أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حامد الحمداني - العراق ومخاطر المعاهدة الأمريكية المقترحة















المزيد.....

العراق ومخاطر المعاهدة الأمريكية المقترحة


حامد الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 10:49
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


العراق اليوم يجتاز أخطر مرحلة في تاريخه الحديث ستقرر مصيره لأمد طويل، ويترتب على العراقيين أن يدركوا طبيعة هذه المرحلة، وطبيعة المخاطر المحدقة بمستقبلهم، حيث بات العراق رهينة المشاريع الأمريكية المتعلقة بمستقبل ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد!.
فالجيوش الأمريكية ما زالت جاثمة على صدور العراقيين منذ عام 2003 وحتى اليوم، وليت أن الأمر انتهى إلى هذه الحال، لكن الذي جرى بعد إسقاط نظام البعث الفاشي كان عملية هدم وتخريب منظمة للبنية التحية العراقية وسائر أجهزة الدولة، لتترك البلاد فريسة سهلة لعصابات النهب والسلب والقتل والتخريب والتدمير، ثم لتنصب على العراق الدبلوماسي الأمريكي، وخبير ما يدعي بمكافحة الإرهاب بول بريمر حاكماً على البلاد، ليشيد لنا نظاماً طائفيا ًرجعياً كريها، ويضع اللبنات الأساسية لمشروع تمزيق العراق عبر دستوره الذي دعاه بـ [ قانون إدارة الدولة في المرحلة الانتقالية]، والذي اتخذ أساسا للدستور الدائمي الذي جرى تشريعه فيما بعد على أيدي قوى الإسلام الطائفي الشيعي بالاشتراك مع القوى القومية الكردية فكان من نتائج تلك السياسة الأمريكية الرعناء إيصال العراق إلى حالة من الصراع الطائفي والعراقي وصولا للحرب الأهلية الطائفية التي سادت البلاد. .
هذا هو حالنا الذي أوصلتنا إليه اليوم الولايات المتحدة بعد أن دمرت كل شئ، فهي لم تسقط نظام صدام فحسب ، بل أسقطت العراق بكل مؤسساته ، المدنية والعسكرية، فقد حلت جيشه ودمرت جانباً كبيراً من سلاحه، وأتاحت للسراق سرقة الجانب الآخر، وتركت العراق ضعيفاً بين الوحوش المحيطة به، إيران والسعودية وسوريا وتركيا والكويت والأردن وإسرائيل، لكي يقول حكام أمريكا للعراقيين أنكم مهددون من قبل جيرانكم، وأن وجود قواتنا في العراق أمر ضروري لحمايته.
يقال أن التاريخ لا يعيد نفسه، وإذا أعاد نفسه يوماً ما فعلى شكل مهزلة، وهذا ما يجري في بلادنا كما يبدو، فحكام أمريكا يفعلون اليوم نفس ما فعل الامبرياليون البريطانيون الذين احتلوا العراق خلال الحرب العالمية الأولى عندما أعلن قائد الحملة العسكرية التي احتلت العراق للشعب قائلا:
{ لقد جئنا لكم محررين}، لكنهم عملوا في بادئ الأمر على حكم البلاد حكماً عسكرياً مباشراً، واستمروا على تلك الحال حتى أجبرتهم ثورة عام 1920 على تغيير أسلوب حكمهم، حيث أقاموا ما دعي بالحكم الوطني، وجاؤا بالأمير فيصل ونصبوه ملك على العراق، يعاونه عدد من الضباط الذين خدموا في الجيش العثماني، وانضموا إلى ثورة الملك حسين بن علي ضد الحكم العثماني، و حكموا العراق من وراء الستار منذُ ذلك الحين وحتى وقوع ثورة 14 تموز ،1958 بعد أن نصّبوا حكومة موالية لهم، لا حول لها ولا قوة سوى الطاعة، وفرضوا على العراق المعاهدة الإسترقاقية الجائرة التي دُعيت بـ [ معاهدة عام 1922]، ومن بعدها معاهدة عام 1930، ثم تلاها عقد حلف بغداد عام ،1955 والتي جعلت العراق تحت الهيمنة البريطانية.
فقد جاء الغزو الأمريكي للعراق بدعوى [ حرب تحرير الشعب العراقي من نظام صدام الفاشي] فإذا بالمحتلين الجدد يطبقون نفس السياسة الاستعمارية التي انتهجتها بريطانيا العظمى آنذاك، احتلال مستمر، وضغوطات مستمرة على الحكومة التي نصبوها هم أنفسهم لتوقيع معاهدة طويلة الأمد تجعل من الاحتلال الأمريكي للعراق أمراً واقعاً بصورة رسمية، وحجة المحتلين هي الحفاظ على امن واستقلال العراق، فأي أمن حل في البلاد ، وأي استقلال وسيادة تلك التي يتحدثون عنها؟
إن الولايات المتحدة بعد كل الذي جرى على أيديها من خراب ودمار وتمزيق للبنية الاجتماعية العراقية، وشيوع الصراع الطائفي والعرقي في البلاد، وصولاً للحرب الأهلية التي أزهقت أرواح أكثر من 650 ألف مواطن برئ، وأقامت في البلاد نظاماً طائفياً مقيتاً، وفسحت المجال واسعاً أمام القوى القومية الكردية الشوفينية، وقوى الإسلام الطائفية الشيعية للسير في طريق تمزيق العراق من خلال إقامة الفيدراليات المشبوهة قد فقدت مصداقيتها لدى الشعب العراقي، وتلاشت الثقة التي وضعها البعض في الإدارة الأمريكية التي غزت العراق بدعوى إنقاذ الشعب العراقي من طغيان نظام الدكتاتور صدام حسين، وإقامة نظام ديمقراطي بديل، فقد تلاشت كل تلك الأحلام، وتلك الثقة التي وضعوها في الإدارة الأمريكية، بل لقد تحولت نظرة المواطنين العراقيين إلى الكراهية الشديدة للمحتلين الأمريكيين، وبدأ الشعب العراقي يحس بوطأة الاحتلال، وبرغبة الإدارة الأمريكية ببقاء الاحتلال جاثماً على صدور أبنائه إلى أمد غير محدود، وأصبح حلم العراقيين أن يشهدوا تحرر البلاد من الاحتلال واستعادة سيادته واستقلاله الكاملين، وانسحاب القوات الأمريكية المحتلة بأقرب وقت ممكن.
