أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياس خضير محمد الشمخاوي - الرومانسية والمصالح السياسية















المزيد.....

الرومانسية والمصالح السياسية


ياس خضير محمد الشمخاوي

الحوار المتمدن-العدد: 1939 - 2007 / 6 / 7 - 08:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أواخر القرن الثامن عشر وتحديدا عند مطلع القرن التاسع عشر الميلادي برزت الحركة الرومانسية Romanticism في عالم الأدب والثقافة والفنون في أوربا الغربية .
وتعد تلك الحركة ثورة ضد المدرسة الكلاسيكية Classicalالمتشددة في قواعدها العقلية والأدبية ، وكان من أسباب نشوء تلك الثورة ظهور التيارات الفكرية والفلسفية الداعية إلى التحرر من القيود الأجتماعية والدينية ناهيك عن إنّ الأضطرابات التي عقبت الثورة الفرنسية 1789 وماتلتها من حروب داخلية ونزاعات حول المستعمرات كانت عاملا لولادة هذا اللون من الفكر، أضف إلى ذلك أن واحد من أهم الأسباب التي دعت إلى وجود المذهب الرومانتيكي هو سيطرة الأقطاع والكنيسة على المجتمع وضعف أثر الدين في العقل والحياة الأوربية كما يعتقد بول هازار في كتابه أزمة الضمير الأوربي .
أتـــّسم هذا المذهب بالحزن والكآبة والتشاؤم والأمل والطيران في عالم الأحلام والهوس بالطبيعة والأهتمام بالآداب الشعبية والقومية.
وكانت باريس الأرض الخصبة لنشوء المذهب الرومانسي ومن باريس عاصمة الحب والجمال أنطلقت تلك الأفكار المحملة بشجون العاطفة وهمس المشاعر إلى عواصم ألمانيا وأنجلترا وأيطاليا ومن ثم إلى بقية أرجاء الدنيا .
حيث عمد أعلام هذا الأدب الحديث مثل بودلير وهيجل وهوغو ولامارتين وبايرون ورائد الرومانسية الفيلسوف والمحلل السياسي الفرنسي جان جاك روسو لقيادة حملة واسعة ضد المذهب الكلاسيكي الأرسطوطاليسي ، إلا أن الرومانسية واجهت أنحسارا في مطلع القرن العشرين عندما أعلن النقاد الفرنسيين هجومهم عليها زاعمين أنها تسلب الإنسان عقله ومنطقه ، وقد هاجموا روسو بشدة الذي نادى بالعودة إلى الطبيعة وقالوا : لا خير في عاطفة وخيال لا يحكمهما العقل والإرادة المدركة .
وكان من نتيجة ذلك أن نشأت رومانسية جديدة تدعو إلى الربط بين العاطفة التلقائية والإرادة الواعية في وحدة التفكير والعاطفة .
ويرى العديد من علماء السوسيولوجيا Sociology والمتخصصين في دراسة علم النفس الأجتماعي Psycho-social eإلى أن الإفراط في التركيز على العاطفة لاشك أنه سيقوّض المساحة الذهنية لدى الفرد والمجتمع وعليهِ فأنّ الرومانسيين يقعون دائما عرضة للأستغلال العاطفي والأبتزاز السياسي حيث يسهل على دهاة السياسة الماكرة قيادة مثل تلك الشريحة وزجهم في خنادق سياسية وواجهات إعلامية من خلال أستنفارهم وشحنهم بالخــُطب الرومانسية والمشاهد التراجيدية Tragedyالمؤلمة للحصول على مكاسب وأهداف سياسية .
كان لتطورعلم النفس الاجتماعي التجريبي الفضل الكبير في دراسة أبعاد وأسباب نشوء تلك الظاهرة النفسية وتحديد مواطن الضعف والقوة فيها خصوصا بعد قيام الثورة الصناعية 1775 ونشوب الحربين العالميتين الأولى والثانية .
ولاشك أن تلك الدراسة التحليلية قدمت خدمات جليلة أيضا للإدارات والأنظمة السياسية في كيفية التعامل مع هذا التيار من الثقافة الأجتماعية ، حيث عكفت النظم الرجعية والفاشستية وحتى التقدمية على دراسة تلك الموضوعات أملا في أستغلال وأحتواء الرومانطيقيين وتسخير طاقاتهم بالشكل الذي ينسجم مع تطلعات الأنظمة الحاكمة .
وقد لجأ الكثير من الحاكمين إلى حل أزماتهم السياسية في السلم والحرب عن طريق إثارة تلك المشاعر المتدفقة التي تستولي على عواطف الجماهير وشحنهم في أجواء رومانسية شاعرية تخيليّة Fantasyحتى بات السلاح النفسي والعاطفي الأكثر أنتشارا في الحرب الإعلامية والعسكرية على حدٍ سواء في العصر الحديث .
ولو تأملنا قليلا في المرحلة التي سبقت عزم الولايات المتحدة الأميركية غزوها العراق لوجدنا إنّ إثارة أحاسيس ومشاعر الشعب الذي يعاني الكبت والحرمان لبسبب قسوة النظام كانت جزء لايتجزأ من خطة الحرب .
ولمــّا كان الشعب بأمس الحاجة إلى الرحمة والعطف ويعاني من نقص حاد في الغذاء والحليب والدواء ، ذرف عليه بوش وتوني بلير دموع التماسيح ووعدهُ بخمسة وخمسين مادة في الحصة التموينية وبنى لهُ قصور حالمة ومنتجعات ساحرة لم يسمع بها إلا في حكايات سندريلا Sandrlla .
ولمـّـا أفاقونا من أحلامنا الخضراء على أصوات الهمرات وجنازير الدبابات وجدنا عساكرهم تـُجعجع الخضراء تبحثُ عن خمسة وخمسين تلميذا لهم أضاعوهم وسط الهرج والمرج ، وإذا بحكاية المنتجعات والقصور بيوتٌ من الصفيح وخيام في الصحراء يسكنها الشعب المسكين هربا من الموتِ والعـُنف .


