|
مشتركات الظاهرة العلمية في العلوم الإنسانية والصرفة
كامل القيّم
الحوار المتمدن-العدد: 2629 - 2009 / 4 / 27 - 09:24
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
إذا ما تفحصنا حياة الكائن البشري وجدناها سلسلة طويلة من التفاعلات التي بنيت على علاقات الطبيعة ،الوجود ،الصراع ،الخوف،الاكتشاف … وغيرها من عناصر مسيرته الطويلة ،هذه التفاعلات قد حملت معها رغبات وأنشطة وعادات اتصالية ألهمت الإنسان حينذاك أن يسير ويناضل بحثاً عن التكييف ((Adaptationوالبقاء،والفهم لغرض إيجاد تفسيرات محتملة أو مقنعة لحدوث الظواهر، وبالتالي التعبير عنها عبر الرموز،وقد نسب الإنسان بعد ذلك الى تحكم الآلهة في مجريات حياته ،وحينها أضاف لها قدراً من التقديس والتبجيل طلباً للرضا والاطمئنان والحماية والرزق ،بوصفها في نظره محرّكة أو مسؤولة عما يعتري حياته . وقد أدى ذلك إلى بروز شخصية الكهنة والعرافين والأطباء والسحرة باعتبارهم وسطاء اتصاليون (Intermediary Communication) ما بينه والآلهة ، هذا الحال أدى إلى تكريس القوى الغيبية وتناسلها عبر الأجيال ،اعتقاداً، وفهماً،وسلوكاً. وبصورة تدريجية أدرك الإنسان إن الظاهرات ليست عشوائية او مزاجية كما كان الاعتقاد في الماضي ، حيث بدأ يلاحظ حسياً (Sensation ) نظام ومعطيات كونية دورية وعلاقات سببية بالتوافق مع غيرها…عُّدَ ما حدث تطوراً في بنيته الادراكية ، وتوصل في ظروف محددة إلى إمكانية التنبؤ ( (Predictionبالأحداث بدقة معقولة كما في سقوط الأمطار وهبوب الأعاصير وتعاقب الليل والنهار ومواسم الزراعة والفيضان . وهكذا تسير حلقة المعرفة كشفاً لأسرار المجهول وتحدياته ،ومحور هذا المنحى هو الإنسان على مر العصور ،البدائي ،والتأريخي ، وإنسان الحضارات القديمة والحديثة ، ذلك الإنسان ذاته الذي بدأ مقهوراً بالجهل ،اصبح الآن مفعماًبالمعرفة والعلم ،هذه المعرفة ما هي إلا تراكم جهد الإنسانية عبر قرون طويلة،سواء أكانت عشوائية Random ام منتظمة (علمية Scientific) ،املاً بالوصول إلى { الفهم والتنبؤ والسيطرة Understand Prediction and Control }على الظواهر ،وتلك ثالوث المعرفة العلمية. فقد انعمنا الله ( سبحانه وتعالى ) بهذا العقل الجبار ، كي نتعرف على اسراره ومكنونات نظامه ، داعياً لنا الى التأمل والتساؤل والتعرّف ، فالحقائق العلمية هي( آلاء الله) أي طبائع هذا الكون ونظامه ، كما خلقها سبحانه عز وجل ، مرمزة بالكلام البشري على قدر فهم الفكر الانساني ، وكلما تكشّف شيء جديد ، تكشّفت معه مجاهل جديدة ، وتكشفت بدائع صنع الخالق (( قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي ، لنفذ البحر قبل ان تنفذ كلمات ربي ، ولو جئنا بمثله مدداً)). والمعرفة العلمية عمودها النشاط العقلي ( التفكير المنظم ) الذي يشكل قاعدتها الأساسية ومنطلقها الجوهري نحو التبلور والظهور والاستمرار ،وبذلك فأنها تعدُّ مساهمة فاعلة ومتجددة تستند الى مبدأ التراكم ( Accumulation) فهي نشاط اجتماعي عام لا يستند إلى شروط شخصية ،إنما يستند إلى أخلاقيات العلم وأهدافه ،وهذه تستند الى وجود حاجة ملحة * يبتغيها المجتمع و علاقاته و تنظيماته المادية و الروحية . سعياً لتذليل العقبات الإنسانية و اكتشاف النظريات التي تقدم تفسيرات و حلول، تعمل على تعزيز أو تصويب أو تغير طبيعة النشاط الإنساني اجتماعياً كان ام علمياً بحتا،ً نحو خدمة الإنسان وتذليل عقباته، و هذا بطبيعة الحال مرتبط إلى حد كبير بتحديد المشكلات و فرض الحلول و التحقق منها، بأسلوب علمي منظم يرتقي إلى أعلى درجات التفكير ، وأعتى درجات السعي من خلال إجراء التجارب المعملية أو الميدانية أو إخضاع المجتمعات إلى المسوحات و الملاحظات، بإطار منظم يستهدف رصد الحاجة البشرية بشكل دقيق و فاحص و بالتالي اصطياد المشكلات و الظواهر علمية صرفة كانت ام اجتماعية ام تربوية … الخ ذلك ان الظواهر مرتبطة ببعضها و متلاصقة إلى الحد الذي لا يمكن إخضاع بعضها إلى التفرد الفاحص الدقيق ، فالمعرفة العلمية بشكل عام تستند على اتساق الجانب النظري و التطبيقي كلٌ يكمل الآخر و يستند اليه و يثريه، باتجاه توفير رصيد مناسب