أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - هكذا كنا... فكيف أصبحنا....














المزيد.....

هكذا كنا... فكيف أصبحنا....


ثائر العذاري

الحوار المتمدن-العدد: 2464 - 2008 / 11 / 13 - 06:36
المحور: الادب والفن
    


لم أتعود أن أكتب في غير تخصصي الذي أحبه وهو الدرس الأدبي أو النقد بمفهومه العلمي، غير أن ظواهرَ تستوقفني بشكل يومي دعتني واضطرتني إلى كتابة هذا المقال الذي أتمنى أن يفهم على أنه صيحة ضيق واستنكار لما وصل اليه التعامل مع اللغة الأدبية من تساهل فج خصوصا في النشر الألكتروني.
في أول الثمانينات كان لقائي الأول مع استاذي الذي تشرفت بالتتلمذ على يديه الدكتور علي عباس علوان أطال الله في عمره ومده بالصحة والعافية، الذي عملت في الماجستير والدكتوراه تحت إشرافه، كان رجلا، مع تلقائيته الشديدة ومودته المفرطة، مهيبا لا يمكن أن تتحدث معه من غير أن تتلعثم أو ربما تنسى ما كنت تريد الحديث عنه، ويصدق عليه قول الفرزدق:

يغضي حياءً ويغضى من مهابته فما يُكلّم إلا حين يبتسم

تشجعت قليلا وقررت مفاتحته في رغبتي بالعمل معه في موضوعي للماجستير الذي كان عن الشعر العراقي الحديث، فكانت بيني وبينه جلسة طويلة ما زلت أعدها دستورا لحياتي العلمية.
قال: (ولدي) – هكذا يناديني حتى الآن لدرجة أني بت أشعر أني أحد أبنائه حقيقة- لا تظن أن الدرس الأدبي أمر يسير، فهو درب شاق، فلكي تكون دارسا للأدب يجب أن يكون وعيك باللغة أشد من وعي الأديب، فالدرس الأدبي يتطلب منك أن تكون عالما باللغة والنحو والصرف والبلاغة وعلوم اللغة الحديثة من ألسنيات وأسلوبيات وصوتيات وعارفا بالفلسفة والسياسة والاقتصاد.
ثم حدثني عن الجواهري شاعر العرب الأكبر بوصفه مثالا للأديب العراقي المعاصر، وقال كيف ستدرس الجواهري الذي لا يجرؤ متخصص بالنحو أن يقول له لقد أخطأت يا أبا فرات لعلمه الجم بأسراره وشواذه وشواهده وأوجهه.
مدّ يده إلى درج مكتبه وأخرج ورقة أمسكها في يده وهو يواصل حديثه: لتكون دارسا للأدب يجب أن تتوفر لديك ثلاثة شرائط، أولها أن تجيد لغة أجنبية عالمية وثانيها أن تكون لديك موهبة القدرة على التأمل وثالثها أن تتدرب على يد ناقد معلم، خذ هذه الوصفة ستعينك. وناولني تلك الورقة. كانت عبارة عن قائمة بستين كتابا من كتب التراث العربي النقدي وكتب النقد الحديثة، منها الصناعتين للعسكري ونقد الشعر لقدامة وعيار الشعر للعلوي وميادئ النقد الأدبي لريتشاردز وقواعد النقد الأدبي لكرومبي ونظرية الأدب لويليك وأسس الفلسفة الماركسية.........
قال اقرأ هذه الكتب ثم تعال، وفي الحقيقة كنت قد قرأت عددا منها من قبل لكني أعدت قراءتها إكراما له خاصة أني أحسست أن هذه الكتب الستين يمكن أن تكون نظاما معرفيا فريدا عندما تكون معا في مثل وصفة الدكتور علي عباس علوان، ومنذ ذلك اليوم لازمته ملازمة الظل وأنا مدين له بكل ما أعرف الآن.
و زبدة القول التي أردت الوصول إليها من هذا الذكر الطيب لناقد كبير ما زال يرفد الحياة العلمية بفكره النير، هي نظرة مثل هذا العملاق إلى الصورة المفترضة للأديب.
أين هذه الصورة من ما نراه اليوم على صفحات الجرائد وما نرى من أضعافه على صفحات النت من أخطاء فاحشة في النحو والاغة وحتى الإملاء من أقلام تعد اليوم أقلام جهابذة الأدب ونحارير الشعر، كما يرى من يكتبون لهم التعليقات على نصوصهم التي يدعون أنها فتوح في عالم الأدب اليوم.
لقد أصبح من الشائع أن يلحق الكتاب ياءً بتاء الفاعل عندما يخاطبون مؤنثا فيقولون كتبتي بدلا من كتبتِ، ويكتبون لكي بدلا من لكِ بل يلحقون الياء بكل ما يريدون الدلالة به على التأنيث.
أما الهمزات فحدث عنها ولا حرج إذ تكاد قواعد كتابة الهمزة أن تنسى ونمّحي من الأذهان. وقل مثل ذلك عن الأسماء الستة والأفعال الخمسة وإعراب المثنى وجمع المذكر السالم والممنوع من الصرف وإعمال الأسماء المشتقة و...و...
هل علينا -نحن دارسي- الأدب أن نترك البحث في دلالات النص وإيحاءاته وإحالاته ومرجعياته، نضرب عن متابعة التكنيكات والانزياحات، لنتفرغ لتصحيح الإملاء والنحو؟!
ألا ترى معي أيها القارئ الكريم أننا جميعا في مأزق ثقافي حرج، هذا الاستسهال المؤذي لركوب مراكب الأدب سيؤدي في النهاية إلى غرقنا جميعا، فمراكبنا لا تتحمل هذا العدد الكبير من الركاب، فضلا عن أن أكثرنا لا يجيد مبادئ السباحة ولا نقدر عواقب الغرق.
أستاذي الذي أكن له كل الحب والتوقير والاعتراف بالفضل يشغل اليوم كرسي رئاسة أكبر جامعة عراقية هي جامعة البصرة، ولهذا فهو منشغل بالعمل ليل نهار ومن المؤكد أن هذا المنصب يبعده قليلا عن توتر كبير كان سيصاب به لو كان متفرغا لمتابعة ما يكتب من أدب في يومنا هذا.



