئيس وبين الصلاحيات المحدودة الممنوحة له في الدستور. وقال الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي هذا الأسبوع انه سيترشح إلى الانتخابات الرئاسية في حال عزف رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي عن خوضها، ونقلت وكالات الأنباء عنه "بما أن موسوي لم يتخذ قرارا بعد وإذا لم يكن مرشحا لسبب ما، فسأترشح مع علمي بالمشاكل التي تعترض هذا الطريق". وأشار إلى أن التأخر في اتخاذ قرار بهذا الشأن "لا يفيد أحدا ويخلق جوا من القلق في المجتمع".
بعد وفاة مؤسس الجمهورية الإيرانية اهتزت نظرية ولاية الفقيه اهتزازا جديا، وكان يفترض أن تسير الأمور في ثلاثة اتجاهات: إما تطبيق ما ينص عليه الدستور الإيراني نفسه عندما لا تجتمع شروط الولاية بشخص، وعندئذ ينتخب ما يشبه "مجلس الولاية" حيث ثار جدل كبير حول انتخاب مجلس الخبراء للمرشد الراهن آية الله علي خامنئي لمنصب ولي الفقيه بعد ترقيته إلى آية الله. وإما تعديل الدستور لجهة الصلاحيات المطلقة لولي الفقيه. وإما إلغاء ولاية الفقيه إلغاء تاما. غير أن أيا من هذه الاتجاهات لم يؤخذ بها مما أدى إلى احتدام الجدل حول التناقضات التي تشكلها نظرية ولاية الفقيه.
وحينما أعطى 20 مليونا من الإيرانيين ثقتهم في الرئيس خاتمي عام 1997، لم يعطوها للمرشح المنافس لخاتمي وهو علي اكبر ناطق نوري الذي كان قد حاز على ثقة خامنئي، غير أن المشكلة استمرت في وجود رئيس يتمتع بثقة أكثرية ساحقة من شعبه لكنه لا يتمتع بالصلاحيات الدستورية اللازمة لتنفيذ برنامجه الذي كان برنامجا "إصلاحيا تنمويا". إذن تكمن المشكلة في التناقض بين سلطة منتخبة شعبيا ولا تملك ما يلزم من الصلاحيات، وسلطة فوق كل السلطات تملك كل الصلاحيات بما في ذلك منع تنفيذ برامج الرئيس. بعبارة أخرى فإن المفارقة تكمن في الإيديولوجيا والانظمة الإيديولوجية، فهي أقوى من الشعب خلال مرحلة طويلة، ولا تقيم الاعتبار نفسه الذي يقيمه الديموقراطيون عادة للاختبار الشعبي، وهو ما يدركه الجناح الإصلاحي في إيران مما جعله يتردد في طرح مرشحه للانتخابات الرئاسية القادمة. فرغم أن نظام ولاية الفقيه يتعارض مع الديموقراطية ومع قيام مجتمع مدني ودولة مدنية، كما ينقل عن العديد من الإصلاحيين الإيرانيين، إلا أن التيار الإصلاحي المرتبط بخاتمي لم يعتبر الولاية عقبة نهائية أمام تنفيذ البرنامج الإصلاحي أو أن إنهاءها شرط مباشر للإصلاح.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان موقف الإسلام السياسي من حرب غزة إنسانيا؟
- مسلم.. ولا ينتمي للمؤسسة الدينية
- لماذا التفريق بين عدو وآخر ما دامت نتيجة الظلم واحدة؟
- ردود شجاعة على مقال -عاشوراء دعوة للنقد-
- عاشوراء: دعوة للشباب لممارسة النقد
- الدين.. والموروث السياسي والاجتماعي
- في الصراع بين الوصاية والتنوّع
- الدين.. والدليل العقلي.. والإلغاء
- حول الدين والاعتقاد والدليل العقلي: الإمام المهدي نموذجا
- الفقهاء.. والعالم الجديد
- الإسلام.. والعالم القديم
- حول جدل -التبشير- السني والشيعي
- شعبية رجال الدين
- آل الصباح.. والمطلق الديني.. ومستقبل العراق
- في الجدل حول الدين والتديّن
- الديموقراطية.. والدين والدنيا
- حرية الفكر ضحية لهيمنة الإسلام السياسي
- نظام التقليد.. والتبعية
- الحرية تُنتهك باسم -لجنة الظواهر السلبية-
- العلمانية.. هل تصلح لمجتمعاتنا؟(2 – 2)


المزيد.....




- خمس مدن رائدة تجعل العالم مكانا أفضل
- هجوم إيران على إسرائيل: من الرابح ومن الخاسر؟
- فيضانات تضرب منطقتي تومسك وكورغان في روسيا
- أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني -عمل إرها ...
- أدرعي: إيران ترسل ملايين الدولارات سنويا إلى كل ميليشيا تعمل ...
- نمو الناتج الصيني 5.3% في الربع الأول من 2024
- حضارة يابانية قديمة شوه فيها الآباء رؤوس أطفالهم
- الصحافة الأمريكية تفضح مضمون -ورقة غش- بايدن خلال اجتماعه مع ...
- الولايات المتحدة.. حريق بمصنع للقذائف المخصصة لأوكرانيا (صور ...
- جينوم يروي قصة أصل القهوة


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فاخر السلطان - سلطة فوق كل السلطات