أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - أتوبيس (6)














المزيد.....

أتوبيس (6)


محمد إبراهيم محروس

الحوار المتمدن-العدد: 2222 - 2008 / 3 / 16 - 08:16
المحور: الادب والفن
    



دفع بجسده بين الكتل المتجمعة ، مرت برهة وجد بعدها مقعداً شاغراً ، ألقى بثقل جسده عليه ، و أراح جسده للوراء ..
أكثر من ثلاثين عاماً مضت و هو يركب ( أتوبيس 6 ) تذكر يوم تعيينه عليه ، كم كان فرحاً ببذلته الجديدة التي كادت أن تصبح جزءاً من تكوينه الشخصي .

سنوات كثيرة لم يظن يوماً أنه سيتمنى أن يجلس في الأتوبيس أن يريح قدميه ، لقد كان فيما سبق كتلة من النشاط ، لقد مرّ عليه التاريخ كله في هذا الأتوبيس .. فرح بالتأميم .. شارك الشعب أحلامه ، شاهدت ملايين البشر و ملايين الوجوه ، تذكر النكسة .. اليوم الذي فرّ به من الأتوبيس . مزق التذاكر و جعلها تتطاير في الهواء كما الأحلام التي تطايرت فجأة .. و غاب عن العمل أسبوعاً كاملاً ، و عندما عاد أجبروه على أن يورد ثمن التذاكر .. ساعده زملاؤه .. رفض التنحي .. خرج الى الشارع مثل الجميع يطالب بالعودة بالنصر ، سُّر بحرب الاستنزاف .. رفض الاستسلام .

أطفال المدارس ، الشيوخ ، الشباب ، الرجال ، و أشباه الرجال ، بنات الليل .. الجميع مروّا عليه .. تذكر يوم أن دعته فتاة ليل إلى بيتها و رفض بشدة ، زوجته حامل و هو لا يرغب .. ذلك ذنب لا يغتفر .. النكسة ويل و بلاء .. الحرب .. موت جمال . نعم أنه أحبه ، لثاني مرة في حياته مزق التذاكر و تركها للرياح .. و هذه المرة دفع ثمنها من جيبه الخاص ..

طوال حياته أو منذ تعيينه كمحصل تذاكر أو كمساري كما يقال لم يدفع ثمن تذاكر غير هذين الدفترين اللذين مزقهما في ساعات ثورة عنيفة .. تساءل مثل الجميع متى سنة الحسم ؟ الجنون و المظاهرات ، العابثات و أصحاب الرايات .. و تمت المعجزة ، رأى الجنود العائدين ، تمنى أن يكون له جناحان و يحملهم و يطير بهم يجوب العالم ..

عاصر الانفتاح .. و حبة فوق و حبة تحت .. رأى مثل الجميع ما يحدث ، و لم يعلق .. رفض معاهدة السلام ، سكت لأن رأيه لا يهم ..
ساعد الراكب الهاوي للكلمات المتقاطعة على حلها ، شجع تلاميذ الثانوية العامة و هم يذهبون للامتحان .. وربما أجابهم على بعض الأسئلة .. و توقع لهم ما سيأتي في الامتحان ..

أحياناً تصدق نبوءته .. حضر كل شئ و لم يحضر أي شيء ، متفرج فقط كان يكيفه هذا الدور ، و يعرف جميع زملائه .. مرن الكثيرين منهم ، كان يركب أي أتوبيس يصادفه أثناء عودته للبيت .. أحاديث الناس ما زالت تدور في رأسه و تؤرقه - العيشة بقت نار – الناس لحست الأسفلت – صدام غلط – نعم غلط و لكن أهذا هو الحل – مستحيل .. من يكسب المليون – موت سعاد حسنى أم موت الشيخ ياسين - نحن نحاكم شعب و ندمره لأجل فرد لأجل شخص

مستحيل ! هذا جنون !
اللي بيضرب في العراق بكرة يضرب في الوراق ..
لم يعرف وقتها لماذا الوراق تحديداً و لكنه ضحك من قلبه ..
بن لادن لقمة وقفة في زور أمريكا و شوكة في ظهر الشعب العربي .. إيران ، ولا سوريا ، و لا الوراق ، ياه
عاد إلى واقعة عندما وجد يداً تربت على كتفه . رفع رأسه وجد زميله القديم أمامه ، فأجفل صديقه و هو يقول له تذاكر يا أستاذ .. تذاكر .
و كأنما أصبح لاحق له الآن في أن يركب دون أن يدفع ثمن التذكرة أخرج من جيبه جزءاً من مبلغ المكافأة .. دفعه إلى يد زميله ثم خطف منه صندوق التذاكر .. و راح يمزقها و يرميها من الشباك لثالث مرة في حياته ..

و الركاب من حوله في حالة ذهول ، و زميله يقف يخبط كفاً بكف غير مصدق .. بينما راح هو يقهقه ضاحكاً .. ( و أتوبيس 6 ) يتمثل أمامه كأنه لا نهاية له .. لا نهاية له .



#محمد_إبراهيم_محروس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد إبراهيم محروس - أتوبيس (6)