أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - ساركوزي و أفول -السياسة العربية- لفرنسا















المزيد.....


ساركوزي و أفول -السياسة العربية- لفرنسا


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2325 - 2008 / 6 / 27 - 10:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سوف لا نذهب بعيدا في عمق التاريخ للنظر فيما يحلو للبعض, حديثا نسبيا, تسميته " السياسة العربية" لفرنسا والعلاقات المشتركة, "المتكافئة", والمصير المشترك المرسوم بالإرادة المشتركة الحرة الفرنسية العربية. ولكن نذكّر مع ذلك سريعا, ببعض المحطات غير البعيدة, من هذا المصير المشترك:
ـ تقسيم المنطقة العربية بين فرنسا وبريطانيا بموجب اتفاقية سايكس ـ بيكو. والانتداب الفرنسي على سورية وما ترتب عليه من مآس تكبدها الشعب السوري, ومنح لواء اسكندرون لتركيا منحة خالصة صافية.
ـ استعمارها الجزائر طيلة أكثر من 130 عاما. ومكفأة العرب في الشمال الإفريقي الذين كانوا رأس الحربة في استعادة الالزاس واللورين حيث بلغ عدد المحاربين العرب والمسلمين في حرب 1914 ـ 1918 نصف مليون محارب باستمرار استعمار الجزائر والمجازر فيها, والتمدد في تونس والمغرب.
ـ رد الجميل لنصف مليون من العرب والمسلمين عن بطولاتهم في تحرير فرنسا ذاتها في الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1945 بمجازر سطيف وقتل آلاف بقنابل النابلم في يوم احتفال فرنسا بعيد النصر. ( René NABA, Blog de René 15L06L2008 ).
ـ الاشتراك في العدوان مع بريطانيا وإسرائيل على مصر عام 1956
في هذا الماضي غير البعيد كُتبت مئات المؤلفات والمقالات, التاريخي منها والسياسي, من فرنسيين ومغاربة وغيرهم.
وقبل الحديث عن بناء المصير المشترك لم يتم إلى اليوم الاعتذار, من قبل المتحدثين عن هذا المصير أو المستقبل, ولو بكلمة أو موقف صادق يبين حسن النوايا والإرادة الفعلية للفاعلين والمنظرين, ويُثبت أن ليس الاستعمار كممارسات قد انتهى إلى غير رجعة, وإنما انتهى كذلك كذهنية.
مع قيام الجمهورية الخامسة كان ديغول, الذي يعود إليه ابتكار اصطلاح "السياسة العربية" لفرنسا, يرى أن فرنسا " تمثل شيئا أساسيا, ومع أنها تراجعت منذ قرن, فان عليها استعادة مكانتها". " في كل مرة تجد فرنسا نفسها تجد إنها إنسانية وكونية..عندما نكون فرنسيين في الأعماق نكون أكثر أوروبية, ونكون أكثر عالمية, فلفرنسا دائما دور تلعبه يميزها عن الآخرين , في كل مرة يحاول الآخرون النمو والتطور يحاولون إخضاع الآخرين لمصالحهم, وعندما تتمكن فرنسا من تطوير تأثيرها تعمل على جعله في فائدة الآخرين..لهذا السبب قُرعت كل أجراس أمريكا اللاتينية عند تحرير باريس. لان باريس كانت رائدة للاستقلال الأمريكي, وكانت لإلغاء العبودية, ولحق الشعوب في تقرير المصير لأنها بطلة العالم ضد كل هيمنة. فرنسا نور العالم. عبقريتها تكمن في تنوير الكون" (283 Alain Peyrefitte, c’était De Gaulle, Fayard, p. ).
