أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد الصياد - ملابسات محبِطة في‮ ‬كارثة العبّارة‮ »‬السلام‮ ‬98‮«‬















المزيد.....

ملابسات محبِطة في‮ ‬كارثة العبّارة‮ »‬السلام‮ ‬98‮«‬


محمد الصياد

الحوار المتمدن-العدد: 2377 - 2008 / 8 / 18 - 10:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


على نحو‮ ‬غير متوقع جاء الحكم الذي‮ ‬أصدرته محكمة‮ ‬سفاجا‮ ‬بمصر في‮ ‬قضية العبّارة‮ ‬السلام‮ ‬‭ ‬98‮ ‬التي‮ ‬غرقت في‮ ‬العام‮ ‬1998‮ ‬وهي‮ ‬في‮ ‬طريقها من ميناء جدة السعودي‮ ‬إلى ميناء خفاجا المصري‮ ‬وراح ضحيتها ألف و34‮ ‬قتيلاً‮ ‬و386‮ ‬مصاباً‮ ‬معظمهم من العمال المصريين العائدين لزيارة أهاليهم في‮ ‬مصر‮.‬
فلقد برأت المحكمة ساحة خمسة متهمين بمن فيهم مالك العبّارة رئيس مجلس إدارة شركة السلام للنقل البحري‮ ‬ممدوح إسماعيل ونجله عمرو نائب رئيس الشركة،‮ ‬من تهمتي‮ ‬القتل والإصابة الخطأ‮.‬
فيما قررت المحكمة حبس قبطان العبّارة سانت كاترين ستة أشهر وتغريمه‮ ‬10‮ ‬آلاف جنيه مصري‮ ‬بإسناد تهمة التقاعس عن التوجه لمكان‮ ‬غرق العبّارة لإنقاذ الضحايا‮.‬
الصدمة طبعاً‮ ‬كانت كبيرة،‮ ‬سواء بالنسبة للمتهم الأول والثاني‮ ‬أو بالنسبة لذوي‮ ‬الضحايا ومن خلفهم زمرة الحقوقيين والقانونيين والمنتمين لسلك القضاء النزيه‮.‬
إذ جاء الحكم على خلاف التوقعات المبنية على القرائن الكثيرة التي‮ ‬حفل بها ملف الدعوى،‮ ‬وجاءت حيثياته التي‮ ‬صدرت في‮ ‬26‮ ‬صفحة فقط،‮ ‬أن المحكمة لم تطمئن لقرائن النيابة بأن المتهمين تقاعسوا عن إنقاذ الضحايا بإرسال عبّارتين أخريين إلى عرض البحر الأحمر‮. ‬
أما عن قرائن عدم سلامة وصلاحية العبّارة المنكوبة عند إبحارها من ميناء ضبا السعودي‮ ‬لميناء سفاجا المصري،‮ ‬فإن المحكمة قابلتها باطمئنانها لسلامة العبّارة‮.‬
وعلى ذلك،‮ ‬كان لابد للمتهم الأول في‮ ‬القضية من أن‮ ‬يطير فرحاً‮ ‬ويهلل لمنطوق الحكم الصادر في‮ ‬الدعوى وهو الذي‮ ‬فر هارباً‮ ‬عقب الكارثة إلى بريطانيا في‮ ‬مارس‮ (‬آذار‮) ‬‭,‬2006‮ ‬وتحديداً‮ ‬مع انعقاد أول اجتماع للجنة تقصي‮ ‬الحقائق التي‮ ‬شكلها البرلمان المصري‮ ‬للتحقيق في‮ ‬الكارثة الذي‮ ‬توّج بإصدار أمر قضائي‮ ‬بإلقاء القبض عليه بواسطة الشرطة الدولية‮ ‬الانتربول‮ ‬،‮ ‬ورفع حصانته البرلمانية التي‮ ‬يتمتع بها كعضو مجلس شورى معين وتجميد أصوله المالية‮. ‬ولم‮ ‬يعد إلى مصر منذ ذلك الحين‮.‬
في‮ ‬المقابل،‮ ‬كان لابد لأهالي‮ ‬الضحايا والمعنيين من تطبيق حكم القانون وإحقاق العدالة أن تعقد لسانهم الدهشة مما انتهى إليه حكم المحكمة الابتدائية من التفات عن وقائع وبيِّنات الدعوى كافة وعدم الاعتداد بها وهي‮: ‬
‮- ‬تقرير لجنة التحقيق التي‮ ‬شكلها مجلس الشعب للتحقيق في‮ ‬الحادث،‮ ‬الذي‮ ‬قال بشأنه عضو المجلس حمدي‮ ‬الطحان إن السفينة لم تكن مطابقة للمعايير‮.‬
‮- ‬امتناع المحكمة عن سماع شهود الإثبات في‮ ‬الدعوى‮.‬
‮- ‬الإتيان بشهود نفي‮ ‬مطعون في‮ ‬ذمتهم بناءً‮ ‬على سجل تعرضهم لإجراءات تأديبية بحسب رأي‮ ‬مصطفى بكري‮ ‬عضو مجلس الشعب‮.‬
‮- ‬مسارعة صاحب العبّارة‮ (‬المتهم الأول في‮ ‬الدعوى‮) ‬لتقديم عرض بتعويض أهالي‮ ‬الضحايا بأكثر من‮ ‬300‮ ‬مليون جنيه قبل توجيه التهمة إليه بالمسؤولية عن الكارثة وهربه فيما بعد‮.‬
‮- ‬إفادة الشركة الوطنية للملاحة البحرية بأنها أرسلت إخطاراً‮ ‬إلى مركز البحث والإنقاذ طلباً‮ ‬للنجدة إلا أنه لم‮ ‬يتحرك في‮ ‬الوقت المحدد،‮ ‬بما‮ ‬يشي‮ ‬بتحقق المسؤولية التقصيرية‮ (‬وهذا الاتهام ساقه النائب العام السابق المسؤول عن ملف القضية قبل أن‮ ‬يتم تحويلها إلى نائب عام آخر‮. ‬وبالمناسبة فقد تناوب على نظر هذه الدعوى ثلاثة قضاة‮).‬
