أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منذر خدام - الديمقراطية في فكر الإسلام السياسي المعاصر















المزيد.....

الديمقراطية في فكر الإسلام السياسي المعاصر


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 719 - 2004 / 1 / 20 - 08:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


 لقد شهدت الساحة السياسية والفكرية العربية حضورا متميزا وفاعلا للقوى الإسلامية على امتداد الوطن العربي، وارتبط ذلك بانهيار المشروع القومي كما قدمه الخطاب السياسي والأيديولوجي العربي خلال الخمسينات والستينات، وكذلك انهيار المشروع الاشتراكي بصورته السوفيتية، هذا بالإضافة إلى عمق الأزمة التي تعصف بالكيان المجتمعي العربي وتكلس الأنظمة العربية الحاكمة، والتحدي إلى حد الإذلال الذي تمارسه إسرائيل وأمريكا على العرب خصوصا بعد حرب الخليج الثانية والثالثة. وفي جملة الموقف من الواقع العربي والتحديات التي تواجهه، انشغل العديد من المفكرين الإسلاميين وكذلك الحركات السياسية الإسلامية بقضية الديمقراطية، فمنهم من رفضها بشكل مطلق واعتبرها مخالفة للإسلام نصاً وروحاً. السيد حافظ صالح على سبيل المثال يرى أن الديمقراطية تقول بفصل الدين عن الحياة وتجعل من الحرية مبدأ في الحياة الاجتماعية وهذا يخالف الشرع وتعاليم الإسلام المستقرة(1). أما السيد محمود الخالدي فإنه يعتبر النظام الديمقراطي سمة العقل الناقص للإنسان، ويتطرف كثيرا بحيث يصل إلى حد تكفير من لا يقر بحكم الإسلام(2) .
     من جانب أخر هناك من يتفاعل بشك إيجابي مع الديمقراطية ويرى أن لا خلاف حول ضرورة الديمقراطية، بل الخلاف يدور حول ما تعنيه في دلالتها الاجتماعية والسياسية. الشيخ
الدكتور يوسف القرضاوي على سبيل المثال يرى أنه لا يجوز نقل الديمقراطية الغربية كما هي بل لا بد من أن نضفي عليها قيمنا وفكرنا بحيث لا تبدو دخيلة على نظامنا، بل جزءاً مكوناً له(3). وهو يثمن عاليا ما حققته الديمقراطية في الغرب ويعتبرها قريبة جداً مما جاء به الإسلام من مبادئ وأصول سياسية مثل الشورى والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..الخ.
     ويتطور الموقف كثيرا من قضية الديمقراطية لدى البعض ممن يعملون في الحركات السياسية الإسلامية المعاصرة، ومن أبرز هؤلاء يمكن الإشارة إلى السيد راشد الغنوشي في تونس والسيد عدنان سعد الدين في سورية والسيد حسن الترابي في السودان.
     يدعو السيد راشد الغنوشي إلى بناء نظام ديمقراطي كمدخل لتحقيق الإصلاح الشامل وينتقد بشدة سهولة تكفير المخالف والطعن بدينه لدى الحركات الإسلامية بسبب انغلاقها وتوجسها من كل جديد(4).
     لكن بطبيعة الحال لدى السيد الغنوشي تصوره الخاص للنظام الديمقراطي، وهو ينتقد من يطالب بالأخذ بالديمقراطية الغربية كما هي، رغم انه يقر بأنها أفضل الأنظمة التي تمخض عنها تطور الحياة المجتمعية واهتدى إليها الفكر الإنساني ما عدى النظام الإسلامي(5). ولكي تصلح الديمقراطية للواقع الإسلامي لا بد من إعادة استنباتها في الأرض الإسلامية وتبيئتها  وتخليصها من شوائب العلمانية(6). ولا يجد السيد الغنوشي حرجا في أن ينظر إلى الديمقراطية من داخل المنظومة الفكرية الليبرالية فتبدو له تعددية سياسية واحترام حقوق الإنسان بما فيها احترام حرية التعبير والمشاركة السياسية والتداول على السلطة عبر صناديق الاقتراع ورفض العنف كأداة لحل الخلافات السياسية والفكرية (7).
