أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - داود البصري - الفاشية الدينية في العراق ... سلاح دمار شامل !















المزيد.....

الفاشية الدينية في العراق ... سلاح دمار شامل !


داود البصري

الحوار المتمدن-العدد: 797 - 2004 / 4 / 7 - 10:13
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تتنفس المجتمعات بعد سقوط أنظمة القهر والموت وتنفث صدورها عن كل المكبوتات التي كانت حبيسة لعقود طويلة ولم تستطع أن تعبر عنها سابقا وهذا أمر طبيعي للغاية ، ولكن مايحصل في العراق اليوم من ظواهر شاذة يؤكد من أن الأمر أكبر بكثير من أي تنفس أو أية توجهات طبيعية ! بل أنه عمل مدبر وبشكل واضح وبهدف تفتيت الجبهة الداخلية العراقية ومحاولة الإلتفاف على حلم العراقيين وسعيهم الدائم للحرية والديمقراطية والحياة العصرية الحديثة تحت أقنعة الدين والتمسك بعصا الشريعة وبالعودة إلى الجذور!! وهي جميعها شعارات براقة وزاهية ولكن تخفي تحت صورها الملونة السم الزعاف وتحمل كل وصفات التخلف والإنحطاط الحضاري وفرض الجهل والطغيان والإسلام بريء من كل تلك الظواهر الشاذة المعبرة عن مرحلة شاذة في زمن عراقي إتسم بالشذوذ وإمتد لأكثر من أربعين عاما تهشمت خلالها الدولة وفقد المجتمع العراقي تجانسه ، وتمت العودة للعصبيات والصلات العشائرية وساد الفراغ الروحي المترافق مع الإفلاس والنهم المادي ليشكل اليوم الصورة الواضحة للعراق المريض والذي للأسف لم تستطع كل الوصفات السريعة الجاهزة من أميركية أو إسلامية من إيقاف نزيفه القاتل المدمر!.

