أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جاسم المطير - عبد الرحمن منيف كدّس لنا كنوز العقل الروائي الرائع..














المزيد.....

عبد الرحمن منيف كدّس لنا كنوز العقل الروائي الرائع..


جاسم المطير

الحوار المتمدن-العدد: 730 - 2004 / 1 / 31 - 16:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


تبينتُ  جلية عبد الرحمن منيف عن قرب ولمدة خمسة أعوام ٍ فعالة ، كصديقين وعاملين في مجلة واحدة ببغداد  . نلتقي كل يوم لساعات طويلة حتى في بعض صباحات أيام الجمعة .  أبصرتُ ملامحه كلها وطبيعته الصافية كلها وأدركتُ أن روحه مغلقة وغير مغلقة في آن . فأزيز أفكاره الروائية تحرك تياراً يومياً على صفحات ما يكنب ويسمع صوته مما يكتب .

في مكتب مجلة النفط والتنمية تعطـّرنا ببركة الأحاديث الروائية المشتركة فكان يؤثر في نفسي حين أعرض عليه رواية أو قصة مما أكتب أو حين يأتيه قصاصون وروائيون شباب . يوقد في الجميع وفي مواهبهم  حطباً جديداً  كأنه يقول : من يريد أن يكون على الطريق الصحيح ينبغي أن يدرب عقله جيداً وأن ينسج فنه جيداً .

لم ينجو وقته ولا وقتنا من مجلس الجدل الاقتصادي والسياسي الذي ينعقد في غرفة مكتبه بزائريه الكثار كل يوم يشيع الجد والبهجة المتعددة الألوان . كنا نسمع في غرفته شذرات كثيرة من آراء راقية ومختلفة على مدى اكثر من خمس سنوات  عن الأدب اليوناني والهندي  وعن نجيب محفوظ وشكسبير ودستويفسكي وعن الكوميديا الإلهية وعن أتلف ليلة وليلة ولسان العرب وعن عبد الوهاب البياتي والخيام وعن تمور البصرة وصحراء السعودية إلى جانب أحاديث وتعليقات عن ابرز جوانب الثورة العلمية والتكنولوجية وعن المركبات الفضائية وعن كل التطورات في العالم  والعالم العربي بشكل خاص بعد زيارة أنور السادات لإسرائيل  . بعد الحرب العراقية ــ الإيرانية تحول سطح بناية المجلة في المنصور إلى منصة للفرجة على الطائرات المغيرة وإلى سماع تعليقاته اللاذعة و الساخرة التي اشتهر بها يقولها بكلمة واحدة أو ببضع كلمات .أحاديث تطول أو تقصر أو تتوقف لكن رابعتها جعلتها ترتيبا محوريا ، حّولها إلى ملتقى منيف..

كلها ذكريات شديدة الاتصال بمقالات أخرى مأمولا أدونها  برؤية موضوعية متعددة الجوانب عن خارطة وجوده معايشا أقسى فترة من فترات تسلق صدام حسين جدران السلطة .

أمتلك هذا الرجل فكراً وقاداً لا يتوقف..  ففي ساعاته اليومية يلتحم في ذهنه سمع وبصر وتفكير  من فكرة سياسية أو اقتصادية أو روائية كالتحام " الجزء  " المستمتع في باطن عقله مع " الكل " المحيط  به أو المتحرك فيه . يتطلع دائماً إلى لب الأشياء وإلى ينابيعها لمغالبة ما يحيط بالوطن والشعب والأمة من عواصف . خاصة أنه كان يعيش في قلبها ببغداد قبل الحرب العراقية ــ الإيرانية وبعد اشتعالها . وكانت كل أقواله اليومية حول هذه القضية أو تلك تبدو رائعة حتى في ساعتها الأولى فهو بطبيعته لا يحب الجزم بالكلام لكنه ينسج استنتاجاته خطوة خطوة بهدوء تام قلّ نظيره . لكنه لا يعتد برأيه و لا يعظ لا نفسه ولا غيره ، لتجد نفسك أمام سقراط المتكلم .

ما توقعت أن يرحل بهذه العجالة ففي داخله كنز روائي لم يضعه  كله على منضدته ، بعد . حين دخل التاريخ روائياً ، في مدن الملح ، كانت عبقريته تتواثب وتطير حول هذه الواقعة أو تلك من وقائع التاريخ العربي الحديث ينتظر لطف الوقت كي يوفر له حافلة المزيد من الإبداع والإنجاز .

