من اجل مجتمع خال من العنف .. لنكن رسل سلام

جلنار صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2328 - 2008 / 6 / 30 - 10:25
المحور: المجتمع المدني
    

أن أحداث العنف التي شهدها العراق خلال السنوات القليلة الماضية بكل إشكالها ومسبباتها, كان لها أثارها السلبية الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والنفسية, لعل أسوءها تشبع عقلية الطفل العراقي بسلوك أو ظاهرة العنف.
أن سلوك أو ثقافة العنف – إذا جاز لنا استخدام مصطلح الثقافة هنا- هي أمر تربوي نفسي ينشأ وينمو مع الطفل يمكن أن يصل إليه عبر مصادر متعددة مثل الأسرة والمحيط الاجتماعي الذي ينشأ فيه أو عن طريق المدرسة والمناهج التربوية المشبعة بروح العنف أو عن طريق سلوك من يقوم بتعليم الطفل , أو وسائل الإعلام المختلفة والموجهة .
أن ثقافة العنف لها جذورها داخل المجتمع العراقي التي تمتد إلى العقود الأربعة الماضية والتي تمثلت بغياب لغة الحوار والتسامح واستبداله بسلوك العنف والقوة الذي شاع لفترة طويلة على الساحة السياسية العراقية.. وخلال السنوات القليلة الماضية كان سلوك العنف الأكثر تأثيرا على المجتمع والأسرة و سلوك وتربية الطفل وهو ما أشارت له منظمة حقوق الإنسان في العراق (1) حيث أن عنف الأطفال يظهر من خلال ألعابهم الجماعية يسانده اقتنائهم لألعاب منشره في الأسواق لها إشكال الأسلحة الحقيقية ..
أن انتشار ظاهرة العنف في سلوك وتربية الطفل له أثاره الخطيرة على مستقبل العراق , ويمكن أن يظهر هذا الخطر أكثر وضوحا في فئة الأطفال ممن كان إبائهم ضحايا إحداث العنف والذين ينشأون وسط ظروف اقتصادية وأسرية سيئة يسانده شعور الغضب الذي تنقله والدة الطفل التي فقدت زوجها بما يشيع في نفس الطفل شعور سلبي تجاه المجتمع أو تجاه فئة معينة من المجتمع تصبح كلها متهمة بحرمانه من الأب , والذي يؤدي بعد سنوات قليلة إلى جنوح هذا الطفل نحو الانتقام واستخدام سلوك العنف تجاه المجتمع
أن مهمة تخليص المجتمع العراقي من سلوك العنف الذي ساد خلال الفترة الماضية ونشر ثقافة السلام واللاعنف تقع على عاتق مؤسسات المجتمع المدني , وعلى هذا الأساس قام" مركز تدريب وتطوير الأرامل " في بغداد وهو احد مؤسسات المجتمع المدني الجادة التي تبذل أقصى الجهود من اجل تأهيل اكبر عدد من النساء الأرامل بما يضمن عودتهن إلى الأسرة المجتمع كعنصر فعال وقادر على العطاء والإبداع , قام المركز بعمل ورشة تثقيفية وجهت إلى مجموعة من النساء الأرامل ممن فقدن أزواجهن خلال إعمال العنف التي شهدتها السنوات السابقة ومجموعة أخرى من الأرامل ممن فقدن أزواجهن في ظروف عادية , تهدف الورشة إلى زرع ثقافة التسامح ولغة الحوار مع الآخر ونبذ العنف الذي يبدأ في الوسط الأكثر تأثرا به متمثلا بالنساء المعنفات .
وبتقصي شعور النساء الأرامل ممن كن ضحايا العنف بدا واضحا كم المشاعر السلبية المخزونة لدى هذه المجموعة من النساء وهو المقصود تغييره قبل أن يصل ويتجذر في سلوك أسرهن وأطفالهن بالذات
أن هدف المركز بناء ثقافة جديدة في المجتمع العراقي ونبذ ثقافة العنف التي تساندها بعض العادات الاجتماعية التي تحرض على الانتقام والأخذ بالثار وتبجيل القوة وتعميم الرأي في سلوك شخص أو مجموعة أشخاص على فئة من فئات المجتمع المختلفة , أن احترام اختلاف الآخر هو أول الطريق نحو سلوك اللاعنف يتبعها تربية خالية من العنف تبدأ بتنقية شعور من يقوم على تربية الطفل والمدرسة والإعلام من مظاهر ومشاعر وسلوك العنف ويشمل هذا الاهتمام بالألعاب التي ينتقيها الطفل .
من الأهداف الأخرى التي يسعى إليها المركز عبر ورشته التثقيفية هو تطوير قدرات المرأة في تحويل الآثار السلبية للازمات إلى نتائج ايجابية تخدم الأسرة والمجتمع بصورة عامة وعدم الاستسلام إلى روح اليأس للوصول إلى دفع المرأة الارمله نحو تطوير قدراتها ومهاراتها الذاتية باتجاه سلوك تربوي تقدمه لأبناءها أو عمل يحولها إلى عنصر فاعل ومنتج .
أن الطريق نحو سلوك سلمي لحل المشاكل والمعضلات التي تواجه الفرد والمجتمع قد يبدو شاقا وطويلا لكنه بلا شك ليس مستحيلا استنادا إلى تجارب الشعوب التي سلكته سابقا , كما أن نتائجه هي الأفضل لحماية حقوق الجماعات والإفراد وحماية أرواحهم من النتائج المتفاقمة للعنف .. ان المجتمع العراقي يحتاج إلى كل الجهود الخيرة والمخلصة والنبيلة من اجل بناء ثقافة جديدة تنبذ العنف وتدفع نحو البناء والتطور .

(1)
http://ohr_alsamawa.friendsofdemocracy.net/default.asp?item=760465

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل