أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - هايل نصر - في القضاء الدستوري./1















المزيد.....

في القضاء الدستوري./1


هايل نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2298 - 2008 / 5 / 31 - 07:34
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


لعل مقولة الثورة الفرنسية, التي جسدتها المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 بقولها: " كل مجتمع لا يكون فيه ضمانات للحقوق, ولا فصل للسلطات, ليس لديه دستور", ليس فقط ما تزال صالحة إلى يومنا هذا, وإنما كذلك صالحة كمعيار فرز للدساتير صحيحها من زائفها.
الدول العربية, طالما أرادت إن تجاري التنظيم الدستوري السائد في العالم وتصنع لها دساتير, لا بد لها من القبول بالخضوع فعليا لهذا المعيار. ولا بد لهذه الدساتير أن تسقط جميعها وبجدارة على محكه, حتى ولو بقيت مسطرة في كتيبات يشار إلى عنوانيها دون حاجة لفتحها, إلا لمصلحة تبريرية أو تعمية قانونية.
سنتعرض في سطور مقالتنا الحالية بإيجاز, وفي محاولة للاقتراب, قدر المستطاع, من بعض جوانب موضوع القضاء الدستوري في بعض الدول التي تأخذ جديا به, وعليه سوف لا نشير إلا لما هو جاد وفعلي. ولا نريد الإساءة لشعوبنا بالادعاء بان لدينا دساتير حقيقية وقضاء دستوريا, تاركين هذه المهمة لمن يأتي من طلاب من دولنا ليقدموا اطروحات مطولة في الجامعات الغربية في مدح تلك الدساتير والإشادة بميزاتها, بأساليب اقرب إلى المعلقات الشعرية منها إلى الدراسات القانونية أو السياسية , وبعيدا عن الإفادة والاستفادة. وكأن فن التمجيد والتبجيل, شعرا ونثرا وصورة وحركة, يجهد للدخول لدائرة القانون والسياسية وعلومهما كابتكار عربي ـ غير محمود ـ في علوم العصر, وحتى الدقيقة منها.
عرفت نهاية القرن الثامن عشر انتشار الدساتير المكتوبة المزودة بقيمة قانونية تسمو على كل القواعد القانونية الأخرى. واستمر انتشارها إلى أن أصبح اليوم لكل دولة دستور, يتأثر غالبا بتجاربها التاريخية وتقاليدها الخاصة. والاستثناء الوحيد هو بريطانيا, التي لأسباب تاريخية, بقيت القواعد الدستورية لديها ناتجة عن العرف أو وعن القانون العادي.
في القرن العشرين, اثر التحرر الوطني واستقلال الدول المستعمرة, ومع انتشار موجة الدساتير, عرف القانون الدستوري اتساعا وعمقا, كُرست له المؤلفات, والدراسات, والنقاش الفقهي غير المنتهي إلى اليوم. وأصبحت دروس هذا القانون في الجامعات تُعرّف الأنظمة السياسية والسياسات الرئيسية, والإصلاحات العميقة , وتدرسها وتحللها على ضوء التجربة والواقع. وارتبطت فكرة القضاء الدستوري بشكل وثيق بتطور حركة الدسترة constitutionnalisme التي تهدف إلى إخضاع أعمال السلطات العامة لمجموعة من القواعد القائمة في نص واحد مسمى الدستور, تفرض احترامها على الجميع, وتملك قوة قانونية تعلو على جميع القواعد الأخرى.
وفي نهاية القرن المذكور بدأت دول أوروبا, بعد انهيار المعسكر الاشتراكي, تتبنى في شبه إجماع الديمقراطية المعززة بالقوننة الدستورية . وتعزز مفهوم دولة القانون وحقوق الإنسان ليعرف أوجها وأشكالا متعددة من التطبيق.
