أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - الحرية والمساواة في فكرالكواكبي















المزيد.....

الحرية والمساواة في فكرالكواكبي


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 2496 - 2008 / 12 / 15 - 03:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عبد الرحمن الكواكبي , هو احد الإصلاحيين , الذين سعوا الى توحيد صفوف الأمة , ونادوا بالحرية وحقوق الإنسان , وفضحوا المستبد واعوانه الظلمة على رؤوس الإشهاد , وحاولوا كذلك اعطاء الصورة الواضحة للإسلام , ونبذ كل ما هو غريب وهش , ولا يخضع لقوانين العقل والمنطق والفطرة السليمة التي فطر الإنسان عليها , حيث ان الدين الاسلامي اول من نادى بالحرية وحقوق الإنسان , واكد على العدالة والمساواة , وبان الناس جميعهم سواسية كاسنان المشط . ودعا الى نبذ العنف وهضم حقوق الاخرين وان الجميع يعيشون بسلام ووئام ,بعيدا عن العبودية وهدر الكرامة من قبل المستكبرين والطواغيت . وكان على راس هؤلاء المصلحين , جمال الدين الافغاني , محمد عبده , والشيخ النائيني , وخير الدين التونسي وابن النديم , وامثالهم كثير لا يسع المجال لذكرهم .
مسيرة حياته
كان مولد الكواكبي سنة 1849 ميلادي لأسرة حلبية معروفة , ذات منزلة اجتماعية , وقد تلقى تعليمه في مدينة حلب , في المدرسة التابعة لاسرته والتي كانت تسمى ,(المدرسة الكواكبية) اذ بدا بحفظ القرآن وتعلم اللغة وقواعد النحو والفقه , وكان الكواكبي منذ بداية شبابه ميال الى الثقافة والتطلع والمعرفة , فاخذ ينهل من جميع الثقافات , فيميز بين الغث والسمين , والصالح والطالح , ولا سيما الثقافة الغربية فقرا الفلسفة والعلوم السياسية , ومال اكثر الى الرياضيات فضلا عن القانون وبالخصوص قانون الدولة العثمانية ,ولهذا التنوع استطاع ان يبني لنفسه ايديولوجيا خاصة به في الاتجاه الديني والسياسي , وتعلم اللغتين التركية والفارسية حتى اتقنهما , وكان يجيدهما بطلاقة , الأمر الذي جعل ان يعين مترجما ومحررا في صحيفة (الفرات) وكان عمره انذاك سبعة وعشرون عاما , وقد استمر بالعمل في الصحيفة مدة خمس سنوات , فما لبث ان استقال من منصبه ليؤسس صحيفة , يكون هو مشرفها العام , وذلك عام 1876 و ثم بعدها اسس اخرى عام 1879 , واطلق عليها (الاعتدال) , اذ ان الحكومة القائمة حين ذاك قد امرت بغلق الصحيفة الاولى , ثم ما لبثت ان اغلقت الثانية, على الرغم من كون الصحيفتين لم تحمل اسمه , اذ ان الكواكبي قد جعل اصحاب امتياز هذين الصحيفتين باسم اصدقائه , تمويها على السلطة لانه كان يلاقي مضايقات شديدة من قبل الحكومة , نتيجة لاراءه المناوئة والمناهضة لها , فضلا عن مواقفه الوطنية واقواله العلنية في نقد الحكومة , وكون طابع الصحيفتين كان يندد بالظلم والطغيان ويدافع عن حقوق الضعفاء . لقد شغل الكواكبي مناصب عديدة منها عضوية , واخرى فخرية , فقد شغل منصب عضو فخري للجنة المنافع العمومية ومدير لاجراء حلب ورئيس لغرفة التجارة والصناعة والزراعة بها . الى غير ذلك من المناصب التي لم يكن مؤمنا بها , بقدر ايمانه في الدفاع عن المظلومين والمستضعفين , حتى انه هجر قسرا من مدينته التي احبها وتربى بها , ليستقر في مصر , وعمل هناك اعمالا حرة حتى خسر الشيء الكثير نتيجة المضايقات , واخيرا سجن بتهمة الخيانة واودع السجن , حيث انه اول حلوله مصر انخرط مباشرة في الثقافة وانضمامه عضوا في جمعية ثقافية , وراح ينشر المقالات في الصحف المصرية .
وقد غادر مصر متوجا الى السودان وسواحل افريقيا الشرقية , فالهند وشبه الجزيرة العربية , وقد اتصل بالعديد من الشخصيات العلمية والدينية والثقافية . ونتيجة لهذه المواقف الوطنية والدينية والسياسية والاخلاقية ,دفع الكواكبي الثمن غاليا , حيث دس له السم فمات عام 1902م , لتنطوي بذلك صفحة مشرقة من حياة هذا المصلح الكبير(راجع مقدمة كتاب طبائع الاستبداد طبعة الجزائر عام 1978 م) .
طبائع لاستبداد
