أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل الخطيب - السياسي والخطاب السياسي















المزيد.....

السياسي والخطاب السياسي


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 2614 - 2009 / 4 / 12 - 10:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البداية أريد أن استشهد بحوار صغير صار مثلاً ودرساً في الاقتصاد والماركتينغ، وأعتقد أن فيه درساً سياسياً قبل كل شيء.
" في أحد أيام شتاء 1929، وقف طفلٌ صغيرٌ أمام أمه وهو مرتعشاً من البرد وسألها ببراءة:
ــ لماذا لا نشعل المدفأة يا أمي؟
+ أجابته الأم قائلة: لأنه لا يوجد لدينا فحم!.
ــ ولماذا؟
+ لأن والدك عاطلٌ عن العمل.
ــ ولماذا أبي عاطلٌ عن العمل؟
+ لأنه يوجد فحمٌ كثيرٌ في السوق.."
.............
السياسة عملٌ خطير بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والسياسة ليست فقط وسيلة أخلاقية وإيديولوجية لتحقيق مصالح اقتصادية واجتماعية. السياسة لها أهدافها وحضورها، لها وقارها ومكانتها.. وهذا يحتاج أحياناً كثيرة "للرقص على حد الشفرة" كما يقال. يجب الانتباه كي لا نخلط و"نخربط" أفكار الناس، أو نضيّع الخيط من بين أيدينا وأيدي الناس الذين يتلقون خطابنا أو المستهدفين منه، وعند الحديث عن الخطاب السياسي، نتناول قضايا وأمور محددة.
في العقود الأخيرة، ومع ازدهار الفلسفة والدراسات الاجتماعية والاهتمامات الفلسفية من جديد، أخذ الكثير ينظرون إلى السياسة بشيء من "الدونية" أو بعدم الاحترام، لهذا نجد في استطلاعات الرأي في الدول الديمقراطية أن تقييم السياسي يدعو إلى شيء من الريبة والشك، وأن العمل السياسي لا ينطوي على الشفافية والصدق، أما في بلادنا فلابدّ أن يكون التقييم أسوأ بكثير، لأن معاناة الوطن والمواطن مرتبطة بالسياسيين، ولأن السياسي في الأنظمة غير الديمقراطية يمثل القمع والفساد والمحسوبية، وهو فوق القانون والمجتمع، وبالنسبة للمعارضة هناك مسألة الثقة والمصداقية بما يطرحه السياسي ومدى قبول ذلك في المجتمع..
والحقيقة أن خطاب السياسي مرتبطاً بتعقيدات المجتمع والتي لا يمكن فصلها عن السياسة..
هناك وجهات نظر تقول أن مكانة وأخلاق السياسي فوق كل اعتبار، بما في ذلك الأفكار السياسية والنظرية التي يطرحها، والأهداف التي وُجد من أجلها المشروع السياسي..
ولا نعتقد تحاملاً على السياسي إن طرحنا السؤال التالي: لماذا السياسيون أسوأ من الموسيقيين مثلاً؟، لماذا تعمل المؤسسات(المعاهد) والورشات السياسية بشكل أسوأ من المؤسسات الاقتصادية أو الثقافية وحتى الدينية؟، لماذا السياسيون المتعاملون بالسياسة كمهنة ومهمة قيادية أسوأ من رجال الأعمال أو الفنانين وحتى رجال الدين؟..
هذه الأسئلة تُخلق مزيداً من الضبابية حول رجل السياسة، لا يجب أن يظهر من تفكير أنه يملك حكماً مسبقاً قاطعاً وساحراً عن قضية ما. إن النظرة العامة تشير إلى الشكّ والريبة في مواقف وتصريحات وتنظيرات السياسي ومصداقيته، كما ينظّر الآن رجال الدين إلى الفن مثلاً (رقص الباليه).

نحن كمعارضة نتعامل بالسياسة والهمّ الوطني، وأكثر ما نحتاجه هو العمل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الدمار الأخلاقي الذي لحق بالسياسة في مجتمعنا وبين بعضنا، كما أنه مطلوب إيجاد ما يمكن البناء عليه كثقافة سياسية.
الحديث عن وحدة المعارضة أو الموقف الموحد من النظام، هو شيء جميل وممكن، لكنه بلا نفع وجدوى عندما نلاحظ خطوط الانكسار متشعبة ومقسّمة الهدف والتيارات بشكل مصطنع..
التقليد المتبع عند الكثير من التيارات والأحزاب السياسية في سوريا – المعارضة منها وأحزاب الجبهة الوطنية التابعة للنظام أيضاً - هو تحوّل التنظيم إلى حزب جديد بدون تطوير الحزب، الماضي لا نقفله وإنما نهجره وتنركه.
إن السياسة بالنسبة لنا يجب ألاّ تكون ترفاً وتسليةً، ليست للاستعراض و"الفخفخة"، ليست لتسجيل المواقف والنقاط، وقبل كل شيء يجب ألاّ تكون شكلاً بلا مضمون، كفقاعة صابون.
الإبداع في السياسة والفكر ضروري للغاية، لكن عدم الدقة في تنفيذ ذلك قد يسبب أخطاراً لا يكفي بعدها الاعتراف بالخطأ – هذا إن وجدت الشجاعة للاعتراف بالخطأ -.
يقوم السياسي باستباق الزمن عندما يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإيجاد ما يجب بناءه في المستقبل كفلسفة للتعامل السياسي في مؤسسات الدولة لاحقاً، وتضع أمامه مهمة مليئة بالأسئلة غير المتناهية، وأعتقد أنه على السياسي عندما يقرّر شيئاً ما أن لا يأخذ بالحسبان ما هو بعيدٌ جداً زمنياً ومكانياً، وألاّ ينتظر ثمرة خطابه السياسي بشكل مباشر وفوريّ، إن قراءة التوقيت مهمة رئيسية للخطاب السياسي وشكله ولغته..

الحدود بين اهتمامات العمل السياسي وغيره متغيرة دائماً. قديماً كانت حياة السياسي هي ما يدور حول عمله ونشاطه الذي يتكرر ويمكن الاستعداد له وحساب شكله ونتائجه تقريباً. لكن النشاط غير السياسي، أو الذي لا علاقة له بالسياسة مباشرة، كالأمور الشخصية والعائلية، كانت مترفعة عن الرجل السياسي وعمله ولم تكن موضوع اهتمام، أصبحت اليوم مادة رئيسية للمنافسة السياسية، وإذا اعترفنا أن لدى كل إنسان يوجد ما يمكن كشفه وكل واحد يرتكب أخطاء لأدركنا مسؤولية السلوك الشخصي والذي لم يعد كذلك. وصار هذا الجانب للسياسي يحمل مخاطر أكثر أحياناً من المواقف السياسية ذاتها بصحتها أو خطأها.
وهذا يعني باختصار، أن الشؤون الشخصية مرتبطة بالسياسة وتحدد بشكل رئيسي مكانته السياسية، ما يعني أن حرية السياسي الخاصة تقلصت كثيراً..
وعلى ضوء ما تقدم ظهر ما يسمى ثقافة التعامل السياسي.

من منظور ومفهوم السياسة يمكن تحديد الصديق من غيره، ويمكن تحديد من يشكل خطراً على النشاط السياسي والمجموعة السياسية، وإذا تجاهلنا الأمور الشخصية وعلاقات السياسي الاجتماعية، تصبح مسألة النظر والتعامل على أساس صديق سياسي أو غير ذلك، قضية ثانوية.. أي أن المصداقية في إيصال الخطاب من قبل السياسي إلى جمهوره صار يحددها مصداقية وشفافية حياة السياسي الخاصة أيضاً وتعامله وسلوكه بشكل عام..

