أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - هل سقطت ايديولوجيا الأسواق المفتوحة؟















المزيد.....

هل سقطت ايديولوجيا الأسواق المفتوحة؟


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 2578 - 2009 / 3 / 7 - 09:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الرّأسماليّة المعولمة والأسواق المفتوحة على مصاريعها, إضافة إلى السّياسات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسّياسيّة؛ المفروضة من قبل مؤسّسات دوليّة أو إقليميّة أو حتّى وطنيّة؛ هذه كلّها ليست ذات منشأ أو منزع ديمقراطي، وهي بالتّالي لن تكون قمينة بحلّ مشكلات عالمنا المعاصر بأشكال وأساليب ديمقراطيّة؛ تفتقدها العديد من المجتمعات التي تخضع أو أخضعت قسرا، لعولمة انفلتت من عقالها، وأفلتت معها العديد من الأسواق/الدّول أو الدّول التي تحوّلت بقدرة قادر الانفلات الوحشي إلى مجرّد أسواق، ليجري إلحاقها بالسّياسات الضّارة باقتصاداتها الوطنيّة وبالقوى الاجتماعيّة المهمّشة والضّعيفة في الأساس. وفي سياق هذه العمليّة غير التّاريخيّة لا من حسيب ولا من رقيب، وفي هذه الحالة لا الدّيمقراطيّة في مقدورها أن تحلّ إشكاليّات العولمة والأسواق، ولا هذه الأخيرة يمكنها أن تساهم في إنماء أو قيام ديمقراطيّة تحت إشراف ومراقبة النّاخبين أو من يمثّلهم.

وإذا كانت الأزمة الماليّة قد نشأت أساسا في دول ديمقراطيّة، فلماذا يجري الرّهان على حلّها أو تقع أعباء محاولات إيجاد حلولها الأساس على عاتق دول تعتبر في نظر أصحاب الأزمة لا ديمقراطيّة، بل هي سلطويّة إستبداديّة على ما ينظر إلى الصّين مثلا. أليس الرّهان هنا تحديدا على دور الدّولة أو دور للدّولة – تخلّت عنه الدّولة الليبراليّة الجديدة المعولمة – وتدخّلها في السّياسات الاقتصاديّة؟. وهو اعتراف مداور بدور الدّولة ومسؤوليّاتها؟. بلى .. إنّ الاعتراف بدور الدّولة بعد جحود، ومكابرة زائفة، وإبعادها وتخطئة تدخّلاتها وقيادتها الجزئيّة نسبيّا في السّياسات الاقتصاديّة، إنّ العودة إلى هذا الاعتراف – الاضطراري – ليس عودة يمكن الرّكون إليه، لتصحيح الاختلالات والسّياسات الخاطئة التي أدّت إلى نشوء الأزمة، بل هو الإجراء المؤقّت الّذي يذهب إليه بطاركة الأسواق والإدارات الإمبرياليّة الجديدة، لفكفكة تشابكات الأزمة ووضعها على سكّة الحل الّذي يؤمل أن يكون ناجعا، ومنقذا للأسواق وسياساتها مرّة.. وإلى فترة طويلة من الزّمن!!

إنّ أيديولوجيا الأسواق المفتوحة، وهي تعمل الآن على محاولة إنقاذ رأسها، والاستمرار بسياساتها، تنسى أو تتناسى أنّ انحرافاتها واختلالاتها الهيكليّة وأزماتها البنيويّة المحايثة، كان لا بدّ له من ملازمة نموّ رأسماليّة ماليّة؛ لم تعد ترى أو تنحاز إلاّ إلى هذا الشّكل من التّردّي الرّأسمالي كـ "نمط للتّطوّر"، ولإنماء مصالحها ومصالح أربابها بمعزل عن مصالح الشّرائح الهامّة الأخرى من الرّأسماليّة الصّناعيّة أو التّجاريّة أو الزراعيّة.. إلخ. وهذا تحديدا ما أدّى إلى انحياز الحكومات ونخب الطّبقات أو شراذمها السّياسيّة الحاكمة؛ إلى بوتقة مصالح ضيّقة، نمت بفضلها ثرواتهم استنادا إلى تزاوج مصالح السّلطة والمال، وذلك بفعل "مرور" تلك الشّرائح من الرّأسماليّة الماليّة التي لم تعد "تعمل" في الاقتصاد الحقيقي، أو تعيش حتّى في العالم الحقيقي، قدر "عملها" وتواجدها في عالم من "الاقتصاد الوهمي" أو عالم من أوهام الأرباح الخياليّة، الواردة إليها من أسواق غير سلعيّة وغير تجاريّة لا صناعيّة ولا زراعيّة، بل من أسواق اقتصاد وهمي، تشكّل الأسهم والبورصات فيه عماد وجوده الافتراضي الّذي أوصل العالم إلى حافّة المأزق الرّاهن.

