أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق صبري - حبيبتي كركوك ...الى سيف الخيّاط ... لن يستطيعوا إطفاء قوس قزحك الكركوكي العراقي لأن ألوانه تشع بك وفيك















المزيد.....

حبيبتي كركوك ...الى سيف الخيّاط ... لن يستطيعوا إطفاء قوس قزحك الكركوكي العراقي لأن ألوانه تشع بك وفيك


فاروق صبري

الحوار المتمدن-العدد: 2337 - 2008 / 7 / 9 - 06:20
المحور: الادب والفن
    



حين وصلت أربيل قصدي مطار "هه و لير" شعرت بغربة متوحشة أقسى وأسفل من عضة الكلب، وسبب شعوري ذلك أنني لم أر وجهاً أعرفه ولا أحد في استقبالي وانا أعود لوطني بعد ست وعشرين عاما وشهرين و13 يوم وخمسة ساعات!!!!!!!!!!!! .
في "هه ولير" قدمت مسرحيتي " أمراء الجحيم " على صالة بليدة وتجارية كــــــــــ (عقل) القائم بإدارة وتسيير يوميات اسبوع المدى لكن حميمية اللقاء بأصدقاء العمر القدامى والجلسات القصيرة ، الجميلة القصيرة مع محمد خضير و.....رؤية شبركو بي كه أبعدت عني سفاهة تلك البلادة ، لا وبل ودعتني قصائد أحمد عبدالحسين الى حديقة البهجة والحلم والصفاء ،
وبعد أنتهاء الاسبوع توجهت الى كركوك انا ومن معي من أهلي، الذين جاؤوني الى اربيل "هه ولير" التي بدت زاهية بمشاريعها ومبانيها وساحاتها وحدائقها الجديدة وهي تغفو هادئة و بعيدة عن كوابيس (الثورة البيضاء) المقبورة الغادرة والدموية لكنها تستقبل فجرها بحسرات العوز والفساد و.............. عودة"ضحاكين ابناء مرادس التازي* " عبر أقنعة جديدة ومتعددة!!!!!!!!!!!
وقبيل وصولي الى مدينتي الحبيبة كركوك زالت الشعور بالوحشة وانا أشم رائحة آلتون كوبري وجسره الهرم والمتهدم ومياه نهره وذلك الاخضرار الذي تدوسه اليوم دبابات البرابرة الاميركان وأوهام القومجيين وبكل أنواعهم ودولهم واسواقهم وأحزابهم القديمة والحديثة.
في بوابة مدينة الذهب الأسود الشمالية ظهر نيران بابا كركر ورغم خفوتها استقبلتني بضوئها البرتقالي الذي أعشقه. وها مدينتي تعانقني وهي منهكة ومتنهكة ، اعانقها بعد غربات أكثر من ربع قرن ... الاصدقاء ، الأهل من فيهم عايشتهم ومن منهم كان صغيرا أو ولد بعد أقصائي من الوطن ، كلهم يندهشون بلقائي.
لا ادري لماذا وقفت عند آثار سينما اطلس، ودعتني ذاكرتي إلى هذا المشهد:
ـ اخوي الله يخليك اريد اليوم تأخذني لفلم "فلاش كوردن" و"هرقل الجبار"
ـ ولك ما عندي فلوس هسه ، بس شويه أنتظر ألعب "الدعبلّه" أغلب ونحصل فلوس راح أخذك للسينما واشتريلك لفة كباب وعنبة.
فلعب اخي فائق لعبة "الدعبلّه" وغلب وأخذ درهمين ومسك يدي وركضنا في اتجاه السينما.
وانا الآن اخيرا امام سينما طفولتي، لم اتمالك نفسي وصرخت :
ـ اخويا فائق، وينك عيني.. يلعن أبو السرطان اللي اخذك مني وحرمني من شوفة فلم وياك في سينما الاطلس، وينك فائئئئئئئئئئئئئق
اتذكر قبل زيارتي كنت كثيرا ما أتحدث مع أهلي واخواتي وأخي عبر التلفون، فاعيش مع تلك المشاهد المعبرة عن التنوع اللغوي والثقافي لعائلتي مثل جميع عوائل كركوك:
ـ ها أميرة "وهي أصغرنا" اشلونج اشلون الاولاد وناجي وزوجج اشلونه حبيتي مشتاقلك
ترد علي أميرة بمحبة وسعها وسع بساتين الزيتون في محلتنا التركمانية الكردية العربية "كاورباغي" :
ـ عيوني فاروق اشلونك والله هوايه تأخرت تعال نشوفك ودير بالك على نفسك، هاي اختي اديبة تريد تحجي وياك :
ـ فاروق به به م نه صل صان قوربان اولم سه نه"1"
وهذه كانت اختي الثانية في سلسلة العائلة وقد حدثتني بالتركمانية. وبعد ذلك قلت لها بالكردي:
ـ عمري اديبة والله التركماني شويه ناسيها أحبج وأبوس واولادي من ايديج وينها هدية.
وتأتي هدية والبكاء يسبق صوتها التركماني الكردي العربي وتقول :
ـ" قه رداشم فاروق قوربانت بم، دير بالك على نفسك وبوس فرات ورهام وصبري ونحن نتظركم"2"