الدستور المقصود هو " القانون الأساسي للدولة, هدفه الخاص به هو تنظيم السلطات العامة و تحديد علاقاتها" (قاموس القانون الدستوري Pierre Avril et Jean Gicquel ) . الدستور في مفهوم موضوعي هو إطار قانوني ينظم عمل السلطات العامة في مجتمع معين. ويمكن اعتبار أن كل مجتمع وحتى غير المنظم يملك دستورا. وبالعكس يوجد مفهوم ذاتي subjectif متحدر عن المادة 16 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789, التي اشرنا إليها أعلاه, يرى أن الدستور مرتبط بالنظام الدستوري الكلاسيكي, أي بفصل السلطات, و ضمان الحقوق, والنظام التمثيلي.
فلم يعد الدستور مكون من مجرد مبادئ عامة غامضة فلسفية سياسية, وإنما أصبح مجموعة قواعد قانونية ذات قوة إكراه للجسم الاجتماعي السياسي في مجموعه. فهي قواعد عليا في النظام القانوني للدولة مكانها قمة التنظيم القانوني. وهي مع القواعد المتعلقة بحقوق الإنسان تهيمن على القانون العام والقانون الخاص والقانون الجزائي.
فالدستور الفرنسي على سبيل المثال أصبح المصدر الأول و الأساسي لكل فروع القانون . كما ان كل المسائل الهامة التي تهم المجتمع, كالإصلاح في تنظيم اللامركزية, وإعادة تعريف العلمانية, والمساواة, وحماية البيئة, تطمح لان تنظمها قواعد دستورية.
القواعد الدستورية يتضمنها نص موحد يعتبر القاعدة العليا. وبالتالي تسمو القاعدة الدستورية على كل القواعد الأخرى بما فيها القانون. ويقدم العديد من فقهاء القانون الدستوري شرحا لهذا السمو بإعادته إلى:
ـ أسباب عضوية: يصدر الدستور عن هيئة organe عليا تسمو على كل الهيئات صاحبة الاختصاص في إصدار القواعد القانونية كالبرلمان والإدارة. ويمكن أن تكون هذه الهيئة هي الشعب نفسه, حينما يصادق على الدستور عن طريق الاستفتاء, كما كان الحال في فرنسا بالنسبة لدستور هام 1964 و 1958
أو جمعية تأسيسية حصلت من الشعب على توكيل لصياغة الدستور, مثاله الجمعية التأسيسية المنتخبة عام 1871 التي اعتمدت القوانين الدستورية للجمهورية الثالثة الفرنسية.
ـ أسباب مؤسسة على فكرة العقد الاجتماعي أو القانون الطبيعي: فالدستور يحدد المبادئ التي تفرض نفسها على الحكام والمحكومين. هذه المبادئ تشمل بشكل أساسي الحقوق الفردية والاجتماعية, التي لا تستطيع السلطات العامة خرقها. وإنما على العكس, على هذه السلطات ضمانها, وتامين التطبيق الحقيقي لها. كمبدأ المساواة بين المواطنين, وضمان حرية التعبير ..وكذلك الحقوق السياسية الناتجة عن التنظيم الديمقراطي.
ـ أسباب مؤسساتية institutionnelle : يحدد الدستور القواعد للهيئات العليا, والمتعلقة بشكل خاص بطرق تعيين هذه المؤسسات, والقواعد الأساسية لعملها واختصاصاتها. و لا يسمح لها بتجاوز ما تم تحديده.
هذه الأسباب غير منفصل بعضها عن بعض, أو متعارضة فيما بينها, وإنما تعمل بأوجه مختلفة وحسب كل دولة وظروفها ( la justice constitutionnelle, la documentation Française, n° 1.15 2006)
يحتم سمو الدستور ضرورة إتباع إجراءات ملزمة ذات قوة إكراه, في حالة مراجعة قاعدة دستورية (الصلابة الدستورية ـ وليس الجمودـ.) وعبر آلية الرقابة الهادفة لمنع إصدار أو تطبيق قواعد ادني متعارضة معه.