لم يشر ديغول, المبتكر للمصطلح المذكور, ولو بإشارة سريعة للنور والتنوير, الذي نشرته فرنسا في فيتنام أو الجزائر أو سوريه على سبيل المثال لا الحصر... ولا لمواقفها المعارضة طويلا لحق الشعوب في تقرير المصير في العالم الثالث وسيادتها على ثرواتها الطبيعية. ولم تقف فرنسا وورثة ديغول, وقفة مشرفة ــ تتناسب مع الحديث عن النور والتنوير المشار إليه , من مجازر العصر غير المتوقفة, التي تقع على الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 60 عاما, (والمتمثلة بالقتل, القتل دون تمييز بين الأعمار ولا الجنس, ولا بين مدنيين ومقاتلين, والاغتيال في الداخل والخارج, وتدمير البيوت وشبه البيوت, واقتلاع الأشجار وتجريف المزارع, وحرق الزرع والضرع, والقتل عمدا بالحصار الذي يطال شعبا بأكمله, وتدمير حياة أجيال من الشباب في السجون والمعتقلات), وكانّ الشعب الفلسطيني لا يحسب من بين الشعوب صاحبة الحق في تقرير مصيرها والعيش في دولة مثل كل شعوب العالم. وكأنها منطقة يجب أن تبقى خارج دائرة النور المذكور. وفي التعتيم المقصود خشية أن يستيقظ ضمير من بقي له ضمير, فيصنف في حالة استمرار سكوته مع الساكتين عن الحق.
هكذا يكتب الأقوياء التاريخ, ولو لم يصدقه بالضرورة الضعفاء.
لم يخف ديغول يوما مساندته لإسرائيل وتعهده لبن غوريون بحمايته لكيانها. ولم يتحدث عن سياسة عربية لفرنسا إلا بعد 9 سنوات من حكمه حين أشار, مجرد إشارة, عام 1967 , إلى إسرائيل باعتبارها المعتدي . أي تجرأ محرر فرنسا وسمى العدوان باسمه , فصفق العرب وزادوا الأبواب والأسواق, المفتوحة دائما, انفتاحا على انفتاح. ولا ينكر حتى أنصار ديغول ان أزمة البترول وما تبعها من طفرة اقتصادية والبحث عن أسواق في العالم العربي كانت من الدوافع الأساسية لبدء سياسة ديغول العربية.
قبيل وفاة ديغول بقليل كتب فرنسوا مورياك " عندما لا يعود ديغول موجودا سيبقى مع ذلك وجوده مستمرا." (ليس بطبيعة الحال كوجود و خلود العظماء العرب) فبتأسيس الجمهورية الخامسة أرست الديغولية, بزعامته , أسسا عميقة في الحياة السياسية الفرنسية . دستور عام 1958 القائم إلى اليوم, والمؤسسات. والنظام السياسي, نصف الرئاسي نصف البرلماني, والسياسية الخارجية التي صعب حتى على ميتران الاشتراكي المساس العميق بثوابتها. ففي المجال الأوربي أراد "أن تكون أوروبا أوروبية أي أن لا تكون أمريكية" ( الان بيرفيت , المرجع السابق ص. 61). وأراد لفرنسا استقلالية خاصة وتميزا خاصا في النهج الداخلي والسياسة الخارجية, بما فيها السياسة العربية لفرنسا. و لا يلوم احد ديغول أو عيره من رؤساء الجمهورية الخامسة في إتباع السياسة التي يرونها لتحقيق مصالح بلدهم, فهم ليسوا قوميين عرب, ولا بعثيين, ولا دعاة وحدة عربية ثنائية أو ثلاثية أو شاملة, ولا دعاة امة إسلامية. ما يلامون عليه هو هذا القدر من الانتهازية واستغفال الآخرين.
لقد حاولت السياسة الخارجية الفرنسية التميز, كما يقول الديغوليون,عن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فهذه الأخيرة تنطلق من مشاريع هيمنة وتسلط واستغلال فاضح في المجال السياسي والاقتصادي. ولعل وثيقة America and the Middle est in a century , مشار إليها من قبل شارل سان ـ برو الذي يرى فيها تلخيصا لمجموعة دراسات لوضع خطوط رئيسية لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط, للقرن 21. تبين أن هدف السياسة الخارجية الأمريكية هو تامين الرقابة على تلك المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية, وذلك بالهيمنة غلى المصادر النفطية, والرقابة الفعالة على خطوط نقل البترول.و إقامة شراكة إستراتيجية مع إسرائيل. والتشجيع على إقامة محور عسكري إسرائيلي تركي.و منع ظهور أية دولة أو مجموعة دول عربية قوية ومستقلة.
ويرى شارل برو أن السياسة الانكلو ـ سكسونية تحاول العمل الدائم على إبقاء العالم العربي ضعيفا ومجزأ. ولا ترى في العلاقة مع هذه الدول الا بحثا عن زبائن وليس عن أصدقاء وشركاء.
(لا ندري أين تتميز السياسة "العربية " لفرنسا عن هذا, إلا اللهم في قصر اليد, والتعويض عن ذلك بذلاقة اللسان والتورية ).
