أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أشواق عباس - الإصلاح.... إشكالية داخلية قبل أن تكون خارجية















المزيد.....

الإصلاح.... إشكالية داخلية قبل أن تكون خارجية


أشواق عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2603 - 2009 / 4 / 1 - 08:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنَّ إحدى القضايا الأكثر أهمية بالنسبة للواقع العربي المعاصر، وبالأخص ما يتعلق منه بإشكالية التكامل العقلاني للمصالح القومية والدولية، هي قضية الإصلاح. إذ يقف العالم العربي بعد مرور قرن من الزمن على نشوء دوله الحديثة، أمام إشكالية الإصلاح، ولكن بوصفها قضية جيوسياسية وجزءاً من صراع المصالح الدولية والعلاقات الدولية الجديدة، أو ما يسمى بالنظام العالمي الجديد. فإذا كانت إشكالية الإصلاح في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين جزءاً من واقع السلطنة العثمانية، ومكوناً داخلياً لصيرورة الدولة العربية الحديثة، رغم ارتباطها بصراع القوى الاستعمارية آنذاك. فإنَّ ما يميزها في الظروف الحالية، كونها جزءاً من إشكاليات العالم العربي ودوله المستقلة. وهو تغير جوهري جعل ولا يزال من إشكالية الإصلاح قضية وطنية وقومية خاصة من جهة، ولكنها أيضاً وثيقة الارتباط بصراع المصالح الدولية من جهة أخرى.
إذ يكشف الصراع الشديد الحالي، والذي بلغ ذروته في الاحتلال الأمريكي للعراق، عما في قضية الإصلاح من أهمية بالغة، ليست بالنسبة للنظام السياسي العربي وإنّما للدولة نفسها. إذ يكشف هذا الواقع عن طبيعة الدراما التاريخية للعالم العربي المعاصر، وأزمة النظام السياسي والنظام العربي العام. فهو يشير من حيث الجوهر إلى نفس مقدمات الاحتلال الكولونيالي الأول بعد سقوط السلطنة العثمانية. بمعنى فقدان الدولة، بسبب أزمتها البنيوية الشاملة، القدرة على مواجهة التحديات الخارجية. إننا نستطيع أن نرى في احتلال القوات الأمريكية للعراق صورة مصغرة لظاهرتين تحتويان على مكونين أساسيين ملازمين لأزمة الدولة العربية المعاصرة، ألا وهما الضعف الذاتي المترتب على عدم تكامل الدولة، وعدم تكامل العالم العربي على أسس الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي والمجتمع المدني.
إذا ليس العراق في الحالة المعنية، سوى النموذج الجزئي للصورة المصغرة لواقع الدولة العربية القطرية، ولطبيعة السياسة الدولية للقوى المهيمنة. كل ذلك يجعل من قضية الإصلاح، والتكامل العقلاني للعالم العربي قضية وطنية وقومية وسياسية رفيعة المستوى. إذ من خلالها فقط يمكن للعالم العربي الظهور بوصفه قوة إقليمية أو دولية لها معالمها الخاصة والمستقلة، والمشاركة في صنع العلاقات الدولية الجديدة.
من هنا تبرز ضرورة دراسة قضايا الإصلاح في العالم العربي من الناحية التاريخية، بما في ذلك مشاريع الإصلاح (الخارجية والداخلية)، لرؤية حدودها الفعلية وقابليتها للتحقيق. ودراسة الظروف الخاصة بكل دولة عربية بهذا الصدد. فالبديل الإصلاحي الفعلي هو المبني على أسس عقلانية وموضوعية تراعي الأوضاع الداخلية والخارجية لنموذج الدولة العربية المعاصرة.
إنَّ استقراء التجارب التاريخية للدول في مسار نموها وتطورها وتقدمها، يؤكد على ضرورة أن تتلازم سياساتها بالضرورة مع وضع وصياغة رؤية عملية مناسبة لأبعادها الإستراتيجية، ومن ثم تشخيص أبعادها الجغرافية وأولوياتها السياسية. فالمشاريع الإصلاحية تتضمن في أعماقها أبعاداً جيوسياسية. ومن ثم فهي وثيقة الارتباط بطبيعة العلاقات الدولية ومستوى التوازن أو الخلل فيها. وهو ما يؤكد بأنَّ الإصلاح الفعلي ممكن فقط من حيث المقدمات والنتائج، على أساس إدراك الأولويات الذاتية (الوطنية والقومية والدولية) وتنفيذها، استناداً إلى القوى الذاتية. وإلا فإنَّ أيّة مشاريع مهما بدت سليمة المظهر والأسلوب والغاية، تفتقد لأسسها الشرعية، هي غير قادرة على القيام الصحيح والعقلاني، ومن ثم قدرتها على الاستمرار. وهو الأمر الذي يفترض بدوره ضرورة الانطلاق من تأسيس إستراتيجية بهذا الصدد (قطرية وقومية عامة)، كمدخل يسهم في إعادة بناء النظام العربي، على أسس جديدة. وهي أسس تفترض كحد أدنى التوافق مع حق الاختلاف، والتكامل مع الأخذ بالاعتبار المصالح الخاصة. لاسيما وأنَّ المشاريع العربية المطروحة بهذا الصدد والتصورات المستقبلية، وكذلك آلية التعامل مع التحديات الخارجية، تشير إلى واقع غياب تصور واضح ومشترك وذي أبعاد إستراتيجية. بينما نعثر في المقابل على تصورات واضحة ومحددة وبرامج شبه ناجزة من جانب القوى الأخرى، وبالأخص من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي، بل وحتى "إسرائيل" بهذا الصدد. فالدول العربية لم تستطع خلال المرحلة الماضية (وتحديداً منذ بدء المتغيرات الدولية)، إيجاد حد أدنى من القواسم المشتركة لمواجهة تحدياتها الداخلية والخارجية. ومن ثم رسم سياسة واضحة فيما يتعلق بتلبية مصالحها الآنية والبعيدة المدى.
إنَّ تأزم بنية المجتمع والسلطة في الدولة العربية تجعل من الصعب تحقيق التغيير والإصلاح، تماماً بالقدر الذي يجعل منهما مطلباً ضرورياً من أجل إصلاح أوضاعها الداخلية تجاه مواكبة التطور العالمي ومواجهة تحدياتها الخارجية. لاسيما وأنَّ ظروفها هذه باتت تشكل المدخل والمبرر لطرح أزماتها وقضاياها على طاولة التشريح الدولي. وهي نتيجة سوف تجد استمرارها الفعلي في انعكاس ضعف الدولة في مواجهة التحديات الخارجية، إلى ضعف داخلي يهدد مقومات وجودها. فالخطر الحقيقي والكبير الذي تواجهه الأنظمة العربية، لا يكمن في وجود مشاريع إصلاحية خارجية (وبغض النظر عن كثرتها أو تعدد دوافعها) إزاء المنطقة، بقدر ما يقوم في غياب مشروع عربي للتعامل مع التحديات الداخلية الخارجية، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم ثقافية. وفي هذا يكمن سبب ضعف وتخبط وتشرذم وانتقائية ردود الفعل العربية (الرسمية والشعبية) تجاه مشاريع التغيير الخارجية.
إنَّ قدرة الدولة العربية المعاصرة على معالجة إشكالاتها، والتحول من عضو منفعل ومتأثر إلى فاعل ومؤثر في محيطها الإقليمي والدولي، يتوقف على قدرتها على إعادة بناء منظومتها الداخلية وفق الأسس الصحيحة لفكرة ومفهوم الدولة. وهو ما يعني البدء بعملية إصلاح شاملة وجذرية أولاً. وعلى مدى استعدادها على الاندماج في محيطها العربي كمقدمة لاندماجها الدولي ثانياً، انطلاقاً من استحالة بلورة رؤية إستراتيجية عربية موحدة تجاه العالم الخارجي دون تكاملها الداخلي. فالإصلاح الحقيقي والشامل هو المقدمة الضرورية لتحقيق فكرة التكامل والاندماج القومي والدولي. وهي مهمة ممكنة التحقيق فقط من خلال بناء الدولة الشرعية ونظامها الديمقراطي ومؤسساتها العقلانية. أما المقدمة الضروري والشرط الأساس لتحقيق تكامل عربي أولاً، وإسلامي ثانياً، وعالمي ثالثاً، بوصفها درجات ضرورية للتكامل الواقعي والعقلاني، فهو تكامل كل نموذج عربي مع ذاته أولاً، حتى يتمكن ويكون قادرا على تحقيق تكامله ضمن محيطه العربي والإسلامي ومن ثم الدولي.





