أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سليم نجيب - مواطنون مصريون مسيحيون محرومون من الصلاة في أرض مصر















المزيد.....

مواطنون مصريون مسيحيون محرومون من الصلاة في أرض مصر


سليم نجيب

الحوار المتمدن-العدد: 749 - 2004 / 2 / 19 - 06:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


منذ خليقة البشرية وروح الإنسان هائمة متعبة ولا راحة لها إلا بالالتصاق بالله خالقها. إن شقاء الإنسان ومتاعبه يرجع إلى بعده عن ربه وفي رجوعه إلى الله والتصاقه به يجد الراحة وهدوء النفس وطهارتها ونقاءها. لذا فالإنسان في حاجة ماسة إلى اتصاله الدائم بإلهه وربه. وقد أمرت جميع الأديان شعوبها على مداومة الصلاة حتى تغتسل من آثامها وتستريح من أتعابها وآلامها.

إن من يعمل على حرمان الناس من الصلاة يرتكب جريمة لا إنسانية تفتقر إلى العدالة والحكمة لأنه سيجعل الإنسان  المحروم من هذه الصلاة عنصرا ناقما كارها لمجتمعه وحاقدا على من حرمه من هذه المتعة وهي التقرب من خالقه والتصاقه به وهي المتعة التي يحس بأن غيره يتمتع بها بينما هو محروم منها. لذلك فقد نصت دساتير الدول الديمقراطية والمتقدمة على حرية العقيدة وحرية العبادة معطية بذلك الحق لكل فرد أن يتمتع بعبادة الله بالطريقة التي رسمها له دينه.

لذلك فان النفس يغمرها الألم والأفواه تمتلئ مرارة عندما نجد أن كثيرين من أقباط مصر قد حرموا من نعمة الصلاة لأسباب أمنية.. الخ ومن الأسباب التعسفية التي تتنافى مع كافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان بل للدستور المصري ذاته في مادتيه 40 و 46 منه – ويبدو أنه دستور حبر على ورق بلا تنفيذ ولا تطبيق.

إن أول حق للفرد وأهم هدف له هو التقرب من ربه وان حرمانه من هذا الحق لهو الظلم كل الظلم.

يا أيها السادة الأفاضل المسئولين على حكم مصر ومواطنيها، كيف تفسرون أن كنيسة مار جرجس والأنبا أنطونيوس بقرية منقطين – سمالوط – المنيا والتي تم بنائها منذ عام 1978 بناء على تصريح رسمي صادرة من سيادة رئيس الجمهورية وحتى يومنا هذا أي بعد مرور 26 سنة والكنيسة لم يصرح أمن الدولة بالصلاة بداخلها مع العلم أن هناك أكثر من 600 عائلة قبطية مسيحية تقطن في تلك المنطقة ونواحيها.

لقد تم إرسال شكاوى عديدة في هذا الشأن لكل من السيد رئيس الجمهورية والسيد وزير الداخلية الذي تعطف -هذا الأخير- بالرد "بأن الظروف الأمنية لا تسمح بالصلاة داخل هذه الكنيسة". هل هذا رد يصدر من مسئول حكومي؟؟؟ في أي عصر نحن يا سادة؟؟؟

علما أن الأب الكاهن في هذه القرية ومثلها كثير من قرى مصر المتناثرة يضطر أن يصلي على الميت على قارعة الطريق. وكذلك بالنسبة للزواج فانهم محرومون من الصلاة داخل هذه الكنيسة ويصلون في الشارع أيضا كما في حالة الوفاة.

هناك في هذه القرية جمعية باسم الشهيد مار جرجس مسجلة رسميا تحت رقم 502 لسنة 1968 ورغم ذلك ممنوع على الأقباط الدخول في هذه الجمعية وممارسة أي طقوس دينية أو خلافة.

 وحال هذه القرية مثل كثير من القرى في مصر بها مسيحيون ولكن لا تعطي الحكومة تصاريح لبناء الكنائس وان صدرت التصريحات يتم إغلاق الكنيسة لأسباب أمنية. فالحكومات المصرية المتعاقبة تعرف جيدا أن هذه القرى بعيدة عن أنظار الإعلام العالمي وبعيدة عن اهتمام أحد. ويكفي لبعض الزوار الأجانب أن يجدوا بعض الكنائس في المدن الكبيرة عامرة ليعودوا إلى بلادهم بانطباع أن الأقباط يصلون في كنائسهم بحرية كاملة. وهذا غير صحيح على الإطلاق.

يا سادة يا أفاضل،

إن حرية العقيدة في مصر في خطر شديد بدرجة ربما لم تعرفها مصر من قبل في تاريخنا الحديث وبدرجة يخشى معها على مستقبل منظومة حقوق الإنسان بأكملها.

فحرية العقيدة ركن أساسي في منظومة حقوق الإنسان وعندما تسقط فان بقية الحقوق الأساسية تتهاوى معها بالتتابع. إن الدولة تتحمل المسئولية الأولى في هذا المضمار ليس فحسب بوصفها وكيل عن المجتمع ولكن بسبب ما تقوم به مؤسساتها الدينية والتعليمية والإعلامية من دور حاسم في تغذية مناخ التعصب الديني والكراهية الطائفية وبالتالي رعاية جيوش الظلام.