...... الرومانسية الواقعية ......

بعيدا عن ميثولوجيا الأديان Mythology وقصة الأسى والحزن والأساطير وبمنأىً عن التخيّلات Fantasiesالتي لاتستند إلى جذر ، نــَمتْ في أدب الطف بذرة اللوعة والشجن .
أجسادٌ ملأتها الجراحات وأدمعًٌ لم تزل جاريات..... وقلوبٌ مزقها العطش والحر لازالت تحاكي الوجدان والضمير .
صورٌ ودماءٌ وبكاءٌ وأنين .... مافتئت تفارق المشاعر والأحاسيس ، فلا حواجز الظلم ولا سياط الجلادين وبـُعد المسافاتِ والسنين باعدتنا عن مشاركة الوجدان Sympathy لأوجاع الحُسين .
نعم ربما ... الظلم والقهر والجبروت وعدمَ توازن القوى كان طابعا وسببا لثورة العواطف والكلمة .
تلك العواطف الممتزجة بالدمع والدم قدّر لها أن تكون لحنا خالدا وسفرا مدويــّا يــُدخل القلق والرعب في نفوس الظـلــَمة .
تلك المدامع والآهات التي أنطلقت من أرض كربلاء : قال عنها ونستون تشرشل أنها لم تــُهزم أبدا .
هي نفسها اليوم أضحت وللأسف بضاعة رائجة لتجــّار الحروب والسياسة وسلعة رخيصة معروضة للمضاربة .


....... مأساة شعب ......

