أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان فاروق - صناديق حديدية














المزيد.....

صناديق حديدية


حنان فاروق

الحوار المتمدن-العدد: 2448 - 2008 / 10 / 28 - 00:37
المحور: الادب والفن
    


بسم الله الرحمن الرحيم

قذفت بنفسي داخل الصندوق الحديدي الذى تعود أن يحملني كل يوم عصراً إلى عملي الجديد فى المكان البعيد..آثرت أن أجلس وحدي فى المقعد الخلفي بالرغم من صعوبته واهتزازه المستمر لأجد مساحة داخلي أسبح فيها بعيداً عن ملاحقة حروف زميلاتي...شق طريقه بين الجبال والصحراء الجرداء إلا من بعض شجيرات حزينة الخضرة منتثرة هنا وهناك ومتحدية الصخور التى تطل منها رغماً عنها..ابتسمت..منذ سنوات عندما جئت إلى هنا لأول مرة انقبض قلبي أنا بنت البحر وأنا أتعرف إلى الصحراء الجديدة على حياتي..كنت أراها موتاً متمسكاً بحاله غير قادر على الحياة..لكنى الآن تغيرت.. تآلفت معها..أصبحت أرى بين رمالها وصخورها المترامية الأطراف لغة مختلفة ونبضاً من نوع خاص..ربما لم يتغير عشقي للبحر لكن الذى حدث أنى سمحت لتلك الصفراء أن تسكن بعض قلبي بعد أن كنت أرفضها..بدأت أشعر بالغثيان...لم أكن قد تناولت شيئاً منذ الصباح إلا فنجاناً من القهوة التركية لتنبه حواسي فى هذه الفترة الساخنة من اليوم..دق جرس الجوال ..كالعادة زوجي يطمئن على رحلتي.. يشفق عليّ منها ويعرف أنها تلتهم من صحتي كل يوم قطعة لاأستطيع تعويضها..وصلنا إلى المركز الصحي القابع فى أحضان القرية البعيدة..تكالبت البدويات اللواتي اشتركن فى برنامج محو الأمية علينا..كن بسيطات خفيفات الظل طاعنات في السن يشبهن جدتي وأترابها من أهل الأمواج ..مشاكلهن الصحية أكثر من سني عمرهن..حين نظرت فى وجوههن لم أستطع أن أتخيل أن الصبا عانق تلك الوجوه قبلاً.. اختلط بتكوينهن نوع مختلف من الشقاء الذى لم يمحه التقدم ولم تلونه المدنية..بعد أن أنهيت المحاضرة التثقيفية والكشف دعتنا المعلمة لنشرب القهوة العربية معها ووالدتها التي تدرس بنفس المدرسة ..جلسنا على الأرض وأعدت الأم القهوة والتمر وبعض الحلوى..تركتنا المعلمة ودخلت الفصلين تباعاً نادت على صويحبات أمها من طالبات محو الأمية ليشاركننا الحفل الصغير..تكاثرت السيدات حول المأدبة المرحبة وانهالت معهن الأسئلة عنى وعن أسرتي وأبنائى..فاجأتني إحداهن بسؤالى إن كنت أجنبية أم لا؟؟ لم أعرف بماذا أرد عليها..تلعثمت وقفز العرق ثائراً من جبيني .. تداركت المعلمة الأمر فأجابتها بإيجاب خفيّ يجتهد ألا ألمحه...ظلت الكلمة تصرخ في أذني ماتبقى من دقائق الجلسة ثم أصرت على اصطحابي فى الزنزانة المعدنية التي تنقلني إلى بيتي..أحسست بغربة تخترق كل مسافاتي..خيل إلىّ أن الشحوب الملقى على جانبيّ الطريق الطويل الذي يأبى الانتهاء يرفضني .. ينتظر خروجي منه بفارغ الصبر ليسلم وجنتيه للربيع يلونهما كيف شاء..رماني الصندوق الحديدي عند باب بيتي فتدحرجت حتى الجرس.. رننته متثاقلة ..فتح لى ولداي..لم أستطع أن أقبلهما من الإنهاك..ارتميت على الأريكة الممددة على حافة غرفتى..

بجانبي.. جلس ولداي يتجاذبان أطراف الحديث كعادتهما..التفت لي أكثرهما ثرثرة وسألني:

هل أهل هذا المكان من بلدنا يا أمي؟؟؟

أجبته دون أن أفكر: لا...أجانب

د.حنان فاروق

http://fisabeelellah.maktoobblog.com



#حنان_فاروق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ويأتي الليل
- كارتون
- حين لا يأتي الخميس
- من وراء النافذة
- سوبر ماركت
- رتوش لا نهائية
- أبيض وأسود
- أراجيح الصمت
- مفاوضات (ٌق.ق.ج)
- رجم (ق.ق.ج)
- تقاسيم على قيثارة التأمل
- قاب قوسين
- نموت هنا
- فوق السطور


المزيد.....




- شعوذة.. طموح.. حب.. موسيقى وإثارة.. 9 أفلام تعرض في سبتمبر
- قصة ملك ليبيا محمد إدريس السنوسي الذي أطاح به القذافي
- كيف أصبح مشروب شوكولاتة للأطفال رمزا للاستعمار الفرنسي؟
- المخرج الأميركي جارموش مستاء من تمويل صندوق على صلة بإسرائيل ...
- قطر تعزز حماية الملكية الفكرية لجذب الاستثمارات النوعية
- فيلم -ساحر الكرملين-.. الممثل البريطاني جود تدرّب على رياضة ...
- إبراهيم زولي يقدّم -ما وراء الأغلفة-: ثلاثون عملاً خالداً يع ...
- النسخة الروسية من رواية -الشوك والقرنفل- تصف السنوار بـ-جنرا ...
- حين استمعت إلى همهمات الصخور
- تكريم انتشال التميمي بمنحه جائزة - لاهاي- للسينما


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان فاروق - صناديق حديدية