يجب عدم التوهم بأن كل القضايا المطروحة على الساحة جيدة (نبيلة)، بل أن النبيل فيها نادراً ما يكون، أو أن عمره قصير، لكنه غالباً لا يمكن الانتقاء، والحقيقة أنه رغم ذلك يجب على السياسة وفلسفة السياسة الرئيسية أن تُظهر بين تلك الأمور الجيدة أنه هناك مسائل اجتماعية إنجازها يجلب الارتياح والشعور بالنجاح، والذي قد يشكّل تعويضاً عن تقلّص حجم السعادة الشخصية بسبب تقلّص خصوصيات الحياة الشخصية..

أن تكون سياسياً، هي خصوصية مهمة (وظيفة) تُلزم امتلاك ثقافة واسعة، وظهور قليلٌ أمام الناس، تلزم دقة في الخطاب وعدد قليل من التصريحات..
إن عهد السياسيين الهواة انقضى، لكن هذا الاعتراف لا يؤمن به الكثير من "السياسيين" في سوريا بمن فيهم الكثير من المعارضين للنظام، وهو بحد ذاته يحمل تناقضاً، لأن أي شخص يمكنه أن يقوم بتمثيل الدور السياسي وليس بالضرورة أن يكون الأكثر كفاءة ومعرفة. ولكون العمل السياسي قد يكون ورقة مرور للحصول على منافع ومكاسب، لذا في هذه الحالة يكثر المنتفعون والمغامرون، والذين عليهم الانتباه لسلوكهم، كي لا تكون الأضرار التي يلحقونها أكثر من المكاسب التي يحققونها لأنفسهم وللمجموعة السياسية بشكل عام..



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخوان المسلمون لا ينظرون في المرآة..
- الاختيار الواسع..!
- مناجاة نجوى، صدى الصحراء، سراب الوديان..!
- العورة والخيط المثلثيّ..!
- الجنة تحت أقدام الأمهات، لكن 90% منهن في النار..!
- ليس كل مكتوبٍ يُقرأ من عنوانه...!
- مسوّدات لا تخلو من السواد..!
- مطلوبٌ شيءٌ من العشق لإنسانٍ يُعاني..!
- تعليق الثانية الهاربة أو الكبيسة..!
- الوشم، وثوابت الأمة..!
- -حسبي الله ونعم الوكيل-، أسرارٌ خاليةٌ من كلمة السّر..!
- كلمة السر, إلى متى تبقى سراً..؟
- بدون عنوان ..!
- كثيرٌ من السيرك، قليلٌ من الخبز..!
- لسانان وحذاءٌ واحدٌ..!
- حرب الثلاثون عاماً تصبح أربعين؟..!
- في البدء كانت المرأة، ثمّ صارت أنثى فقط..!
- ناموا -أكثر-، تصِّحوا..!
- اضحك! الغد سيكون أكثر سوءً من اليوم..!
- بين الرقة ودير الزور.. أرنب طارد غزالة..!


المزيد.....




- مادورو: بوتين أحد أعظم قادة العالم
- مستوطنون يهاجمون قوافل المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة (فيديو ...
- الخارجية الروسية تكشف حقيقة احتجاز عسكري أمريكي في فلاديفوست ...
- Times: عدم فعالية نظام مكافحة الدرونات يزيد خطر الهجمات الإر ...
- الجيش الاسرائيلي يعلن مقتل ضابطي احتياط في هجوم جوي نفذه حزب ...
- الجيش الألماني يؤكد على ضرورة جمع بيانات جميع الأشخاص المناس ...
- واجهة دماغية حاسوبية غير جراحية تساعد على التحكم في الأشياء ...
- -إذا اضطررت للعراك عليك أن تضرب أولا-.. كيف غير بوتين وجه رو ...
- إعلام: الدبابات الإسرائيلية تتوغل في رفح بعد موافقة مجلس وزر ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /07.05.2024/ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاضل الخطيب - السياسي والخطاب السياسي