تاريخ الأهواز – عربستان - منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهنة، الفصل الخامس ، الحلقة الاولى

جابر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 2506 - 2008 / 12 / 25 - 10:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الموجز من تاريخ امارة كعب العربية :
يتناول الكاتب في هذا الفصل تاريخ امارة كعب بشكل موجز، ويسلط الاضواء على اهم الاحداث التي شهدتها هذه الامارة وهو هنا ينقل عن كتاب " ايران والقضية الايرانية " لمؤلفه اللورد كيرزن قوله: " ان العرب الكعبيين وكما ينقل عنهم جيرانهن بأنهم هاجروا بالاساس من السواحل الغربية للخليج العربي ، واستوطنوا الى جوار المستنقعات التي تشكلت بفعل تلاقي مجرى نهري الفرات و دجلة " شط العر ب " واصبحو فيما بعد جزء من الامبراطورية العثمانية ، عمل الغالبة العظمى منهم في تربية الماشية وخاصة تربية الجاموس ، وعند ما تحل سنوات الجفاف او يتعرضون للضغوط من القبائل الاخرى ، لم يكن امامهم من سبيل الا الهجرة من تلك المناطق الى مناطق اخرى " .
وحول هجرة الكعبيين الى اقليم عربستان – الاهواز - ينقل الكاتب ايضا عن كتاب " تاريخ بني كعب " لمؤلفه الحاج علوان بن عبد الله الشويكي الفلاحي قوله : " كانت قبيلة كعب فيما مضى تقيم في منطقة الحجاز " في الجزيرة العربية "، ثم ارتحلوا واستقروا في العراق ، بعد ذلك هاجروا عام 1095 هجرية قمرية بقيادة ناصر بن محمد بن علي بن يحيى بن عبد الله الكعبي الى منطقة الشوش ومن ثم اتنقلوا الى منطقة تعرف " بالقبان " والتي تقع بالقرب من سواحل الخليج وعلى امتداد نهر ابو خضر واستقروا فيها بشكل دائم " .
ولعل اول من سكن القبان من العرب هي قبيلة المطور، الا ان قبيلة كعب هاجرت اليها بعد ان استئذنتهم ، وقد حصل ذلك عام 1098 هجرية قمرية ، ثم انخرطوا في ممارسة اعمال الصيد الزراعة وتربية الماشية ، وبعد مدة توفي زعيم هذه القبيلة و هو الشيخ ناصر بن محمد اثر مرض الم به و ترأس القبيلة بعد وفاته ابناءه وهم كل من علي ورحمة وسرحان وعبد الله ، وفي بداية تولي الشيخ علي رئاسة القبيلة كخلف لوالده حصلت في عهده مصادمات بين قبيلة كعب والمطور وقد تمكنوا وبمساعدة قبيلة " البو عشيرة " من هزيمة المطور ، وان يستولى على اراض زراعية واسعة ، وعلى اثر هذه المصادمات آثر ت قبيلة المطور النزوح الى البلدان المجاورة ، مثل العراق والكويت و البحرين ومنطقة القطيف في الجزيرة العربية ، كما ان عدد منهم توجه الى اطراف ميناء معشور " ما هشهر " اما ماتبقى منهم سلموا انفسهم الى بني كعب انصاعوا الى ارادتهم .
ومع مرور الوقت استطاع علي بن ناصر ان يخضع ساير عشائر اقليم عربستان لحكمه وقد تمكن من اقامة السدود وذلك من اجل تطوير الزراعة وتوسيعها ، وقد عامل الشيخ على جيرانه بكل ود واحترام ، كما ابدى احتراما خاصا للشعراء والادباء ، ورغم ان الشيخ علي كان يعامل مواطنيه معاملة حسنة ، الا انه قتل على يد ابناء عشيرته ، وبعد مقتله تسلم رئاسة القبيلة اخية رحمة بن ناصر وقد قتل هو الآخر بعد فترة وجيزة ، وهنا لا بد من الاشارة الى مسألة على غاية من الاهمية وهي ان من الخصائص الثقافية لقبيلة كعب ، هي ان يكون حاكم القبيلة شعبيا الى درجة كبيرة ، وان ممارسته للحكم يجب ان تكون عبر الشورى وانهم لا يتحملون قط حاكم مستبد يتولى ادارة شؤون قبيلتهم . واذا ظهر زعيم من هذا القبيل وانحرف عن هذه التقاليد فانه سرعان ما يصفى جسديا من قبل افراد القبيلة نفسها ، وان هذا السلوك حسب رايهم السبيل الوحيد للتخلص من استبداد الحاكم المطلق وجبروته .
