أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - عامر صالح - فصام العقل وآلية النقد السياسي















المزيد.....

فصام العقل وآلية النقد السياسي


عامر صالح
(Amer Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 2613 - 2009 / 4 / 11 - 09:57
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


"أخالفك في الرأي ولكنني أدافع عن حقك في إبداء الرأي"
فولتير
أن من ابرز المعضلات التي يعاني منها المسرح السياسي العراقي الان تنعكس في ظاهرة التطرف في حوار ومحاكاة الاخر"المعارض",وهو مؤشر خطير لأنعدام ثقافة النقد,التي اصبحت مظهرا مميزا للساحة السياسية العراقية,أفرادا وجماعات واحزاب,حيث لازالت مشاعر وسلوكيات الغاء الاخر وأزاحته اوتسقيطه منهجا في الممارسة اليومية,وكثيرا مايأخذ هذا الاقصاء شكلا دمويا وطابع التصفيات الجسدية, وقد راح ضحيته مئات الالوف من المواطنين الابرياء ومئات من المناظلين الابرار.ويعكس ذلك أرثا ثقيلا نتيجة لعملية تراكم طويلة الامد انعدمت فيها التربية الذهنية والمعرفية والاجتماعية المواتية للأصغاء الى الاخر بوسائل سلمية وحضارية,ومن جانب آخر ترتبط بالأزمة العامة التي تعيشها الديمقراطية في البلاد,والتي تعتبر من أبرز النحديات التي تواجهها.

ويتشكل النقد في مستوى التجربة الفردية من شعور الفرد بالاحباط عندما يخفق في تحقيق هدف من أهدافه.وأرتباطا بحالة الوعي التي ترافق عملية الاخفاق,فقد يلجأ الفرد الى ما يسمى بالأسقاط في علم النفس,وهو ان ينسب الفرد ما في نفسه من عيوب وصفات غير مرغوبة وأخفاقات الى غيره من الناس ويلصقها بهم,وبالتالي يحمل أناس آخرين مسؤولية أخفاقه ولايحملها لنفسه,على الرغم من أن ذلك أعترافا لاشعوريا على النفس أكثر منه إتهاما للغير,أو اللجوء الى آليات أخرى كالعدوان أو التبرير المشوه.ولكن بأمكان التربية والتنشئة الأجتماعية الملائمة أن تنتح لنا أناس قادرين على ممارسة النقد الذاتي البناء,ألا أنها في محتمعنا لاتزال امكانيات شحيحة جدا بفعل التقاليد" العريقة" في قمع حرية التعبير.

أما النقد في المستوى السياسي من قبل احزابا لسياستها,وأن كان في بعض الأحيان يستمد مسحته العامه من ذات البيئة التي يعمل فيها الحزب أو السياسي المنتمى له, ألا أنه في الاحزاب العريقة وذات التأريخ فأن النقد يفترض ان يستند الى معايير عملية تتعلق بتقويم ونقد الأفعال والخطط السياسية ونتائجها(على سبيل المثال,هناك خطة سياسية موضوعة لمرحلة ما وبسقف زمني للأنجاز,تعقبها عملية تنفيذ,ثم تقويم,ثم خطة جديده تستفيد من نجاحات وأخفاقات الخطة التي سبقتها,وهكذا).وهناك أيضا معايير أخلاقية,أي منظومة أخلاقية محددة ذات طبيعة تربوية تحدد آلية النقد,وهذه المعايير الأخلاقية في النقد تعني ان يبنى النقد على معايير غير ذاتية,تجعله قابلا للتقويم.أما النقد غير الموضوعي فهو على العكس ,ينبني على معايير متغيرة وفقا للمصلحة الذاتية وللأمزجة الشخصية,بحيث لايكون النقد منسجما ولامنضبطا في أطار في أطار يجعلنا نستطيع الحكم عليه بالصواب والخطأ.وهذا النوع الاخير من النقد والمنفلت خارج أطار السياق الاخلاقي والتربوي هو الذي يتعرض له اليوم الحزب الشيوعي العراقي,ويستغرب المرء من شراسته,وكأن الديمقراطية وحرية الرأي وجدت اليوم فقط لشن الهجومات عليه.والأسوء من ذلك ان نرى" النقد" من أناس كانوا في صفوفه وكأنهم يقومون بالتكفير عن الانتماء السابق له والتخلص من "عقدة الذنب" التي تلاحقهم...وهؤلاء تربوا طويلا في صفوفه ومحيت أميتهم الأبجديه والحضارية فيه, وتعرفوا على قيمة الكتاب من خلاله ,وتسلحوا بأنماط سلوكيه أيجابية,كانت محط انظار وأعجاب وأحترام البيئة المحيطة بهم.وهؤلاء من الذين كان دفاعهم بالامس عن الحزب يثير الدهشة والاستغراب!!!,بل ويثير السخرية أحيانا!!!. ألا ان ظاهرة النكوص والتقهقر والردة الى مستوى غير ناضج من السلوك تبدو ممكنة وخاصة عندما يتعرض الفرد الى موقف محبط!!!.

