أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - حرية التعبير وتحديات الإصلاح والديمقراطية















المزيد.....

حرية التعبير وتحديات الإصلاح والديمقراطية


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2312 - 2008 / 6 / 14 - 10:07
المحور: حقوق الانسان
    


إذا كان الإصلاح والديمقراطية أهم التحديات التي تواجه العالم العربي ومستقبله على المستوى الداخلي، فإن الأبرز والأهم والأكثر تأثيراً في هذه المسألة الجوهرية هو موضوع الحريات وفي القلب منها حرية التعبير، ولا يمكن الحديث عن الإصلاح والديمقراطية من دون توفير الحد الأدنى من الحريات الأساسية وهي: حرية التعبير، وحرية أو حق الاعتقاد، وحرية أو حق تأسيس الأحزاب والجمعيات والنقابات، وحرية أو حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة.

في التاريخ المعاصر يمكن القول إن حرية تبادل الأفكار والآراء وردت في "إعلان حقوق الإنسان والمواطن" الذي صدر في فرنسا في 26 أغسطس/ آب 1789 بعد الثورة الفرنسية التي حددت أركاناً أربعة لحقوق الإنسان أطلقت عليها اصطلاح "الحقوق الثابتة" التي تتلخص ب: الحرية، الملكية، الأمن، مقاومة الظلم.

واحتوى الإعلان الصادر عن الجمعية التأسيسية على 17 مادة، وفيما يتعلق بحرية التعبير أكد أنها "تقوم على حق ممارسة كل عملٍ لا يضرُّ بالآخرين" و"لا يجوز ازعاج أحد بسبب آرائه بما فيها الدينية"، معتبراً حرية الفكر والرأي من أثمن الحقوق الإنسانية، مؤكداً حق كل مواطن أن يتكلم ويكتب ويطبع بحرية، على أن يكون مسؤولاً عن إساءة استعمال هذا الحق في الأحوال المحددة في القانون، وهو ما أكده الدستور الفرنسي الصادر في 24 يونيو/ حزيران 1793. وكان فولتير قد عبّر عن فلسفة الثورة الفرنسية خصوصاً في موضوع حرية التعبير عندما قال "قد اختلف معك في الرأي ولكني مستعد أن ادفع حياتي دفاعاً عن حقك في التعبير عن رأيك".

وإذا أردنا العودة إلى بعض المفاصل التاريخية ففي القرآن الكريم تردُ العديد من النصوص (الآيات) التي تؤكد حرية المعتقد والرأي فقد ورد في سورة البقرة "لا إكراه في الدين"، وجاء في سورة الكهف "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر". وإذا كانت هذه الرؤية الإسلامية المتسامحة قبل أكثر من 1400 سنة، فيحق للمسلمين مثل غيرهم أن يفخروا بتعاليم دينهم السمحاء، تلك التي غدت بعيدة الآن عن الممارسات والتطبيقات التي تحاول استخدام اسم الدين والتعكز عليه للتعصب والتطرف والإرهاب والغلو، في محاولة لتسييس الإسلام وعزله عن التفاعل مع المشترك الكوني والإنساني للحضارات والثقافات المختلفة.

ومثلما يفخر الصينيون والهنود بالفلسفة "التاوية" و"الكونفوشيوسية" و"البوذية" بما احتوته من تعاليم متسامحة، فإن البريطانيين يؤرخون مساهمتهم في رفد حركة حقوق الإنسان بالماغناغارتا العام 1215 الذي سمي "العهد العظيم" حيث أكد حقوق المواطنين والشعب.

ولعل الأمريكان يؤرخون رفدهم لأفكار حقوق الإنسان بالدستور الأمريكي في أواخر القرن الثامن عشر (1776 وما بعدها) ويظهرون آيات الاحترام لتعاليم ويلسن عشية انتهاء الحرب العالمية الأولى وتأسيس عصبة الأمم، وكان روزفلت رئيس الولايات المتحدة قد وجّه رسالة الى الكونجرس في 6 يناير/ كانون الثاني 1941 تحدث فيها عن الحريات الأربع كهدف سياسي واجتماعي للولايات المتحدة ولشعوب العالم فأجملها ب: حرية المعتقد والكلام وحرية التعبير (كمقدمة لهذه الحريات) وأضاف إليها التحرر من الفاقة والتحرر من الخوف.

نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر/ كانون الأول 1948 والذي يعتبر الشجرة التي تفرعت منها غصون كثيرة اقتربت من نحو 100 معاهدة واتفاقية دولية، على حرية التعبير والرأي كركن أساسي من أركان حقوق الإنسان، وذهبت المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ،1966 والذي دخل حيز التنفيذ عام 1976 إلى التأكيد على الحق في حرية الفكر والعقيدة والدين.

ونصت المادة 19 (الفقرة الأولى) على أن "يكون لكل إنسان الحق في اعتناق الآراء من دون أن يناله أي تعرض بسببها". أما (الفقرة الثانية) فقد أكدت حرية التعبير وحق الإعلام. وذهبت المادة 21 إلى تأكيد حق الاجتماع السلمي في حين نصت المادة 22 على حق تأسيس الجمعيات والانتماء إليها.

