أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جمال الهنداوي - الماركسية الامريكية















المزيد.....

الماركسية الامريكية


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 2459 - 2008 / 11 / 8 - 06:11
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


بشكل يكاد يكون روتينيا ويوميا يتم تعريض المتلقي العربي الى كم هائل من الاخبار والتنظيرات حول ازمة الائتمان التي بدات بتصدع مؤسسات الرهن العقاري ثم تدحرجت مثل كرة الثلج الى قطاعي التامين والمصارف والتي لم تعد ازمة اسواق مال او انخفاض او ارتفاع اسعار الاسهم بل انها ازمة اميركية بامتياز قد تقود الى اغلاق الاف الشركات والغاء ملايين الوظائف في الولايات المتحدة ، كما ان هذه الازمة كان من المتوقع حدوثها -وان كانت المفاجأة في مستوى حدتها- بسبب التوسع الكبير في حجم ونوعية المخاطر و غياب الضوابط التي تحكم سلوك المؤسسات المالية الكبرى‏,‏ كما ان جشع رؤساء تلك الشركات والمؤسسات العاملة في وول ستريت دفعهم للتوسع في عمليات شديدة المخاطرة سعيا وراء الارباح والمزيد من الارباح لتكون النتيجة هو تكدس الثروة بصورة فادحة بين الأغنياء بينما تسحق الطبقة الوسطى والفقيرة نتيجة تراكم الديون لتؤدي لاحقاً الى هزات مالية تحولت الى طوفان عالمي لا يعني الولايات المتحدة الامريكية وحدها بل امتدت موجات مده لتغمر العالم المنكوب بالاسراف الامريكي في الليبرالية الاقتصادية .
ولكن الثيمة او المصطلح الذي جذب اكثر الاهتمام المصحوب بالدهشة هو مصطلح التأميم.فاليوم تتدخل حكومة الولايات المتحدة الامريكية,قائدة العالم الحر,وحاملة لواء الراسمالية بشعارها المعروف "دعه يعمل دعه يمر",بصورة مغايرة لكل أسسها الديموقراطية والليبرالية والمالية لإنقاذ المؤسسات التي كانت لها اليد الطولى في الأزمة بسبب فسادها وأعمالها الخاطئة ,من خلال قرار ضخ مئات المليارات من الدولارات في القطاع المالي، ومن ثم قامت حكومة الولايات المتحدة باتخاذ قراراً ذو طابع ثوري يقضي بشراء الدولة حصصاً كبيرة من الأسهم في مؤسسات القطاعين المصرفي والمالي,مما اثار جملة من التساؤلات حول دور الدولة في الانظمة الرأسمالية ومدى صلاحية الاجهزة الحكومية بالتدخل في أزماتها. وقد اثار هذا التدخل او بالاصح اسلوب التدخل موجة عارمة من البحث عن مصطلح يصف هذه الإجراءات المالية الأميركية والأوروبية الأخيرة,وقد ذهب الكثير من المراقبين على أنها من قبيل التأميم، بل ذهب البعض من المحللين إلى اعتبارها إجراءات تنحو منحىً اشتراكياً. خصوصاً أن ضخ الأموال لم يكن كافياً لوقف التدهور وبعدما تسربت الأزمة إلى القطاعات الإنتاجية. وهذا ما يفسرالثورية المنسوبة إلى الإجراء الأخير.
والذي ساهم في انكار هذا السلوك هو ان الولايات المتحدة الامريكية تعتبر من أكثر الدول الداعية لعدم تدخل الانظمة الحكومية في الأسواق المال الدولية وفي النشاطات الاقتصادية وتقديس العمل تحت شعارات السوق الحر أو السوق المفتوح . ومن المعروف والثابت كثرة الانتقاد الصادر من حكومة الولايات المتحدة واجهزتها الرقابية للانظمة الاخرى التي تتصرف خارج هذا الاطار والتي تتبع نهجاً مغايراً له استناداً الى إيمانها العميق بالنظام الرأسمالي الحر ونبذها للاشتراكية وسيطرة الدولة على الاقتصاد.