السياسة الفرنسية في الشرق الأوسط, التي يُراد أن تُسوّق إلينا, هي أن فرنسا القوة الكبرى الوحيدة التي لها سياسة عربية, وتعتبر العالم العربي شريكا مهما وله أفضلية في سياستها الخارجية.
ويخبرنا شارل برو, وغيره من المتحدثين عن السياسة "العربية" لفرنسا, بان هذه الأخيرة مصرة على رسم تلك السياسة بالتعاون المشترك وللمستقبل المشترك. وهي بذلك لا تريد الحديث ــ قبل مجيء ساركوزي مكذبا ــ عن سياسة شرق أوسطية.
ساركوزي, المحسوب على تيارات ديغولية, الحالم ببناء الجمهورية السادسة, ليطاول قامة ديغول. أو حتى طموحات نابليون,يصفه أكثر الناس معرفة به, شيراك , وصفا وجيزا لكنه غني الدلالة : " رجل سياسة شاب ولامع, هو الأكثر قربا من الولايات المتحدة. يحترم جدا الحريات المدنية ويحب المطبخ الأمريكي, وله مذاق خاص. مكافح ومندفع من اجل السلطة طموح. خشن قليلا ..ويتكلم الانكليزية" ( Massimo Nava, Sarkozy, l’homme de fer, Michalon2007 ).
وعلى غرار تصريحات ديغول يحاول ساركوزي أن يعلن مواقف وتصريحات .
" لا أحب الشيوعيين لاني لست شيوعيا. لا أحب الاشتراكيين لا نهم ليسوا اشتراكيين. ولا أحب جماعتي لأنهم يحبون المال كثيرا", كتب ديغول.
"فرنسا ليست اليسار, فرنسا ليست اليمين. وانأ لست لهذا الحزب أو ذاك, وإنما لفرنسا" ديغول.
لا يوجد شعب يمين , ولا شعب يسار, يوجد شعب فرنسي" ساركوزي. (لعل ساركوزي قد سمع مثل هذا الكلام, في مكان ما غير فرنسا بالطبع, على الأرجح من حكام عرب, وتمناه لنفسه ولفرنسا, شعب واحد, حزب واحد, رأي واحد, زعيم أوحد)
ولسنا هنا بصدد المقارنة, فهو ليس موضوعنا, فقد كان لنابليون عصره ولديغول عصره, وعصر ساركوزي مختلف جدا كاختلاف شخصيته وهو الذي يعلن انه الرئيس الفرنسي الأول من "دم مختلط".
ونرى في هذا السياق, ودون خروج كبير عن الموضوع, الإشارة إلى أن في الدولة الديمقراطية قد يحب الحاكم, أو المسؤول أينما كان موقعه في الدولة, هذا الحزب أو ذاك, هذا التوجه أو غيره, هذا الشخص أو شخصا أخر, أو لا يحب أي مما ذكرنا. ولكن لا يتحول عدم الحب, إلى حقد و كراهية وتخوين وعداءات تتعمق لتصل إلى انتفاء إمكانية العيش المشترك, أو تصفية من لا يقع في دائرة المحبوبين. وإلا كان على ديغول تصفية الجميع بمن فيه جماعته محبي المال إلى حد كبير. تيارات وأحزاب وقوى لا يحب بعضها بعضا, وكانت وما زالت تتعايش, بمسؤولية كبيرة, لإدارة الدولة وخدمة المجتمع, فقد تساكن متران الاشتراكي مع من لا يحب مطلقا, شيراك الديغولي, في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة cohabitation و اضطر شيراك لا حقا كرئيس للجمهورية للمساكنة مع خصومه السياسيين الاشتراكين برئاسة جوسبان في الحكومة. والجميع يعلن أن المصلحة العامة فوق الجميع.
هذه الصيغة المسؤولة والحضارية في التعامل بين المختلفين في الرأي والرؤية لا تتوفر إلا في النظام الديمقراطي الذي يجبر الجميع, ليس بالمفهوم العربي للإجبار, على احترامها, بحماية الدستور والقانون وفي ظل المؤسسات التي تعلو على الأفراد الذين ليسوا الا مراحل مؤقتة وعابرة في مؤسسات دائمة ومتطورة.