وبعد مقتل الشيخ رحمة تولى زعامة كعب من بعده اخيه الآخر الشيخ سرحان بن ناصر، وقد سار على نفس مسار اخيه في اقامة السدود وتطوير الزراعة ، وعمل جاهدا لحفر الترع والانهر وربطها بالخليج ، وكان هدفه من وراء ذلك هو جلب عدد كبيرمن المواطنين للاقامة وذلك من اجل زيادة الانتاج الزراعي ، وقد قتل الشيخ سرحان ايضا ، وتولى شؤون القبيلة من بعده شقيقه الشيخ عبد الله بن ناصر وفي عهده حدثت حرب طاحنة بينه وبين العثمانيين الذين كانوا يسيطرون على الضفة الغربية من شط العرب ، وقد استطاع وخلال هذه الحرب ان يسيطر على منطقة استراتيجية تسمى بمنطقة " كردلان " ومن ثم عاد الى مدينة القبان ، وامر بحفر عدة انهر متنفرعة من نهر كارون من بينها ، الرميلة ، موسى ، السماوه ، الهاشمي ، الشنبارة ، القجر ، عبد ربه ، ابو عاقولة ، نهر الخان ، الوسطانية ، عبد الواحد الخوين ، الخضرية ، الاسماعيلي ، عيدة ، حوران ... واسكن الى جانب كل نهر عدد من الفلاحين ، ليعملوا في الزراعة وتربية الماشية ، وكان الشيخ يرسل سنويا مندوبين عنه مهمتهم جمع الضرائب من هؤلاء الفلاحين ، وكان يقسم ما يحصل عليه من ضرائب الى قسمين، قسم يحتفظ به لنفسه و القسم الآخر يقسمه على ابناء قبيلته ، الا انه بعد مدة اختلف مع ابناء قبيلته و قتل هو الآخر عام 1135 هجرية قمرية شانه شأن اخوته الآخرين .
يقول المؤلف وبعد هذا التاريخ شهد اقليم عربستان ثورة ضد الاعتداءات الافشارية وقد قاد هذه الثورة شخص يدعى محمد خان البلوشي وقد اشترك في هذه الثورة جميع مواطني الاقليم بمافيهم قبيلة كعب وذلك برأسة زعيمهم الشيخ فرج - 1722- 1734 م ، وقد اثارت هذه الثورة غضب نادر شاه الافشار فارسل عام 1723 جلاده المعروف باسم حسين خان الى الاقليم وذلك بغية اخماد الثورة وبعد ان قمع بشدة عشائر آل كثير في منطقتي شوشتر ودزفول حاصر مدينة القبان واجبر سكانها على الاستسلام .
لقد واصل الشيخ فرج الله بن عبد الله امير كعب سياسة والده ، ألا انه قتل في حربه مع قبيلة المنتفك العراقية وبعد مقتله ، تولى زعامة القبيلة الشيخ طهماز بن خنفر بن سرحان وقد ثأر هذه الاخير لمقتل الشيخ فرج ، حيث تمكن من هزيمة قبيلة المنتفك وقتل زعيمها الشيخ محمد المانع ، وبعد حكم دام سنتين تولى زمام زعامة القبيلة شيوخ اخرين ، منهم عثمان بن سلطان بن عبد الله و سلمان بن عبد الله . وقد تمكن هذا الاخير من استلام زعامة القبيلة بعد ان تخلص وبمساعدة الشيخ عثمان من الشيخ طهماز ، ثم نشب نزاع على الحكم بين سلمان وعثمان فقام وجهاء كعب بعزل الاثنين و تنصيب بندر بن طهماز كرئيس لهم ، الا انه لم يمر الاشهرين حتى تمكن الشيخ سلمان من العودة الى الحكم ، وذلك بعد تمكن من قتل الشيخ بندر ، وبذلك اصبح سلمان - 1737 – 1768 اميرا على كعب ، ولم تمر الا فترة وجيزة حتى نشبت عام 1155 هجرية قمرية الحرب بين الدولتين القاجارية والعثمانية ، وقد استغل الشيخ سلمان الظروف الناجمة عن هذه الحرب ، وتمكن من تحرير" كوت الكردلان " من قبضة العثمانيين ، وبمقتل نادر شاه عدوهم الرئيسي عام 1160 هجرية قمرية تنفست قبيلة الصعداء واستطاعت من توسيع نفوذها وبسطه على كل اقليم عربستان .
مقتل نادر شاه الافشار وانقسام قبيلة بني كعب :
وحول انقسام قبيلة يقول المؤلف انه بعد مقتل نادر شاه عام 1747 م انقسمت قبيلة بني كعب الى قسمين وهم :
اولا : كعب البو ناصر .
ثانيا : كعب البوكاسب .