ولكون الوضع الأمني غير مستقر في البلاد ، وبسبب ضعف مستوى تسليح الجيش العراقي والأجهزة الأمنية، وتغلغل أعضاء الميليشيات الحزبية الطائفية والعراقية في صفوفه فإن انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من العراق في الوقت الحاضر بات يهدد الوضع الأمني الهش في البلاد، ويثير القلق في نفوس العراقيين بعد تلك السنوات القاسية التي عاشها في رعب شديد.
ولأجل تجنب انتكاسة الوضع الأمني من جديد، فإني أرى أن الحل الوحيد الممكن في الوقت الحاضر هو استبدال قوات الاحتلال الأمريكي بقوات تابعة للأمم المتحدة لفترة زمنية محددة يجري خلالها تشكيل حكومة تنكوقراط مشهود لأعضائها بالكفاءة والأمانة والإخلاص للعراق وحده، تتولى إعادة النظر في الدستور بما يضمن وحدة العراق شعباً ووطنا، وبناء المؤسسات الديمقراطية تمهيداً لإقامة نظام حكم ديمقراطي حقيقي يضمن الحقوق والحريات العامة للمواطنين على قدم المساواة بصرف النظر عن القومية والدين والطائفة، وتنظيم الحياة الحزبية في العراق على أسس ديمقراطية بعيداً عن الطائفية المقيتة والعرقية المتزمتة، وتعيد تنظيم الجيش والأجهزة الأمنية على أسس قويمة، وتنظيفها من سائر العناصر التابعة للميليشيات الحزبية دون استثناء، وتسليح الجيش بالأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية بما يتيح له استعادة الأمن والسلام في البلاد، وحماية حدود العراق، والتصدي لأي عدوان على سيادته واستقلاله من دول الجوار.
وعندما يقف العراق على قدميه من جديد ويستعيد حريته واستقلاله سيكون على استعداد لعقد الاتفاقيات المختلفة مع الولايات المتحدة وسائر الدول الأخرى على قدم المساواة على أساس المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة شرط احترام سيادة واستقلال العراق، لا على أساس غالب ومغلوب، أو قوي وضعيف، كما يجري اليوم لفرض معاهدة طويلة الأمد مع الولايات المتحدة تكرس احتلال العراق .
أن من يقرأ معاهدة عام 1922 التي فرضتها بريطانيا وأعوانها في السلطة بالقوة لا يرى في المعاهدة الجديدة المقترحة مع أمريكا، بما سربته الصحافة الغربية من بنودها ، سوى نسخة طبق الأصل لتلك المعاهدة المشؤومة.
إن من حق المواطنين العراقيين أن يرتابوا من سياسة الإدارة الأمريكية التي تدعي حرصها على سيادة واستقلال العراق، بعد أن أقدمت على حل الجيش العراقي وقواته الأمنية والاستعاضة بجيش وقوات أمنية عشعشت فيها ميليشيات الأحزاب الطائفيه والعرقية المتعددة الولاءات، ودون أن تسلح الجيش بما يحتاجه من الأسلحة كي يضمن قدرته على صيانة أمنه الداخلي وحدوده وحماية استقلاله؟
فبعد مرور 5 سنوات على الاحتلال، لا يمتلك العراق طائرة حربية واحدة ولا أسلحة ثقيلة يحمي بها الوطن، كما أن ترسانته الضخمة من الطائرات والدبابات والمدفعية والصواريخ قد جرى تدمير جانب منها، وتمت سرقة الجانب الآخر من قبل الميليشيات الكردية، وما زالت إيران تحتفظ بأكثر من 140 طائرة حربية ومدنية بعث بها دكتاتور العراق صدام إلى إيران إثناء حرب الخليج الثانية خوفاً عليها من التدمير.
وما زال العراق تحت طائلة البند السابع لغاية اليوم على الرغم من سقوط
نظام صدام، واحتلال العراق من قبل جيوش الولايات المتحدة، فهل ما زال العراق اليوم يهدد الأمن والسلام في المنطقة، وهو العاجز عن حماية نفسه، والتصدي للتدخل الفض في شؤونه الداخلية من قبل جيرانه الطامعين بثرواته؟
لقد بات العراق اليوم في مأزق حرج جراء السياسة الأمريكية، فلا هو قادر على حماية وضعه الداخلي، ولا هو قادرٌ على التصدي للتهديدات الخارجية المتربصة به بحيث أصبح خروج القوات الأمريكية من العراق يعرض فعلا أمنه الداخلي والخارجي لخطر كبير، وفي مقدمة الأخطار المحدقة به هو الخطر الإيراني، وخطر عودة نظام البعث إلى الحكم من جديد، وبذلك تحل بالبلاد كارثة أشد وأقسى.
لقد أوصلتنا الإدارة الأمريكية إلى هذه الحالة المفجعة، التي وضعت العراق أمام خيارين أحلاهما مرٌّ، فإما القبول بالوجود العسكري الأمريكي في العراق، وأما لينتظر الشعب المغلوب على أمره والمسلوب الإرادة، المصير الكارثي المحتوم.
إن على الحكومة العراقية الحالية أن تتحمل المسؤولية الوطنية تجاه شعبها وأن تعرض عليه بكل شفافية بنود المعاهدة المفروضة من قبل الإدارة الأمريكية ليكون على بينة من أمره، وعلى المخاطر المحدقة بمستقبله، وستجد في الشعب خير عون لها على الصمود أمام أطماع المحتلين، وبعكسه ستتحمل الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية المشاركة في الحكم وزر أي معاهدة تسلب سيادة واستقلال البلاد، فلن يغفر الشعب العراقي لمن يسعى لبيع الوطن للمحتلين مهما كانت التبريرات، ومهما طال الزمن، ولا بد أن يستعيد العراق حريته واستقلاله مهما غلت التضحيات.