لقد عانى العراق شعبا وكيانا من سلطة بعثية فاشية بمسوح قومية مزيفة وبحقيقة عشائرية وطائفية نتنة وتحت واجهة حزبية بغيضة وكريهة إسمها ( حزب البعث العربي الإشتراكي) الذي لم يكن في يوم ما يمتلك مواصفات الحزب السياسي صاحب الآيديولوجية ، بل كان مجرد وعاء تنظيمي وإرهابي تهيمن عليه عشيرة ذهبية يقودها قائد أوحد وأرعن وغبي لاشريك له أورد البلاد والعباد مورد الهلاك وتسببت سياساته الغبية الحمقاء في تحطيم كل أسس ومقومات الدولة العراقية وتقاليدها ومؤسساتها ليعود العراق ككيان سياسي لمرحلة ماقبل الحرب العالمية الأولى ، ولتندثر كل ذكريات وإنجازات الدولة الوطنية العراقية كأنها لم تكن في يوم ما! فبمجرد إنهيار النظام إنهارت الدولة وضاع كل شيء!! وهنا تتبين مدى هشاشة الدولة العراقية التي سقطت وتلاشت مع سقوط الفرد والعشيرة وحيث دخل الأميركان أصحاب الفضل الأول في إسقاط النظام وتحرير الإرادة الشعبية ليجد القوم في العراق وقد إختلفوا على كل شيء وأي شيء ، ولتسود الأحقاد والتصفيات حتى بين أبناء الطائفة الواحدة ، ولتحاول كل التيارات شد الحبال للهيمنة على الكيان العراقي الوليد الجديد الخارج من رماد حروب البعث العبثية الفاشلة ، لقد تردد منذ زمن قول قيل أنه منسوب لآخر رئيس وزراء عراقي في العهد الملكي وهو المرحوم نوري السعيد الذي يعتبر أحد مؤسسي الكيان العراقي الحديث يصف فيه العراق ب ( البالوعة)!! وهو يعتبر نفسه غطاء لتلك البالوعة! فإذا ما إنكشف الغطاء فاحت الروائح ( الزكية)!! وكان يحذر ويوصي بالحفاظ على غطاء البالوعة!! ويبدو أن أقوال ( الباشا) الراحل لم تكن مجرد قفشات فكاهية بل كانت تعبيرا عن فهم عميق لسلوكيات وإتجاهات الرياح والأهواء الشعبية العراقية ، وحيث تهيمن اليوم على الشارع العراقي المشدوه والحائر تيارات دينية وظلامية بأسماء وواجهات ومصالح عديدة أقل مايمكن وصفها ب ( الظواهر الكارثية) والخطرة على مستقبل الحياة السياسية وعلى الوحدة الوطنية العراقية ذاتها ، فلن نلجأ للغة التطمين والإغراق في الخيال لنقول أن الوضع ( عال العال)! بل على العكس فالوضع يقتضي من جميع قوى الشعب الحية وتياراته الحرة قرع أكثر من جرس إنذار للإفلات من المصير السوداوي المفجع الذي يريدونه للعراق! ، فلقد تناسلت العمائم المزيفة والطامحة للشهرة والهيمنة بشكل أميبي مقلق وهي عمائم مسيسة وخبيثة لاعلاقة لها بسماحة الإسلام الذي نعرف وتعرفون! وأصحابها لهم من الجهل المقيم والسذاجة القاتلة إلى الدرجة التي تجعلهم يتصورون أنفسهم بأنهم الأوصياء على الشعب العراقي وبأنهم الذين أسقطوا النظام البعثي وبأنهم تبعا لذلك ( الخلفاء الراشدون) للمرحلة العراقية الجديدة! وحيث تم اللجوء للبلطجة وفرض التعتيم والقسر وإجبار النساء العراقيات على العودة لعصور الحريم والتخلف وإرتداء الأحجبة السوداء الغريبة عن ثقافتنا الإسلامية الحقيقية ، وعلى إشاعة ثقافة الجهل الدينية المستندة لكم هائل من الموروثات الشعبية والأفكار البدائية الساذجة التي تماشي رغبات الغوغاء والجهلة وماأكثرهم في ليل العراق الطويل ، فالنظام العراقي البعثي البائد لم ينته بسهولة بل تبخر وتلاشى وإضمحل في دخان هزائمه ومن تعمم بعد التحرير الأميركي فهو إنما يماشي موضة حديثة سرت سريان النار في الهشيم وهو تعمم لايختلف عن الإنتماء سابقا لأجهزة النظام القمعية والإرهابية؟ ، ففي الجنوب العراقي وفي مدينة البصرة تحديدا تنتشر ظاهرة الإبتزاز الديني بشكل فج ومؤسف لتشكل إهانة لأحرار العراق ، فما هو سائد ميدانيا من أحزاب وتيارات لايعبر عن الهوية العراقية ولا الفكر العراقي ولاالهوى العراقي ولاالروح الدينية المتسامحة العراقية سواءا من السنة والشيعة الذين لم يتعودوا فرض الآراء بالقوة ولامحاسبة الناس على المزاج ولاالتدخل في خيارات الناس وشكل لبسهم ومأكلهم! وإنما هو غزو جاهلي من نوع آخر نعرفه جميعا ونعرف من يقف خلفه ويموله ويحرص على سيادته! إنني لاأتهم بل أعلنها بصراحة من أن المخابرات الإيرانية وأجهزتها السرية قد تغلغلت بعيدا لتمعن في تمزيق الجسد العراقي المثخن بالجراح ولتعرقل عملية النهضة والتخلص من كل بقايا الفاشية البعثية وإستبدالها بفاشية دينية طائفية أشد وطأة وأكثر إجراما وأشد سوادا من الليل العراقي البهيم الذي طال أكثر مما ينبغي ، فأسماء الأحزاب والتظيمات التي سطت ومازالت تسطو على مقرات الشعب العراقي ومبانيه العامة لاعلاقة لها بالتصنيف والمزاج العراقي بل أنه حتى الوجوه واللكنات واللباس تفضح الفاعلين وأعمالهم وغاياتهم ، والمؤلم أن بعض الزعامات الدينية الشابة والتي لاتمتلك من الخبرة ولامن حكمة السنين سوى الأسماء العائلية الرنانة والتي ليس لها أدنى إعتبار في ما نحن بصدده تمارس عمليات تغطية شرعية لتلكم الجماعات وفكرها الظلامي المتخلف ! وإلا بربكم هل من الحكمة في شيء فضلا عن الإنسانية ذلك القول المنسوب لأحدهم والذي يقول:

{ أن هجمة نيويورك (11 سبتنمبر 2001) هي معجزة إلهية}!!

أي معجزة ياسيدنا في قتل الأرواح البريئة ، وفي تدمير وإزهاق الناس ، وفي إشاعة الفوضى والدمار الشامل لخلق الله؟ وهل تتم مجازاة من إنتقم من صدام ونظامه وأشفى غليل المستضعفين ، وساهم في كشف وفضح مقابر البعث الجماعية بهذه الطريقة الفاشية الفجة؟ وأين المنطق الديني في تحريم قتل النفوس إلا بالحق؟ وأين صورتنا الحضارية التي نتحدث عنها ولانراها؟ وهل من سمات المعممين السماحة أم القتل والإرهاب الأسود؟ وهل نبقى أسرى للشعارات الواهية فيما شعوبنا تزحف على بطونها من الجوع والحرمان والإقصاء بينما شيوخنا ومعممينا ينظرون للموت البشع ويشمتون بمصارع الأبرياء؟. كما أن مجزرة الفلوجة الشنيعة الأخيرة تكريس لذلك الجهل الديني والتعصب الأخرق وحتى كلمات الإدانة التي أطلقت من بعض المنابر كانت كلمات مزيفة تحاول لملمة الموقف والإستعداد لمجزرة جديدة يكون وقودها الناس والحجارة والسمعة العراقية ،