ويأتي الهمس الحنون عبر صوت اختي مكية: باوكم همو منالكانم قوربانت بي جوني مه قيتي خوت به" 3"وينقطع صوت الهاتف.........
حين زرت اخواتي في العام الماضي كن كل واحدة منهن يحتفظن بشئ مني ، قميص كنت أحبه وبنطلون اشتريته يوما ما، جاكيت جلد، نظارة، صور و كتب وكل هذه مازالت تفوح منها رائحة الماضي ومشعة في الحاضر المظلم والمشتت والمتعثر .
شعاع الحاضر هذا دلّني أيضاً الى حضور امي الكردية السنية وهي تغرق بالسواد والحلم في ايام عاشوراء وتذهب كل يوم مشياً على الاقدام من "مشروع الاسكان" والى محلة "تسعين" حيث الأكثرية التركمانية والعربية الشيعية... وتحضر حلقات اللطم. وفي عشرة عاشوراء تطبخ "هريسة" وزوجة جارنا المسيحي "دانيال" تساعدها في الطبخ ومساعدة اخواتي الخمسة -نجوم كركوك المضيئة- وهن يوزعن" الهريسة" ، يخرجن الى الجيران وهن ملتفعات بالعباءة وعلى رؤوسهن صواني مليئة بصحون "هريسة" الصغيرة بيتما والدي الكردي يؤدي صلاة الفجر ويداه مضمومتان على سرّته .
كل هذه المشاهد رأيتها وعشتها بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة ، ببهجتها ووجعها في زيارتي قبل شهور ... مشاهد بدت لي أو هكذا حضرت لي ساطعة وساخنة بعكس ما كانت تراه عيناي وأنا أتنقل بين شواراع ومحلات وساحات وأسواق أصبحت أو هكذا فرضت عليّ ... مطفئة وذابلة. لم استطع التعرف عليها. وزوج احدى أخواتي يسألني :
ها.. تتذكر هذا المكان .. هل نسيت كم كنت تلعب و تتراكض خلف السيارات في هذا الشارع .. وهذه البناية تعرفها كنت تحبها وتزورها يوميا وتقضي فيها ساعات طويلة وتخرج منها وبيك كتب وفي عينيك ابتسامة !!!!!!!!!؟
قليلا ، قليلا وببطئ شديد بدأت تتوارى الغيمة السوداء من عينيّ وتمتلئ بتلك الابتسامة ، صرخت : نعم أعرفها انها المكتبة العامة .
و ما ان وصلت الى ( سوق القورية) ذلك الفضاء الضيق والممتدد والواسع باصوات الباعة والخضروات واللغات الثلاثة المشهور في مدينة الموجات الثلاثة ، التركمانية والعربية والكردية، حتى هرعت نحوه كدمعة انهمرت من سماء العراق الحزينة والحالمة .
ـ هذا سوق "قورية"!
لكن تساؤلات الروح لم تهدأ :
وهل شارع سوق "قورية" الطويل والواسع في ذكراتي والقصير الضيق الأن يحتفظ بشئ آّ من آثار قدمي طفولتي!؟
لماذا هرمت نيران بابا كركر وما باتت تضئ سطح بيتنا في محلة مشروع الاسكان؟
لماذا امتدت مقبرة الشهداء نحو محلتنا وتداخلت معها بعدما ازيح من بينهما ذلك البستان الجميل الذي روى فتوتي بالاخضرار؟
لماذا أصبحت شوارع مدينتي وساحاتها وأسواقها ضيقة وضيقة جداً وعيون ناسها شاحبة وخالية الا من رعب (البرادلي) الأميركية واللحى المفخخة ؟
لماذا تقزمت قامة قلعة كركوك واقفرت بيوتها وتشققت أسوارها المدورة وتصحرت جنائنها المعلقة وإمتلئت بالعاكول والإصفرار ؟
لماذا غاب عن كاورباغي* حلم أنتفاضتها وصوت أبي ، وصوت أبنائها وعشقهم ،
فاضل العزاوي"3" و الجوبية ،
سلمان فائق "4" و الشمشال .
هاشم زينل "5" ، و القوريات .
"هرمز البازي "6"، وثياب سركلا .
جليل القيسي "7" المضاء بألوان قوس قزح كركوكي وبصهيل المارّة في م ؟
آه يا مدينة النار الأزلية لماذا خرجت من ذاكرتي ودخلت مشهد الضياع ، الخراب ، الغبار ، غبار كاد أن يخنقني لولا رائحة زهرات كركوية خمس ، زكية ، أديبة ، مكية ، هدية ، أميرة كانت تفوح وهي تنعش روحي وتطرد شرور واقع سلمني مرّة أخرى إلى غربة أقسى وأعمر من منافي التاريخ البشري ولكن لن تنسيني حبيبة عمر يراد اغتيال قوس قزحها ، أنها حبيبتي كركوك...............
عساها تنهض من بين رماد حروب أسفل الطغاة والغزاة وعمائم "القم" السوداء المتخلفة وعمائم معركة (الجمل) البيضاء الظلامية ومن أعداء قوس القزح الكركوكي.
أكيد تنهض ، ستنهض.............
ستنهض كركوك بجغرافيتها الكردستانية وهويتها العراقية.
نعم ستنهض بهويتها العراقية وجغرافيتها الكردستانية


