أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أوهام التنمية العربية














المزيد.....

أوهام التنمية العربية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2348 - 2008 / 7 / 20 - 10:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يمكن القول إن التنمية الانسانية بمعناها الشامل في البلدان العربية مرّت بثلاث مراحل أساسية كجزء من البلدان الحديثة الاستقلال سواء كانت أنظمة ثورية أو محافظة، جمهورية أو ملكية، فإن هناك بعض الخصائص المشتركة التي جمعتها، وإن كانت هناك منطلقات مختلفة ومتباعدة بينها خصوصاً الطريق الذي سلكته لتحقيق التنمية، والعقبات التي واجهتها.

الاولى مرحلة ما بعد الاستقلال أو نشوء الدول الحديثة العهد، وما رافق ذلك من نقاشات وجدالات حول الاهداف والسبل والآليات والفئات المستهدفة والطريق الذي يمكن اختياره الى التنمية، هل هو طريق التوجه الاشتراكي ام طريق التطور اللارأسمالي والنظام الاقتصادي الموجه والتركيز على دور القطاع العام والتخطيط المركزي أم حرية السوق واعلاء دور القطاع الخاص؟! وما رافق ذلك من تطور ونمو اقتصادي ولكن مرحلة ما بعد الاستقلالات العربية ونشوء الدول الحديثة شهدت انقطاعاً لخط التطور التدريجي عبر ثورات وانقلابات وتقليص الحريات والحياة البرلمانية والتعددية، على حساب دور الطبقة الوسطى والمثقفين وصعود العسكر والفئات الريفية، القليلة التعليم والمعارف والشحيحة الخبرة. وقد وصلت هذه المرحلة الى طريق مسدود، رافقه انتشار ظاهرة الفساد والرشوة وانتعاش النزعات الطائفية والمذهبية والعشائرية والجهوية وغيرها وتشظي المجتمعات، بل بروز ظاهرة الهويات المصغرة التقسيمية في ظل سعي لتبديد وتهميش الهوية العامة الجامعة والعمل على تغييبها باعتبارها مسؤولة عن عدم تلبية الحقوق والحريات في ظل الدولة المركزية الشديدة الصرامة.

الثانية مرحلة الطفرة النفطية للبلدان الشديدة اليُسر، والتي استمرت منذ أواخر العام 1973 (بعد حرب اكتوبر) واستخدام النفط سلاحاً في المعركة وحتى مطلع الثمانينات، ومن ابرز سمات تلك المرحلة ارتفاع أسعار النفط، ووجود فوائض بمليارات الدولارات سنوياً، لكنها اتجهت الى البنوك الامريكية والاوروبية الأمر الذي جعلها رهينة بيد القوى المتنفذة، ومن جهة أخرى احدثت الفوائض المالية نمواً اقتصاديا محلياً سريعاً وبخاصة في الدول النفطية خلال فترة قصيرة سواء للبنى التحتية وفي مستوى التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والتجارية والرفاه بشكل عام، لكنها لم تتمكن من إحداث التنمية الانسانية بمعناها الشامل في الجوانب المختلفة.

الثالثة مرحلة الانكماش الاقتصادي وبخاصة بعد اندلاع الحرب العراقية الايرانية 1980 والتي دامت ثماني سنوات وطاولت تلك المرحلة عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وما تبع ذلك من حروب واحتلالات وبخاصة بعد غزو القوات العراقية للكويت عام 1990 وحرب قوات التحالف ضد العراق في العام ،1991 ومن ثم فرض حصار دولي عليه، وشنّ الحرب ضده عليه عام 2003 وسقوط بغداد ووقوعها تحت الاحتلال في 9 نيسان/ ابريل من العام نفسه.