هذه الوقائع والبيِّنات وحدها لا تكفي‮ ‬بالتأكيد لنقض حكم محكمة الدرجة الأولى الذي‮ ‬طعن عليه بالاستئناف النائب العام في‮ ‬يوم صدوره نفسه،‮ ‬ولكنها تنطوي‮ ‬على ما‮ ‬يشي‮ ‬بوجود عيب في‮ ‬الحكم ناتج إما عن قصور في‮ ‬أداء الادعاء العام في‮ ‬تقديم كل ما‮ ‬يعزز ادعائه على المدعى عليهم‮ (‬المتهمين‮) ‬أو عن تسرع وارتجال المحكمة في‮ ‬تأسيس حكمها مستوفياً‮ ‬لجميع الوقائع والأسانيد التي‮ ‬وضعها الادعاء بحوزتها‮.‬
وهذه من الأمور الاعتيادية المتكررة الحدوث في‮ ‬أحكام الدرجة الأولى،‮ ‬ولهذا السبب أنشئت محاكم الاستئناف والنقض أو التمييز لتصحيح وتصويب الأحكام الخاطئة،‮ ‬فهي‮ ‬إما أن تؤيد الحكم المستأنف أو ترفضه بتسبيب جديد‮.‬
ذلك بشكل عام وفي‮ ‬الظروف الاعتيادية،‮ ‬بيد أن القضية المنظورة أمام القضاء المصري‮ ‬والتي‮ ‬نحن بصدد مناقشتها،‮ ‬ليست من الدعاوى الاعتيادية الجاري‮ ‬نظرها وفق قواعد وإجراءات التقاضي‮ ‬والترافع الاعتيادية،‮ ‬ولا هي‮ ‬من جنس القضايا المرتبطة الحدوث بالظروف الاعتيادية السارية‮. ‬إنها دعوى‮ ‬غير اعتيادية،‮ ‬كما إنها تتعلق بظرف استثنائي‮ ‬بالغ‮ ‬الفداحة والحساسية،‮ ‬لأنها تتصل بإزهاق أرواح أكثر من ألف نفس بريئة بسبب عدم التقيد بأنظمة وقواعد سلامة النقل البحري‮ ‬وبسبب تقصير أكيد في‮ ‬توفير أدوات ووسائل النجاة وتدابير الإنقاذ‮.‬
وهذه أسباب كافية لأن تتعامل المحكمة التي‮ ‬نظرت الدعوى المتعلقة بهذه الكارثة بناءً‮ ‬على وقائعها الظرفية الاستثنائية،‮ ‬وهو ما لم‮ ‬يتوفر في‮ ‬محصلة حيثيات الحكم الصادر فيها للأسف الشديد‮.‬
وهذا بطبيعة الحال،‮ ‬ليس مؤشراً‮ ‬جيداً‮ ‬بالنسبة للتقدم المفترض إحرازه على صعيد مؤشرات الشفافية،‮ ‬ومنها خصوصاً‮ ‬مؤشر مدى الالتزام بتطبيق مبدأ‮ ‬حكم القانون‮ ‬الذي‮ ‬صارت المؤسسات الدولية تحرص على تفصيل بيانه دورياً‮ ‬بالنسبة لدول العالم كافة لتقديم خدمة معلوماتية للمستثمرين الدوليين عن حال الأمان الاقتصادي‮ ‬السائد فيها‮.‬
ليس هذا وحسب،‮ ‬بل الأهم من ذلك نيل درجة رضا معقولة من عموم الجمهور الذي‮ ‬لا تنقصه المحبطات والمثبطات وعوامل تكثف وتراكم السخط والغضب،‮ ‬الكامن والسافر منهما‮.‬
ثم إن التعامل بجدية في‮ ‬مثل هذه القضايا الحقوقية والإنسانية الكبرى وإحقاق العدالة فيها،‮ ‬من معايير إثبات الصدقية والانتماء لعالم القرن الحادي‮ ‬والعشرين ومدنيته.





#محمد_الصياد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول علاقة الدين بالدولة الأمريكية الحديثة


المزيد.....




- طيارو القاذفات B-2 -الشبح- يروون لـCNN كواليس عملياتهم: -تخت ...
- نائب ترامب عن ضرب إيران: -لا أحد يريد أن يمتلك أسوأ شعوب الع ...
- ترامب ردا على تقرير CNN: الغارات على إيران -من أنجح الضربات ...
- رغم وقف إطلاق النار مع إسرائيل.. أمريكا تراقب أي تهديدات من ...
- -نصران- في حرب واحدة: ما نعرف عن النتائج الأولية للمواجهة بي ...
- إيران لم تسقط وإسرائيل تجاهلت دروس التاريخ
- جيروزاليم بوست: محادثة صعبة بين ترامب ونتنياهو بشأن إيران
- تقييم مخابراتي أمريكي: الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية ...
- 21 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر اليوم
- كيف يستثمر ترامب مديح الناتو لتكريس زعامته؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد الصياد - ملابسات محبِطة في‮ ‬كارثة العبّارة‮ »‬السلام‮ ‬98‮«‬