إننا لا نطالب الدولة في هذا المجال سوى بإعمال التزاماتها المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان وعلى الأخص:

-   إعمال ما جاء في المادتين الرابعة والخامسة من إعلان الأمم المتحدة بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين والعقيدة من ضرورة قيام الدولة باتخاذ كافة التدابير لمكافحة التعصب القائم على أساس الدين أو المعتقد واستئصال أي تمييز يجري من هذا المنطلق.

-   إعمال ما جاء في المادة الخامسة والمادة العشرين من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية من ضرورة أن تحظر الدولة أي دعوة للكراهية الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.

-   إن كل هذه العقبات التي تفرض فرضا على الأقباط ظلما وقهرا في منع التمتع بحرية العقيدة وإقامة الشعائر الدينية مما يتعارض تعارضا صريحا مع نص المادة الثامنة عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن لكل شخص الحق في حرية الفكر والضمير والديانة وهذا الحق يستتبع حرية مباشرة الشعائر الدينية.

إن تعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان هو أفضل مناخ يمكن فيه درء هذا الخطر واستئصال سموم التعصب الديني والكراهية الطائفية من وسائل الإعلام ومناهج التعليم وتطويرها.

ألم يحن بعد لوزارة الداخلية أن تتدارس هذه المشكلة الخطيرة التي تهدد باستمرار أمن الوطن وسلامة المواطنين –كل المواطنين مسلمين وأقباط- وأن تضع الخطط الكفيلة لكيما يمارس الأقباط حقهم في العبادة وممارسة شعائرهم الدينية بحرية في أمن وأمان.

لقد أصبحت هذه المآسي التي يلاقيها المواطنين الأقباط في ممارسة شعائرهم الدينية وحرية العقيدة أشواكا مؤلمة لا إنسانية وغير متحضرة في حياة أقباط مصر وبالرغم من الكتابة في هذا الموضوع مرارا وتكرارا فان الحكومة السنية لم تحرك ساكنا ولم تتخذ أي إجراء بخصوص ما يعانيه الأقباط في إنشاء وترميم كنائسهم أو ممارسة شعائرهم الدينية.

لقد آن الأوان لكي تعتدل الموازين ويتحقق العدل في مجالات حرية الاعتقاد وحرية ممارسة العبادات "للجميع" من أهل مصر. تلك الحريات التي يقرها الدستور المصري الذي يحتكم إليه جميع سكان الوطن.

ولهذا لم يكن غريبا أن يكون نص القرار الثاني من قرارات مؤتمر الآباء الكهنة والمجلس الملي وممثلي الشعب القبطي بالاسكندرية المنعقد في 17 يناير 1977 متعلقا بالمطالبة بإلغاء هذا المرسوم (الخط الهمايوني الصادر 1856) وإلغاء القيود العتيقة والتعسفية التي يتضمنها ثم بمناشدة أجهزة الأمن في الدولة أن تقوم بدورها الواجب  في حماية الأقباط لممارسة الشعائر الدينية في كنائسهم.

أين دور المثقفين المتنورين في هذه المشاكل التي لا يستطيع وطني مخلص أن ينكر حدوثها وتكرارها!! هل نحن حقا مع حقوق الإنسان بصفة عامة نظريا وتطبيقيا.. ؟ هل سنتصالح مع العصر ونعيش المستقبل في انسجام مع العالم المتحضر أم أننا قد عزمنا أمرنا على أن نعيش واقعنا بكل ما فيه من تناقض ورجعية وتعصب معلقين كل مشاكلنا على المتآمرين من الخارج وأذناب الاستعمار وأخيرا الشيطان الأكبر أمريكا!!! (حسب ما يزعمون).

إننا نلجأ إلى الله ليرفع عنا هذه الغمة ويعطي حكامنا الحكمة والمعرفة ويهدي الجميع إلى الحق والعدل وأن يتدارك النظام في مصر هذا الموقف الخطير غير اللائق وغير الإنساني –الذي يمس سمعة مصر في العالم المتحضر ونحن حريصين على سمعتها وذلك بإصدار توجيهاته لرجال الأمن بعدم التعرض لعبادة الأقباط وكنائسهم والله الموفق.

 د. سليم نجيب

رئيس الهيئة القبطية الكندية

دكتوراه في القانون والعلوم السياسية

محام دولي وداعية حقوق الإنسان - قاض سابق

عضو اللجنة الدولية للقانونيين بجنيف

E-mail: [email protected]  Or  [email protected]
Fax: (514) 485-1533



#سليم_نجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتمنى للحوار المتمدن كل الازدهار والنجاح المستمر من أجل نشر ...
- أين الأمن والأمان لفتيات أقباط مصر؟
- تفجر الأوضاع فى مدينة أسيوط الأحداث بالتفصيل
- نحو إصلاح سياسي شامل في مصرفصل الدين عن سياسة الدولة العلمان ...
- القضاء المُسَيَس فى مصر ... إلى متى وإلى أين يأخذنا
- نداء إلى الضمير العالمي
- نداء إلى ضمير الكتاب والصحفيين والمثقفين والمتنورين في مصر
- حقوق الأقليات وحقوق المواطنة-2
- حقوق الأقليات وحقوق المواطنة - 1
- أين ضمير مصر من المسئول عن إيقاف مسلسل خطف الفتيات المسيحيات ...
- نداء إلى سيادة الرئيس محمد حسني مبارك رئيس جمهورية مصر العرب ...
- المحكمة الجنائية الدولية وقضية الأقباط
- أوضاع الأقباط قبل وبعد ثورة يوليو 1952


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سليم نجيب - مواطنون مصريون مسيحيون محرومون من الصلاة في أرض مصر