#أشواق_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقات السورية- الإيرانية 2/2
- العلاقات السورية- الإيرانية
- الوضع الفلسطيني: قراءة في تداعياته المستقبلية
- المسلمون الأوروبيون ومكانتهم من الخارطة السياسية للغرب- الجز ...
- المسلمون الأوروبيون ومكانتهم من الخارطة السياسية للغرب- الجز ...
- المسلمون الأوروبيون ومكانتهم من الخارطة السياسية للغرب- الجز ...
- الإصلاح في العالم العربي وإشكالية التكامل العقلاني للمصالح ا ...
- الإصلاح في العالم العربي وإشكالية التكامل العقلاني لمصالح ال ...
- الإصلاح في العالم العربي وإشكالية التكامل العقلاني للمصالح ا ...
- العلاقات السورية الفرنسية أسباب التأزم واقتراحات الانفراج
- المجابهة الراهنة في لبنان – الجزء الثاني
- المجابهة الراهنة وآفاقها المحلية والإقليمية
- الإصلاح في العالم العربي وإشكالية التكامل العقلاني للمصالح ا ...
- الإصلاح في العالم العربي وإشكالية التكامل العقلاني للمصالح ا ...
- الإصلاح في العالم العربي وإشكالية التكامل العقلاني للمصالح ا ...
- الإصلاح في العالم العربي وإشكالية التكامل العقلاني للمصالح ا ...
- الإصلاح في العالم العربي وإشكالية التكامل العقلاني للمصالح ا ...
- الإصلاح الاقتصادي في سوريا- نسخة معدلة- الجزء الثالث
- الإصلاح الاقتصادي في سوريا- نسخة معدلة- الجزء الثاني
- الإصلاح الاقتصادي في سوريا -


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أشواق عباس - الإصلاح.... إشكالية داخلية قبل أن تكون خارجية