أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايمان صالح - أحلام في قلعة النسيان















المزيد.....

أحلام في قلعة النسيان


ايمان صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2283 - 2008 / 5 / 16 - 07:58
المحور: الادب والفن
    


نولدُ للحياة...
يولد معنا طيفٌ شفاف رقيق له ألوان قوس قزح... أرضه الأعماق وشعبه الأمنيات...
الحلم هو الحياة...
وهل للحياة معنى بلا حلم !!
رفيقا درب ٍ يلهوان ِ معا منذ الأزل وحتى يوم النشور...
حيثما وجـِـــدتْ الحياة ..كان الحلم يقف خجلا خلف جدران الواقع...

الطفل يحلمُ.. برائحة جسد امه وهي تضمه الى صدرها ، بهدية عيد الميلاد...
يعود منهكا بكتبه المدرسية ويحلمُ برائحتي السمك ( الزوري ) وخبز التنور البيتي التي تنبعثُ من ذلك الزقاق القريب ...

آدم يحلمُ.. بالقوة.. السلطة والمال.. بفينوس الجميلة...
حواء تحلمُ برومانسية الحب... الامومة...بعاشق ٍ صوفي يرقصُ في محراب هواها...
الشيخ يحلمُ.. بربيع ٍ ودَعَهُ منذ عقود... أبناءٌ وأحفاد يلتفون حوله ... بالجنة والغفران...

السيفُ يحلم بقبضة الأبطال...
الأ ُسُدُ تحلمُ بالفريسة ...والأخيرةُ تحلمُ بالأمان !!

رمالُ الصحراء تحلمُ بعناق ِ الغيث ...
وأنا...أحلمُ أن اعانقَ الرياض...

كلنا يرنو لذاك الهاجس الحريري الذي يداعب خشونة ليالينا...

مَنْ شربَ من دجلة والفرات يعلمُ معنى أن تـُجهضَ الأحلام وهي لازالت تنبضُ في أرحام الأماني...
بقي الحالمون يحدقون في سواد سماء ٍ صودر منها كل شيء.. حتى سحر لآليؤها المتوهجة...

تحقيقُ الأحلام ...
همسُ ليلة ٍ من ليالي شهريار...
رغباتٌ وأمان ٍ امتطت صهوة حصان جامح ...
رمادٌ يتطايرُ مع الريح ليرسمَ في الأفق ِ البعيد جناحَي طائر الفينيق...

كلنا يتطلعُ صوبَ مَنْ تفتحُ له الحياة ذراعيها وتحتضنهُ بدلا ً من أن تسحقهُ وترمي بحلمه الى هوّة الجحيم...
استسلمنا للقدر ورضينا زقوم الواقع حياة...

أنْ نفخرَ أننا عراقيون.. ولنا عراق.. هذا غرّة الأحلام.. لكنه سيبقى كتغريد البلابل في سرب جوارح !!
كلُ شعوب ِ الأرض يحتضنها وطن ...ونحن صار لنا سجنا ً و.. كفن !!

كل يوم أجتري مرارة الماضي بخيبة الحاضر ونحن نـُساق كالعبيد خلف نزواتِ طغاة ٍ ألقـَوا بأحلامنا خلف قضبان المستحيل...
بقيتْ الأحلامُ قابعة ً في تلكَ الزاوية المظلمة من قلعة النسيان...
سَخَرَتْ الأقدار من أحلامنا وحكمَتْ عليها أن تـُجلدَ كلَ يوم ألفَ جلدة بسوط الخذلان...
وقفَ القمعُ على باب زنزانتها...
اسمعُ وقعَ خطاه وهي تمزقُ سكونَ القلعة بذلك الصدى الرهيب ...
كان يرمقها كل حين بنظرة ٍ من شباك زنزانتها الصغير ...
لن تكون لك ِ أجنحة ً بعد اليوم...هذا ما كان يردده القمع وهو يبتسمُ ابتسامته الصفراء...

بقيتْ الأحلام ترتعشُ خوفا وفزعا...
لم تكن تقوى على مقارعة من أحالها الى كلمة ٍ في قاموس الهذيان...
أجهَدَها الخوف والانتظار...

بدأتْ تتفحصُ مثواها الأخير...
جدرانٌ باردةٌ موحشة...
هناك شيءٌ ما كــُتبَ عليها !!
حاوَلتْ أن تقرأ تلك الكلمات...لكن الظلام كان يملأ المكان إلا من خيط ٍ رفيع تسللَ خلسة ً من قمر أحزانها !!
اقتربتْ الأحلام قليلا من إحدى تلك الجدران...
فقرأتْ..
هنا أ ُخـر ِسَ صوتُ الحق... وبقي الظلمُ يتجولُ حرا ً طليقا في مملكة جالوت !!
هنا اختفتْ الفضيلة... وتنكرتْ بزيّها الرذيلة !!
هنا اغتيلَ المستقبل ...ولبسَ السواد ثوب القادم من الأيام !!
هنا توقفتْ الحياة...وبقي إكسيرها حبيسا ً في قارورة الشيطان !!
هنا انطفأ وهجُ الحضارة...وبقي الجهل يشربُ نخب النصر المبين !!

