أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايمان صالح - ضفة ُ الفجر ِ














المزيد.....

ضفة ُ الفجر ِ


ايمان صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2558 - 2009 / 2 / 15 - 07:48
المحور: الادب والفن
    


جرسُ المنبه يرن...
افتحُ عينيّ بمشقة لاستكشاف الجلبة التي أيقظتني من غيبوبة الليل..
عقاربُ الساعة لا تكترثُ لغضبي وتواصل رقصها المستفز..
الشمسُ تستيقظ ُ من غفوتها وتبدأ بفك جدائلها الذهبية لتنسدل على النافذة الباردة..
دعواتُ امي تباركُ سكونَ الفجر.. (الله يحفظ العراق..)

جرسُ المنبه يرن...
أجلسُ في فراشي وأنا لازلت في نشوة النوم..
أتأملُ كلَ شيءٍ حولي..
هل يجبُ أن اذهبَ الى العمل اليوم ؟
الحمامة ُ تأخذ موضعَ المايسترو وتغني بشجن عراقيٍّ خالد..كوكوتي.. كوكوتي..
تتعالى زقزقة العصافير وهي ترقصُ وترفرفُ وتتغازلُ احتفاءً بنسيم صباح ِ العاشقين..
انه الرابع عشر من فبراير
يومٌ جديد في عُرفِ الزمان.. لكنه سيكون رتيبا كعهده.. فلا جديد
انهضُ من نومي وأتحركُ في أركان البيت هنا وهناك..
شقيقاتي يتحدثن بهمس وهن منهمكات في إعداد الإفطار..
يتصاعدُ بخار فنجان القهوة ليرسُمَ بعبقهِ ملامحَ وجه امي الحبيبة..
افتحُ المذياع... ( على شواطي دجلة مُرْ يا منيتي وكت الفجر...)

جرسُ الهاتف يرن...
يتصلُ رفيقُ العمل وصديقي العزيز ليقول بأنه لن يأتي اليوم لأنه يشعر بتوعك لكنه سيمر بي مساء ً لنسهر على ضفاف أبو نؤاس..
عبقُ الزهور يعانقُ ندى الصباح وهي تتأرجحُ في أحضان رياضها..
يتوقفُ باص المدرسة قرب النافذة الباردة ليقلّ أطفال الجيران..

جرس المنبه يصمت !!
سكـَتتْ سليمة مراد عن الغناء..
تلاشتْ ملامحُ امي مع رائحة القهوة..
توقفَ الكون حولي..
جرس العزلةِ يرن...
افتحُ عينيَّ بذهول !!
أقفزُ الى نافذتي الباردة..
الشمسُ لازالتْ في قيلولتها وهي تحتضنُ جدائلها..
العصافير تتثاءبُ في أعشاشها..
فارَقَ النومُ أجفانَ السكون وبقيَ يتسكعُ وحيدا في ظلمة الفجر، يرفعُ قبعتهُ بأناقة وينحني لي ليلقي التحية، كيف حالك يا رفيقي!
أتهاوى في أحضان كرسيِّ الخشبي الصَبورْ..
أشعلُ سيكارة ..
أتأملُ ضفتي البعيدة من نافذتي الثلجية..
تزدحم مشاهد كثيرة في رأسي..
(والله لو مدري شيصير ما أعوف الجكارة) ، هكذا كان صديقي العزيز الشهيد يسخرُ من نفسهِ ..
لا اصدقُ أني لازلتُ أدمعُ من دخان السيكارة بعد كل هذه الأعوام ..تباً
بقيتُ أحدقُ في ضفتي الاثيرية طويلا ً بحب يختلطهُ ألم الشوق والحسرة ..
أراها بوضوح يشوبهُ سراب الفراق..
أتوقُ لان أعدو نحوها وارتمي في أحضان مروجها واقـَبـِلُها بشفتيَّ العطشى لندى شطآنها المتلألئة..
احتضنـُها بعينين فارغتين وأضمها الى قلبي المتصدع..
بترابك ِ سأرممُ شروخ إناء الزهور الذي ضربَهُ سيفٌ قبضَتـُهُ الدهر ونصلهُ الظلم..
بشجونكِ سأكتبُ دواوين صبر ٍ مرصعة ٍ بشُهب العذاب فتـُبكي أيوبا ً عليه السلام..
بمائِك ِ العذب سأسقي زهُوركِ المتناثرة الثكلى وسألملمُها في إنائي الأنيق القديم..
كيف اختزلُ تلك المسافات التي تفصلني عنك ِ واعتصرُها لألقي بها في اللامكان ؟
كيف اهزمُ ذلك التنين الذي يستلقي عند مجرى النهر حتى قبل أن أكونْ ؟
لقد جردَني من كل شيء ولم يتبقَ لي غير التضرع الى السماء فقد تـُمطرني بسحابة موسى..
اغلقُ نافذة الروح لأفتح بوابة البيت الذي اقطنهُ منذ أعوام..
افتحُ صندوق البريد..
انه فارغ..
وهل للغربة عنوان ؟






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على حراب اسوار الوطن
- أحلام في قلعة النسيان
- من ايمان الى كمال سبتي
- تصريح للحياة
- ورقصنا معا
- نوارس دجلة
- مواعيد عرقوب


المزيد.....




- فيلم -الملحد- يُعرض بدور السينما المصرية في ليلة رأس السنة
- كابو نيغرو لعبدالله الطايع: فيلم عن الحب والعيش في عالم يضيق ...
- -طفولتي تلاشت ببساطة-.. عرائس الرياح الموسمية في باكستان
- مسابقة كتابة النشيد الوطني تثير الجدل في سوريا
- جواد غلوم: حبيبتي والمنفى
- شاعر يتساءل: هل ينتهي الكلام..؟!
- الفنان محمد صبحي يثير جدلا واسعا بعد طرده لسائقه أمام الجمهو ...
- عام من -التكويع-.. قراءة في مواقف الفنانين السوريين بعد سقوط ...
- مهرجان البحر الاحمر يشارك 1000 دار عرض في العالم بعرض فيلم ...
- -البعض لا يتغيرون مهما حاولت-.. تدوينة للفنان محمد صبحي بعد ...


المزيد.....

- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايمان صالح - ضفة ُ الفجر ِ