وفي عام 1677 م هاجمت كعب البوناصر منطقة الدورق – الفلاحية - والحقوها بهم ، من ثم انتقلوا للاقامة فيها ، ثم اصبحت المنطقة الساحلية من الخليج ، بدءا شط العرب الى المحمرة ورامز و هنديجان تحت سيطرتهم و بعد ان تمكن سلمان من الاتحاد مع امارات المشعشعيين ، وسع هذا الاتحاد ليشمل ما تبقى من الكعبيين وسائر القبائل العربية القاطنة في الجنوب الغربي من اقليم عربستان، بعد ذلك اصبح قوة سياسية تشكل خطرا حقيقيا يتهدد القوتين الاخرتين في المنطقة وهما كل من العثمانيين والبريطانيين .
ومع استقوى شوكت كعب في عهد سلمان وسيطرتهم على منطقة شط العرب فقد المشعشعيين
امتيازاتهم في فرض الضرائب الجمركية وحق الترانزيت على البواخر في منطقة شط العرب وعاد هذا الامتياز الى كعب ، وبذلك اخذت امارتهم تتوسع اكثر فاكثر . وسيطروا على مناطق واسعة تقع في الجنوب الغربي من اقليم عربستان ، لقد كانت هذه القبيلة في مرحلة من المراحل خاضعة لسيطرة النفوذ العثماني وفي مراحل اخرى لسيطرة النفوذ القاجاري ، ولهذا السبب استفادوا من الخلافات القائمة بين تلك الدولتين حول عائدية جباية الضرائب وامتنعوا من دفعها لاي منهما .
وعلى هدي حرب العصابات التي استخدمها القواسم الذين كانوا نشطين في جنوب الخليج شكل الكعبيين قوة فدائية فاعلة ، تم ارسالها الى مياه الخليج وذلك من اجل مهاجمة البواخر الاوروبية التي تبحر في مياهه والاستيلاء على حمولتها ، وبذلك استطاع الكعبين تامين طرقهم ومعابرهم البرية والبحرية ، وبأيجاد منطقة تجارية نشطة بين الدولتين العثمانية و القاجارية .
وفي عهد سلمان امتلك الكعبيين قوة بحرية عظيمة تم تسليحها بمختلف انواع الاسلحة بمافيها المدافع . وبامتلاكهم هذا القوة استطاع الكعبين ان يصبحو في عهد سلمان اسياد الخليج دون اي منازع ، وبالاضافة الى صيد الاسماك ،كانوا يتاجرون باللؤلؤ ويصدرونه الى اقصى بلاد الشرق ، واصبحت منطقتهم مركزا تجاريا هاما في شرق المحيط الهندي وغرب البحر الابيض المتوسط ، وقد استفاد الكعبيين في حربهم مع البواخر الاوربية الرقيبة من اسلوب الكر والفر وهي على طريقة الحروب التي كان يستخدمونها على اليابسة ، لقد خاضوا في مواجهتم السفن الغربية وعلى امتداد سواحل الخليج اسلوب حرب العصابات منزلين اشد الضربات بسفن البدان الغربية كالبرتغاليين و البريطانيين والفرنسيين ، وكانوا يتصدون لهم عبر شتى الاساليب ويحولون دون تقوية نفوذهم في مياه الخليج .
وفي تلك المرحلة مر احد السواح الاوربيين من هذه المنطقة وسجل انطباعه قائلا : " لقد كان هدف القراصنة البحريين في الدرجة الاولى هو منع المستعمرين البرتغاليين و الحد من نفوذهم وكانت المجاميع الآنفة الذكر تسعى ان تطهر الساحل الخليجي من وجود مثل هؤلاء الضيوف الثقلاء " .
وهنا ايضا لابد من الاشارة انه عندما قدمت بواخر البريطانيين الى هذه المنطقة ، اعلن ان الهدف من مجيئها هو تنظيم الملاحة البحرية و الحد من عمليات التهريب وتامين سلامة النقل البحري ومنع التجارة بالرقيق ، وفي اعقاب الحرب العالمية الاولى 1914-1918 تمكنت بريطانيا من اقناع المجتمع الدولي على الموافقة على سياستها المتبعة في الخليج وقد انعقد انذاك مؤتمرا يسمى مؤتمر " سن جرمن " للموافقة على سياتها تلك .
بهذا انتهت الحلقة الاولى من الفصل الخامس و تليها الحلقة الثانية وعنوانها الخليج العربي في عهد الشيخ سلمان الكعبي 1737 - 1767 .
تاليف : موسى سيادة
عرض وترجمة : جابر احمد
مصادر بحث هذه الحلقة :
1- تاريخ بني كعب ، تأليف الحاج علوان بن عبد الله الشويكي الفلاحي .
2- الاللورد كريزن ، ايران و القضية الايرانية .

#جابر_احمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات