أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الديمقراطية والأسئلة الصعبة














المزيد.....

الديمقراطية والأسئلة الصعبة


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 721 - 2004 / 1 / 22 - 07:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


 يكاد يقارب البديهة تقبل الديمقراطية والدعوة إليها في جميع دول العالم، ولا يشذ عن ذلك الوطن العربي، خصوصا بعد زوال الاتحاد السوفيتي ومنظومته الاشتراكية. وبالفعل فقد تسارعت حركة الانتقال إلى النظام الديمقراطي على الصعيد العالمي، في أوربا الشرقية، وفي أفريقيا، وأسيا، وأمريكا اللاتينية. ونظرا للصخب الذي رافق، ولا يزال يرافق عمليات التحول هذه، التي لا تخلو من الاستعراض سواء في الإعلام، أو في الخطاب السياسي، أو في التطبيق أخذت تتداخل في الوعي العام، وفي الوعي السياسي، وحتى في الفكر النظري، الأسئلة المتعلقة بالديمقراطية، وعمليات الانتقال والتحول إلى الأنظمة الديمقراطية، نجم عن ذلك نوع من التبسيط، والاستسهال، والتسرع في الإجابة عنها.
    مثلا كيف يمكن الانتقال إلى النظام الديمقراطي في ظروف التبعية، أو في البلدان التي لم يبلغ تطور الرأسمالية فيها المستوى الضروري الذي يسمح بتوطين الديمقراطية ؟. يلح هذا السؤال كون الديمقراطية تعبير عن نمط الحياة السياسية للرأسمالية الصناعية .
     ثم كيف يمكن لقوى اجتماعية تنتمي في مجملها سواء من ناحية التكوين، أم من ناحية الوضعية، إلى مجتمعات ما قبل الرأسمالية، أي إلى المجتمعات العضوية، القبلية، أو العشائرية أو الطائفية، أن تحتضن الديمقراطية؟
    بعبارة أخرى ما هي الكتلة التاريخية التي يمكن أن تنجز عمليات الانتقال والتحول الديمقراطي في ظروف التخلف؟. وهل أصبح الخيار الديمقراطي خياراً لا رجعة عنه في وطننا العربي؟.
    من الواضح أننا إزاء عملية معقدة جدا يتداخل فيها النظري والعملي، المحلي والعالمي، العقلاني والعاطفي، ما هو رأسمالي وغير رأسمالي، لتجعل أسئلتها مركبة ومتداخلة، وأجوبتها معقدة لا تقبل القطع، بل النسبية والاحتمالية فقط.
    فالقول مثلا أن الديمقراطية لا يمكن بناؤها في ظل التبعية يفنده الواقع من ناحيتين على الأقل: من ناحية أن العولمة التي تزيد من الاشتراط المتبادل بين جميع دول العالم وبين الوحدات البنيوية المكونة للنظام الرأسمالي هي عملية موضوعية من يحاول وضع نفسه خارجها، على افتراض أن هذا ممكن، يحكم على نفسه بالموت الحضاري. ومن جهة ثانية إن
ما يجري واقعيا في جميع دول العالم من تحول باتجاه الديمقراطية يجري في إطار عمليات الاندماج المتسارعة الجارية عالميا، وليس من خارجها أو على الضد منها. السؤال الحق في هذا المجال ليس هو كيف نخرج من إطار العولمة، وما تفرضه من علاقات تبعية، بل أن  نجعل التبعية متبادلة، والاشتراط المتبادل يتحرك في اتجاهين، وليس في اتجاه واحد.
     كذلك القول بأن الديمقراطية هي وليدة النظام الرأسمالي الصناعي، وبالتالي لا يمكن أن تطبق إلا في المجتمعات التي أنجزت ثورتها الصناعية، كما هو الحال في الدول الأوربية ومثيلاتها من الدول المتقدمة، تكذبه واقعة أن الهند التي تعيش نظاما ديمقراطيا مستقرا، بل أكبر نظام ديمقراطي في العالم، لم تكن قد أنجزت ثورتها الصناعية ولم تنته منها بعد. كما أن هناك دول عديدة أنجزت ثورتها الصناعية منذ زمن، لكنها لم تتحول إلى الديمقراطية إلا في الفترة الأخيرة، مثل كوريا الجنوبية، والعديد من دول جنوب شرق أسيا، وأمريكا اللاتينية.
    كما أن القول بأن الديمقراطية بحاجة إلى بنية اجتماعية انصهارية تختفي منها البنيات الأهلية القائمة على العلاقات الشخصانية، أو بالحد الأدنى اضمحلال دورها الاجتماعي لصالح مؤسسات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية والنقابات، تخالفه الوقائع في العديد من الديمقراطيات الأوربية، ويخالفه واقع الهند أيضاً، التي تمثل بحق أنموذجا محرجا للتفكير الديمقراطي الذي يبني تحليلاته وتصوراته على أساس النموذج الغربي للديمقراطية. فليس كل ما هو أهلي يتناقض مع الديمقراطية. ربما هناك نوع من التنظيمات الأهلية التي لا تتوافق مع الديمقراطية وتحول دونها أو تعيقها، وهي تلك التي تدخل مع غيرها في علاقات تحديد على قاعدة النفي، بمعنى أن وجودها يتحدد من خلال نفيها لغيرها، أو تميزها عنها على قاعدة الهيمنة. أما التنظيمات الأهلية التي تقوم بينها علاقات ندية يتحدد من خلالها وجود أي منها بوجود الآخر فهي تدعم الديمقراطية ولا تنفيها أو تعيقها.
    ثم هل يمكن اعتبار الديمقراطية وكأنها سلعة قابلة للاستيراد والتصدير؟ ألا يجب النظر إليها كصيرورة ؟. بكلام آخر هل المطلوب ديمقراطية ناجزة وكاملة، أم هوامش للحرية والديمقراطية، يمكن البناء عليها وتطويرها مع تعمق التحولات المدنية المصاحبة؟. ثم ما هي الضمانات أن لا تظل الهوامش الديمقراطية، التي يمكن أن تسمح بها الأنظمة الحاكمة، مجرد هوامش شكلية تعيد إنتاجها باستمرار؟..الخ.
    الأسئلة السابقة المشحونة بالشك، وغيرها كثير، لا يجوز النظر إليها على أنها أسئلة تعجيزية تدفع باتجاه اليأس، أو أنها من نوع الأسئلة التي لا تخاطب واقعا معينا ومتميزا. بل على العكس من ذلك تماما، يكفي أن ننظر في واقعنا السوري لنشاهد نموذجا مشخصا تسائله. ما نود التأكيد عليه هو أن أية إجابة عن الأسئلة السابقة، وغيرها مما له علاقة بالديمقراطية، لا بد أن تنبع من الواقع المشخص، وليس من خلال النظرة التأملية المجردة، التي اختبرناها في الخطاب القومي، وفي الخطاب الماركسي، ونختبرها الآن أيضا في الخطاب الديني المستنفر، وجرّت علينا ولا تزال مزيدا من الفشل والإحباط .



