أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد منير - -كان بان على عرقوبه-














المزيد.....

-كان بان على عرقوبه-


محمد منير

الحوار المتمدن-العدد: 2634 - 2009 / 5 / 2 - 10:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


فى طفولتى غير البعيدة عن ذهنى، كانت تنتابنى لحظات ادعاء وفخر بمميزات بطولية أو استعراضية وهمية تسكرنى بحالة من الزهو المفرط لا ينهيها إلا كلمات إفاقة تلقيها أمى رحمها الله فى وجهى، أعود بعدها إلى حالتى الطبيعية "قالوا أبو قردان غرقان فى الشكولاته قلنا كان بان على عرقوبه".
ويمرق الزمن حاملا أحداثا كثيرة جدا إلى أن سمعت عن إعلان جماعة ضد التمييز الدينى فى مصر.. فأسرعت بلا تردد إلى الانضمام إليها بحكم كراهيتى لأى نوع من أنواع التمييز.. المهم... بعد فترة ليست طويلة اكتشفت أن الجماعة التى عقدت عليها الأمل قد تحولت بقصد أو غير قصد إلى عنصر من عناصر تأكيد التمييز الدينى والطائفية فى مصر، هذا ما أكده "عرقوب" الجماعة الواضح.
أدبيات الجماعة ودعايتها يدور معظمها حول مظاهر اضطهاد للمسيحيين فى مصر. كأن يُنشر موضوع عن مقتل مسيحى بيد مسلم، أو قيام ناظر مدرسة بمنع مسيحية ترتدى البنطال من دخول المدرسة أو اسلام مسيحى أو مسيحية كرها أو تدريس الدين الإسلامى للمسيحيين عنوة ضمن مناهج اللغة العربية. تشعر وأنت تقرأ أدبيات الجماعة أنك فى مجتمع مختلف عن المجتمع المصرى الذى نعرفه.. والحقيقة أن الوقائع التى تتحدث عنها الجماعة معظمها، وإن لم يكن كلها هى وقائع حقيقية.. الخلاف فقط فى القراءة والتفسير.
المصريون يعيشون سويا منذ آلاف السنين باختلاف عقائدهم وديناتهم ومن الطبيعى أن تتقاطع بهم الأحداث بحلوها ومرها، فكما يتعايشون ويتزاورن ويودون ويتحابون دون اعتبار لاختلاف العقيدة فهم أيضا يختلفون ويتكارهون ويقتتلون دون أى دوافع عقائدية ولم يعرف الفولكلور المصرى التقسيم العقائدى للمعايشة اليومية فلم نسمع عن مسيحى يتشاجر مع مسلم فيسأله عن ديانته قبل البدء فى المشاجرة، أو نشال يفحص بطاقة منشول للتأكد من ديانته قبل نشله. أن يقتل تاجر مسلم آخر مسيحى لخلاف حول نقود، هذا أمر ليس له علاقة بالعقيدة.. بل هو أحد دلالات طبيعية العلاقة، فالأمر مثلاً يتساوى مع قتل تاجر صعيدى لتاجر منوفى لماذا تضع الجماعة اعتبار الاختلاف فى الدين ولا تضع مثلاً اعتبار الاختلاف فى المنشأ؟.
ركزت الجماعة على قضية إسلام بعض المسيحيين وأدانت هذا السلوك وأرجعته إلى ضغوط ولم تعترف بأن هذا أمر يدخل ضمن الحرية الشخصية وفى نفس الوقت استهجنت نفس الجماعة سلوك البعض الذى أدان تحول مسلم إلى المسيحية، واعتبرت أن الإدانة تدخل فى الحرية الشخصية وحرية العقيدة التى نص عليها الدستور؟!!! تحدث مؤتمر الجماعة الأخير عن التمييز الدينى فى التعليم واستند على تدريس مواد من القرآن ضمن مناهج اللغة العربية، واعتبر أن هذا اضطهاد لمشاعر وثقافة الطلاب المسيحيين وأحد مظاهر التمييز.
وأوضح أن تدريس القرآن ضمن مناهج اللغة العربية هو أحد الوسائل القوية لتعليم النحو والصرف وهو أمر يحدث منذ مئات السنين، ولم يؤد إلى أى طائفية بل على العكس ربما يكشف عن تقارب فى المحتوى الخير للأديان.. والتعامل مع الكتب السماوية باعتبارها جزءا من منظومة الفكر والفلسفة واللغة هو أمر طبيعى وشائع، فأنا مثلا كنت أدرس الفلسفة المسيحية والقديسين انسلم وتوما الاكوينى ضمن منهج الفلسفة فى الثانوية العامة، ولم أشعر بأن أحدا يفرض علىّ الدين المسيحى.. كما أننى قرأت فى الكتاب المقدس خلال محاضرات اللغة القبطية التى درستها فى الجامعة ولم يكن تمييز.. فما الداعى لهذه الجلبة المصطنعة ولحساب من؟