     ومع أن الغنوشي يعتبر متميزا إلى حد كبير في تفكيره وفي تعاطيه مع الشأن السياسي بالمقارنة مع غيره من المشتغلين في الحقل الفكري والسياسي بمرجعية إسلامية، إلا أن السيد عدنان سعد الدين المراقب العام السابق للإخوان المسلمين في سورية لا يقف بعيدا عنه في موضوع الخيار الديمقراطي، وكذلك يفعل المراقب الحالي السيد علي البيانوني. يدعو السيد عدنان سعد الدين إلى الحرية في التفكير والتعبير والتنظيم والمشاركة في الحكم من خلال مؤسسات دستورية يختارها الشعب. ومع أن مفهوم الأغلبية لدى السيد عدنان سعد الدين  يتحدد بالأغلبية الدينية، مع ذلك تعتبر طروحاته متقدمة على اطروحات أغلبية قادة الإخوان المسلمين في سورية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات من القرن العشرين، وهذا تطور إيجابي يستحق الإشادة(8). الشورى بالنسبة للسيد عدنان سعد الدين تعني مشاركة أفراد الشعب
في اتخاذ قرارات ملزمة وقطعية لمختلف مستويات السلطة(9). وعليه فإن النظام الديمقراطي كما يراه السيد عدنان سعد الدين يقوم على ثلاث ركائز:
أ-حكم الأكثرية وما يلازم ذلك من حرية التعبير والتنظيم.
ب-المشاركة في الحكم عبر المؤسسات والصيغ المشروعة.
 ت- حرية الاختيار للشعب (10) .
     واللافت أن السيد عدنان سعد الدين الذي كان يتزعم الجناح الراديكالي في حركة الأخوان المسلمين في سورية، في مواجهة جناح المعتدلين بزعامة عبد الفتاح أبو غدة كان قد توصل إلى هذا التحول من وضعية الحزب التضامني إلى وضعية الحزب التمثيلي بعد الهزائم التي تعرضوا لها في مواجهة النظام السوري وخصوصا بعد التحولات التي جرت على الصعيد العالمي. ففي المفاوضات التي جرت بين الأخوان المسلمين والنظام السوري في كانون الأول عام 1984 طرح الأخوان ضرورة التحول الديمقراطي الشامل ولخصوا مطالبهم في بيان 3 شباط عام 1985 بإلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية وإطلاق الحريات العامة وضمان حرية التعبير والتفكير والحقوق السياسية لجميع المواطنين وإجراء انتخابات حرة ونزيهة على أساس دستور جديد تضعه هيئة تأسيسية..الخ (11).
     بدوره السيد حسن الترابي زعيم الجبهة القومية  الإسلامية في السودان يرى في الحركة الإسلامية حركة شعبية وجماهيرية وديمقراطية، ويعتقد أنه لا بد من فك الارتباط بين الديمقراطية والعلمانية ليسهل تسويقها إسلاميا(12). لقد مالت الحركة الإسلامية في السودان إلى قبول الديمقراطية والتعدد والاختلاف تحت ضغط التجارب الديمقراطية في السودان، ولم تصل إلى حد تبنيها كخيار استراتيجي، لذلك بقيت نظرتها إليها كوسيلة للانتشار وحرية العمل(13).
     ثمة اتجاه إسلامي آخذ في التبلور يدعو إلى التعامل الإيجابي مع قضية الديمقراطية كخيار لا يجوز رفضه طالما أنه يشرع وجوده و يتيح له فرصة العمل والممارسة السياسية والفكرية والمنافسة على السلطة خصوصا بعد أن تحول في العديد من البلدان العربية إلى حركات جماهيرية.
    ففي مصر حاولت جماعة الإخوان المسلمين أن تعيد النظر بمضمونها وأن تقترب من نمط الحزب التمثيلي فأصدرت وثيقتين هامتين: اعترفت في الوثيقة الأولى بحق المرأة في العمل والمشاركة في الحياة العامة وأن تحتل مختلف المناصب ما عدى منصب رئيس الدولة.
   أما الوثيقة الثانية فكرستها للمطابقة بين الشورى والديمقراطية الحديثة حيث أكدت فيها على
أن الأمة هي مصدر السلطات وأنه لا بد من دستور مكتوب يؤخذ من النصوص الشرعية ومن مراميها وقواعدها الكلية. تؤكد الوثيقة على حفظ الحريات العامة والخاصة وتحديد مسؤولية الحكام ومحاسبتهم أمام مجلس نيابي منتخب بشكل حر يتمتع بسلطات تشريعية وتكون قراراته ملزمة. ويجب أن يقوم النظام الديمقراطي المنشود على التعددية الحزبية دون قيود وقبول تداول السلطة بين الجماعات والأحزاب السياسية عن طريق انتخابات ديمقراطية(14). تكمن أهمية الوثيقتين المشار إليهما في أنهما تعبران عن الرأي الرسمي للجماعة (15).
    وينطبق ذلك بدرجات مختلفة على التجمع اليمني للإصلاح في اليمن وعلى الأخوان المسلمين  في الأردن  وفي غيرها من البلدان العربية.
    يبقى السؤال مفتوحا حول مدى جدية تمسك الحركات الإسلامية بالخيار الديمقراطي؟وهل تجاوزت في اطروحاتها المتعلقة بالمسألة الديمقراطية حد المناورة السياسية التكتيكية إلى الموقف  الاستراتيجي؟