المأزق الرّاهن هذا ليس مجرّد أزمة ماليّة يمكنها أن تكون عابرة، قدر ما تعكس أزمة الشّريحة الأعلى من الرّأسماليّة التي انفلتت من عقالها، بفضل العولمة ذات البعد غير الإنساني، والتي استمرأت واستمرّت في ممارسة نمط "إنتاج" غير منتج، اعتمادا على تضليلها النّاس وممارسة ضغوط على حكومات أو على نخب حاكمة، وإقامة نوع من "تكامل" غير مرئي مع سياسيين يعملون لمصلحة تلك الشّريحة من الرّأسماليّة الماليّة، وتقديم كامل التّسهيلات القانونيّة لهم، ما خلق نوعا من تبادل المناصب وليس تبادل المنافع فحسب، بين رؤوس الأموال ورؤوس السّياسة. ما حدا بمدير مكتب العمل الدّولي خوان سومافيا للتّحذير من أنّ الأزمة الماليّة قد ترفع أعداد العاطلين عن العمل في العالم من عشرين مليون شخص إلى 210 ملايين شخص في نهاية العام الحالي (2009)، بل يمكن لهذه الأرقام أن تتفاقم، وذلك بحسب تأثير الأزمة على الاقتصاد الحقيقي، مؤكّدا الحاجة إلى تحرّك سريع ومنسّق للحكومات للوقاية من أزمة اجتماعيّة يمكن أن تكون قاسية وطويلة وشاملة.

من هنا يمكن توصيف الأزمة الرّاهنة، بأنّها ليست مجرّد أزمة ماليّة عابرة، إنّها الأزمة البنيويّة الأعمق في تاريخ الرّأسماليّة، تلك التي تحوّلت في عصر عولمتها واحتكاريّتها وتغوّلها المالي المنفلت والمتوحّش، إلى نمط جديد من أنماط إمبرياليّة جديدة، تريد حلّ أزماتها ومشكلاتها الرّاهنة على حساب العالم، حتّى أطرافه الفقيرة في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينيّة، وهي التي لم تجلب لها الرّأسماليّة الأميركيّة خصوصا؛ سوى "هدايا" الفقر والمجاعات والحروب والصراعات الأهليّة. فأيّ ديمقراطيّة يمكن أن تنشرها رأسماليّة كهذه، وأيّة إصلاحات، وأيّ حقوق إنسان يمكن لها أن تتغنّى بها، بعد أن جرى شرخ كلّ معزوفاتها على مذبح "هنا الأزمة.. هنا نرقص" .. وأيضا نغنّي لـ "اشتراكيّة الأغنياء" المنقذة لهم.. ولهم فقط دون البقيّة الباقية من الآخرين، الّذين يشكّلون الأغلبيّة السّاحقة من بشر يكتوون اليوم بنيران البطالة والعطالة والفقر والمجاعة، كما اكتووا وكانوا يكتوون سابقا بنيران هي ذاتها المسبّبات التي نقلت "مجتمعات الرّفاهيّة" إلى عمق أعماق الأزمة الرّاهنة، فيما الدّولة كانت تبيع أدوارها ومسؤوليّاتها؛ لصالح القلّة التي تستنفر الآن معظم دول العالم، في مهمّة إنقاذيّة "مقدّسة" لإنقاذها هي نفسها أوّلا من نفسها.. الأمّارة بالسّوء.