#حامد_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة الكويت والسياسة القصيرة النظر تجاه العراق!!
- من ذاكرة التاريح: الفخ الذي نصبه الحزب الديمقراطي الكردستاني ...
- حول الديمقراطية والحياة الحزبية في العالم العربي
- المقدمات الخاطئة لن تعطِ إلا نتائج خاطئة وقد تؤدي إلى نتائج ...
- العراق يواجه خطر داهم ، وعلى الشعب أن يأخذ الأمر بيده قبل فو ...
- أحزاب الإسلام السياسي الطائفي تتاجر بأرواح المواطنين
- الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران والخيارات المرة
- إلى الذين طعنوا بثورة 14 تموز وقائدها الشهيد قاسم :هكذا وقع ...
- حرب الخليج الثالثة والكارثة التي حلت بالعراق الحلقة الأخيرة ...
- حرب الخليج الثالثة والكارثة التي حلت بالعراق الحلقة 29 / 30
- حرب الخليج الثالثة والكارثة التي حلت بالعراق الحلقة 28 / 30
- حرب الخليج الثالثة والكارثة التي حلت بالعراق الحلقة 27 / 30
- حرب الخليج الثالثة والكارثة التي حلت بالعراق الحلقة 26 / 30
- دروس وعبر من ثورة 14 تموز المجيدة
- في الذكرى الخامسة والأربعين لانتفاضة الشيوعيين ضد نظام انقلا ...
- حرب الخليج الثالثة والكارثة التي حلت بالعراق الحلقة 25 / 30
- حرب الخليج الثالثة والكارثة التي حلت بالعراق / الحلقة 24
- حرب الخليج الثالثة والكارثة التي حلت بالعراق / الحلقة 23
- حرب الخليج الثالثةوالكارثة التي حلت بالعراق / الحلقة 22
- حرب الخليج الثالثة والكارثة التي حلت بالعراق / الحلقة 21


المزيد.....




- السيسي يعزي البرهان هاتفيا في وفاة نجله بعد تعرضه لحادث سير ...
- مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون يتحدثون عن أيام لإتمام صفقة الر ...
- مقتل 5 فلسطينيين في الضفة الغربية
- وسائل إعلام فلسطينية: -حماس- وافقت على المقترح المصري لوقف إ ...
- القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية تصدر بيانا بشأن وفاة ...
- قوات كييف تهاجم قرية موروم بطائرتين مسيرتين
- دراسة أمريكية: السجائر الإلكترونية تضر بنمو الدماغ
- مصر.. القبض على المتهم بالتعدي على قطة في محافظة بورسعيد
- الأسد: في ظل الظروف العالمية تصبح الأحزاب العقائدية أكثر أهم ...
- مصر.. الحبس 3 سنوات للمتهمين بقتل نيرة صلاح طالبة العريش


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - حامد الحمداني - العراق ومخاطر المعاهدة الأمريكية المقترحة