إضاءات
* الباسق كقلمه سيف الخياط الذي تعرض لمحاولة اغتيال يوم 6|7 في بغداد من قبل العقل المتديّن والايديولوجي الظلامي المتعفن
* اشارة الى ضحاك ابن مرداس التازي الذي كان حاكماً مستبدا يقتل كل يوم شابين كرديين ليغذي بلحميهما ثعابينه فإنتفض عليه الكرد بقيادة "كاوه" الحداد
*محلة "كاورباغي" معروفة ببسانين الزيتون وإنتفاضتها ضد سارقي النفط العراقي ، الانكليز
1- "كيف حالك ، افديلك روحي "
2- "اخويا فاروق ، روحي فداء لك"
3- "ابويه..كل أولادي فداء لك ، اهتم بنفسك وبأولادك وفرات"
4_ شاعر عراقي عربي معروف و"الجوبية" دبكة عربية معروفة
5_ مخرج مسرحي عراقي كردي و"الشمشال" ألة نفخ موسيقية كردية مشهورة
6_مسرحي عراقي تركماني و"القوريات" نوع من المقامات التركمانية
7_صديق عمر عراقي آشوري تخرجنا معا من معهد الفنون الجملية و"سركلا" اسم للملابس الاشورية الفلكلورية
8_الراحل المبدع جليل القيسي الذي خرج من عائلة كركوكية زاهية بالعرب والتركمان والكرد




#فاروق_صبري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رفقاً به ... يا حفار القبور
- حوار مع الفنان المسرحي فاروق صبري أجرته جريدة الاهالي العراق ...
- لا ل(ثقافة) الطاغية والمراقد والتديّن المتحفي
- هلاهل فوق- سطوح- بيوت العراق
- الغوص في ابعاد التعصب في عرض مسرحي
- بعد رحلة عرض -أمراء الجحيم- :عودة الغربة
- المسترزقون الجدد
- فيما يستدعي المتثاقفون طاغيتهم لأنفلة الكورد.....لابد للمثقف ...
- حينما صرخ والدي-الارهابي- : أنا عراقي
- يا سيّد نصرالله أحييّك بسعف النخيل ....ولكن .....؟
- سيادة الرئيس الطالباني! !!!! لاتهملوا ابن- مدينة الضوء- جليل ...
- فيما الكلبة الديمقراطية تفتك بالعراق ..... برلمانيو الحسيّني ...
- وهل ( ثقافة) الّلطم على الأطلال والقتل في الشوارع على الهوية ...
- سيادة الطالباني..كي نميّز بين عصر (تحريركم) للعراق وبين ما ق ...
- يواصل بروفات مسرحيته(أمراء الجحيم) ...الفنان فاروق صبري: حلم ...
- بعد الجريمة الوحشية في اغتيال الصحفي شمس الدين:: ..ليقدم الق ...
- ثقافة أحدهم ... وثقافة البلطجة وجهان لرصاصة تغتال الحلم العر ...
- جودي الكناني في فلمه الوثائقي-رحلة إلى الينابيع :صياغة بصرية ...
- أيها المثقفون العراقيون اقرعوا النواقيس ...قبل وقوع الفأس ال ...
- دم القصيدة على أرصفة باب المعظّم ..... هل سيقوم الشاعر


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاروق صبري - حبيبتي كركوك ...الى سيف الخيّاط ... لن يستطيعوا إطفاء قوس قزحك الكركوكي العراقي لأن ألوانه تشع بك وفيك