و لكن جسامة الازمة وتداعياتها المدمرة على الساحة العالمية جعل هناك نوع من الاجماع ان كل هذه الاحداث كانت نتيجة لفقدان السيطرة الرقابية للانظمة الحكومية على مؤسسات العولمة الاقتصادية الدولية، التي فتحت الآفاق للرأسماليين الجشعين لتكديس الارباح بارقام فلكية مقابل حملة افقار منظمة لشرائح واسعة من افراد الشعب الامريكي والقائهم في متاهات الاستقراض المستمر،ولكن أن تسلك الولايات المتحدة الامريكية, ولو جزئياً، مذهب التأميم فالموضوع يصبح خارج السياق النظري والعلمي لكل من يؤمن بمبدأ الحماية المطلقة للرأسمالية، وخصوصاً عندما يأتي هذا المسلك من الدولة العظمى ذات الاقتصاد الأكبر والأشمل والمؤثر في كل الدول والأسواق العالمية و باسم حماية اقتصادها الداخلي من الانهيار،وهذا ما اثار نوع من الشماتة الدولية بالولايات المتحدة وبالنظام الذي افرزوه وتولوا قيادته عالمياً لعقود طويلة.ومادفع بعض المتشبهين بالاشتراكية الى اخراج اعلامهم الحمراء من خزائنهم العتيقة وازالة ما علق بها من غبار السنين وكيها وتهيأتها لتعليقها على اعلى سواري ناطحات السحاب في مانهاتن.
ولكن المتابع للاحداث مهما كانت خلفيته السياسية ومرجعيته الفكرية ومهما اجهد خياله واطلق له العنان فلن يستطيع ايجاد اي احمرار فيما تقوم به الدول الغربية الراسمالية من اجراءات, وان ما يجري هو استعارة الدولة لدور الراسمالي لفترة وجيزة لحين انتعاش الاسواق من جديد ليعود كل ليغني بعدها على من يشاء,وان هذه العملية ليست بالابتكار او الاختراع الجديد ,بل انه اسلوب تمارسه الدول الراسمالية بصورة شبه دورية عند كل ازمة او عارض يصيب الاقتصاد الحر,مع التأكيد هنا على ان حجم هذا التصدع واتساعه ساعد على جعل بعض الاجراءات تأخذ الطابع الدولي في تأسيس ثقافة كابحة لهيمنة كبار المتمولين ومدراء الشركات على كيانات اقتصادية بحجم دول مع ما يعني ذلك من تأثيرات سلبية لطغيان المصالح الفردية والخاصة بغض النظر عن أي اعتبارات أخلاقية. ولكن من النفاق وصف موضوع تدخل الدولة وفي تصويرعملية شراء الاسهم على أنه إجراء اشتراكي يأتي لمصلحة الفئات الفقيرة والمتوسطة من المجتمع , فالاشتراكية باي شكل من اشكالها وفي اية خانة نضعها، هي نظرية اقتصادية اجتماعية سياسية تطرح نفسها بقوة كحل نهائي لمشاكل البشر وعلى أنها نظام متكامل يسعى إلى تحقيق ملكية المجتمع لوسائل الإنتاج، لغرض إزالة الفوارق الطبقية بين افراد المجتمع . وهو بالتالي نظام لا يمكن تحجيمه لا بالتأميمات ولا بما يسمى تدخل الدولة في الاقتصاد. مع التاكيد على ان الاجراءات او ما اصطلح عليه بالتأميمات الجزئية والتي نحن بصددها لا علاقة لها بقريب أو بعيد بتخفيف الفوارق الطبقية بين البشر، بل أنها تساهم في تعميق تلك الفوارق من حيث اشراك الفقراء في تحمل خسائر الاثرياء . على أن ما يمكن نسبته إلى الفكر الاشتراكي في هذه الأزمة هوالتوجه الاعلامي المركز على التذكير بأن الاشتراكية، بتراثها الماركسي خصوصاً، لا تزال النظرية التي تعد الأكثر فهماً والاعمق في تحليل الفكر الرأسمالي ونقده والاكثر قدرة على فهم مغاليق الازمات الدورية للراسمالية وتبديد الانتقادات المستمرة والمنظمة لنظام الاقتصاد الموجه والتي قد بلغت حد المجون في سنوات العولمة مابعد الليبرالية. وان ماركس هو الذي اكتشف أن الرأسمالية سوف تتخطى بصورة حتمية النطاق الوطني لتتوسع على المستوى العالمي باكمله. وان الرأسمالية المالية ستدخل طور العولمة الثالث بعد طوري العولمة التجارية والعولمة الصناعية،والتي تحدث عنها ماركس وحللها بإسهاب,وانه هو الذي تنبأ من أن الرأسمالية عندما تبلغ ذروة صعودها سيولد من داخلها ما يناقضها لنشهد دورة انحدارها ونهايتها. ولكن الاستعانة بالاشتراكية كانت في اذهان وسائل الاعلام فقط او على الاقل التعامل مع المفردة لزيادة التنكيل اللفظي للراسمالية كنوع من ارضاء الحنق العام ضد الولايات المتحدة.