ولعل من أهم سمات هذه المرحلة تراجع معدلات النمو واستمرار ظاهرة الأمية (حيث يوجد أكثر من 71 مليوناً في الوطن العربي) واستشراء ظاهرة البطالة وهجرة العقول والأدمغة وازدياد الاعتماد على العمالة الاجنبية في دول الخليج العربي مقابل ارتفاع هجرة حادة للكفاءات في دول المغرب العربي، الأمر الذي يطرح في جانب منه مسألة الهوية من جهة، ومن الجهة الأخرى مسألة المهاجرين والمنفيين وحقوقهم وعلاقاتهم ببلدان الأصل، وانعكاس ذلك على مجمل التطور التنموي في جوانبه المختلفة، بما فيها بُعدها الانساني الشامل والمستدام.

وأدت هذه الاوضاع، الى تفاقم مشكلات الأمن الثقافي والانساني والوطني والقومي بصورة حادة وبخاصة في دول الخليج، ويرجع السبب في جزء منه الى كشف نقدي لمسيرة التنمية العربية وانزعاج بعض الاوهام التي رافقتها، لاسيما وانها اعتمدت على مشاريع استهلاكية وعلى التبادل التجاري، والى كونها عملت بعيداً عن التكامل العربي في ظل توجه عالمي لإقامة وحدات اقتصادية كبيرة والى اعتمادها على بيع المواد الاولية وعلى استيراد العمالة الاجنبية، فضلاً عن أن تلك التحولات جرت في ظل وجود قوات عسكرية اجنبية، الأمر الذي يتطلب دراسة تجربة التنمية العربية مقارنة بتجارب اوروبا الاقتصادية منذ الخمسينات وحتى الآن وما أحرزته من نجاحات وتعاون ووحدة.

التنمية والحكم الصالح في عالمنا العربي يمكنهما السير معاً اذا توفرت إرادة سياسية وتشريعات ضامنة ومؤسسات وقضاء مستقل ومساءلة وشفافية وتداول سلمي للسلطة ومجتمع مدني ناشط ورقابة شعبية واعلام حر، اذ لا يمكن تحقيق احدهما دون الآخر الاّ استثناء. أما القاعدة التي يمكن الاستناد إليها، فهي تعتمد على التداخل والتواصل ما بين التنمية والحكم الصالح والاّ وصل كلاهما الى طريق مسدود. ولهذا فإن مواجهة الاشكاليات والتحديات انما تستهدف اختيار السبل الصحيحة والمناسبة لإحداث التنمية الانسانية المنشودة والشاملة وفي ظل حكم صالح (راشد) ورقابة فعالة للمجتمع المدني، بحيث تشترك قطاعات الدولة والقطاع الخاص (رجال الاعمال) والمجتمع المدني في تضافر الجهود في إطار تكاملي وتعاون قوامه حقوق الانسان والحريات الاساسية على اساس سيادة القانون واستقلال القضاء في ظل إدارة سليمة وشفافة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شبح الانسحاب الأميركي من العراق!
- شارل مالك الكبير ولبنان الصغير
- بوش وحصاد الشرق الأوسط!
- في دلالات الحوار الكندي - الإسلامي: فكرة الهوية والخصوصية!
- المنفى والهوية والحنين إلى الأوطان
- جيفارا والحلم الغامض
- التويجري الكبير والحقيقة الخرساء
- النمو الاقتصادي والتنمية الإنسانية: تأصيل المفاهيم!
- قمّة روما والأمن الغذائي
- المعاهدة العراقية-الأميركية: هل التاريخ مراوغ؟
- ماذا بعد وثيقة الإعلام العربية؟!
- مفارقات العدالة الدولية
- أزمة الرهن العقاري الأميركي... ما انعكاساتها على العالم العر ...
- مهنة الدبلوماسية!
- حرية التعبير وتحديات الإصلاح والديمقراطية
- الإعلان العربي للمواطنة
- الصمت الآثم: «المبشرون» وغسل الأدمغة!
- حقوق الإنسان: الهاتف الغيبي!!
- الجولان والوساطة التركية
- حقوق الإنسان: اعتذار أم حالة إنكار؟


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أوهام التنمية العربية