أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج كتن - هل نشهد نهاية الديمقراطية الإسلامية؟















المزيد.....

هل نشهد نهاية الديمقراطية الإسلامية؟


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 742 - 2004 / 2 / 12 - 07:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثبتت الثورة الإيرانية نجاح التحريض السياسي الإسلامي في إسقاط نظام استبدادي لا وطني فاسد، بالاعتماد على دور شعبي واسع انتصر على أعتى القوى العسكرية، إلا أنها بعد ربع قرن أثبتت أيضاً فشل بناء مجتمع ودولة عصرية متقدمة دون المناهج والأهداف والوسائل التي تطرحها الحداثة، فهي تقف الآن أمام خيارين: تطوير وإصلاح وتنمية الحياة السياسية والاقتصادية وصولاً إلى ديمقراطية حقيقية وأوضاع معيشية أفضل، أو التراجع لنظام ديكتاتوري لا يختلف عن نظام الشاه إلا في كون من يقوده رجال دين.
الدور القائد للمؤسسة الدينية في الثورة أضفى عاملاً دينياً على السلطة والمجتمع إلى جانب العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لذلك جاء الدستور الإيراني مستنداً لركني الثورة: المؤسسة الدينية والدور الشعبي، إذ أقر الأسلوب الديمقراطي في الحكم لكن باشتراط عدم تعارضه مع الموازين الإسلامية، أي أن حكم الشعب الذي هو جوهر الديمقراطية مقيد بحكم الشريعة التي تحتكر تفسيرها مؤسسة دينية، ففوق السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، أضاف الدستور سلطة رابعة تلحق السلطات الثلاث بها ويقف على رأسها المرشد المعين من المؤسسة، والمتمتع بسلطات واسعة بالمقارنة مع رئيس جمهورية بصلاحيات محدودة، وتلحق به أجهزة معينة، وخاصة مجلس صيانة الدستور الذي يشرف على سلطة تشريعية منتخبة من غالبية الشعب، ليمنع أو يسمح بإصدار القوانين أو بالترشيح للانتخابات، أي أنه يملك فيتو على حكم الشعب، لاعتراض أي قانون أو قرار أو إجراء مهما كانت الأكثرية التي تدعمه. على هذا الأساس شهدت إيران 22 عملية انتخابية بعد تصفية كافة التيارات السياسية من ليبرالية ووطنية وقومية ويسارية، فالتعدد في ديمقراطية الإسلام السياسي يقتصر على الأحزاب الإسلامية، ولا يمكن مهما كانت نتائج الانتخابات انتقال السلطة من يد المؤسسة الدينية إلى أي من الأحزاب الإسلامية، رغم أن تداول السلطة شرط أساسي من شروط الديمقراطية الحقيقية.
إلا أن غالبية الشعب بعد نهاية الحرب الطويلة مع العراق لم تعد تقبل باستمرار الحكم حسب هذه الطريقة المنافية للديمقراطية، وعبرت عن ذلك بشكل واضح في انتخاب الرئيس الإصلاحي خاتمي بأكثرية كبيرة مع انتخاب غالبية أنصاره لمجلس الشورى مع الأمل بتنفيذه ما تعهد به لنقل البلاد إلى الديمقراطية الحقيقية غير المقيدة، وتحسين الأحوال المعيشية للشعب. إلا أنه بلا تعدد سياسي حقيقي وبلا تداول للسلطة حسب صناديق الاقتراع وبهيمنة للمؤسسة غير المنتخبة على المؤسسات المنتخبة وبازدواج في السلطة حيث الأغلبية المنتخبة لا تحكم والأقلية غير المنتخبة تحكم، فإن فشل التيار الإصلاحي أمر مؤكد في الانتقال السلمي من "الشرعية الثورية" إلى الشرعية الانتخابية ومن "الثورة والأتباع" إلى الدولة والمجتمع المدني، باعتماد التوفيق بين الديمقراطية ومفاهيم الإسلام السياسي.
التجربة الإيرانية لا تختلف عموماً عن تجارب أخرى للإسلام السياسي في السلطة ومنها التجربة السودانية التي أتت بالإسلام السياسي فوق دبابات الانقلابيين، والذي كانت من أولى أعماله احتكار السلطة وتصفية جميع القوى السياسية غير الإسلامية، إلى أن أخرجه منها حلفاؤه العسكر. أما جبهة الإنقاذ الجزائرية التي فازت في انتخابات ديمقراطية فكانت أولى تصريحات قياداتها: إن الديمقراطية تنتهي عند وصول الإسلاميين للسلطة، وعندما ألغى العسكر الانتخابات تحولت أقسام كبيرة من الجبهة لجماعات إرهابية مسلحة. أما خارج السلطة فإن تياراً هاماً من الإسلام السياسي، لا يختلف عن البنلادنية  الطالبانية التي هي أقرب لهمجية القرون الوسطى. أما من يقبل بالديمقراطية وهو خارج السلطة فليس هناك ما يضمن التزامه بها إذا وصل إليها يوماً ما، فيما عدا الإسلام السياسي التركي، فهو تيار ذو هوية إسلامية دون أن يخلط ذلك مع السياسة والاقتصاد، إذ يقود سلطة علمانية ديمقراطية، باستمرار قبوله بالتعدد وتداول السلطة والخضوع لنتائج صناديق الاقتراع.