وهذا الكتاب الذي طبع طبعات عديدة , هو عبارة عن مقالات كان ينشرها في الصحف , وقد جمعها فيما بعد في كتاب حمل هذا العنوان , والكتاب رغم مرور اكثر من مائة سنة على تأليفه , فانه يعد حديث في جودته ونقاوته , ودسومة مادته لان الموضوع الذي يعالجه لا ينتهي ولن ينتهي , وهو موضوع الاستبداد , والذي له جذور ضاربة في عمق التاريخ . فلقد استطاع الكواكبي ان يسلط الضوء على ظاهرة المستبد ويعالجها معالجة موضوعية , مع شرح وافي ومعمق , وقد اعطى البحث حقه , حيث حلل شخصية المستبد واعطى الخطوط العريضة لادراك معالمها وفك رموزها , والتعرف عن كثب على سايكولوجيتها , والنمط الذي تسير عليه وفق مدلولاته .
ما هو الاستبداد ؟
يعرف الكواكبي الاستبداد من وجهين : أولا
لغة: هو غرور المرء برايه والانفة عن قبول النصيحة والاستقلال في الراي وفي الحقوق المشتركة.
ويؤكد الى اطلاق هذا المفهوم يراد به الحكومات القائمة لانها اعظم مظاهر اضراره التي جعلت الانسان يشقى ويتعذب في الحياة , ويعيش الشجون على طول الطريق .
ثانيا : اصطلاحا ويعرفه بانه : تصرف فرد او جمع في حقوق قوم بالمشيئة وبلا خوف تبعه .
ويقول ان الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان , فعلا او حكما التي تتصرف في شؤون الرعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محققين , فيقتل ويسجن وينهب اموال , ويتلاعب في شؤون الملا بما يحلو له دون وازع من ضمير . وهذا الحاكم المستبد انما يستولي على الحكم بالغلبة او الوراثة , ولا يتنازل عن عرشه الا بموته او بقتله على يد مستبد اخر من امثاله , ليتولى بديله الحكم .
ويؤكد الكواكبي بان هناك مراتب للاستبداد , وهي : حكومة الفرد المطلق , والوارث للعرش , والقائد للجيش , والحائز على السلطة الدينية , وربما اشدهن هذا الأخير . ويعلل اسباب ذلك بالقول : ان الحكومة و من أي نوع كانت لا تخرج عن وصف الاستبداد , ما لم تكن تحت المراقبة الشديدة والاحتساب الذي لا تسامح فيه , ولا اعرف ماذا يقصد بالمراقبة , من الذي يستطيع ان يراقب الحكومة المستبدة , وان راقبها , هل يستطيع ن ينقذها ويقول لها هنا مكامن الخطأ فيك .
ويذهب الى ان رد المستبد يتحكم في شؤون الناس بارادته لا بارادتهم ويحكم بهواه لا بشريعتهم . ويعلم من نفسه انه الغاصب المتعدي فيضع كعب رجله على افواه الملايين من الناس ويسدها عن النطق بالحق والتداعي لمطالبته . ومثل هؤلاء كثر امثال الحجاج بن يوسف الثقفي , وتيمور لنك , واتاتورك , واستالين , وهتلر , وصدام واضرابهم . وربما الذي فعله هذا الاخير يتجاوز حتى الوصف .
الاستبداد والدين
وظاهر هاتين الكلمتين انهما نقيضين , وان النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان و لكنهن , هنا قد اجتمعن وقد بين ذلك الكواكبي , حيث يذهب الى ان الاستبداد السياسي متولد من الاستبداد الديني . وربما سبب ذلك ان المستبد كان يتظاهر بالتدين ,لكنه حينما يستولي على الحكم ينقلب الى ذئب بعد ان كان حمل وديع , وأحيانا يبقى متلبسا لباس الدين , لكنه يحكم حكم الشيطان , ويعمل عمل اهل الفجور والطغيان , وان لم يكن ذلك ظاهر عليه , ويعمله بخفاء ومكر وحيلة , الم يكن صدام قد فعل (الحملة الإيمانية) والتي اصطاد فيها المؤمنين واودعهم السجون , وقتل واغتال منهم الثلة الخيرة .
يقول الكواكبي (ما من مستبد سياسي الى الآن ويتخذ له صفة قدسية يشارك بها الله او تعطيه مقام ذي علاقة مع الله) فالمستبد يريد من وراء ذلك ان يضفي الصفة الشرعية الى حكوته , ويوسمها بسمة الدين كي لا يستطيع نقدها احد او يعارضها احد , مهما تكن منزلة ذلك المنتقد الاجتماعية او السياسية , او حتى الدينية وان فعل ذلك فهو بمنزلة المعترض على الله .
بل , ان هناك مقارنة بين الاستبداد السياسي والديني , كما يؤكد الكواكبي , وان هذه المقارنة لا تنفك و متى وجد احدهما وجد الاخر ومتى زال زال الاخر لان التاثير الديني اقوى من السياسة اصلاحا وفسادا , وعلى ذلك شواهد كثيرة لا تخفى على العاقل اللبيب , والمتتبع الدقيق .
ويوضح الكواكبي ان الاستبداد قد اخفى تاريخ الاديان , وشوه الكثير من الحقائق وطمس الكثير من المظالم , واطبق عليها ظلام مدلهم , وقد شوه في المسلمين تاريخ اهل البيت .

