أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصباح الحق - عدالة قسمة الإرث الربانية في الميزان















المزيد.....

عدالة قسمة الإرث الربانية في الميزان


مصباح الحق

الحوار المتمدن-العدد: 2456 - 2008 / 11 / 5 - 08:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المجتمع العربي الصحراوي بخصائصه الذكورية لا يعير أي اهتمام لما يسمى من باب الهرطقة بالعدالة والمساواة بين حقوق المرأة- كبشر- والرجل –كوحش ضاري- حيث يتكئ هذا المجتمع العجيب على كتاب تجاوزته كل معايير التحضر والرقي. وذلك الكتاب أذل المرأة أيما إذلال لدرجة أننا أصبحنا لا نفرق بين أكياس القمامة الثابتة منها والمتحركة.

في المجتمعات الغربية، هناك ضرب من العقود "القانونية" يسمونه (عقد معايشة) Cohabitation الذي يحدد بتفصيل (ممل للشرقي) حقوق المعنيين في العقد، وعادة ما يكون بين رجل وامرأة جمعت المصالح المشتركة الإلفة والمحبة من بين أشياء أخرى بينهما؛ فقررا العيش معاً تحت سقف واحد مليء بظلال الصدق والشفافية والاحترام والواجب البشري تجاه بعضهما (موبقات غريبة ومنفرة بالنسبة لنا). عادة ما تستمر تلك العلاقة بين الطرفين المتحابين والمتفهمين لسنوات عديدة خالية من أمر "الضرب" ومواضيع "السفور" وحقوق الميراث "الصحراوية"، لأن جوهر الأساس قائم على إدراك معرفي حضاري بأن كلُ مسئول عن "زبيبته" بالعرف البشري العادل.

أما في مجتمعنا، فإن أي شرارة تقدح في مجال حقوق المرأة قد تتسبب في تذكية نيران جهنم وإخراج الشياطين من أوكارها وتفجير البراكين بدرجات لا يرصدها مقياس ريختر Richter Scale. ولنا في المغرب دلالة على ما نقول، حيث توجهت السيدة امينة المريني، عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، بكل جراءة وشجاعة أملتها عليها الحياة المعاصرة بدعوة إلى المساواة بين المرأة والرجل في كل شيء بما في ذلك الإرث.

وهذا الأمر أثار حفيظة الشيخ الداعية عبد الباري الزمزمي، عضو مجلس النواب، المنتمي لحزب النهضة والفضيلة ذي المرجعية الإسلامية - حفظه الله- مما هيجه للقول بأن مسألة المطالبة بالمساواة بين المرأة والرجل في اقتسام الإرث، «بأنها وقاحة واعتداء على المجتمع المغربي المسلم في أقدس شيء عنده، وهو دينه» ( http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=4&article=491095&issueno=10916 ). بينما الكل يعرف بأن المغرب - مثل كافة الأمصار وبدون استثناء- تم أسلمته بسيف ذو الفقار والقاطع والبتار الذي حمله البربري طارق بن زياد إلى جارته والتي تعافت عبر القرون من وخزاته وأمسى اسمها الفردوس المفقود. وبالطبع، أصبح الدين الغازي والمحتل أقدس شيء لدى المستعرب المغربي، فهذا الشيخ الجليل لم يتوانَ أبداً عن التصدي لهذه الغارة الغربية والغريبة عن مجتمعنا الشرقي-الصحراوي وقام بكل جلالته بوطء القيم الأخلاقية العصرية والعادلة والراقية التي تجسدها دعوة السيدة المريني، وادعى- وقاحةً واعتداءً- على أن هكذا دعوة ضلال وكفر، بدلاً من النظر بموضوعية وحيادية لدور المرأة (نصف المجتمع) في الحياة المعاصرة وإنتاجها وكرامتها وحقوقها المدنية.

