أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياس خضير محمد الشمخاوي - عندما تُنتزع الرحمة














المزيد.....

عندما تُنتزع الرحمة


ياس خضير محمد الشمخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 2600 - 2009 / 3 / 29 - 09:08
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    



ليس هناك أشد إيلاما ونقمة من أن تــُـكره على إحترام إتجاه معين أو ثقافة معينة مع مصادرة حقك في التفكير والتأمل .
بل الأدهى والأنكى من ذلك أن تــُرغم على إظهار علامات الرضا والقبول حتى لو كلــّفك الأمر مسخ وجدانيتك ومشاعرك وإنسانيتك .
فليس غريبا في أدب الشوفينيات أن تشهد بأم عينك قرية كردية تــُشوى بأطفالها ونسائها وأنت لا تستطيع أن تنبس ببنت شفة ، لا بل يتوجب عليك قهرا أن تحبس دموعك وتكبت آلامك وحسرتك وتصفق لتلك الرجولة وإلا سوف تلاقي نفس المصير بأسم الشعب والقانون .
وليس غريب في منطق الأستقواء الطائفي أن تــُباد عوائل مسيحية ، أقتسمت معنا الحلوة والمرة وعاشت معنا بطيبة مريم وسلام المسيح ، فعليك أن تهتف أذن وتؤذن حيّ على الجهاد وتربت أيضا على أكتاف الصعلوك أسامة بن لادن ، وإلا فأنت كافر خارج عن ملــّة الإسلام والمسلمين تستحق قطع الرأس في شريعة طالبان .
وعندما تقوم أيضا زمرة من زمر الضلالة بتهجير طوائف كلدانية وآشورية سكنت وعاشت في العراق قبل أن يخلق ربك العرب ، فحريّ بك أن لا تلقي وراءهم ماءا بل حجارات سبع وإلا سوف تتهم بأحتساء الثلج الذي هو رجسٌ من عمل الشيطان في مذهب الزرقاوي وأيمن الظواهري .
لاغرابة أن نودّعهم بالحجارة بدلا من الماء والدموع ... فبالحجارة أعتدنا أن نقذف كل شيء غير مرغوب بهِ وكل شيء دخيل على ثقافتنا ؛
المنطق ... الحضارة ... الإبداع ... الإنسان ....
وبالحجارة أيضا نبني ... نبني كل شيء مقدس في شريعة المفسدين ؛
السجون للمعاندين ... القلاع للحرب ... الجحور عندما نهرب ... الأصنام للقائد الضرورة .
نعم ... فليس لدينا وقت أن نبني وطننا وحدائقا للأطفال وليس لدينا مزاجا نبني مسرحا يحلـُم بهِ الفنان .
ثقافة الحجارة لها قدسية وخصوصية بالنسبة لنا منذ قديم الأزمان ،
ففي كل عام مرة واحدة نرجم بها الشيطان وفي كل دقيقة تمرّ نــُزهقُ بها روحَ إنسان .
تربطنا بتلك الحجارة رابطة حب صنمية جذورها تضرب في عمق التاريخ ، ولايمكن لأقوى طلسم في العالم أن يـُنهي قصة حبنا الأزلية ، فنحنُ منها كقيس من ليلى .
وليس بعيدا أن يكون بيننا وبينها رابطة نسب ، فلطالما شككت أن عقولنا تنتمي إلى نفس النوع والجنس الذي تنتمي إليه .
وكل ما حدث ويحدث أيضا من جرائم إنسانية يعود إلى نصوص حجرية تحت شعارات مقدسة موغلة في القدم ؛
الذبح بالمناشير والتمثيل بالجثث كان بأسم الله والدين .
الأعتداء على الأعراض وهتك الحرمات كان بأسم الشعب والوطن .
التهجير والقتل بالغازات السامـّة كان بأسم العروبة والقومية .
صلاة الوحشة على القائد المرحوم تحت قبة الأزهر بأسم الجامعة العربية .
وعندما ينتهون من أبادتنا ويفرغون من غسل أيديهم الملطخة بدمائنا يصعدون منابرهم فيحمدون الله ويثنون عليه لأنه ألهمهم الحكمة والبصيرة في طريقة تصفيتنا .
(( وكم من جبابرة غمسوا أقلامهم في دماء قلوبنا بينا هم يدعون الوحي والإلهام ؟! )) .
ولو سألتهم لماذا حدثت تلك المآسي والبشاعات ومنْ المسؤول عنها ؟
الجواب التقليدي المعروف نفسه وبصوت رخيم مملوء بالأيمان والتأسف ؛
الأستعمار والشيطان يا بني ، لعنة الله على الشيطان !!!!
ولكن لماذا أختار الشيطان سماحتكم دون غيركم !!؟؟
قطعا لا نحتاج لأجابتهم لأن القرآن سبقهم إلى ذلك على لسان الشيطان نفسه ،
(( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )) .
وما الأستعمار والشيطان إلا شماعة يعلــّـقون عليها جرائمهم .
الشيطان موجود في فتاواهم وموروثاتهم التي لا يخلو سطر منها على أثارة الحقد والكراهية وإذكاء نار الطائفية .
الشيطان متأصل ومتجذر في ضمائرنا السوداء التي تأبى وترفض أن ترى نور الحقيقة .
الأستعمار والديدان والحشرات وجدت لها مرتعا خصبا وفرصة لا تعوض كي تمكث في صدورنا .
ولمَ لا ولم تبقى بومة في أصقاع الأرض إلا وقد تركت لها عشــّا وبصمة في ظلمة عقولنا وخرائب ذواتنا !!
وقبل أن أضع لمساتي الأخيرة على المقال ، همس أحدهم في أذني قائلا ؛
أنت واهم جدا إنْ كنت تعتقد ماحلّ بالعراق من كوارث كان سببها الخلاف الطائفي ، أنما هو نزاع سياسي من أجل المناصب والكراسي لكنه بأدوات دينية إتخذت طابعا طائفيا .
سبقني إلى الرد طفلا كان بصحبته قائلا :
ولمَ لا يأخذون الكراسي ويتركون لنا العراق ؟؟
رغم أجابته السطحية والعفوية التي تتناسب مع عقله لكن لها مدلولات عاطفية عميقة تنبع من صميم وجدانه الطاهر .
خلاصتها ، يريد أن يعيش في وطنهِ بسلام حالهُ كحال أي طفل آخر في العالم ، بعيدا عن فكر طالبان ووحشية صدام وحرمنة فلان ٍ وعلان .