عرفت سيادة الدستور وسموه تطورا مستمرا عبر التاريخ, فحسب توماس لاكين Thomas d’Aquin القانون الإنساني, كهدف, ناتج عن القانون الطبيعي. فإذا ما تناقض القانون الإنساني مع القانون الطبيعي يصبح القانون الإنساني فاسدا ولا يعود قانونا.
وعززه مفهوم التدرجية القانونية hiérarchie التي عرفتها العصور الوسطى و أخذ بها لاحقا, عبر ألاهوتية الاسبانية في القرنين السادس عشر والسابع عشر, الفكر القانوني الحديث, وتم تقديمه من قبل كروتيس و وولف فاتال بإحلال الأساس الفلسفي محل الأساس الديني. ( Christinan STARCK, la constitution cadre et mesure du droit Economica ).
إذا كان سمو الدستور قد عُرف أولا في بريطانيا فان هذا البلد, في مجال التطبيق القانوني, لم يميز, والى اليوم, الدستور عن القانون العادي ". في بريطانيا العظمى حاليا يتفق كل الحقوقيون على أن البرلمان هو مُشرّع سيد législateur souverain. وعلى انه بهذا المعنى لا يوجد شيء كقانون أساسي في الدستور البريطاني الحديث" ( Mc Ilwain, cité par Starck, op.cit. ).
في ألمانيا هيمنت القوانين الطبيعية على القانون العام ذو الطابع العرفي. ولم تكن الحقوق الأساسية تمثل قانونا دستوريا بالمعنى الحديث, وإنما تتضمن قواعد مثل نظام توارث العرش, والاتفاقات الأساسية بين الملك والدول. وكان مكان المسائل الدينية فوق القواعد العادية.
وضعت مدرسة القانون الطبيعي السلطة المؤسسة (كسر السين) فوق السلطة المؤسسة (فتح السين) فالحكام والحالة هذه يخضعون للقوانين المؤسسة التي أصبحت لاحقا بداية الدسترة في ألمانيا.
وكان لنظرية بودان في السيادة اثر واضح في ألمانيا باعتبار أن السلطة التشريعية للملك تنحدر من سيادته, والخضوع لها خضوع للقانون الإلهي, والقانون الطبيعي, وقانون الشعوب.
يقيم دستور الولايات المتحدة الأمريكية نظاما رئاسيا, أي انه قائم على فصل صارم للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية, ومع ذلك فان هذا صحيح جزئيا فقط, لأنه إذا كان صحيحا أن الرئيس في الولايات المتحدة لا يستطيع حل البرلمان, و في المقابل لا يستطيع هذا الأخير طرح الثقة وإثارة المسؤولية السياسية للرئيس, الذي هو في الوقت نفسه رئيس الهيئة التنفيذية, فان التفاعل والتأثير يبقى متبادلا وقائما بينهما, وان التنظيم الانتخابي الديمقراطي يعمل على إعادة توازن السلطة السياسية.
أما دساتير ألمانيا وايطاليا واسبانيا فتقيم أنظمة من طبيعة برلمانية تتداخل فيها السلطة التنفيذية والتشريعية بفضل ميكانزم طرح الثقة, أو حق الحل, والذي ينتج عنه أن رئيس الحكومة الذي يتركز فيه جانب كبير من السلطة السياسية يبقى تحت رقابة البرلمان.
و رغم التمايز بين هذه الدساتير فان النقاط المشتركة بينها تتمثل في أنها استطاعت خلق مجتمعات ديمقراطية حقيقية. وأنها تقيم القاعدة الأساسية للدولة لترسيخ استقرارها. كما أنها تستفيد من ضمانات دستورية حقيقية, كي لا تصبح مجرد نصوص مكتوبة وميتة. يتم النص على هذه الضمانات, صراحة, بالقواعد الأساسية, مثلما هو الحال عليه في الدستور الألماني, والايطالي, والاسباني, التي نصت على إنشاء مجالس دستورية مهمتها فرض احترام القواعد الأساسية في مواجهة السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية, وكذلك في مواجهة جميع المواطنين.