لقد تحولت الظاهرة الدينية السائدة في العراق لوباء أسود من الحقد وموجات التدمير الشامل وستتحول لما هو أشد مالم يتخلى العراقيون عن سلبيتهم ويحجموا تلك الرموز الضئيلة والتي ماظهرت إلا بسبب الفراغ القيادي المفجع لمؤسسات الفكر الحر ولمنظمات المجتمع المدني ، وإعتمادا على النظرة الإتكالية العامة السائدة والمسماة عراقيا: { آني شعليه }!! أي لاعلاقة للناس بما يحصل ويتبلور ، فقد تسلل البعثيون من نقطة الضعف تلك ومارسوا إرهابهم وتخريبهم الفظيع ، واليوم يحاول المتأسلمون والجهلة والفاشيون تحت الأغطية الدينية التسلل والهيمنة من جديد بشعاراتهم البائسة ووجوههم الكالحة والمكفهرة بالحقد ... فهل من وقفة شعبية عراقية شاملة تعيد العقل المسلوب وتمنع الفاشية الدينية من التمدد لتدمر كل شيء ؟ خصوصا وأن أحداث الفلوجة المروعة قد تذهب بأخر مصداقية لحضارة وأصالة وتسامح مجتمعاتنا! ، وبذلك أثبتت الفاشية المتسترة خلف الشعارات الدينية بأنها أخطر من جميع أسلحة الدمار الشامل ، لأنها بإختصار سلاح تدميري منفلت من عقالهّ! ويهدد بالدمار الشامل وحدة الوطن والشعب في العراق وهم يتهيأؤون لدخول العصر الحديث بعد قرون من تخلف الشعارات القومية والدينية المزيفة العجفاء.



#داود_البصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القمة عندي .. وأنا بوهندي ؟ ... أحاديث على هامش القمة الموعو ...
- الدوحة .. لاجئون أم مطاريد ..؟
- قمة (المشمش) العربية ... جامعة في مهب الريح !
- بطانية الصحاف ؟
- حينما يكون الإعلامي .. مناضلا ومبشرا ونذيرا ؟ !
- نعال أبو تحسين ... سنة أولى حرية !
- ربيع الحرية الكردي ... إرهاصات التحرير !
- فرسان العروبة ... يخربون العراق ؟
- عواء (الجزيرة ) .. وأسطورة ذبح الشيعة للسنة في العراق ؟
- حقول الموت العراقية ... وحكاية آخر من يعلم ؟
- الإسلام القذافي ... والكوتشينة الأميركية ! الطيور على أشكاله ...
- مصر والعراق .. من عانى من من ؟
- العراقيون والكويتيون ... ضحايا الجريمة .. ووحدة المأساة ؟
- ياقطر ... لماذا كل هذا الإنبطاح ؟
- إستئصال ( البعث ) .. ضرورة عراقية .. وقومية ؟
- مجازر البعث العراقي ... عار الإعلام العربي ؟
- إفلاس البعث ... نهاية لعبة ؟
- قناة الجزيرة ... وفضائح الوثائق ... بين الثورية والبعثية ؟
- بين ألبوم ( عثمان العمير ) .. ودبابة ( طارق عزيز ) .. نزاهة ...
- تراجيديا مابعد السقوط .. جردة حساب قومية ؟


المزيد.....




- بلومبرغ: دول مجموعة السبع تبحث تخصيص 50 مليار دولار لأوكراني ...
- كيف تساعد الصين إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية؟
- مطالبات في لبنان بحجب تطبيق تيك توك إثر استخدامه من عصابة مت ...
- بعد أن ألمح إلى استعداد فرنسا إرسال قوات إلى كييف.. روسيا تع ...
- وول ستريت جورنال: إسرائيل أمهلت حماس أسبوعاً للموافقة على ات ...
- ماكرون وشولتس -ينسقان مواقفهما- بشأن الصين قبل زيارة شي إلى ...
- بوريل: نهاية الحرب واستسلام أوكرانيا -خلال أسبوعين- حال وقف ...
- زاخاروفا تعلق على تصريح بوريل حول وقف إمدادات الأسلحة إلى كي ...
- مصرع 37 شخصا في أسوأ فيضانات يشهدها جنوب البرازيل منذ 80 عام ...
- قناة -12- العبرية نقلا عن مسؤولين إسرائيليين: وفقا للتقديرات ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - داود البصري - الفاشية الدينية في العراق ... سلاح دمار شامل !