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والحركة الشيوعية والماركسية العربية -1
- الديمقراطية في فكر الإسلام السياسي المعاصر
- الديمقراطية وإمكانية تأويل النص القرآني
- الديمقراطية والشورى
- الديمقراطية في الفكر الإسلامي النهضوي
- المجتمع يشارك بفاعلية إذا كان حراً


المزيد.....




- القاديانية.. 135 عاما من الجدل حول النبوة والانتماء للإسلام ...
- ماذا قال ترامب عن-نتائج- الضربات على المواقع النووية الإيران ...
- الأسلحة وحجم الضرر: ما نعرفه عن الضربات الأمريكية على ثلاثة ...
- كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد ...
- روسيا تشن -هجوما كبيرا- بالمسيّرات على كييف
- عملية -مطرقة منتصف الليل-.. كيف اتخذ ترامب -القرار التاريخي- ...
- تحليل لـCNN: هجوم ترامب على إيران يعد انتصارا لنتنياهو لكن ا ...
- واشنطن تصدر -تحذيرا عالميا- على خلفية الصراع بالشرق الأوسط و ...
- أولمرت: الضربة الأميركية لإيران منحت نتنياهو فرصة لن يفلح با ...
- مصادر: إسرائيل تقبل إنهاء الحرب إذا أوقف خامنئي إطلاق النار ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منذر خدام - الديمقراطية والأسئلة الصعبة