الشىء الغريب أن تتغاضى الجماعة عن أحداث رهيبة تفرض نفسها على الساحة مثل مذابح غزة بحجة أن هذا الموضوع ليس ضمن اهتماماتها وأهدافها وفى نفس الوقت تعلن عن مقتل مسيحى بيد مسلمين، فلو سلمنا بالتقسيم الطائفى الذى تفرضه علينا الجماعة لوجب علينا وعليهم الاهتمام بأحداث مذابح غزة من زاوية أن آلاف المسيحيين والمسلمين قُتلوا على يد يهود.. ولكن كما سبق وأن قلت الغرض مرض. تتحدث أدبيات الجماعة عن مسيحيين لم يحصلوا على فرص عمل بسبب عقيدتهم، وهم بذاك يغضون البصر بعمد أو غير عمد عن أزمة اقتصادية طاحنة وفساد أدت إلى تعطل الملايين من المصريين مسلمين ومسيحيين.
النتيجة الواضحة لنشاط هذه الجماعة هو المساهمة فى استنفار روح وسلوك التخلف لدى أصحاب العقائد المختلفة.. فتظهر جماعات إسلامية هدفها الرد على المسيحيين وتظهر جماعات مسيحية للرد على الجماعات الإسلامية وجماعات تنتصر لهذا وأخرى تنتصر لذاك.. وكلها تستخدم أدوات إعلامية باهظة التكاليف.. من أين هذه التكاليف ولماذا؟؟ اعتقد أن مصدرها كلها واحد من الداخل أو الخارج! والغرض هو الابتعاد عن الأسباب الحقيقية للتردى الواضح فى الأوضاع الاقتصادية والسياسية للوطن وشغله بقضية وهمية طائفية تلهى أبناءه عن مقاومة السير فى طريق التبعية المفروضة عليه.. وهذا يكشف عن سر البذخ فى الصرف على هذه الجماعات المتطاحنة وغيرها.
لا أتهم أحدا بالعمالة ولكنها غشاوة بصر منعت أصحابها من الشرفاء من رؤية مخطط محكم للقضاء على هذه الأمة وتحويل القضايا الوطنية إلى قضايا طائفية.. وأيضا لا أحجر على هذه الجماعة أو غيرها ولا أتهمهم بل أؤيد حقهم فى الوجود العلنى وحقنا جميعا فى مناقشتهم ومناقشة أنفسنا. وكل واحد "باين من عرقوبه".




#محمد_منير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتصار موتا
- 6أبريل .. عيد ميلاد راحل
- - قفف- الزمن
- رد على الدكتور قدرى حفنى- خيارات السلام ليست قدوة بالضرورة
- حقائق تكشفها قافلة نقابة الصحفيين لرفح
- عودوا كما كنتم
- كلام -بشوية- صراحة حول مصر وغزة
- الغرض مرض
- عاش حكام العرب الف عام -ويشيلوا شيلتهم -
- حذاء منتظر
- زمان كنا صح
- القرعة تتباهى بشعر اوباما
- عامل دماغ اقتصاد
- أزمة الدواء المصرى ... ثلاث مشاهد ومعنى واحد
- المعادلة
- عندما يتحول التغيير الى ايدولوجية
- تراجع الاحزاب السياسية فى مصر وازدياد فى حركة الاحتجاج غير ا ...
- وماذا بعد ؟
- عائلة - باسيلى - تبيع صحة المصريين فى الاسواق العالمية
- تحذير من طلعت حرب للمصريين .... إما التغيير أو الفوضى


المزيد.....




- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...
- حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
- تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر ...
- مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم ...
- البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ ...
- مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
- عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد منير - -كان بان على عرقوبه-