وباستثناء الصّين واليابان إلى حدّ ما، نكون أمام انتهاء عهود النّمو القوي في آسيا، بعد أن دشّن انهيار النّمور الآسيويّة في السّنوات الأخيرة من القرن الماضي، بداية عصر انتهاء "المعجزات الاقتصاديّة" بعد أن ابتلعتها واستطاعت شفط نجاحاتها، تلك الرّأسماليّة المعولمة التي جعلت من العالم كلّه مراكزها الفاعلة؛ المراكز التي تتدفّق منها وإليها ثروات الاقتصاد الوهمي، الاقتصاد الّذي تشكّلت "عقيدته" من قبل كارتلات كبرى متعدّية للجنسيّة، فحواها ضرورة الاحتفاظ باحتياطات ضخمة من العملات الأجنبيّة، تحمل إلى الحكومات "بشرى" ضرورة الاستعداد على الدّوام للتّدخّل، لإنقاذ البنوك والمؤسّسات الماليّة المشرفة على الإفلاس. وذلك بالتّحديد ما قد يؤدّي إلى تحكّم مؤسّسات ودول استبداديّة باقتصادات دول ديمقراطيّة ومؤسّساتها الماليّة، وربّما تتجاوزها إلى مؤسّسات غير ماليّة، صناعيّة مثلا، فأين هو الإسهام الدّيمقراطي أو إسهام المؤسّسات الدّيمقراطيّة وآليّات ونواظم عملها في تقديم حلّ أو حلول يمكنها أن تنقل العالم من ضفاف الأزمة والمآزق المتناسلة منها، إلى الضّفاف الأكثر أمانا، ما يعيد إلى العالم توازنه، وإلى الاقتصاد الحقيقي ريادته في قيادة عمليّة التّطوّر التّاريخي، التي تقوم على أكتافها مهام إنماء دول وطنيّة/قوميّة، بعيدا من تحكّم تلك الشّرائح الإمبرياليّة الجديدة من رأسماليّات مالية معولمة، بينها وبين الدّيمقراطيّة بحار من العلاقة الضّدّيّة السّلبية التي لا تميل إليها، كونها بالتّأكيد سوف تعمل على الحد من قدرة انتشارها وهيمنتها على أسواق الاقتصاد الوهمي، فضلا عن الاقتصاد الحقيقي.

إن إحلال الاقتصاد المنتج محلّ اقتصاد المضاربين المتلاعبين بأموال الشّعوب والأمم، بل وبثرواتها على امتداد العالم، قد يكون مفتاح الحلول البعيدة المدى لأزمة عالمنا الراّهن اليوم، ومن أجل وضع حدّ لديكتاتوريّة المضاربين أولئك، وتنمية وضع تكون الغلبة فيه لديمقراطيّة عالميّة مؤسّساتيّا ودولتيّا ووطنيّا في مجالات الفكر والثّقافة والسّياسة كما الاقتصاد؛ وإلاّ فإنّ عولمة الرّأسمال المضارب عبر العالم، لن تنتج سوى المزيد من الأزمات التي تتناسل وتتفرّع من أزمة كبرى داخل الرّأسماليّة، قد تطيح شرائح أخرى من الّرأسمالية ذاتها، من الأهميّة استمرارها في "المرور" وفي "العمل"، كونها وفي النّطاق التّاريخي الرّاهن محفّز انبعاث الدّولة الوطنيّة ورافعة استنهاض الدّولة/الأمة.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو نقض الميح التدجيني / التبجيلي لنشيد السلطة
- اي مستقبل لاسرائيل واي هوية؟
- أي حوار مع -عقل- لا يقبل الحوار مع مختلف
- المطلق المعرفي ومحنة العلمنة المعرفية
- ضروة تخليق وتفاعل الثقافات وتحاورها
- الجمهوريات الملكية.. او خاصيات السلطة القدرية
- مأزق الرأسمالية المالية
- بوحداتها تنتصر الشعوب
- الشعب المزعوم والامة الموهومة
- في شرط بناء دولة الحداثة والمواطنة


المزيد.....




- لمعالجة قضية -الصور الإباحية المزيفة-.. مجلس رقابة -ميتا- يُ ...
- رابطة مكافحة التشهير: الحوادث المعادية للسامية بأمريكا وصلت ...
- كاد يستقر في رأسه.. شاهد كيف أنقذ رجل غريب طفلًا من قرص طائر ...
- باتروشيف: التحقيق كشف أن منفذي اعتداء -كروكوس- كانوا على ارت ...
- إيران أغلقت منشآتها النووية يوم الهجوم على إسرائيل
- الجيش الروسي يعلن عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف القوات الأوكر ...
- دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي س ...
- إيران... إسرائيل تهاجم -دبلوماسياً- وواشنطن تستعد لفرض عقوبا ...
- -لا علاقة لها بتطورات المنطقة-.. تركيا تجري مناورات جوية مع ...
- رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية تمنح بوتين بطاقة -الر ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد الشيخ - هل سقطت ايديولوجيا الأسواق المفتوحة؟