أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد تركي - الجواهري لم يعد الى وطنه يا درويش!














المزيد.....

الجواهري لم يعد الى وطنه يا درويش!


سعد تركي

الحوار المتمدن-العدد: 2454 - 2008 / 11 / 3 - 06:41
المحور: الادب والفن
    


مؤلم رحيل المبدعين الذين يملؤون سماواتنا ضوءاً ودهشةً وألقاً..مؤلم هذا الغياب الذي يفجع القلب ويدميه ويعصره ويترك فيه لوعةً وغصةً..مؤلم غيابهم على الرغم من أنه ليس غياباً نهائياً لأن المبدع يترك خلفه ما يعوض جزئياً عن هذا الغياب فتبقى آثاره وابداعاته حاضرةً بيننا طالما بقي انسان يقرأ ويسمع ويرى متذوقاً الجمال والابداع الذي تركوه خلفهم ورحلوا.
لعل الرحيل الذي قد نراه مبكراً للشاعر الكبير المبدع محمود درويش ليس الرحيل الأخير لقائمة المبدعين فقد سبقته قائمة طويلة منهم وستتبعه(مع الأسف) قائمة ربما ستكون أطول من سابقتها..هل بامكاننا الا أن نعد غياب ورحيل المبدع مهما امتد عمره سوى أنه مبكر وسريع وأن عمره(مهما طال) هو عمر الزهرة القصير!؟
كرم الفلسطينيون محمود درويش في حياته وفي موته فقد كانت له مكانته المرموقة لدى جميع أبناء وطنه شعباً وقادةً سياسيين ولم نرهم يجمعون على شيء قدر اجماعهم على مكانة هذا الشاعر الجميل وأثره الكبير في مقاومة الاحتلال والنضال من أجل التحرر على الرغم من أنه غالباً ما يكون مختلفاً معهم في أشياء كثيرة, شأنه في ذلك كشأن أي شاعر كبير مبدع , حصان بري حر يرفض اللجام والرسن..فلم يمنعه انتسابه الى الحزب الشيوعي أن ينادي بالوحدة العربية والتغني بالامجاد القومية,ولم يمنعه احتلال بلاده من عشق ابنة العدو الذي قضى عمره يطالب برحيله عن الارض التي اغتصبها..لم يمنعه نضاله بالكلمة(وهو سيد الكلام) أن يحمل البندقية يدافع عن مبادئه وحقه في الحياة..لم يمنعه الواقع الكئيب والبائس من التغني بالحب والجمال حيثما وجده واقتنصته عيناه.لم يمنعه عشقه لفلسطين أن يهاجمها بلوعة لأنها(تخاصرت والآخرين في حلبة الرقص الطويلة)!
كرم الفلسطينيون شاعرهم الكبير في حياته وفي موته كما لم نكرم يوماً شاعراً أو مبدعاً من شعرائنا ومبدعينا وما أكثرهم ونحن بلد الشعراء والمبدعين..بلد الحضارة الأولى والحرف الأول الذين لولانا لم يكن هناك شعر ولم تكن هناك حضارة..
عدد المبدعين لدينا بعدد حبات الرمل وقاماتهم تعلو على قامات الآخرين لكنهم في حياتهم مطاردين مقصيين منفيين يعيشون أغراباً بيننا ويموتون غرباء فقراء ويدفنون أحياناً في أرض غريبة بعيداً عن الوطن الذي حملوه بين أضلاعهم وكأن هذه الأرض الواسعة الرحيبة لم نجد عليها متراً وبضعة سنتمترات نواري فيها من حمل بين ضلوعه همومنا وآلامنا وذاق ألم التشرد والغربة والنفي والسجن والفاقة والبعد عن الأحباب..
دُفن السياب في ليلة شتائية ممطرة شيعه فيها بضعة أفراد كان أحدهم يلعن الزمن الذي ساقه الى قبر بن سياب!
عاش الجواهري منفياً منبوذاً من الحكام ومات في الغربة ليدفن بمقبرة الغرباء في سوريا كم لو أن الوطن( الذي كان الهواء الذي يتنفس والماء الذي يشرب وحمله أعواماً بين أضلاعه التي ظلت تفيض بحب الوطن الى آخر نبضة فيه)لم يجد في أرضه الواسعة الرحيبة مكاناً صغيراً لقبر يضم جسده المتعب,ومثله لم يجد شاعرنا الكبير عبدالوهاب البياتي كما لم تجد الشاعرة الكبيرة المبدعة نازك الملائكة قبراً في الوطن يضم رفاتهما!
مؤلم أن يعيش مبدعونا ويموتون في البلاد الغريبة التي تتمنى(تتوسل أحياناً)أن يكونوا من مواطنيها فتوفر لهم المجد في حياتهم وتحتفي بهم بما يستحقونه..هل يستطيع مظفر النواب (مثالاً لا حصراً) أن يتجول في شوارع الوطن دون أن يخشى الخطف أو رصاصة يطلقها ملثم يمقت كل الجمال والحب؟لماذا كان درويش يستطيع أن يحيا في وطنه المحتل ويتجول في كل شوارعه وأزقته دون أن يخاف أو يخشى شيئاً سوى رصاصة المحتل التي لم تتجرأ يوماً على قتل كلماته؟
هنيئاً لك درويش حياً مبجلاً مكرماً عزيزاً على قومك,وميتاً خرج الفلسطينيون عن بكرة أبيهم لتشييعك وبكوك دماً مراً وأعلنوا عليك الحداد حكومةً ومواطنين. ما أتعس حالكم(في حياتكم وموتكم) أيها المبدعون العراقيون تعيشون منفيين وتموتون غرباء.



#سعد_تركي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أشكرك يا ربي..خلقتني زلمة!!
- المولدات الاهلية .. حمامات شعبية!!
- اليها..في الذكرى الثانية لرحيلها الأبدي
- شوكت ترجع؟
- ظنناك جواد الشكرجي..فاذا أنت أبو حقي!!
- قفاصة بلد الناس النزيهين!!
- زمن مضى..لكنه لا ينتهي*
- لست (مهند)..كما أنكِ لستِ (نور)!!


المزيد.....




- نقابة الفنانين السوريين تسحب الثقة من نقيبها مازن الناطور وس ...
- مصر.. مقترح برلماني بتقليص الإجازات بعد ضجة أثارها فنان معرو ...
- رُمي بالرصاص خلال بث مباشر.. مقتل نجل فنان ريغي شهير في جاما ...
- أهم تصريحات بوتين في فيلم وثائقي يبث تزامنا مع احتفالات الذك ...
- السينما بعد طوفان الأقصى.. موجة أفلام ترصد المأساة الفلسطيني ...
- -ذخيرة الأدب في دوحة العرب-.. رحلة أدبية تربط التراث بالحداث ...
- قناديل: أرِحْ ركابك من وعثاء الترجمة
- مصر.. إحالة فنانة شهيرة للمحاكمة بسبب طليقها
- محمد الشوبي.. صوت المسرح في الدراما العربية
- إيرادات فيلم سيكو سيكو اليومية تتخطى حاجز 2 مليون جنية مصري! ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد تركي - الجواهري لم يعد الى وطنه يا درويش!