قيل إنّ الصراحة في غير محلــّها بلاء ، ولا أدري إنْ كنتُ سائرا في خطىً عمياء ... شوارعنا ضبابية وأجوائنا ملتهبة .
ولكن على أيـّة حال سيتبيــّن إذا ما كنتُ قد أوقعتُ نفسي في المحضور بعد شيوع المقال .
إنْ وجدنا مـَنْ نعنيه ذا صدر ٍ رحب فأمـّة محمـّد لازالت بخير وإنْ جذبونا من أعناقنا لمحاكم التطبير أو التفتيش كما فعلت الكنيسة بغاليلو وفولتير فحتما سأجزم أنّ مقالي تخريفٌ وسفسطة Sophistry ثم أحرقُ أوراقي وأدّعي أنــّي كنتُ ألـفّ وأدور وأرضي حتما ثابتة .
مأساتنا ونيراننا المُستعرة تحت الضلوع قد تجاوزت مرحلة المجاملة والصمت ومصيرنا المجهول يدعونا للمكاشفة والمصارحة مع نـُخبنا السياسية للوقوف على علــّة الفـُوضى والضياع والتدهور .
أصواتنا المملوءة بالحزن وخيبة الأمل تناشد ضمائركم أيها الحاكمون وتطلب نجدتكم إنْ كان الحل والعقد فعلا بأيديكم .
كثــّـفوا زيراتكم لنا أيـّها السادة لتعرفوا شيئا عن معاناتنا ، نحنُ بحاجة إليكم ولا تأتونا قبل الأنتخابات بيومين أو على رأس محرم لـتحكوا لنا عن قصة السبايا و دروب الشام .
دونكم مساكن الفقراء فهي خاوية لاتحتمل أمطارا ولاعاصفة فالمساجد والحُسينيـّات والحمد لله عامرة .
سئمنا المحاضرات عن قانون أجتثاث البعث ....... دَعوا تلك الأسطوانة المشروخة للقانون وأبحثوا لنا عن أسطوانة الغاز المفقودة وقولوا لنا مــَنْ أفتى بأجتثاث الكهرباء والخدمات العامة ؟؟.
حدّثونا أيها السادة قبل أن تـُؤمونا إلى الصلاة ... أين تذهب ثروات البلد ولماذا يـــُصدّر نفط العراق بلا عدّادات ويــُباع علينا بالسنتيمترات ؟؟؟
هلمــّوا إلينا أيها الأخوة والآباء ... صغارنا وصعاليكنا جياع ونحنُ لموائدكم الدسمة متلهفون ولرُزّكم الشهيّ مشتاقون ولكن قبل تناول الطعام يراودنا سؤال يبحثُ عن إجابة ،
إلى متى يستورد هذا الشعب الرز من الصين البالغ تعدادهُ مليار ومائتين ؟؟؟
ألا يستطيع هذا الشعب أن يــُطعم نفسهُ وهو لايتعدّى فندق من فنادق بكين !!؟؟
تعالوا إلينا فالحديث معكم شيّق فنحنُ لاشغلٌ لدينا ولامشغلة ولم يـُلهينا عن الإصغاء إليكم عمل .
ولكن إيــّاكم أن تضيــّعوا وقتكم معنا بالخطب الطنــّانة والشعارات الرومانسية وأكشفوا لنا عمــّا أنجزتموه من برامجكم ومشاريعكم الكثيرة التي سمعنا بها قبل أن نعطيكم أصواتنا .
لا أريد أن أزيد فأتحدّث بالخط العريض كي لاتــُكيــّف دعوتي من النقد والأنتقاد إلى التهجــّم والأرتداد وبهذا القدر أكتفي ياسادة .
ياس خضير محمد الشمخاوي
رئيس منظمة حوار الديانات
[email protected]



#ياس_خضير_محمد_الشمخاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة واقعية لتاريخ الحكومات الدينية
- الأنسان المسلم وتفشي ثقافة العنف ... كيف ولماذا ؟؟


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياس خضير محمد الشمخاوي - الرومانسية والمصالح السياسية