أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نذير الماجد - حفاظا على السلم الأهلي.. قدم استقالتك يا سمو الأمير















المزيد.....

حفاظا على السلم الأهلي.. قدم استقالتك يا سمو الأمير


نذير الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 2593 - 2009 / 3 / 22 - 07:17
المحور: المجتمع المدني
    


كلنا يتذكر التصريحات اللافتة التي أدلى بها وزير الداخلية السعودية الأمير نايف قبل أعوام قليلة في مؤتمر صحفي أعلن فيه انحيازه الكامل للشرطة الدينية والتي تضم حراس الفضيلة وأهل الصلاح ومن بيدهم مقاييس النزاهة، وهو تصريح يأتي عقب جملة تصريحات تصب كلها في خانة الانتصار للتيارات التي ترتاب وتجفل من كل صيحة تحديثية، حتى باتت مفردة الإصلاح نفسها منبوذة تقض مضجع هذا التيار والذي طالما وقف إلى جانبه سعادة الوزير.

هذا الانحياز جاء ليعبر عن دعم سمو الأمير الكامل لترسيخ واقع سياسي مختل التوازن ليس بإمكانه احتضان التعددية السياسية التي هي ليست إلا انعكاس لواقع تعددي راسخ على الأرض، فالسعودية كما يعرف الجميع تضم في أحشائها طوائف وثقافات متعددة وهي حقيقة يحاول الأمير نايف ومن يقف في خندقه القفز عليها أو تجاهلها تماما، فليس هنالك أي تأثير أو انعكاس لهذا النسيج المتنوع على خطاب السلطة، وعلى ما يبدو فإن أمام المختلفين أحد خيارين لا ثالث لهما: إما إلقائهم في البحر وإبادتهم عن بكرة أبيهم، أو انسلاخهم عن جلودهم وقبولهم بخيارات وتوجهات الطرف الذي تباركه السلطة!

من لا يعرف الأمير نايف قد يستغرب انحيازه الكلي لما يسمى بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رغم استياء الرأي العام الذي كنا نلمسه في المقالات الصحفية والذي كان يتجلى بوضوح في حالة التبرم والتململ الشديد تجاه هذه المؤسسة التي عرفت بانتهاكاتها وتجاوزاتها للقانون والحرية الفردية وسلوكياتها الخشنة تجاه المواطنين وممارساتها الوصائية التي تهتك باستمرار حرمة الخصوصيات الفردية مما يعكس في المحصلة استهتارها بقيمة الإنسان وحرياته وحقوقه.

لكن هذا الأمير القادم على ما يبدو من قرون خلت لم يكتف بإدانة كل صيحة تحديثية وزج أبطالها في السجون كما فعل مع رموز الإصلاح والتحديث منذ سنوات كالبروفسور متروك الفالح والدكتور عبد الله الحامد وغيرهما في حملة نشيطة كانت تستهدف خنق التوجهات الليبرالية وترسيخ أحادية الدولة الثيوقراطية بثوبها السلفي الغارق في الجمود، لم يكتف الأمير بمحاربة التوجه الاصلاحي والانحياز الكامل للتيار السلفي الرافض لأي عملية تغيير لما يملكه من امتيازات وحظوة خاصة في ما هو قائم، بل راح يضفي على طبيعة الصراع بعدا جنائيا يمس الأمن الوطني عندما شكك في مواطنة كل من يلمح إلى ضرورة إلغاء الهيئة كخطوة جوهرية في طريق الإصلاح وحفظ الحريات المدنية. لازلنا نذكر كيف لجأ حينذاك إلى لغة تخوينية عندما قال في جوابه على سؤال حول شطب وإلغاء جهاز الهيئة وقد اعتراه موجة عارمة من الغضب: على الأرجح أن من يقول هذا الكلام ليس سعوديا!!!