إن حرية التعبير في حياة أي مجتمع هي من الحريات الأساسية، فحتى حق الحياة والعيش بسلام ودون خوف باعتباره الحق الأسمى الذي تليه جميع الحقوق لا يمكن الدفاع عنه من دون وجود حرية التعبير، وأي تقدم أو إصلاح أو تغيير ديمقراطي في أي مجتمع سيكون مديناً لحرية التعبير، لأنها البوابة الأساسية التي لا غنى عنها لدخول حلبة الإصلاح وسباق الديمقراطية.

تقول المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيّد بالحدود الجغرافية".

لعل مناسبة الحديث عن حرية التعبير تزداد أهمية في الوقت الحاضر لاسيما بعد توقيع وزراء الإعلام العرب على "وثيقة مبادئ" لتنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية (12 فبراير/ شباط 2008). وقد أثارت تلك الوثيقة ردود فعل كثيرة إعلامية وحقوقية، خصوصاً بوضعها قيوداً جديدة أمام حرية الإعلام وحرية التعبير في الوطن العربي.

وبقراءة لقائمة المحظورات التي ينبغي على الإعلام الالتزام بها فسوف تضيق إلى حدود كبيرة فسحة الحرية، بل إن سيف الرقابة سيكون مسلطاً عليها لاسيما تفسير وتأويل حدود الحرية المقننة الممنوحة والمتبقية طبقاً لإعلان المبادئ، التي لا تشمل البث التلفزيوني فحسب، بل استهدفت الإعلام الإلكتروني أيضاً، كما شملت مصادرة الأجهزة والمعدّات خلال التصوير والأعمال التمهيدية حتى قبل البث.

وجاء في قائمة الممنوعات: عدم تناول القادة والرموز الدينية في العالم العربي بالتجريح والالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية للمجتمع العربي ومراعاة بنيته الأسرية وترابطه الاجتماعي، والامتناع عن بث كل ما يتعارض مع توجهات التضامن العربي، فهل يوجد أحد خارج نطاق عملية النقد وفوق المجتمع والدولة؟ ورغم عمومية النصوص وغموضها، إلا أنه يمكن تفسيرها وتأويلها بما يتعارض مع وظيفة الإعلام الحر وهي التنوير وقول الحقيقة وكشف ما يعارضها ونقد المظاهر السلبية، الأمر الذي أثار في الماضي ويثير في الحاضر والمستقبل مشكلات كبيرة، فنقد الظواهر السلبية بما فيها التي تستخدم الدين ستاراً أو يافطة أو كشفاً للمستور، قد يؤدي إلى ملاحقة الإعلامي قانونياً، كما أن تدخل علماء الدين بأمور السياسة والثقافة والأدب والفن والعلم والسياحة والتجارة والحلال والحرام والتأثيم والتجريم يجعلهم فوق الدولة وفوق المجتمع، وهو الأمر الذي تم استخدامه لاستعداء مثقفين بحجة مروقهم أو خروج نتاجاتهم الإبداعية على الدين، فتم التحريض على قتل أدباء وفنانين ومبدعين تحت دعاوى زائفة وفتاوى دينية كيدية.

إن المعيار الحقيقي لتقدم أية أمة أو شعب أو مجتمع أو دولة يكمن في مدى احترامها لحرية التعبير باعتبارها محوراً أساسياً في قضية حقوق الإنسان، وهو المعيار الذي تقاس به صدقية الأمم والشعوب والمجتمعات والدول، إضافة إلى الحركات والأحزاب والجماعات السياسية في السلطة أو من معارضاتها، وكذلك حركات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، التي هي الأخرى بحاجة إلى ممارسة شفافة وأسلوب ديمقراطي لدعم حرية الرأي والتعبير ليس بالتصادم أو بالتساوم ولكن بالتوافق والتشارك كقوة اقتراح مؤثرة وليس قوة احتجاج فحسب.

الإصلاح والديمقراطية ينموان ويتعززان بحرية التعبير التي بدونها تبقى الأشياء ناقصة ومشوّهة، فهي التربة الخصبة التي تنشط المجتمع وتعيد إليه عافيته وتساعد على تطوير وازدهار الإصلاح والديمقراطية، ولعل ذلك كان محور نقاش حيوياً في بيروت 5 7 مايو/ أيار 2008 لخبراء عرب بدعوة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة العمل الدولية.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلان العربي للمواطنة
- الصمت الآثم: «المبشرون» وغسل الأدمغة!
- حقوق الإنسان: الهاتف الغيبي!!
- الجولان والوساطة التركية
- حقوق الإنسان: اعتذار أم حالة إنكار؟
- الأمم المتحدة والضحايا الصامتون!
- احتلال العراق وقصة الانتحال والمخابرات “العظيمة”
- معاهدة عراقية - أمريكية سيعلن عنها في يوليو
- المحاكمة: المنظور والمحظور!
- الاستثناء العربي والمرجعية الدولية للديمقراطية
- المعاهدة الأميركية - العراقية: ابتزاز أم أمر واقع؟!
- جدلية الإصلاح العربي: الساكن والمتحرك!
- ثقافة الخوف والإرهاب!‏
- في أزمة الشرعية
- المواطنة والفقر
- التشكيك بحقوق الإنسان!
- جدل المواطنة والهوية!
- مسيحيو العراق... قرابين على مذابح عيد الفصح!
- دمشق عاصمة الثقافة: شجون فلسطين والفكر العربي
- جدل قانوني أميركي!


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عبد الحسين شعبان - حرية التعبير وتحديات الإصلاح والديمقراطية