ولضمان سمو الدستور واحترامه جاء القضاء الدستوري كآلية أساسية وهامة في هذا المجال. فزيادة على الدول التي تملك قضاء دستوريا ناجزا, أخذت فكرة إقامة قضاء دستوري تتوسع وتحاول فرض نفسها في الدول التي لم يقم بعد لديها مثل هذا القضاء. ومن الطبيعي انه حين توجد قاعدة قانونية لا بد من وجود قاض يستطيع إنزال العقوبة على كل من يخرق هذه القاعدة.
كانت فكرة إنشاء قضاء دستوري تبدو غير قابلة للتطبيق, اعتقادا باستحالة إخضاع أصحاب السلطات العليا في الدولة للالتزام باحترام القانون, إما لأنهم يملكون هم أنفسهم احتكار سلطة الإكراه, كأصحاب السلطة التنفيذية, أو لأنهم يملكون, كوظيفة, النطق بالقانون, كالسلطة القضائية. أو لان مهمتهم خلق القانون, كالسلطة التشريعية. ولكن القول بعدم قابلية هذه الفكرة للتطبيق ثبت عدم صحته, فقد تحولت إلى إمكانية فعلية وحقيقة في جزء كبير من العالم ,لان الدسترة تستمد وجودها ومشروعيتها من إرادة إنشاء وتنظيم و تعديل وتلطيف ممارسة سلطة الدولة, في الوقت الذي تعمل فيه هذه الأخيرة إلى أن تصبح قوة جامحة ومنفلتة من كل قيود عليها ومن كل رقابة. ولذلك عملت الدساتير على تحديد قواعد عمل السلطات العامة. وكذلك على تحديد القواعد التي تدير العلاقات بين هذه السلطات والمواطنين. وبحيث أن الهيئات المكلفة بالعمل على احترام القانون, والتي هي المحاكم, تملك السلطة على فرض احترام القواعد الدستورية. وعليه فليس من المستغرب انه في الدول التي سقطت فيها الأنظمة الشمولية والدكتاتورية نشأت أو تعززت هيئات القضاء الدستوري.
مفهوم القضاء الدستوري
مفهوم القضاء الدستوري يعني ممارسة وظيفة قضائية من قبل هيئة مستقلة لها صفة محكمة. ولا يمكن للقاضي الدستوري, سواء أكان متخصصا في هذه المهمة أم غير متخصص, ممارسة قضاء غير القضاء الدستوري. ( Michel Fromont, la justice constitutionnelle, Dalloz ).
وحسب فرومون يمكن الإشارة لمفهومين للقضاء الدستوري: الأول يجعل من القاضي الدستوري قاضي السلطات العامة الدستورية. فالقاضي يقضي في القضاء الدستوري عندما ينظر في نزاعات السلطات التشريعية والتنفيذية بشكل خاص. بهذا المفهوم يقوم القاضي الدستوري بالعدالة بين السلطات العامة الدستورية, بشكل خاص, في موضوع تطبيق القواعد المتعلقة بالتعيين وبمهام أصحاب الوظائف التشريعية والحكومية. ولا يعتد كثيرا إذا ما كانت القواعد المطبقة من الصف الدستوري أو أنها من طبيعة تشريعية عادية.
والثاني يجعل من القاضي الدستوري القاضي الذي يطبق القاعدة الدستورية. فكل قاض يطبق قاعدة دستورية على نزاع خاضع له يمارس القضاء الدستوري. ويورد مثالا على ذلك أن محكمة النقض بفرنسا حينما تستدعي المادة 66 من الدستور لتحديد اختصاص الهيئة القضائية في مواد الحرمان من الحريات تكون قد مارست القضاء الدستوري.