هذا السلوك والتعاطي المجحف تجاه أبرز الملفات والعناوين والهواجس التي تسكن عقل واهتمام الفرد السعودي والذي لا يمكن تفسيره إلا إذا عرفنا حجم الإجفال والريبة مما يتصف به أبرز وجوه الحرس القديم ومنهم بالطبع الأمير نايف الذي لا يملك أي حس إصلاحي ويرفض رفضا قاطعا تحديث بنية النظام السياسي حتى وإن كان شكليا لا يتعدى السطح والقشور، حتى مفردة الإصلاح نفسها والتي هي بمثابة ثيمة قارة في عقل ووجدان المجتمع السعودي، والتي لها وقع سحري خلاب يجذب المتلقي ويدغدغ مشاعره، حتى هذه المفردة باتت منبوذة تثير الحنق والقلق بل ربما اعتبرت شاهد إدانة لكل من تسول له نفسه في النطق بها!

ووفقا لهذا الحرس القديم والذي يشكل في الحقيقة أكبر عائق لعملية الإصلاح الضروري جدا لحفظ السلم الأهلي وفتح قنوات التواصل بين المكونات المختلفة للمجتمع، يجب أن تنزاح النمذجة إلى مستنقع الطائفي أو القبلي والمعايير الذاتية بعد أن كان يفترض بها أن ترتقي لتصطبغ بصبغة وطنية جامعة تعكس التنوع والتعدد الذي يميز الواقع السعودي، وهي ميزة كان بإمكانها أن تثري الواقع وتخصبه لو لا مصادرتها وإبطال ما لها من مفعول من قبل هذا الجناح الذي يحاول أن يجعل لمكون أو طرف واحد أحقية الامتياز في رسم معايير ومقاييس الانتماء الوطني، وكأنه يمتلك وحده مفاتيح جنة الوطن والمواطنة، وفي هذه الحالة فإن صكوك الغفران والرحمة لن تشمل أي مارق يجرؤ على الانحراف عن هذه الاستقامة الوطنية "السلفية بالطبع" والويل كل الويل لمن لا يشكل نفسه وفقا لهذه النمذجة. وعليه فليس للفرد السعودي إذا أراد أن يبقى مواطنا صالحا إلا أن يصبح سلفيا في مقاييس هذا الجناح، وبالتالي فالسلفية هي شارة المواطنة الصالحة!!

قد يخيل إلى القارئ الكريم أن كلامي السابق هو لغرض الحشو أو الإثارة والسخرية كعنصر أساسي يلجأ إليه أحيانا بعض الكتاب من أجل خلق حالة من التشويق تشد إليه القارئ، هذا الكلام أيها السادة ليس مجرد تحليل أو تكهن أو مبالغة. فلعل أحدا لا يصدق أن هذا الكلام قد صدر فعلا عن سمو الأمير نايف وزير الداخلية في الحكومة السعودية ، فعندما يقول أن نهج الأمة هو النهج السلفي وعندما يحمل ضحايا واقعة الحرم المدني مسؤولية ما حدث وبالتالي يدين الضحية ويبرئ المتهم من دون إجراء أي تحقيق، فهو يريد أن يقول ضمنيا -على الأقل- أن من يريد العيش بكرامة فعليه أن يكون سلفيا، مما يعني أن مفهوم الإطار الوطني والدولة المدنية والمساواة بين جميع المواطنين وما إلى ذلك ليس سوى بدعة من ابتكار الكفار والمشركين، وإذن فالطائفة هي التي تحكم وهي الشكل الأساسي للحكم، والطائفية هي التي تسم بميسمها الواقع كله.

إلى أين يقودنا هذا التوجه والذي يكشف بأن الأزمة ليست مقتصرة على الإشكالية الطائفية والقطيعة بين مكونات المجتمع بقدر ما تكمن في غياب صوت العقل عن الماسكين بزمام السلطة؟! إن هذه التصريحات لا تعكس عقلانية وواقعية في التعاطي مع التحديات ومعالحة الأزمات.