التيار المحافظ الإيراني المهيمن على كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية والتنفيذية والتشريعية والاقتصادية، والذي يقف على رأسه المرشد، بعد أن صفى بالقمع التيارات السياسية الأخرى، بدأ بإنهاء التيار الإصلاحي الإسلامي بطريقة تدريجية، بعد تحجيم الصحافة الإصلاحية وقمع الحركة الطلابية وتجميد السلطة التشريعية والتنفيذية، إذ أنه لم يعد يفيد في لعب دور الوسيط في المواجهة المتوقعة بين الشارع وسلطة المحافظين، الذين يستمرون في استخدام الدين كستار للحفاظ على بقائهم في السلطة، برفع فزاعة معاداة الإسلام في وجه التيار الإصلاحي، ورفض مرشحيه لأنهم "لا يحترمون الإسلام ومبدأ ولاية الفقيه"، فإذا أرادوا الاستقالة، وهي احد ابسط الحريات الديمقراطية، يهددوا بعواقب وخيمة لأن الاستقالة "مخالفة يحظرها الإسلام". كما يستخدم المحافظون سلاح الوحدة الوطنية "للأمة الورعة"، واتهام التيار الإصلاحي بالتعاون مع الخارج، وهي تهمة جاهزة لدى كل الأنظمة الاستبدادية "الوطنية" ضد خصومها الداخليين.
الخطوة الأخيرة للتيار المحافظ تجميد أي حراك تغييري في المجتمع بعد تحويل مجلس صيانة الدستور إلى مجلس وصاية على الشعب، واستئصال المجلس المنتخب الذي رغم فقدانه الصلاحيات، كان يتكلم بصوت عال يجب إسكاته، ليتحول إلى مجلس شكلي، لا يختلف عن برلمانات السلطات الاستبدادية "الثورية" في المنطقة، فالمهم بعد إقصاء أقطاب الإصلاح عن الترشيح ليس نتائج الانتخابات فهي شبه مضمونة ولكن المهم هو المشاركة "بحماس"، فمقاطعة الشعب كما فعل في الانتخابات البلدية السابقة فضيحة للمحافظين، وحتى لو نجح إصلاحيون إسلاميون آخرون فالشعب أصابه اليأس من ممثلين ينتخبهم مقيدة أيديهم بهيمنة السلطة الرابعة. التيار المحافظ بذلك يغلق الباب أمام أي تنازلات للشعب من أجل الإصلاح والتطور والتقدم والتحديث الداخلي، مع الاستعداد للتنازل أمام الخارج المتطلب، وآخر ذلك السماح للتفتيش الدولي المفاجئ، مما يتشابه مع مواقف الأنظمة الاستبدادية الأخرى في المنطقة.
فشل التيار الوسطي الإصلاحي، هو فشل للمصالحة بين الدين والديمقراطية، حيث الحقيقة المطلقة التي يستند إليها الإسلام السياسي ويحتكر الاجتهاد في تفسيرها، لا توسط فيها، فإما هي وإما الكفر، مما يتناقض مع الحقيقة النسبية القابلة للتجريب والمراجعة والتغيير والرأي والرأي الآخر، التي هي جوهر الديمقراطية. فشل التيار الإصلاحي انتهى باستسلام خاتمي وإقراره بأن "السلطة ممسوكة من..سلاطين القمع..الذين استخدموها ضد الشعب.. متذرعين بالدين..". رغم هذا الاعتراف، وافق على إجراء انتخابات بلا منافسة حقيقية، بدل الاستقالة والمقاطعة والانضمام للشعب للعمل من اجل الحريات. وهو هزيمة للإصلاح لن يستفيد منه المحافظون، بل سيؤدي لبروز التيار التغييري الذي بدأ ينتشر في الأوساط الشعبية رغم أن الأكثرية صامتة، وتجلى ذلك في الحركة الطلابية في حزيران الماضي التي تسير على طريق الانفصال عن التيار الإصلاحي، بعد اليأس من تردده وبطئه وعدم ثقته بالشارع، وتتوجه لحلول علمانية خارج إطار نظام الإسلام السياسي، بعد تطور الوعي في المجتمع نحو المطالبة بالحريات الحقيقية التي لا يلبيها الدستور الحالي، بما يحقق التعدد بالحرية لكافة التيارات السياسية وتأمين تداول السلطة وإلغاء الازدواج لصالح السلطة المنتخبة.
فشل التيار الإصلاحي ليس الفشل الوحيد إذ سيتبعه فشل القمع في الحفاظ على سلطة الأيديولوجيا القديمة، ويخشى في مرحلة قادمة أن ينتقل الإحباط لقطاعات تتحسر على نظام الشاه البائد، كما يتحسر كثيرون على الأنظمة الليبرالية التي قضى عليها "الانقلابيون الثوريون" العرب، أو توجه قطاعات لانتظار التغيير من الخارج كما حدث للشعب العراقي المضطهد. وربما تكون تصفية التيار الإصلاحي السهم الأخير قبل الانهيار الشامل للتجربة "الديمقراطية الإسلامية"، وعندها كما كان تطبيق إيران لأول نظام سياسي إسلامي عاملاً أساسياً في الانتشار الواسع للتيار في المنطقة العربية، فستكون نهايته بداية الانهيار لمفاهيم خلط الدين بالسياسة.
*كاتب فلسطيني