كان يشكو مجيء الليل سريعاً ويشكو طلوع النهار سريعاً . يتطلع بين الشكويين بعيداً وأبعد..  يهوى ساعات الليل كما يهواها نهارا ومشقته الوحيدة في كتابة  الرواية التي بدأها بعد الأربعين هي مشقة انتهاء النهار ليلا وانتهاء ليله بالنهار فهو لكليهما مخلص يقول للزمن : دافع عني بمنحي المزيد من وقتك لأدافع عنك بالقلم .

غير أنه رحل سريعاً تحت معاناة العجز الكلوي و ضربة القلب المفاجئة .

هذه كلمات نبعت عندي  حزناً برحيله . تماماً مثلما نبعت عندي  بحزن كبير عندما أعلمني قراره بالرحيل من بغداد ذات يوم تراكمت فيه  غيوم حرب قادسية صدام حسين  كثيفة فوقها ويوم أرادت أن تحوم حول حريته فأيقن في اللحظة المناسبة أنه لا يوجد نيرون في العالم بلا فسق ولا قسوة  .

الرحيل المفاجئ عادته . علامة من علامات حركته من بلد إلى آخر محاولاً الوصول إلى خير العطاء في عالم ٍ مليء بالحركة وهو يحمل مشاعره الجليلة عن المكان الذي لا يستقر فيه باحثاً بقسوة عن مصير الإنسان العربي وعن ضوء ينير  بالكلمات الروائية الباحثة عن أجزاء حياته وعن أشيائه

 كلها .

كان عبد الرحمن منيف " كلٌ "  في زمن الرواية العربية وكان قارعاً لنواقيس إبداعها و مجدد       " أشيائها " كلها  .

عبد الرحمن منيف لم يكن من نوع الرجال الذين يمسكون بالمكان ..

لكنه من النوع الذي يمسك بالزمان .

ستبقى أعماله الروائية ذات تعزيم قوي للرواية العربية  وللروائيين العرب حتى مستقبل بعيد .. ستظل روحا إنسانية بمسعاها السامي .

أنا مملوء بالحزن والقلق في هذه اللحظة الصعبة  وعندما أفيق يبدأ عندي مجرى جديد لتدوين ذكرياتي مع أناشيده الموجهة للعالم الفسيح ..

يا أصدقاء الرواية العربية الفضلى أبـّنوه في قلوبكم فعصارات إبداعه تبقى حيّة ..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بصرة لاهاي في 27/1/2004

 



#جاسم_المطير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسامير صغيرة 573
- مسامير صغيرة 572
- مسامير صغيرة 571 - أخبار النسوان
- مسامير صغيرة 570
- إلى الحزب الشيوعي العراقي يحكى أن جريمة جديدة في بغداد ارتكب ...
- مسامير صغيرة 569 - فصائح
- مسامير صغيرة 568 - ماكو ديمقراطية
- في وطننا امرأة أسمها نسرين..
- مسامير صغيرة 567
- ضرورة تضييق وادي أحداث كركوك ..
- مسامير صغيرة 566
- مسامير صغيرة 565
- مسامير صغيرة 564
- مسامير صغيرة 563
- مسامير صغيرة 562
- مسامير صغيرة 560
- مسامير صغيرة 559
- مسامير صغيرة 552
- استيقظوا .. إنها فِعلة مرفوضة ..!
- ابتسم بمسامير صغيرة 543


المزيد.....




- وزير الخارجية الفرنسي يستهل جولته في الشرق الأوسط بزيارة لبن ...
- مفتي سلطنة عمان معلقا على المظاهرات الداعمة لفلسطين في جامعا ...
- -عشرات الصواريخ وهجوم على قوات للواء غولاني-.. -حزب الله- ين ...
- مظاهرات حاشدة بتل أبيب تطالب بصفقة تبادل
- أوكرانيا تطلب من شركة ألمانية أكثر من 800 طائرة مسيرة للاستط ...
- زواج شاب سعودي من فتاة يابانية يثير تفاعلا كبيرا على مواقع ...
- بعد توقف 4 سنوات.. -طيران الخليج- البحرينية تستأنف رحلاتها إ ...
- ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمانة لبناء العلاقات م ...
- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جاسم المطير - عبد الرحمن منيف كدّس لنا كنوز العقل الروائي الرائع..