البغاء على شاشة السينما المصرية

مازن لطيف علي

الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 11:28
المحور: ملف : ظاهرة البغاء والمتاجرة بالجنس
    

عرض:مازن لطيف علي
لم يكن غريباً ان تتجه البحوث الاجتماعية والنفسية في المجتمعات المعاصرة لدراسة ظاهرة البغاء بوصفها أحد أقدم المهن في التاريخ حسبما يرى الباحثون والمحللون قراءة ودراسة بالادوات العلمية للكشف عن ديناماتها والتعرف على اسباب الظاهرة كما تناولتها السينما أيضا بمختلف مراحلها بأعتبارها أحد المواضيع الشائكة في كثير من المجتمعات .. الكتاب الصادر حديثاً” البغاء على الشاشة المصرية 1975_1985” للدكتور خالد بهجت هو أحد الكتب اللآفتة التي تحاول أن تقارب هذا الموضوع وتعيد قراءته من خلال نظرة السينما اذ يتصدى المؤلف فيه لدراسة الافلام المصرية وموقفها من البغاء للفترة 1975_1985 .
والتي تميزت بمتغيرات اجتماعية اقتصادية كان لها تأثير على العديد من الوقائع في الاحداث الجارية في الواقع، وكان البغاء واحداً من الامراض النفس _اجتماعية التي تفاقمت حدتها كما تجمع الدراسات، فلم يكن غريباً ان يهتم الباحثون بهذه الحقبة ومدى مجاراة الفيلم السينمائي والسينما المصرية بشكل خــاص لمثل هـــذا الموضــوع الــذي يمثل ظاهرة إغوائية قد تدفع بالسينمائي لتناولها في اتجاهين فإما ان يستند السينمائي للرصيد العلمي ليؤكد عمق علم السينما، وإما أن ينطلق من اثارة حواس المتلقي مستهدفاً شباك التذاكر بسينما رخيصة لاتهتم بالعلم ولاتلقي بالاً لدور الفن السينمائي في المجتمع.
يحاول الدكتور بهجت خالد في كتابه العودة الى تاريخ البغاء والجذور التاريخية لهذه الظاهرة وتعريف البغاء وتاريخ البغاء في مصر، والدوافع الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لهذه الظاهرة.
يرى المؤلف ان عام 1974 كان حجر الزاوية في مسيرة الاعوام التالية فهو العام الذي ظهرت فيه ورقة اكتوبر كل ما تتضمنه من مبادىء للتحولات الجديدة في هيكل الاقتصاد المصري والذي كان قد بدأت منذ عام 1971 الا انها لم تتبلور الا عام 1974 فقد قدمت السينما المصرية البغاء في ابرز افلامها”قاع المدينة “ و”الاخوة الاعداء“ المأخوذ عن الاخوة كارامازف وكليهما من اخراج حسام الدين مصطفى.. ففي فيلم قاع المدينة الذي قدم الخادمة “شهرت “ التي تعمل عند احد القضاة لكي تعيل اسرة فقيرة، ثقل الاطفال كاهلها وزوج مريض ادمن الافيون، اضطرت “شهرت“ ان تعمل مع القاضي المصاب بعقد جنسية تسقط “شهرت” بالخطيئة مرة تلو الاخرى، ويقدم الفيلم شكلاً اخر للبغي في نفس الوقت هي مدام “زيزي” التي تدير منزلها للقمار والدعارة .
قدمت السينما المصرية “1975_1985” 542 فيلماً بمعدل 54 فيلماً في العام الواحد تقريباً، وقد احصى الدكتور خالد بهجت 29 فيلما ناقش موضوع البغاء، ففي فيلم “الهارب” عام 1975 اخراج “كمال الشيخ “ وهو اول فيلم يقدم في تلك الحقبة شخصية بغي كانت في احد احضان رؤساء تحرير الصحف، وفي نفس العام قدم عاطف سالم فيلم “ومضى قطار العمر“ المقتبس من فيلم “بابا” اخراج (عاطف يالماظ التركي) والفيلم يقدم لنا انحراف فتاة واحترافها البغاء تحت وطأة الظروف الاجتماعية التي دفعت بها الى هذا المستنقع، ثم يقدم شادي عبدالسلام في “المومياء” شكلاً للبغاء في القبائل التي تعيش في الجبال حيث كان مكان البغاء في جوف الجبل، وفي عام 1976 قدم سيف سمير فيلم “دائرة الانتقام” عن قصة “الكونت دي مونتكرستو” ايشاهد ان “جابر” الذي يخرج من الشجن ويفاجأ ان اخته “شوشو” تعمل في منزل دعارة وقد احترفت المهنة بعد دخوله السجن، بعد ان زادت وطأت الحياة الاقتصادية بسجنه ومرض والدته واحتياجها للدواء.
قدم الدكتور خالد بهجت بعض الفرضيات، منها ان السينما المصرية في الفترة 1957_1985 لم تهتم بمشكلة البغاء الاهتمام الواجب رغم معدلات الظاهرة المرتفعة، ويرى المؤلف ان اغفال افلام تلك الفترة للأسس العلمية للعوامل والاقتصادية والاجتماعية والنفسية لمشكلة البغاء، وتدهور الحركة النقدية بأعتبارها ركناً هاماً في تطور الفيلم المصري من خلال كشف السلبيات.
يختم المؤلف كتابه ببعض المؤشرات التي حرص على ابرازها منها:
1. الحرص على ابراز البغي احياناً بأعتبارها نموذجاً نبيلاً وضحية بل لدى البعض أشرف من الاخريات.
2. امتهان نموذج المدرس الجامعي “رمز العلم” في “دري الهوى“ او المدرس بعامة في فيلم “المذنبون“ و”لامن شاف ولامن درى“ او حتى نموذج طالب جامعي في “شوارع من نار“.
3. الافلام في مجموعتها تنتهي بنهايات اخلاقية وكلها تخلق تعاطفاً وتوحداً بين المتلقي والبغي بل ومع بعض النماذج الاخرى بخاصة القوادين ذي الروح المرحة ”مساعدي البطل من فناني الكوميديا”.

اسم الكتاب” البغاء على شاشة السينما المصرية 1975_1985"
تأليف: د. خالد بهجت
الناشر: اكاديميون للفنون

#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل