أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ناهد نصر - اسطنبول.. مدينة تحب أبنائها














المزيد.....

اسطنبول.. مدينة تحب أبنائها


ناهد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2412 - 2008 / 9 / 22 - 09:42
المحور: المجتمع المدني
    


خلال ما يزيد على المائة حلقة.. وبينما نلهث دون توقف خلف حكاية الشاب الأشقر أزرق العينين، والفتاة الخمرية فى فيلات اسطنبول الفارهة، وفوق كبارى اسطنبول وحول أنهار اسطنبول.. أتساءل فى أى بقعة من هذه الاسطنبول خلق الله مهند ونور.. وأتذكر اسطنبول أخرى غير هذه. فتلك التى عشتها كانت شيئاً آخر.. أقل توهجاً ربما، لكنها أكثر ارتباكاً وتناقضاً.

خديجة الفتاة التى استقبلتنا خارج بوابة المطار كانت ترتدى الحجاب ومضت طوال الطريق الذى قطعناه بالمترو، تتحدث عن سعادتها بقرار منع حظر الحجاب الذى حصلوا عليه مؤخراً، "منذ فترة قليلة كان الحجاب ممنوعاً فى المدارس وفى كل الوظائف العامة" وهل كنت تذهبين إلى الجامعة بلا حجاب يا خديجة" قالت نعم، وهل كان يضايقك هذا الأمر.. قالت "بشدة" ومضت طوال الطريق الذى قطعناه بالمترو، تتحدث عما تراه أوجهاً للاضطهاد الذى يواجه المحافظين من المسلمين على يد علمانيى تركيا، إرضاء كما تقول لرغبات الاتحاد الأوروبى. "لكن ألا تودين أن تنضم بلادكم للاتحاد يا خديجة" تقول نعم وبالتأكيد "فنحن نستحق" وما رأيك فى قمع الأكراد وحبس زعيمهم أوجلان.. وما رأيك فى بقاء الاحتلال التركى لبعض قبرص، قالت "هم يستحقون ما يحدث لهم والأرض من حقنا" لكن هذا يتنافى مع حقوق الإنسان يا خديجة، تذكرة مروركم للاتحاد تقول "تركيا للأتراك ونحن أدرى بسياساتنا الخارجية". لا يصل المرء مع خديجة لمنطق ما. لكنها ليست غلطتها.. إنها اسطنبول هى هكذا.

خديجة لا تتجاوز العشرين من عمرها، فى السنة النهائية بكلية الحقوق، تصوت للمحافظين بإصرار وحماس لأنهم حزب الأغلبية والناس معهم "وليسوا مع العلمانيين"، لكن ما كل هذه الصور لأتاتورك فى كل مكان يا صديقتى، تقول "هذا رمز تركيا"، لكن أليس هذا الرجل بالذات ضد كل ما أنت مؤمنة به بالذات؟ تصمت، وتخبرنى باقتراب المحطة.

رائع مترو اسطنبول، نظيف ومنظم ومحطاته الفخمة لا يمكن إلا أن تكون قطعة من أوروبا. لكن نساء فى ملابس رثة على سلالم الكبارى الصغيرة فى الميدان الرئيسى، تجرجرن أطفال وتمددن أيديهن استعطافاً "لحسنة" لا تشبهن سوى مثيلتهن فى واحدة من عشوائيات القاهرة.

من أى دكان من دكاكين اسطنبول يمكنك ابتياع ما تشاء من أنواع الخمور، فلا رقابة ولا حظر ولا تصاريح خاصة، لكن احتساء الخمور فى الشوارع والأماكن المفتوحة "عيب" بحكم العرف، غير أن مساء اسطنبول تمتلئ أرصفته بشباب وفتيات يحتسينها ملفوفة فى مناديل ورقية احتراماً للأخلاق العامة وليس تحايلاً على شرطى لا دخل له بالأمر.

الأوروبيات وخاصة الشقراوات منهن واللواتى تتحدين حرارة الظهيرة بالتخفف من أغلب الملابس، تتسلحن برشاشات الفلفل ولا تسلمن من معاكسات الشباب التى لا تخلو من بذائة. غير أن مساء اسطنبول يفاجئك بعاهرات ومثليين يقفون بلا وجل لاجتذاب الزبائن إلى بيوت علنية فى الشوارع الرئيسية، فى حين لا تتوقف مآذن اسطنبول التى لا تحصى عن ترديد التكبيرات خمس مرات فى اليوم.

المركز الإسلامى الذى ذهبنا لزيارته حيث تتطوع خديجة متخصص فى تعليم القرآن واللغة العربية، وهو واحد من بين الكثير من نوعه تضخ إليه أموال سعودية وباكستانية، ويلفت نظرك التطابق بين رواده من الفتيات، فكلهن ترتدين جلابيب طويلة وأغطية رأس، وكل واحدة منهن بمجرد معرفتها بأنك من مصر تسرح بخيالها فى زيارة قديمة أو مرتقبة للأزهر. وفى بيت خديجة شربنا مياه زمزم المعبئة فى أباريق فضية لامعة ومحفوظة بعناية للضيوف. ثم أكواب الشاى الاسطنبولى الثقيل المخفف بالماء والمحلى بقوالب السكر.

عشرة أيام كانت مدة إقامتى لم تخلو من مهرجان مفتوح للعلمانيين ومظاهرة حاشدة للمحافظين، وما بين المهرجانات الصاخبة حيث الموسيقى الغربية، والألوان والشباب والبنات من كل الأعمار فى الشوارع، وما بين المظاهرات بأغطية الرأس والشعارات الإسلامية، لا تملك سوى الشعور بالغيرة من هذه المدينة الهادئة فى ضجيجها والموضوعية فى تناقضاتها لأن على أرضها متسع للجميع، على الأقل حتى الآن.



#ناهد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوساطة الغائبة
- من أين نبدأ ؟
- حزب الله والقوى الوطنية العربية
- البيت الكبير تسكنه القطط
- من دم ولحم أزرق


المزيد.....




- الأونروا: بعض العائلات بشمال غزة تتناول رغيف خبز كل 3 أيام
- لماذا الكيان الاسرائيلي قلق من انتشار المجاعة في غزة؟
- اعتقال -أفريقي- بحوزته 11 كيلو -كوكايين- وتاجر -كريستال ومار ...
- بعد قرار حظر الاحتجاجات.. فضّ مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في أم ...
- ماليزيا تجهز لمعركة دبلوماسية ضد إسرائيل داخل الأمم المتحدة ...
- غزة على شفا المجاعة.. والمنصات تفضح صمت المجتمع الدولي
- منظمات دولية تطالب بإعلان المجاعة رسميا في شمال قطاع غزة
- حظر الأونروا.. محاولة جديدة لتكريس سيطرة الاحتلال على القدس ...
- وزير خارجية إسرائيل يدعو لتعزيز العلاقات مع الأقليات في الشر ...
- مقتل و اعتقال عدة عناصر إرهابية جنوب شرق ايران


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ناهد نصر - اسطنبول.. مدينة تحب أبنائها