ولتكتيم الأفواه، زج الشيخ بالخطوط الحمراء في موضوعه وقال: «هذه الدعوة نابعة عن جهل بالشريعة الإسلامية، لأن قسمة الميراث قسمة ربانية، تولاها الله بنفسه، فالذي يطالب بتغيير هذه القسمة، لا بد أن يكون جاحدا للقرآن الكريم، ولا يعترف بأنه كلام الله عز وجل، ولا يمكن لمسلم أن ينتقد أحكام الشريعة الإسلامية التي ثبتت بنصوص قطعية مثل نصوص الميراث». انتهى. ونحن نقول ما دام القرآن هو مصدر التشريع الأول لدى الأحباء المسلمين، لنا أن نفترض أنه لا يوجد خالق يدعي العدل بين مخلوقاته يمكن له أن يسهو (وهو لا تأخذه سنة ولا نوم) في القسمة والتوزيع بحيث يسفر عن فائض "حسابي" لا نعرف كيف نتصرف به لو أخذنا بالتقسيم القرآني الصرف دون اللجوء للتحايل بأحكام استخرجها الفقهاء لسد الثغرات وشرح ما لم يذكره الله (ولا يُسأل عما يفعل وهم يسألون).

ولتبرير عدم المساواة الواضحة للعيان، فقد تكرم الشيخ بالقول بأن الذكر مسؤول عن الإنفاق على والديه وزوجته وأبنائه، بينما المرأة معفاة من كل تلك التكاليف، ولذلك فإن العدل يقضي بأن تكون القسمة كما وضعها القرآن الكريم، «فإذا أعطينا الأنثى عطاء متساويا مع الذكر، ثم ألزمنا الرجل بالنفقات المذكورة، وأعفينا المرأة فهذا هو الظلم بعينيه». ونحن نرى أن أغلب من يحنو على الأباء والأمهات هم البنات وليس الذكور، وهذه النقطة جدلية وشخصية للغاية ولا يمكن تعميمها مثلما تفضل الشيخ الوقور، والمرأة اليوم تعمل حتى في مراحل الدراسة وتعيل الأسرة وتتكاتف مع أعضائها للتذليل من عبء النفقات المعيشية وغيرها، فهي بالتالي غير مقصرة على الإطلاق من ناحية النفقة والصرف. بل هناك الكثير من الذكور يتطلعون للزواج من امرأة تعمل ولديها راتب ثابت ومستمر، وأغلب القوة العاملة المتغربة عن الأوطان هي من الجنس اللطيف مثل العاملات في دول الخليج والدول الأوروبية، فالممرضات الفلبينيات والصينيات يملئن المستشفيات على سبيل المثال، وكذلك الحال مع خادمات البيوت ومربيات الأطفال، وكلهن في الغربة لإعانة الأسرة في الوطن، فأي فرق يقيمه الشيخ بين مخلوقات الله في هذا العصر بالتحديد ببساطة شديدة ألا وهي التقسيم الرباني غير العقلاني والخالي من العدل، حتى وإن قال الشيخ بأنه "بالرجوع إلى قسمة التركة في الإسلام نجده [الله] سوّى في بعض المواطن بين الذكر والأنثى، وجعل للأنثى نصف ما أعطاه للذكر، وأعفى الأنثى من التكاليف التي أوجبها على الذكر وحده». لغو لا داعي له.

لن نختلف مع من يقول أن الإسلام نسخة شبه "طبق الأصل" من اليهودية، ولأن الديانة اليهودية لم تكرم المرأة؛ جاءت المسيحية مكملة لأحكام اليهودية بخصوص المرأة، إلا أن كلا الديانتين لا تقفان عند النص المقدس بحرفيته وتحاولان قدر المستطاع التكييف والتطور للحاق بركب البشرية المتقدم بسرعة هائلة لا يقف بوجهها نصوص رعناء لا تقبل الحوار ولا المناقشة، كما هو الحال مع القرآن. فما علينا سوى تشجيع المرأة الباسلة امينة المريني للوقوف بقوة عند طلبها الطبيعي والعادل، لأننا لا نطمح في تفريخ شخصيات مثل "آسيا عندربي"، مغسولة الدماغ ومكبلة بحبال الجهل والتخلف.



#مصباح_الحق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنويه لابد منه
- عقد بيع الله
- بصمات البشر في القرآن
- الأكاديمية الإسلامية السعودية بولاية فيرجينيا
- ما هطل من السماء الخاوية
- في شيزوفرينيا الله
- الله مصاب بالشيزوفرينيا
- قراءة مغايرة لمأساة نجود وعائشة
- هل في الحياة حقيقة مطلقة؟
- قدسية الأسماء وتغييب العقل
- تأكيد أسطورة دور التعليم الديني في نشر الإرهاب
- فقحنا وصأصأتم
- حراس الله
- وفاء سلطان....... الوعي للجميع


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مصباح الحق - عدالة قسمة الإرث الربانية في الميزان