هنا وهنا و....هنا ...

انه في تاريخ السابع عشر من شهر الغدر من عام الثعبان...
تقرر إقامة مراسيم حفل إعدام كل ما هو جميل بمناسبة تتويج سيد المكان !!
العزّة والمجد لفارس فرسان الظلام...
هذا ما وَقـَـعـَـتْ عليه عينا الأحلام وقد كـُـتبَ بالدم على لوح ٍ كبير أضاءَ إحدى الزوايا رغم عتمة ووحشة الجدران!!

إذن لم أكن الاولى هنا.. ولن... أكون الأخيرة !!
بهذا تمتمت الأحلام...

أصواتُ المعاول لم تكن تبني سفينة نوح !!
وكم من مسمار ٍ دُقَ في الصلبان !!

سُلبتْ الأرواح ...
هُدرتْ الدماء ...
دُنستَ الأرض ...
تصدعتْ الأجساد...

ستبقى أحلامُنا في فزع ِ الإقامة ِ الجبرية داخلَ دهاليز مهرجانات الدم...

هل سترحل الأحلام مع الطيور المهاجرة ؟
أم تراها ستصمدُ على أعتاب بوابات الجحيم ؟
تقطعتْ بنا السُبل ولم يبقى لنا سوى ..أن نحلم..

أرى حلمي وهو يمتطي صهوة الأمل...
ربما سيعدو يوما ً كالمُهر ِ في مروج وطن ٍ جديد...

الحياة تمدُ لي ذراعيها للمرة الاولى بعد أن صفعتني مرارا ً...
بدأتُ أنجذبُ لضيائها كما الفراشة...
أخَـذتْ تـُـلوحُ لي بيديها لأتقدمَ نحوها...

لازلتُ متسمرة ً في مكاني...
هل ارتمي في أحضانها ؟
أيعقلُ أن تكون هاتان اليدان هما ذاتهما اللتان تخلتا عني فيما مضى وتركتاني وحيدة على قارعة الطريق ؟

هل ستكون تلك اليدان رقيقتان على جسدي الصغير؟
أم انها ستعصرني بكل قساوتها كما عهدتها ؟
مشيتُ نحوها بهدوء ٍ يمتزجهُ بركان شوق...
تقدمتُ بتردد...
تأملتُ ملامحَ وجهها !!
انها المرة الاولى التي أرى فيها وجه الحياة !!

بدأتُ أتفحصُ تلك اليدين واقـلِبُها باستغراب !!
إن لها أناملَ جميلة..رقيقة..
اذن هي ليست لها مخالب كما ظننت !!
ليست قاسية كالصخر كما عهدتها...
أحسستُ بنبضِها وبحرارةِ الدم الذي يسري في عروقها...
انها ناعمة ... حقيقية... هكذا بدأتُ اتمتم مع نفسي وكأنني فقدتُ.. ما بقي من.. عقلي ...
تظاهرتُ بالقوة لكن أنفاسي تهدجت...

لما لم تعانقيني من قبل ؟

ضَحِكتْ الحياة بقهقهة ٍ عالية مدوية وعادتْ تتكأ على عرشها المرصع ببلوراتِ أزمان أرى فيها قصة الانسان منذ بدء الخليقة...
ابتسَمتْ الحياة بهدوء وحنان واستطردت :
لان موعدكِ لم يكن قد أزف يا طفلتي الجميلة...

بقيتُ أتأمل وجهها .. حاولتُ ان ألملمَ شتاتَ نفسي و أجففُ بئرَ الحسرة ِ التي سكنت العين منذ عقود...
سبقتني الحياة ومدت أناملها الرقيقة بدلا عني وقالت مستغربة...
دموعك ِ ساخنة جدا يا طفلتي ؟ لابد انك ِ قد قاسيتِ الكثير...
أجهشتُ ألما ً وقلتُ لها : آه لو تعلمين كم أنا محتاجة ليديكِ هاتين...
عاودتْ الحياة بصوتها الحنون ...
لن أتخلى عنكِ بعد اليوم ...

ايمان صالح
12 أيار 2008
بغداد






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ايمان الى كمال سبتي
- تصريح للحياة
- ورقصنا معا
- نوارس دجلة
- مواعيد عرقوب


المزيد.....




- بالأسم ورقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- “استعلم عبر بوابة التعليم الفني” نتيجة الدبلومات الفنية برقم ...
- “صناعي – تجاري – زراعي – فندقي” رابط نتيجة الدبلومات الفنية ...
- إبراهيم البيومي غانم: تجديد الفكر لتشريح أزمة التبعية الثقاف ...
- بوابة التعليم الفني.. موعد إعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...
- البندقية وزفاف الملياردير: جيف بيزوس يتزوج لورين سانشيز في ح ...
- شاهد.. الفنانون الإيرانيون يعزفزن سمفونية النصر في ساحة الحر ...
- طلبة التوجيهي يؤدون امتحان -اللغة الإنجليزية-.. مروحة واسعة ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ايمان صالح - أحلام في قلعة النسيان