لتقليل مشكلات الإنسان و دفعه إلى النمو والتطور و الحرية . فالظاهرة كل ظاهرة لها مطلب كشفي او تحليلي او سببي سواءً اكانت في العلوم الانسانية ام الصرفة تشكل كما اسلفنا تحديا ما الى طريقة تالف الانسان مع البيئة ، وهنا تاتي وحدة الظاهرات متداخلة لان المجتمع والياته لايسير مثلاً بالتكنلوجيا فقط ونظام المعرفة الرقمية التي امطرته ، بل هناك تفاعل وتآصر بين القطبان ، ربما ينتج عنها عشرات العلاقات التي تبدو باهته في احبان كثيرة لكنها في مقياس العلم نراها جلية للعيان ، وتؤكد على ان لايمكن لنا ان نعزل متغيرات حياتية او مسببات عن اخريات ، وبدلك نستنتج ان علوم التكنلوجيا قد تسارع بايجاد مشكلات اجتماعية ونفسية وتربوية ، وهذا بدوره يحفز الباحث في العلوم الانسانية على المضي في اصديادها وتعقب مسبباتها وهكذا ، العملية متداخلة ولايمكن لنا ان نعزل مبدئياً هذا التداخل ، الا بطريقة تصنيف عالية الدقة والضبط .ولو اخضعنا ظاهرة ما على سبيل المثال سنرى مجهريا مديات التداخل المعرفي والعلمي فيها كما في التوضيح الاتي : ارتفاع تلقي المعلومات عن طريق الحاسب قد ادى الى الاعراض عن القراءة السطرية نرى تداخل في الامور الاتية : • عملية التلقي .... علم الاجتماع ...النفس ...الادب ...التربية ...النظام السياسي ..البيئة الاجتماعية ...مستوى التعليم ...الاقتصاد ...الخ • الحاسب الشخصي ...تطورات الحاسب ...تكنلوجيا المعلومات ...انظمة وبرامجيات مهارة علمية ...البعد التقني ....الخ • الإعراض ( النفور ) بعد فسيولوجي ...عادات التذكر ....مجتمع ...حاجة اجتماعية ومهنية ...الخ • القراءة السطرية ...تاريخ ...علم الاتصال ...فسلجة دماغ ...عولمة ...تربية ثقافية ...نظريات تعلم ...نظريات تحول التلقي ..الخ واذا كنا نريد ان نتعقب مزيداً من التداخلاات فاننا لاننتهي .
د.كامل القيّم /جامعة بابل /مركز حمورابي للابحاث والدراسات الاستراتيجية
#كامل_القيّم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوظيفة التفسيرية لمضمون وسائل الإعلام ...عن طريق قادة الرأي
-
قناة المستقلة ...خُبث فضائي... و أداة لعسكرة الأفكار
-
قناة الاتجاه الفضائية ... إطلالة مباركة ...وأمل بإعلام متفرّ
...
-
الفضائيات العراقية ...الى متى تحت الطَرق السياسي ؟
-
مركز حمورابي للبحوث والدراسات..يحتفي لأجل العراق
-
مؤسسات الاعلام العراقية ... أي صناعة للرأي العام؟
-
في ظل ختل الوزارة ...مدينة الحلة تحتفي بعرسها الثقافي
-
من محن الإعلام العراقي ... العراقية الخامسة مباشر.... ولادة
...
-
الرقابة والتقويم على مضمون وسائل الاعلام
-
الاتصال والاستثمار والأمن الوطني...مثلث برمودا
-
الاتصال الإنساني.....من البناء الرمزي الى تكنولوجيا الإعلام.
...
-
مبدأ التراكم والتداخل في دراسة الظواهر العلمية.....رؤية اتصا
...
-
حق الإعلاميين بالوصول للمعلومات ...إنعاش للتنمية والديمقراطي
...
-
صحافة الحلة المدرسية
-
هيئة الإحياء والتحديث الحضاري في بابل...عولمة الذات المصغّرة
-
الاعلام الدولي ...على خطى العولمة ...الحلقة الثانية
-
من تاريخ الصحافة العراقية
-
الإعلام الدولي ...على خطى العولمة
-
ثقافة البحث العلمي في دوائر الدولة.....الى ابن؟
-
الماكنة الدعائية الامريكية في العراق....رؤية في ادوات التاثي
...
المزيد.....
-
هل تتوافق أولويات ترامب مع طموحات نتانياهو؟
-
أردوغان يعلق على فوز ترامب.. ويذكره بوعده بشأن الحرب في غزة
...
-
طائرة تقلع من مطار بن غوريون إلى هولندا لإجلاء إسرائيليين بع
...
-
كيف بدأت أحداث الشغب بين مشجعين إسرائيليين ومؤيدين للفلسطيني
...
-
إشكال ديبلوماسي جديد يخيم على زيارة وزير الخارجية الفرنسي إل
...
-
ألمانيا.. دور مخابرات أمريكية في كشف انفصاليين مسلحين!
-
-حزب الله- يعلن شن هجوم جوّي بسرب من المسيّرات الانقضاضية عل
...
-
الحوثيون يعلنون استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية في النقب وإسق
...
-
خطوات مهمة نحو تنشيط السياحة في ليبيا
-
ترامب يبدأ باختيار فريق إدارته المقبلة... من هم المرشحون لشغ
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|