شيئا من الجنون هو الذي يجعل هذه السلطة تترنح وتتمايل وهي الثملة بالنفس الطائفي. فالسلطة يغيب عنها العقل، هذه هي المشكلة والتي ستؤدي بنا إلى الكارثة، من هنا نجد كيف جاز لوزير الداخلية أن يتصدى لكل الملفات بقبضة أمنية من فولاذ مع أنها ملفات تحتم المعالجة السياسية لأنها ذات طبيعة سياسية، ولكن الجنون الذي بات يعتور السلطة جعلها تقدم على هستيريا الانتقام واستعداء المواطنين.

فعندما يوعز الأمير نايف لجنوده مداهمة البيوت الآمنة وقطع التيار الكهربائي بعد منتصف الليل وأن يسمح لهم بمهاجمة المدنيين العزل بالسلاح وهو ما حدث فعلا مساء الخميس 19/3/2009م في بلدة العوامية التابعة لمحافظة القطيف في المنطقة الشرقية التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني كله حيث منها -كما نعرف- ينبت شريان النفط، عندما يقوم الأمير بهذا السلوك فهو بلا شك إما غير مدرك للتداعيات الخطيرة الناجمة عنه أو أنه لا يحمل أي إخلاص وطني أو أنه كان يريد رمي الوطن كله في فوهة البركان الطائفي الذي لازال حتى الساعة خامدا في انتظار لحظة الانفجار!

إزالة هذا الجنون هو مسؤولية كل العقلاء في بلد يغمره الجنون وغيبوبة اللحظة المعاشة، ولكي لا تغرق السفينة فيغرق الجميع لابد من الحسم في تصور ووضع وتطبيق الحلول. وبما أن الأمير نايف جزء من الصراع وليس فوقه وبما أنه انحاز بشكل سافر لشريحة وطنية على حساب أخرى فلم يتمكن من التزام موقف الحياد الضروري لكل من يمارس فعل السلطة وبما أنه يملك القوة والمسؤولية فالأمل يحدوني كما يحدو الكثيرين بأن يغادر السلطة ليمكن رجلا آخر أكثر إخلاص وأكثر وفاء لهذا الوطن الجميل من الإمساك الناعم بزمام المؤسسة الأمنية، وكل ذلك طبعا لرعاية شيء عزيز علينا جميعا هو السلم الأهلي!



#نذير_الماجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما لا تصبح العمامة كالنعامة!
- بين بيان التصحيح وأحداث المدينة: مفارقات وخطاب مشترك
- أنقذوا السعودية قبل أن تحترق
- كل فلنتاين وأنتم بخير
- في السعودية.. نعم للمسيرات السلمية!
- المثقف ودوره الطليعي
- مجزرة المال السعودي!
- لماذا بيان تصحيح المسار الشيعي؟
- لماذا البيان؟
- لكي لا تُهدر أموال الخمس!
- الاختلاط ضرورة حضارية 2-2
- كفوا عن الإتجار بالدين..يا رجال الدين
- الأزمة العالمية وشطحات الخطاب الديني
- الاختلاط ضرورة حضارية 1-2
- شاكر النابلسي و مغازلة الأصولية!
- خطوات على طريق الأنسنة 2-2
- خطوات على طريق الأنسنة 1-2
- يا صعاليك العالم اتحدوا !!
- توضيح حول تحريم السيستاني للمسلسلات التركية
- السيستاني والمسلسلات التركية


المزيد.....




- وزير المهجرين اللبناني: لبنان سيستأنف تسيير قوافل إعادة النا ...
- تقرير حقوقي يرسم صورة قاتمة لوضع الأسرى الفلسطينيين بسجون ال ...
- لا أهلا ولا سهلا بالفاشية “ميلوني” صديقة الكيان الصهيوني وعد ...
- الخارجية الروسية: حرية التعبير في أوكرانيا تدهورت إلى مستوى ...
- الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا ...
- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - نذير الماجد - حفاظا على السلم الأهلي.. قدم استقالتك يا سمو الأمير