|
حدود مملكته
محمد إبراهيم محروس
الحوار المتمدن-العدد: 2416 - 2008 / 9 / 26 - 09:14
المحور:
الادب والفن
وقف راسم على حدود مملكته الخاصة..أمامه لوحة يخطط منها خريطة خاصة لأفكاره الضئيلة التي كثيراً ما تجذبه إلى منطقة اللاوعى.حقل الألغام يمتد أمامه والأسلاك الشائكة تفصل بينه وبين الألغام..والصحراء تمتد إلى ما لانهاية.الشهر الفائت فقد إحدى عنزاته.منذ سنوات وهو يحصى عدد القتلى من الخراف والجمال والبشر الذين يفقدون طريقهم ويتجهون ناحية الألغام دون دراية..أعد خريطة لطريق الموت..حدد أماكن الانفجارات السابقة..ذهب الشيخ وهدان بها إلى السلطات أراد الشكوى..عاد خاوي الوفاض .لا أحد ينصت لا أحد يهتم وخريطة راسم تزداد حدودها كل شهر.الحرب السابقة تركت لهم تلك الهدية الملعونة..هدية لشعب بأكمله..الموت لم يعد يخافه منذ أسبوع أنقذ أحد أطفال النجع من الموت.رقص إلى الصباح فرحاً لما فعله.أرسل إلى الشيخ وهدان مرة أخرى خريطته، أرجعها له الشيخ قال إن السلطات لا تهتم بأرواح بعض الخراف والجمال..ويجب عليهم هم ..هم البشر الاحتراس من الألغام يكفى أنهم يرون الأسلاك الشائكة..فلماذا يتجاوزون حدود العقل والمنطق..لتشرح السلطات هذا المنطق للخراف!..السلطات طلبت من الدول التي زرعت الألغام خريطة لها...ماطلت الدول ولم تعط أي إجابة صريحة..والرقعة تزداد اتساعاً.خريطته هي الحل أنه يستطيع الآن أن يحدد مكان اللغم المقبل.بل بهذه الخريطة من الممكن أن يحدد مكان باقي الألغام .مرة أخرى يحاول أن يتخطى المعقول..مستحيل تطهير تلك المنطقة..الدولة تمر بأزمة مالية طاحنة وتطهير المنطقة يتكلف الكثير..الكثير جدا..رقم لا يستطيع أن ينطقه..لقد حدد مكان اللغم الجديد..القرية نائمة هو الوحيد الساهر بجوار الأسلاك.أشعل سيجارة وراح ينفث دخانها في غيظ..فتش في حقيبته الجلدية الساكنة بجواره على قطعة خبز ،استخرجها من الحقيبة ،جافة يابسة، راح يلوكها في حنق.سيرسم طريقه الآن عبر الحقل ..سيعبره وحده ويحدد بالجير حدود الخطوط التي لا يجب تجاوزها..بئر الماء تبعد عن القرية ثلاث ساعات مشياً سوف يختصر تلك المدة بعبوره حقل الألغام ..سيمد خط مياه من البئر إلى النجع لن يوقفه أي لغم كان ..لينتظر النهار حتى ينفذ خطته..لا...يجب أن تصحو القرية وهو على الجانب الأخر من حقل الألغام ..يقف يشير إليهم أن لا خوف الآن..يستطيعون أن يسيروا عبر الحقل غير خائفين سينقذهم من الطريق إلى الماء كل يوم في وقت القيظ ..سيرحم أطفالهم العطشى من البحث عن نقطة ماء .ولكنه لن يضمن لهم عدم موت الأغنام.خريطته الآن مكتملة.سيعبر.. القمر يضيء الحقل بضوءأبيض شحيح، رفع أحد الأسلاك وتخطى للداخل .إنه الآن داخل المنطقة الممنوعة ،ليتصرف وفق هواه.. يتحرك بثقل لا يريد أن يخطئ.سار لمدة خمس دقائق متمهل الخطوات.. واثق في النتيجة هو..عقله يرشده، قلبه يطمئنه،خمس دقائق أخرى ويعبر..خطواته زادت ثقلا عقله يلتهب بالأفكار..منطقة اللاوعى تسيطر عليه..الرؤى تراوده سيتخطى..دقائق ويعبر الحقل بأكمله..من أين يأتي هذا الثغاء ؟..خروف يقترب.أقشعر بدنه..زادت دقات قلبه، لا ليس الآن ،من أين أتى هذا الخروف الأحمق؟!..أيريد ان يرافقه رحلته؟! مستحيل!.. أن قدميه ترتعشان..الخروف يجرى عبر الحقل غير عابئ بشيء.تسمرت قدم راسم بغتة.والخروف يثب ويثب..يا للهول لقد أخطأ..أخطأ..التصقت قدمه بلغم حاول أن يرفع قدمه، اللغم يزداد التصاقاً بها..تفصد العرق عن جبينه بغزارة،مال بجزعه، الشيخ وهدان لن يصدقه الآن،بعثر الرمال حول اللغم..ضحك..أنه في طريقه إلى الموت..ضحك وهو يحاول أن ينتزع قدمه، ثم دوى الانفجار رهيباً مفجعاً..صحت القرية.والجميع يلتف حول الحقل أبصارهم لا تخترق الظلام.الكلام كثير.. حقيبته الجلدية دلت عليه..جاء النهار مفزعاً..أشلاء راسم تنتشر عبر الحقل..بينما هناك خروف يقف على الجانب الآخر بجوار البئر يلوك بين أسنانه قطعة من ورق كانت خريطة في يوم ما..وارتفع الثغاء .. وقف راسم على حدود مملكته الخاصة..أمامه لوحة يخطط منها خريطة خاصة لأفكاره الضئيلة التي كثيراً ما تجذبه إلى منطقة اللاوعى.حقل الألغام يمتد أمامه والأسلاك الشائكة تفصل بينه وبين الألغام..والصحراء تمتد إلى ما لانهاية.الشهر الفائت فقد إحدى عنزاته.منذ سنوات وهو يحصى عدد القتلى من الخراف والجمال والبشر الذين يفقدون طريقهم ويتجهون ناحية الألغام دون دراية..