ان الذي تقوم به الدول الراسمالية هو العمل على اعادة تشكيل العولمة عن طريق مواكبة المتغيرات لغرض تصحيح المسارات التي قد تضل بها السبل نتيجة الاهتزازات المالية التي تطرأ على النظام بين الحين والحين, فنحن في الواقع بصدد رأسمالية راسخة لا تتعرض للركود المطلق بسهولة وإن تعرضت بالطبيعة لدورة الركود النسبي. فهي بفضل التدويل واسع النطاق للحياة الاقتصادية والتعاون والتنسيق العالي والسريع بين الانظمة الاقتصادية الكبرى على حافتي الاطلسي ,والاجراءات الفورية التي اتبعت في كل بلد على حدة قد استطاعت في الواقع ان تكون أقدر على التكيف مع الأوضاع الجديدة ومحاولة الصمود امام العاصفة وتنظيف الاقتصاد من المؤسسات الهالكة عن طريق الدمج او شراء الاسهم كمرحلة تكتيكية ، الأمر الذي يتيح لها الاحتفاظ على مواقعها الاستراتيجية، بل يمنحها قدرة على استعادة ما فقدته على المدى المتوسط بطرائق مستحدثة.وللراسمالية مرونة في اختيار اساليب الانقاذ ,لانها لم تدخل مرحلة تأليه الافكار واضفاء القدسية على الموروث الفكري والفلسفي ,فليس من التجديف او الكفر ان تستعير او تراجع الافكارالماركسية لغرض استنباط الحلول واستخلاص النتائج خصوصاً بعد تلاشي الحاجز النفسي تجاه الاشتراكية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه وتحول ادبياته الى دراسات فكرية اكثر منها منشورات سرية ,فاصبح من حق بل من واجب الانظمة الاقتصادية الكبرى الاستفادة منها لتفكيك الازمة واعادة توجيهها نحو التأسيس لمرحلة جديدة يبدو من الحتمية ان يلج فيها العالم, وهنا ايضا ًتطل علينا نبوءة كارل ماركس: إمَّا أن يتعاون العالم كله على التأسيس لنظام اقتصادي ـ اجتماعي جديد يتخطى الرأسمالية وإمَّا أن تتقهقر البشرية إلى عهود الوحشية. ولكن المؤلم ان الفاتورة الاولية لهكذا نظام كلفت المواطن الأمريكي بواقع 2500 دولار للفرد تقريباً. دفعها لحل أزمة لم يكن هو طرفاً فيها بل الفساد المالي وجشع الشركات وضعف الرقابة الحكومية في المقام الأول.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسمالية الافتراضية
- البحث عن القطب الثاني


المزيد.....




- في دبي.. مصور يوثق القمر في -رقصة- ساحرة مع برج خليفة
- شاهد لحظة اصطدام تقلب سيارة عند تقاطع طرق مزدحم.. واندفاع سا ...
- السنغال: ماكي سال يستقبل باسيرو ديوماي فاي الفائز بالانتخابا ...
- -لأنها بلد علي بن أبي طالب-.. مقتدى الصدر يثير تفاعلا بإطلاق ...
- 4 أشخاص يلقون حتفهم على سواحل إسبانيا بسبب سوء الأحوال الجوي ...
- حزب الله يطلق صواريخ ثقيلة على شمال إسرائيل بعد اليوم الأكثر ...
- منصور : -مجلس الأمن ليس مقهى أبو العبد- (فيديو)
- الطيران الاستراتيجي الروسي يثير حفيظة قوات -الناتو- في بولند ...
- صحيفة -كوريا هيرالد- تعتذر عن نشرها رسما كاريكاتوريا عن هجوم ...
- برلمان القرم يذكّر ماكرون بمصير جنود نابليون خلال حرب القرم ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جمال الهنداوي - الماركسية الامريكية