أن حرية الفكر والانتماء تسبح اليوم في فضاء لاحدود له(وخاصة في العراق)ويستطيع الفرد أن ينتمي الى أي فكر يشاء والى أي عقيدة يرغب بعيدا عن التشبث وحملات التشهير وأخذ الثأر,وبالأمكان حتى تأسيس أحزابا ,وهي فرصة ذهبية لحالات" التفريغ الأنفعالي" للمكنونات والمكبوتات اللاشعورية, كما يقول فرويد,وأرضاء للذات على نسق ما يكتب صاحبه في الصحافة...ويبقى الانسان حافظا للعهد بهذا القدر أو ذاك ...وهي أفضل بكثير من حالة أستخدام العتاد المعرفي الذي حصل عليه المعني من الحزب وأستخدامه للهجوم عليه.أن المعارف الفكرية والعقلية يجب أن تطابق صيرورة الممارسة والا ماهو الفارق بين سلامة العقل وفصامه ,سواء أن الاخير يعيش في عالمه الخاص منعزلا بأوهامه وخيالاته المريضة,مقطوع الصلة بعالم الواقع,لايرى غير عالم من صنعه مليئ بمختلف الهلاوس والهذاءات,والاضطرابات في التفكير ومحتواه,وأن تحدث صاحبه فيتحدث "بسلاطة الكلام",غارقا بأحلام اليقضة وسوء التوافق مع الأخر.أنها حالات من بارانويا هزيمة العقل.

ومن جانب آخريمكن القول هنا أن القلق من النقد السياسي البناء هو قلق غير مشروع جملة وتفصيلا,أذ تبدو أهمية النقد الذاتي في كونه احد الاسباب الرئيسية لتقدم الاداء السياسي.وأن تشخيص الأخطاء وتقويمها هو مطلب ضروري لأصلاح فعالية الأداء السياسي,وليست السلطات الحكومية وحدها من تحتاج الى ممارسة النقد البناء,وأنما كل مؤسسة وشخصية وحزبا لايستقيم امرها ألا عبر تفعيل آلية النقد والمحاسبة,ثم التقويم,ومن قناعة اساسها أن النقد دافعا ومحفزا وليس مانعا للعمل.

وأن فكرة الحزب"الأب" أو "الالهة"هي فكرة يجب اجتثاثها لأنها مصدر اساسي لتجذير الهيمنة والأستحواذ داخل الكيانات السياسية,عدا ذلك كونها تتعارض مع الطبيعة الأنسانية التي تمارس النقد وهو جزء من مكونها الأساسي. وعندما تقمع هذه الالية فأنها لايعني قد صفيت,بل قد تدخل في أطار مايسمى بعلم النفس بتحوير الدافع,وقد تعود الى الظهور بشدة مرة ثانية وقد تكون ناقلة ليست للنقد البناء بل للتشويهات والتخريب والمبالغات,وهي وسائل فصامية في التعبير عن النقد.وهذا ما نراه اليوم من حملات اعلامية ضد الحزب الشيوعي العراقي وهي غير مبررة بقدر عدم انسجامها مع اداب وأخلاق ادارة الصراع الفكري والسياسي,ولكنها تعبر في أحد وجوهها عن أفرازات بعيدة المدى لحالات مجيئ النقد الذاتي البناء في بعض الأحيان متأخرا من قبل الحزب.

أن الحزب هو فلسفة"عقل" وفكر ثم ممارسة سياسية,وبالتالي لايخاف على الحزب من حالات الضعف والتصدع احيانا,لأنه يمتلك "عقل" ممكن أن يقود الى العمل السياسي بأتجاهات مختلفة ومنفتحة تنسجم مع ظروف الحياة المتغيرة ومع امكانياته الواقعية,فليست لديه القدرة أو القناعة السياسية على الأستعانة بقوة من خارج ميدان السياسة كمرجعية حاسمة في الازمات ,كما هو في حالات اللجوء الى المرجعيات الدينية من قبل احزاب الاسلام السياسي للأستعانة بها عندالهزائم ,او الى أية قوى أخرى تمتلك التأثير على الناس لشراء ذممها وأرتهان قوتها اليومي,والعبث بصدق عواطفها ورموزها الدينية والضغط عليها لمبايعة ذوي العمائم الصفراء وأنتزاع الأعترافات والتزكيات المسبقة منها,أوأستخدام المناسبات الدينية وغير الدينية في الجوامع والمساجد والدوائر الرسمية للهجوم على الحزب الشيوعي.وفي هذه الأجواء التي لاصلة لها بالديمقراطية تمارس عمليات" النقد" التي في الواقع ليست نقدا,بل هي استراتيجيات حصار وعزل وأقصاء وتفكيك,وهي ترتقى الى مستوى السباب والشتائم أكثر منه الى الحد الادنى من النقد وحتى غير البناء,وهي في أحسن الاحوال تنتمي الى هذاءات مرضية ذات صبغة سياسية,تعبر عن حالات غير معلنة من الافلاس السياسي وتدني الهيبة الاجتماعيةوالتى تقوم على خلفية التدهور القيمى ـ الشخصي والضعف المتواصل للمكانة الروحية والدينية لمن لايريد الى العراق واهله خيرا.



#عامر_صالح (هاشتاغ)       Amer_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيكولوجيا الكلام واللاتناظر الوظيفي للدماغ
- سيكولوجيا -المفارقة-في اللامساواة بين الجنسين/الجذور الاولى ...
- سيكولوجيا الأقصاء والأقليات الدينية والعرقية/الميكانيزم والأ ...
- سيكولوجيا الحب الاول في السياسة/ الحزب الشيوعي العراقي أنموذ ...
- سيكولوجيا التخاطب اللغوي
- المعقول واللامعقول في فهم الدين وشعائره
- المظاهر السايكوثقافية للكلام
- بعض الابعاد السيكواجتماعية لأدب المعارضة غير الحزبية


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - عامر صالح - فصام العقل وآلية النقد السياسي