أعد خريطة لطريق الموت..حدد أماكن الانفجارات السابقة..ذهب الشيخ وهدان بها إلى السلطات أراد الشكوى..عاد خاوي الوفاض .لا أحد ينصت لا أحد يهتم وخريطة راسم تزداد حدودها كل شهر.الحرب السابقة تركت لهم تلك الهدية الملعونة..هدية لشعب بأكمله..الموت لم يعد يخافه منذ أسبوع أنقذ أحد أطفال النجع من الموت.رقص إلى الصباح فرحاً لما فعله.أرسل إلى الشيخ وهدان مرة أخرى خريطته، أرجعها له الشيخ قال إن السلطات لا تهتم بأرواح بعض الخراف والجمال..ويجب عليهم هم ..هم البشر الاحتراس من الألغام يكفى أنهم يرون الأسلاك الشائكة..فلماذا يتجاوزون حدود العقل والمنطق..لتشرح السلطات هذا المنطق للخراف!..السلطات طلبت من الدول التي زرعت الألغام خريطة لها...ماطلت الدول ولم تعط أي إجابة صريحة..والرقعة تزداد اتساعاً.خريطته هي الحل أنه يستطيع الآن أن يحدد مكان اللغم المقبل.بل بهذه الخريطة من الممكن أن يحدد مكان باقي الألغام .مرة أخرى يحاول أن يتخطى المعقول..مستحيل تطهير تلك المنطقة..الدولة تمر بأزمة مالية طاحنة وتطهير المنطقة يتكلف الكثير..الكثير جدا..رقم لا يستطيع أن ينطقه..لقد حدد مكان اللغم الجديد..القرية نائمة هو الوحيد الساهر بجوار الأسلاك.أشعل سيجارة وراح ينفث دخانها في غيظ..فتش في حقيبته الجلدية الساكنة بجواره على قطعة خبز ،استخرجها من الحقيبة ،جافة يابسة، راح يلوكها في حنق.سيرسم طريقه الآن عبر الحقل ..سيعبره وحده ويحدد بالجير حدود الخطوط التي لا يجب تجاوزها..بئر الماء تبعد عن القرية ثلاث ساعات مشياً سوف يختصر تلك المدة بعبوره حقل الألغام ..سيمد خط مياه من البئر إلى النجع لن يوقفه أي لغم كان ..لينتظر النهار حتى ينفذ خطته..لا...يجب أن تصحو القرية وهو على الجانب الأخر من حقل الألغام ..يقف يشير إليهم أن لا خوف الآن..يستطيعون أن يسيروا عبر الحقل غير خائفين سينقذهم من الطريق إلى الماء كل يوم في وقت القيظ ..سيرحم أطفالهم العطشى من البحث عن نقطة ماء .ولكنه لن يضمن لهم عدم موت الأغنام.خريطته الآن مكتملة.سيعبر.. القمر يضيء الحقل بضوءأبيض شحيح، رفع أحد الأسلاك وتخطى للداخل .إنه الآن داخل المنطقة الممنوعة ،ليتصرف وفق هواه.. يتحرك بثقل لا يريد أن يخطئ.سار لمدة خمس دقائق متمهل الخطوات.. واثق في النتيجة هو..عقله يرشده، قلبه يطمئنه،خمس دقائق أخرى ويعبر..خطواته زادت ثقلا عقله يلتهب بالأفكار..منطقة اللاوعى تسيطر عليه..الرؤى تراوده سيتخطى..دقائق ويعبر الحقل بأكمله..من أين يأتي هذا الثغاء ؟..خروف يقترب.أقشعر بدنه..زادت دقات قلبه، لا ليس الآن ،من أين أتى هذا الخروف الأحمق؟!..أيريد ان يرافقه رحلته؟! مستحيل!.. أن قدميه ترتعشان..الخروف يجرى عبر الحقل غير عابئ بشيء.تسمرت قدم راسم بغتة.والخروف يثب ويثب..يا للهول لقد أخطأ..أخطأ..التصقت قدمه بلغم حاول أن يرفع قدمه، اللغم يزداد التصاقاً بها..تفصد العرق عن جبينه بغزارة،مال بجزعه، الشيخ وهدان لن يصدقه الآن،بعثر الرمال حول اللغم..ضحك..أنه في طريقه إلى الموت..ضحك وهو يحاول أن ينتزع قدمه، ثم دوى الانفجار رهيباً مفجعاً..صحت القرية.والجميع يلتف حول الحقل أبصارهم لا تخترق الظلام.الكلام كثير.. حقيبته الجلدية دلت عليه..جاء النهار مفزعاً..أشلاء راسم تنتشر عبر الحقل..بينما هناك خروف يقف على الجانب الآخر بجوار البئر يلوك بين أسنانه قطعة من ورق كانت خريطة في يوم ما..وارتفع الثغاء ..
#محمد_إبراهيم_محروس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في انتظار المهدي ..
-
حادثة
-
دير العاشق ..
-
أتوبيس (6)
المزيد.....
-
لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
-
مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
-
جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا
...
-
من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل
...
-
الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
-
إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
-
قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح
...
-
باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي
...
-
آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى
...
-
آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|