ياس خضير محمد الشمخاوي
رئيس منظمة حوار الديانات
[email protected]

http://www.rezgar.com/m.asp?i=1846






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى متى يبقى الوزير على التل ؟
- الفريسيون الكذبة
- الثقافة القانونية والمسميات الأخرى
- فقراء تحت رحمة النظريات
- أنحطاط فكري في زمن الحداثة
- الرومانسية والمصالح السياسية
- قراءة واقعية لتاريخ الحكومات الدينية
- الأنسان المسلم وتفشي ثقافة العنف ... كيف ولماذا ؟؟


المزيد.....




- فيديو للحظة استهداف مبنى وزارة الدفاع السورية على الهواء مبا ...
- مباشر: ضربات إسرائيلية في دمشق وارتفاع حصيلة أعمال العنف في ...
- إسرائيل تُنفذ غارات عنيفة على دمشق.. ووزير دفاعها: بدأت -الض ...
- كلوب يُعلق على صفقة فيرتز: لاعب استثنائي ومركز هو التحدي!
- لا أمطار في العراق.. الجفاف يضرب البلاد ورائحة حقول أرز العن ...
- خامنئي : إسرائيل هدفت خلال الحرب إلى إسقاط النظام وإيران مست ...
- مهندس سابق في -أوبن إيه آي- يكشف عن أسرار العمل بها
- ما قصة الشبح واللون الأصفر اللذين يظهران في شعار سناب شات؟
- روسيا تتهم أوروبا بممارسات عسكرية عدوانية وتلمح مجددا للخيار ...
- خط الدفاع الأول في كشف انتهاكات قوانين الحرب


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياس خضير محمد الشمخاوي - عندما تُنتزع الرحمة