للقاضي الدستوري دور في مواجهة المشرع وعمله الذي هو القانون. ففي كل الدول مهمة القضاء الدستوري السهر على وجوب احترام القانون للقواعد الدستورية, مما بات يُنظر غالبا إلى هذا القضاء وكأنه ينحصر فقط في الرقابة على القوانين. والواقع أن هذه المهمة الأساسية للقاضي الدستوري لا تحجب دوره في مواجهة السلطة المكلفة بتطبيق القانون, لان من مهامه أيضا, إدخال القيم التي يعلنها الدستور, في الحياة اليومية للدولة, في تصرفات الإدارة أو بصدد القيام بالمهام القضائية, و في مجال مواد حقوق الإنسان. وهي حماية لهذه الحقوق مما قد تلحقه بها الهيئات الإدارية والقضائية من أذى.
ومع ذلك, ولتجنب كل تدخل في اختصاص المشرع فقد حددت سلطات القاضي الدستوري, سواء أكان قاض عادي أم متخصص, في الرقابة على النظامية الداخلية و الخارجية للقانون. في رقابة ما إذا كانت صياغته قد شابها عيب عدم اختصاص, أو عيب إجرائي. ورقابة على مضمون القانون .
انتشار القضاء الدستوري
بعد الحرب العالمية الثانية انتشر التوجه نحو القضاء الدستوري في ألمانيا الاتحادية وفي ايطاليا. وابتداء من منتصف السبعينات عرفت الفكرة تقدما هاما مع الدساتير الجديدة في اليونان والبرتغال واسبانيا. و مع اتساع المطالبات بدولة القانون في نهاية القرن العشرين كان لابد من تعزيز القضاء الدستوري الهادف قبل كل شيء إلى السهر على أن تحترم القوانين الدستور والحقوق الأساسية, كما أشرنا. وظهر ذلك كعنصر أساسي في إجراءات التأطير القانوني للأنظمة السياسية. فالدساتير التي نشأت بعد انهيار الأنظمة الشمولية والدكتاتورية لجأت إلى تبني مؤسسة القاضي الدستوري بصيغ وإجراءات متعددة.
نجاح القضاء الدستوري جعل منه حاليا, بعد طول معارضة, ضمانة أساسية ضد تغول الحكومات التي أصبحت أجهزة إصدار قرارات, يحاول متخذها الإفلات من الرقابة التي يمثلها, بجدية وفعالية, القضاء الدستوري.
القاضي الدستوري
تمارس الرقابة إما بواسطة المحاكم العادية, أومن قبل هيئة قائمة بشكل خاص لهذه الغاية.
الرقابة بواسطة المحاكم العادية.
يمكن أن تقام الرقابة حتى ولو لم ينص الدستور عليها صراحة. فيعود, للقاضي في حالة النزاع, ترجيح القاعدة الأعلى في التدرجية القانونية على القاعدة الأدنى منها مرتبة. وهذا ما يجري عليه العمل في الولايات المتحدة الأمريكية, وتم تقليده في بعض البلدان مثل كندا والهند. وتسمى هذه الرقابة رقابة غير مركزية لأنها لا تمارس بواسطة هيئة وحيدة. ومع ذلك فان المحكمة الواقعة في قمة التنظيم القضائي تحكم بالدرجة النهائية. وهي التي تحدد التوجهات الأساسية لأحكام القضاء في المواد الجزائية.
رقابة دستورية القوانين في الولايات المتحدة الأمريكية تمارسها محاكم القانون العام, وليس كما هو الحال عليه في الدول الأوروبية تمارس بواسطة قضاء خاص. هذه المحاكم باعتبارها قائمة على أساس وحدة القضاء. وعليه, نفس قضاة هذه المحاكم هم من يقدرون دستورية كل مظاهر القوة العامة: قوانين, إجراءات, قرارات صادرة من محاكم الدرجة الأدنى..( الوثائق الفرنسية. المرجع السابق).