ومع ذلك ومع استمرار النظام الديمقراطي في فرنسا فان ساركوزي وفي حماس منقطع النظير بعد وصوله لرئاسة الجمهورية الفرنسية خرج عن قاعدة الحب أو اللاحب إلى اتخاذ مواقف أكثر تصعيديه لتصل إلى الكراهية, وان كان ذلك دون أفعال معلنة, بإعلانه الامتناع عن مصافحة أي رئيس أو زعيم لا يعترف, ليس بفرنسا ومواقفها, وإنما بإسرائيل وسياستها (إعلان حرب دبلوماسية بالنيابة عن إسرائيل !!!). وفي الداخل استعمال كلمات نابية ضد العرب والمسلمين الفرنسيين من أصول مهاجرة, مثله تماما, والتضييق على المهاجرين بمن فيهم الشرعيين وتغليب السياسة الأمنية, كما يراها, على كل الاعتبارات الإنسانية لأوضاع هؤلاء, رغم المساندة الشعبية لهم, ومساندة المثقفين والمنظمات الحقوقية وحقوق الإنسان, وحتى رجال الدين.
الدبلوماسية الفرنسية, منذ ديغول والى اليوم, تحاول تحقيق طموحات فرنسا والحفاظ على موقعها بين الكبار, عن طريق بناء علاقات ثنائية مع جميع دول العالم. تؤمن لها حضورا عالميا فعالا. فشبكة العلاقات الدبلوماسية تضم 149 سفارة وتأتي في الدرجة الثانية بعد الولايات المتحدة, وقبل بريطانيا وروسيا. وقد عقدت 3700 معاهدة ثنائية حتى عام 1998 مع 175 دولة. وطورت بشكل واسع علاقاتها متعددة الأطراف مع أوروبا بشكل خاص والأمم المتحدة ولمنظمات العالمية منذ عام 1945.
وتعتبر إفريقيا العمود الفقري في السياسة الخارجية الفرنسية رغم معارضة الدول الإفريقية المتزايدة لمثل هذه العلاقات, ورغم المنافسة الأمريكية القوية. كما تعتبر فرنسا المانح الوحيد لرؤوس الأموال تحت عنوان مساعدات عامة للتنمية. ( ان فريمونت ـ فانكور, فرنسا في العالم. أطلس فرنسا, الوثائق الفرنسية).
ولكن فرنسا التي كانت في أوائل القرن 20 القوة العظمى, مع بريطانيا, حينما كانت أوروبا قلب العالم لم تعد اليوم إلا القوة السابعة بين القوى الكبرى في القرن 21.
مع ساركوزي بدأت محاولة القطيعة مع الدبلوماسية التقليدية للجمهورية الخامسة, وبدا الحديث عن نهاية عصر وبدء أخر: نهاية عدم الانحياز في مواجهة العالم الانكلو سكسوني. إلغاء أسطورة العداء الدبلوماسي للولايات المتحدة. العودة إلى الرأسمالية يكل ثمن. العودة الكاملة للحلف الأطلسي. التوسع في مجال الاستخبارات وتقليص أعداد أفراد الجيش (الكتاب الأبيض للدفاع). نهاية سياسة التضامن بشكلها الإنساني... فمنذ تعيينه مرشحا لرئاسة الجمهورية قبل ساركوزي برضاء وصفه ب"ساركوزي الأمريكي" (باسكال بونيفاس)
وأصبح يرى مصطلح السياسة العربية لفرنسا غير عصري, وغير واقعي, ولا معنى له. ففي مقابلة معه نشرت في شهر افريل 2007 (العلاقات الدولية. Arabie ) يقول: " اعتقد انه يجب التحدث عن سياسة فرنسا في المغرب, في الشرق الأوسط, في الخليج, وهذه صيغة أكثر حيادية, وتأخذ في الاعتبار تنوع المنطقة التي تضم إسرائيل وإيران. مصطلح " السياسة العربية" كان قد استخدمه ديغول في ظروف تاريخية معينة, لإعادة النقاوة لفرنسا بعد أزمة السويس عام 1956 . وحرب الجزائر 1954 ـ 1962. وفي أوج الحرب الباردة. فقد فكر ديغول عندها بشق طريق ثالث بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. مثل هذا الموقف كان سيجلب الأمان للعديد من البلدان العربية التي تشعر انها سجينة التنافس الثنائي السوفيتي الأمريكي".