الاستبداد والعلم

يشير الكواكبي الى ان المستبد , مهما بلغ من شدة الجهل والغباء والعتو , الا انه يعلم , علم اليقين , بان الرعية اذا ما ساواها الجهل والامية فسوف تخضع , وتنقاد اليه ولا تعصيه في امر او راي , لذلك فان المستبد هذا يستغلهم ويحاول ان يقتادهم الى صفه , ويتركهم يتخبطون تخبط عشواء وعلى نار هادئة .
والمستبد دائما ما يخشى العالم , ويخاف العاقل اللبيب , والمتنور الحاذق , الذي يدرك الامور قبل حدوثها , ويقرا المستقبل بطالع الحكمة والمعرفة , فغالبا ما يجعل الاغبياء والسذج من الرعية في مناصب عليا في دولته
ويبعد اولئك العقلاء المتمرسين , اصحاب الفكر الوقاد , والقلم البارع , واللسان الفصيح والعقل المتنور , وليس هذا حسب , بل انه يحاربهم ويضيق عليهم المسالك ويشد الخناق , وينغص عيشهم , فيعيشوا دائما في فقر , حتى يشدوا الرحال الى بلدان نائية ودول بعيدة , واوضح مثال على ذلك ما فعله مستبد العراق صدام حسين , الذي هجر آلاف المفكرين والمثقفين والعلماء وسكنوا خارج البلاد , حتى عاشوا الغربة هناك في بلدان اجنبية حتى سقوطه في التاسع من نيسان 2003 والخلاصة كما يقول الكواكبي ان الاستبداد والعلم ضدان متغالبان , فكل ادارة مستبد تسعى جهدها اطفاء نور العلم .



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد الحكومة
- العولمة ومستقبل الانسان
- العراق في ظل ايديولوجيا الحزب الواحد


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - الحرية والمساواة في فكرالكواكبي