والواقع أن التحفظات التي كانت تبديها العديد من الدول, ولمدة طويلة, فيما يتعلق برقابة دستورية القوانين على الطريقة الأمريكية لا يعود فقط لأنها لا تقر المبدأ التقليدي المتعلق بسيادة المشرع, وإنما كذلك لان المثال الأمريكي لا يرضيها حيث أن المجلس الأعلى Cour Suprême كان حتى عام 1936 يعارض كليا كل المحاولات التشريعية في المجال الاجتماعي او تنظيم الحياة الاقتصادية.
الرقابة من قبل هيئة قضائية خاصة:
الرقابة الواقعة على أعمال الهيئات العليا في الدولة في هذه الحالة يجب أن تمارسها شخصيات مختارة لهذه المهمة. تشكل مجلسا يسمى المجلس الدستوري conseil constitutionnel. ويمكن أن تستعمل هذه التسمية في معنى أكثر اتساعا لتشمل أيضا محاكم مثل المجلس الأعلى Cour suprême في الولايات المتحدة الأمريكية. رغم كون مهامها ليست محصورة فقط بالرقابة الدستورية على القوانين فان هذه الرقابة هي المهمة الأكثر أهمية وبروزا في نشاطها.
ولقد أشار روبير J. Robert , عضو سابق في المجلس الدستوري الفرنسي, لدور المجلس المذكور بالقول: " دور المجلس الدستوري ليس قول إذا ما كان القانون جيدا أم لا, مفيدا أو أنه غير مناسب. ومهمته ليس إملاء ما يجب على البرلمان عمله .. ( RD, publ. 1990, p. 1265 ).
و حتى لا تبقى المقالة الحالية استعراضية, نرى انه من المناسب إلقاء الضوء, في المقالة القادمة على المجلس الدستوري في فرنسا في مجال الرقابة الدستورية على القوانين. د. هايل نصر...



#هايل_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفتاح لا يعلوه الصدأ بفعل الزمن
- امة تلفظ شبابها 3
- أمة تلفظ شبابها 2
- أمة تلفظ شبابها
- حق الدفاع في المواد الجزائية 4
- 2 الديمقراطية سعي للمساواة
- السياسة العربية. ممارسة فردية وخارج كل مساءلة.
- الديمقراطية. وبعض أوجه الحريات
- ضمير الأمة خارج فعاليات الأمة. القضاة.
- قتل طفل فلسطيني, خبر. مجرد خبر.
- رسالة من مغترب إلى الوطن
- في الشمولية.
- المرأة. المكانة المنشودة.
- في الطفولة
- من أخطاء القضاء الفرنسي 2/3 l’erreur judiciaire
- من أخطاء القضاء الفرنسي 1/3 l’erreur judiciaire
- في القانون
- الديمقراطية, مؤسسات وتكوين إنسان
- اللجوء إلى أوروبا. فرنسا تحديدا
- الدولة العربية. شخصنه علاقاتها الدولية


المزيد.....




- إسرائيل لواشنطن: سننتقم من السلطة الفلسطينية إذا أصدرت الجنا ...
- إسرائيل تبلغ واشنطن بأنها ستعاقب السلطة الفلسطينية إذا صدرت ...
- إسرائيل تحذر أمريكا: سنعاقب السلطة الفلسطينية حال أصدرت الجن ...
- السعودية.. حكم بسجن مناهل العتيبي 11 عامًا ومنظمات حقوقية تط ...
- اعتقال 300 محتج بجامعة كولومبيا وأنصار الاحتلال يهاجمون اعتص ...
- الأمم المتحدة: حجم الدمار في غزة هائل وأكبر من أوكرانيا
- من حرب غزة لأوكرانيا.. حرية التعبير في فرنسا تحت مقصلة العقو ...
- مسؤولان إسرائيليان: تل أبيب تنازلت عن مطلبها بفرض قيود على ع ...
- بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين لترحيلهم إلى رواندا
- تمكين «ذوي الهمم» الأوراق المطلوبة للتقديم على شقق ذوي الاحت ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - هايل نصر - في القضاء الدستوري./1