أما اليوم, كما يرى, فانه من «الطوباوية التفكير بان فرنسا يمكنها التصرف وحيدة في المنطقة دون دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. يمكنها أن تقدم وفاق ثمين, رأيناه في الأزمة اللبنانية , ولكن ليس بأي حال من الأحوال أن تقوم بذلك وحيدة". و يضيف أن على " فرنسا أن تمتلك سياسة إجمالية في هذه المنطقة الحيوية للمصالح القومية. سياسة متماسكة تفرض نفسها طالما المنطقة المذكورة في حالة إعادة تركيب. ويمضي " يبدو لي إن هناك مجموعتين من الأهداف يجب أن تقودا السياسة الفرنسية:
"أولا, وقبل كل شيء الحداثة والديمقراطية. بدون ديمقراطية يبقى الاستقرار مزيفا. وأنا لست مناضلا من اجل ديمقراطية مصدرة, ولا من اجل الفوضى" (وردة, ذابلة يلقيها ساركوزي باتجاه المعارضات, وهو بارع بتوزيع الورود في كل الاتجهات). "وأنا سعيد لان غالبية الدول العربية قد سجلت تقدما ملحوظا في سيرها في الإجراءات الديمقراطية" ( وردة ذابلة ولكنها مضمخة بالعطور الفرنسية يلقيها تجاه الحكام العرب).
"الهدف الثاني الدفاع عن مصالحنا وتطويرها. لفرنسا مصالح تجارية قديمة وعديدة, وعلينا الدفاع عنها وتعزيزها" ( وهنا فقط يُسجل لساركوزي صدقه).
فرنسا لا يمكنها أن تحافظ على تأثيرها في المنطقة, والحفاظ على علاقات جيدة مع الدول العربية إذا تخلف الملف الفلسطيني عن الملف الإسرائيلي. ( مشار أليه من قبل Fériel Berraies Guigny موقعها على الانترنت 23/11/2007).
في خطاب في طنجة في 23 أكتوبر 2007 عبر ساركوزي عن السياسة التي سيتبعها وتحل محل السياسة العربية الفرنسية وهو مشروع الاتحاد المتوسطي " الاتحاد المتوسطي سيكون مشروع اتحاد ولكن له هدف: جعل المتوسط المختبر الكبير في العالم للتعاون والتنمية. حيث يقرر الجميع التنمية والتحكم بها. وحيث يقرر الجميع كيفية تنقل وحركة الناس ويتحكمون بها. وحيث يُنظم الأمن من قبل الجميع ويضمنه الجميع".
زيارة ساركوزي لإسرائيل في 23من الشهر الحالي في التعبئة لمشروعه الاتحاد المتوسطي ومحاولة الإدلاء بدوله بعد أن تقطعت, أو تكاد, كل حبال الدلاء, والمشاركة في إعادة بناء الشرق الأوسط المضطرب, لم تبرزه محايدا ولا مقبولا حتى ولو أعاد الأمل لبعض الحكام بان الالتفاف عليهم حاليا غير وارد فما زالت لهم ادوار يلعبونها.
في عرض الزيارة المذكورة لساركوزي لإسرائيل لاحظت جريدة لوموند منه: ولاء واحتراما كبيرا لإسرائيل وتاريخها. ومرافعة لدور نام لأوروبا وفرنسا في إجراءات السلام في الشرق الأوسط. هذه العناصر الأساسية لخطاب ساركوزي أمام الكنيست الإسرائيلي في 23 حزيران, فالزيارة تميزت بأنها غنية بتصريحات صداقة حميمية. (23/06/2008).
في أول خطاب لرئيس فرنسي أمام البرلمان الإسرائيلي منذ زيارة ميتران عام 1982, وصف ساركوزي إسرائيل بأنها " احد أهم الديمقراطيات الأصيلة في العالم" وان " لا احد له فضل على الشعب الإسرائيلي في بنائه لديمقراطيته, وإنما يعود ذلك له وحده ولشجاعته. وأعلن عن صداقتي واحترامي لمواطني هذا الشعب الذين حققوا الوعد الذي ناضل اليهود من اجله عبر أجيال وأجيال" . "الاسرائليون عادوا إلى حيث أسس وأصول دينهم وقوميتهم في تاريخيهم. لم يستطع أي منفى انتزاع ذكرياتكم عن ارض الميعاد. إسرائيل ليست فقط عودة للمصادر ولكنها أيضا دولة حديثة متوجهة للوطني والدولي". مؤكدا أن "الشعب الفرنسي سيبقى دائما إلى جانبها إذا ما تهدد أمنها" " إسرائيل ليست وحيدة".