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفكيك السياسة الخارجية الأميركية
- أولوية النصوص على الوقائع! ماذا تبقى من الماركسية؟
- نحو أحزاب ديمقراطية تزيح حزب -ما العمل- المركزي والشمولي
- المخاض العسير- لعراق ديمقراطي عقبات وحلول
- وثيقة جنيف والنخب العدمية
- أممية شعبية قيد التشكيل


المزيد.....




- “TV Toyour Eljanah”‏ اضبطها حالا وفرح عيالك.. تردد قناة طيور ...
- إنشاء -جيش- للشتات اليهودي بدعم من كيان الاحتلال في فرنسا
- بينهم 5 أمريكيين.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل سبعة يهود حاولوا ...
- اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمشاهدة ممتعة لاحلي اغ ...
- لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا ...
- -باسم يوسف- يهاجم -إيلون ماسك- بشراسة ..ما السبب؟
- إسرائيل تغتال قياديا بارزا في -الجماعة الإسلامية- بلبنان
- -بعد استعمال الإسلام انكشف قناع جديد-.. مقتدى الصدر يعلق على ...
- ماما جابت بيبي.. تردد قناة طيور الجنة الجديد الحديث على القم ...
- معظم الفلسطينيين واليهود يريدون السلام، أما النرجسيون فيعرقل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جورج كتن - هل نشهد نهاية الديمقراطية الإسلامية؟