#ثائر_العذاري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفن والتاريخ / حول مسلسل الباشا
- الموت والحياة في شعر محمود درويش
- تقديم لمجموعة القمر المنشور القصصية
- بلند الحيدري وأزمة الإنسان المعاصر
- القافية.. حقيقتها ووظيفتها - القسم الأول
- شعراء الكيس
- قطار محمود درويش الساقط من الخريطة منذ ستين عاما
- مقتل سحر وموهبة ميسون أسدي
- الواقعية الشعرية في النص المفتوح – إشارات أولية / أشرعة الهر ...
- مناحة نبيل ياسين على بلاد الرافدين
- الفضاء الفاعل في نصوص خالدة خليل
- علم الأدب
- في البلاغة الرقمية
- البطولة في الوعي العربي /حول مسلسل (باب الحارة)
- من أجل توضيح التباس القصد في عصر المعرفة الرقمية
- عصر المعرفة الرقمية
- سوق النساء أو ص.ب 26
- في التشكيل الشعري
- (السرد الخفي وتنميط العالم) تأملات في أدب الأمثال
- القافية بين التراث والمعاصرة


المزيد.....




- مصر.. رفض دعاوى إعلامية شهيرة زعمت زواجها من الفنان محمود عب ...
- أضواء مليانة”: تظاهرة سينمائية تحتفي بالذاكرة
- إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
- قضية اتهام جديدة لحسين الجسمي في مصر
- ساندرا بولوك ونيكول كيدمان مجددًا في فيلم -Practical Magic 2 ...
- -الذراري الحمر- للطفي عاشور: فيلم مأخوذ عن قصة حقيقية هزت وج ...
- الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة بوليتزر للتعليق الصحفي ع ...
- رسوم ترامب على الأفلام -غير الأميركية-.. هل تكتب نهاية هوليو ...
- السفير الفلسطيني.. بين التمثيل الرسمي وحمل الذاكرة الوطنية
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر العذاري - هكذا كنا... فكيف أصبحنا....