     هذا السؤال مجاب عليه جزئيا في أطروحتها حول الدول الإسلامية ومقولة الحاكمية لله الشهيرة لأبي الأعلى المودودي، التي أخذت طابعا جهاديا على يد سيد قطب، وكذلك أجابت عليه ممارسة بعضها عندما كانت تهيمن على السلطة كما هو الحال بالنسبة للجبهة القومية الإسلامية في السودان، فكانت كغيرها من الحركات القومية أو الشيوعية  ذات طابع نفووي استبدالي وبالتالي استبدادي.
      التيار السائد في الإسلام السياسي يرى الإسلام صالح لكل زمان ومكان وهو بذلك يحيله إلى قيمة متعالية ما فوق تاريخية. وبدلا من أن يعمل تحت ضغط الواقع  لتكييف النص مع مقتضياته، على العكس يحاول تكييف الواقع مع النص. يتجاهل أصحاب هذا التيار أن القرآن       نزل في مناسبات وله أسباب نزول جاء جوابا عنها. الديمقراطية لدى هذا التيار تكتيك للوصول إلى السلطة  سرعان ما يرتد عليه بعد وصوله إليها.
المراجع
1-صالح ،حافظ ،" الديمقراطية وحكم الإسلام فيها"، (بيروت، دار النهضة الإسلامية ،1988)  ص 39.
2-الخالدي ، محمود " نقص النظام الديمقراطي "،(بيروت ،دار الجيل ،عمان ،مكتبة المحتسب، 1984)، ص 84.
 3-القرضاوي، يوسف "أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة " ،(بيروت، مؤسسة الرسالة ،1991) ص 157-158.  
4-الغنوشي ، راشد ، " مستقبل التيار الإسلامي" ،(منبر الشرق،1992) ص 25-26
5-الغنوشي ، راشد ،"محاور إسلامية" ، (القاهرة ،بيت المعرفة نابلس،مكتبة الكمال،1989).ص 61.
6-الغنوشي ، راشد "مستقبل التيار الإسلامي " ،1992، مرجع سبق ذكره، ص 26.
7-الغنوشي ، راشد ،" محاور إسلامية "،مرجع سبق ذكره ،ص 227.
انظر أيضا " الأحزاب والحركات  والجماعات الإسلامية" مجموعة من المؤلفين.الجزء الثاني، الطبعة الثالثة (دمشق ،المركز العربي للدراسات الإستراتيجية.2000) ص 860.   
8- سعد الدين،عدنان من " أصول العمل السياسي للحركة الإسلامية المعاصرة " في عبد الله النفيسي ، محرر الحركة الإسلامية،رؤية مستقبلية ، أوراق النقد الذاتي (القاهرة ،مكتبة مدبولي ،1989) ص283.
9- سعد الدين، عدنان من "أصول العمل السياسي للحركات الاسلامية المعاصرة"المرجع السابق ،ص 79.
10-بشارة ، عزمي " مدخل إلى معالجة الديمقراطية وأنماط التدين "، في حول الخيار الديمقراطي،دراسات نقدية ، (بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية، 1994) ص94-95.
 11-" الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية " مجموعة من المؤلفين، الجزء الأول ، الطبعة الثالثة ( دمشق، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية،2000) ص 310-313 .
12-الترابي، حسن،في قراءات سياسية، العدد 4(خريف 1994)ص11،.أنظر أيضاً الترابي ، حسن،أولويات التيار الإسلامي لثلاث عقود قادمة، منبر الشرق( آذار 1992) ،ص20.
13- " الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية " ،الجزء الأول، مرجع سبق ذكره ،ص 601. باختصار
14-الهضيبي ، مأمون يرد على أسامة الباز، الأخوان مع دستور مكتوب ، الوسط، العدد (136) 5/9/1994.
15-"  الأحزاب والحركات والجماعات الإسلامية "  الجزء الأول ،مرجع سبق ذكره ،  ص 223.

 



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية وإمكانية تأويل النص القرآني
- الديمقراطية والشورى
- الديمقراطية في الفكر الإسلامي النهضوي
- المجتمع يشارك بفاعلية إذا كان حراً


المزيد.....




- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...
- اللجنة العربية الإسلامية المشتركة تصدر بيانا بشأن -اسرائيل- ...
- إلهي صغارك عنك وثبتِ تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمتابع ...
- اختفاء مظاهر الفرح خلال احتفالات الكنائس الفلسطينية في بيت ل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منذر خدام - الديمقراطية في فكر الإسلام السياسي المعاصر