في بعض نقاط الخطاب حاول ساركوزي, الذي يطرح نفسه راع جديد, أو راع تحت الرعاية, لعملية السلام والمحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين, أن يشير إلى إن فرنسا أيضا صديقة للفلسطينيين. وهذا ما أكده في زيارة الساعات المحدودة المخصصة للضفة الغربية, لتسويق تصريحات ــ سبقه إليها بسنوات طويلة ميتران و رايس وبوش, وسئمها الفلسطينيون ــ في إمكانية , وأحيانا ضرورة, قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة.
ومن منظوره وانطلاقا من حرصه على وجود وامن إسرائيل, يرى, أولا وقبل كل شيء, أن قيام دولة فلسطينية مستقلة, وقابلة للحياة, وديمقراطية, هي لضمان وجود إسرائيل وأمنها, و ليس لان هذا حق للفلسطينيين قبل كل الاعتبارات. مكررا أن على الفلسطينيين محاربة الإرهاب والكف عنه " لا احد يأمل بإقامة حقوق الشعب الفلسطيني بتجاهل حقوق الشعب الإسرائيلي, والدعوة لتدمير إسرائيل". ( تُستغل تصريحات التدمير هنا كاستغلال المحرقة).
وحاول ساركوزي ربط مشروع الاتحاد المتوسطي الذي يجب أن يتم الإعلان عنه رسميا في 13 تموز في قمة باريس, بإدماج إسرائيل " مثل السلطة الفلسطينية, مثل لبنان, مثل سوريا فالجميع سيجدون مكانهم إلى جانب مصر والأردن وكل بلدان المغرب العربي". لوموند. فرنسا خلال رئاستها للاتحاد الأوروبي في 1 تموز ستعمل بكل جهودها لتمتين العلاقات بين الاتحاد وإسرائيل".إلى جانب دورها في الاتحاد المتوسطي المنشود.
تخلي ساركوزي عما يسمى بالسياسة العربية لفرنسا لن يضر بمصالح الشعوب العربية, لان هذه الشعوب كانت خارج هذه السياسة التي لم تكن في حقيقتها إلا مواقف تخدم المصالح الفرنسية, وتخدم الحكام العرب ومصالحهم دون غيرها.
وعليه, لا نعتقد أن شعوبنا ستحزن من أفول السياسة العربية لفرنسا. و لا ستفرح بمشروع الاتحاد المتوسطي. فهي كانت ومازالت وستبقى خارج اللعبة ـ على المدى المنظور على الأقل ـ. وإذا ما كان لها كلمة لتقولها لأصحاب السياسات والمشاريع, فهي كفوا عن الحديث باسمنا. نحن لسنا ضد عملكم على تحقيق مصالح شعوبكم. ولكن ليس على حساب مصالحنا, ولا على حساب حرية وكرامة ولقمة عيش مواطنينا. فكفى استغلالا, يا أصحاب الديمقراطيات وحقوق الإنسان, لمآسينا. و كفوا عن شد أزر ومساندة حكامنا بمخازيهم وتسلطهم علينا. د. هايل نصر.



#هايل_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في القضاء الدستوري 2 /2
- في القضاء الدستوري./1
- مفتاح لا يعلوه الصدأ بفعل الزمن
- امة تلفظ شبابها 3
- أمة تلفظ شبابها 2
- أمة تلفظ شبابها
- حق الدفاع في المواد الجزائية 4
- 2 الديمقراطية سعي للمساواة
- السياسة العربية. ممارسة فردية وخارج كل مساءلة.
- الديمقراطية. وبعض أوجه الحريات
- ضمير الأمة خارج فعاليات الأمة. القضاة.
- قتل طفل فلسطيني, خبر. مجرد خبر.
- رسالة من مغترب إلى الوطن
- في الشمولية.
- المرأة. المكانة المنشودة.
- في الطفولة
- من أخطاء القضاء الفرنسي 2/3 l’erreur judiciaire
- من أخطاء القضاء الفرنسي 1/3 l’erreur judiciaire
- في القانون
- الديمقراطية, مؤسسات وتكوين إنسان


المزيد.....




- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟
- كوريا الشمالية تختبر -رأسا حربيا كبيرا جدا-
- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هايل نصر - ساركوزي و أفول -السياسة العربية- لفرنسا