|
لقاء عباس - أولمرت والعناق الأخير
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 2300 - 2008 / 6 / 2 - 11:00
المحور:
القضية الفلسطينية
..... كل الدلائل والمؤشرات تقول أن فترة بقاء "أولمرت" في الحكم وحتى في قيادة حزب"كاديما" هي مسألة أيام والأبعد أسابيع، والرجل قد يحتاج إلى إخراج جيد يحفظ له ماء الوجه،وان كانت خيارات الإخراج السيئ غير مستبعدة،والتي قد تضطر "أولمرت" للمغادرة بشكل مهين على النحو الذي غادر فيه رئيس الدولة السابق "موشيه كاتساف"،تحت ضغط الإجراءات القانونية ولائحة الاتهام،التي يبدو أنه يجري إعدادها ضد "أولمرت"، "وأولمرت" يتعرض إلى ضغوط حزبية داخلية وخارجية شديدة تطالبه بالتنحي عن قيادة الحزب والدولة، فعدم تخليه يعني انسحاب حزب العمل من الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة في تشرين ثاني القادم،والمؤكد فيها خسارة ثقيلة للحزبان "كاديما" والعمل، وسيتولى الليكود رئاسة الوزراء والحكومة برئاسة "بنيامين نتنياهو"، وهو الذي تولى رئاسة الحكومة هذه على أنقاض حكومة العمل في 1996 ،ورفض تنفيذ اتفاقيات أوسلو، وقال أنه لن يعطي الفلسطينيين أي شيء مجاناً فعليهم الدفع مقابل أي شيء يحصلون عليه،والواضح هنا أن "أولمرت" لا يمتلك الإمكانية الأخلاقية وكذلك "ليفني" المرشحة لتولي قيادة "كاديما" ورئاسة الحكومة بعد تنحي "أولمرت" لا تمتلك الإمكانية القانونية لتنفيذ أي اتفاق مع الفلسطينيين، وزعيم الليكود "بنيامين نتنياهو" سارع للقول أن أي اتفق يعقده "أولمرت" مع عباس غير ملزم للحكومة الإسرائيلية القادمة، ويبدو أن "أولمرت" يحاول جاهداً أن يحقق انجازاً يبعد عنه شبح الفضائح والاستقالة أو الإقالة، كالتوصل إلى أوسلو جديد بشكل إعلان مبادئ غير ملزم، يكون بمثابة خشبة إنقاذ له ولبوش ولعباس، وأنا أتفهم مصلحة "أولمرت" في عقد مثل هذا اللقاء، ولكن ما هو غير مفهوم قبول الرئيس عباس لدعوة "أولمرت" رغم أنه يدرك تمام الإدراك أن "أولمرت" في الرمق الأخير وأطلقت عليه كخيل الانجليز في آخر أيامها رصاصة الرحمة، وبالتالي هذا السلوك والموقف من الرئيس عباس إصرار على السير في طريق المفاوضات من أجل المفاوضات،والتي تدور في حلقات ودوائر عبثية وضارة، ففي الوقت الذي لا يريد فيه الرئيس عباس أن يفوت فرصة العناق الأخير لشريكه "أولمرت"،نرى مدى الاستخفاف الإسرائيلي به وبكل طاقمه التفاوضي،حيث يعلن وزير الإسكان الإسرائيلي عن طرح عطاء لبناء 820 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات القدس الشرقية،والناطقة باسم الحكومة الإسرائيلية تقول أن هذا اللقاء سيبحث في التهدئة وما يسمى بالتسهيلات وحسن النوايا، فالأولى عنوانها ليس الرئيس عباس ولا يمتلك القرار بشأنها، والتسهيلات الإسرائيلية خلال عشرات اللقاءات على مستوى القمة ورؤساء الطواقم العلنية والسرية منها، لم تفلح في إزالة "كرفان" استيطاني واحد أو إزالة حاجز رئيسي واحد، وبالمختصر فليشرح لنا جهابذة السياسة من أمثال الأخ صاحب نظرية المسامير "الخوازيق" الأربعة فوائد مثل هذه اللقاءات، والجدوى منها في ظل استمرار سياسات إسرائيل العدوانية،وتصاعد هجماتها الاستيطانية بشكل كبير. من الواضح جداً أنه،بعدما أعلن الزعيم المصري الراحل أنور السادات،أن تسعة وتسعين في المائة من أوراق الحل بيد أمريكيا، والتي أول ما عنت استقالة النظام الرسمي من السياسة، والخصي العسكري والتخلي عن خيار المقاومة،فالحقوق العربية والفلسطينية،أضحت تحت رحمة أمريكيا وإسرائيل،ووصل الأمر حد مطالبة البعض من النظام الرسمي العربي باستجداء أمريكيا واستعطافها،وطبعاُ هذه السياسة الضارة عنت أيضاً غياب الإستراتيجية العربية في التصدي والمواجهة والرد على السياسات الإسرائيلية العدوانية،واستخفافها وعدم قبولها بكل ما قدمه العرب من تنازلات والتي كان آخرها مبادرة السلام العربية. وغياب الاستراتيجيات والآليات العربية والفلسطينية،للرد على غطرسة وعنجهية إسرائيل،ترك الحقوق العربية والفلسطينية تحت رحمة الأزمات الحزبية الإسرائيلية الداخلية،وتبدل حكوماتها والحكومات الأمريكية،بحيث يجري إعادة فتح ما تم الاتفاق عليه، والتفاوض عليه من جديد،أي بمعنى العودة بالمفاوضات والاتفاقيات إلى المربع الأول،وهذه العودة طبعاً تترافق مع ممارسات إسرائيلية متواصلة لتغير الوقائع الأرض،والتي لا يملك الطرف الفلسطيني ولا العربي إزائها سوى التشكي والاستنكار، والاستمرار في مسلسل المفاوضات المارثونية والعبثية،وتبرير هذا العجز والارتهان لهذا الخيار،بالقول أنه يريد كشف حقيقة المواقف الإسرائيلية الرافضة للسلام،وبقدر ما تزداد إسرائيل رفضا ويزداد الطرف الفلسطيني والعربي استجداء،ترفع إسرائيل من سقف مطالبها واشتراطاتها،حتى وصل الأمر أن إسرائيل تريد من العرب والفلسطينيين،الاعتراف بالصهيونية كحركة تحرر وطني،وأن نضالهم "إرهاب" وهي ليست مسؤولة عن نكبتهم. ليس صحيحاً بأن ما يجري على الساحة الإسرائيلية،من تطورات هو شأن داخلي إسرائيلي،فهذا الشأن له انعكاساته المباشرة على الساحة الفلسطينية وعلى حقوق الفلسطينية،فمن غير المسموح تحت حجج وذرائع الفضائح والتبدلات الحزبية والحكومية الإسرائيلية،أن يستمر الاحتلال في ممارساته القمعية والاذلالية بحق الشعب الفلسطيني، ويبقى الاحتلال جاثماً ويتمدد،وهنا أيضاً علينا عدم الارتهان وتعليق الآمال كثيراً على المجتمع الدولي والرأي العام العالمي،فالتجارب علمتنا أن العالم لا يحترم الضعيف ولا يقيم له الوزن. في الحرب العدوانية الإسرائيلية في تموز/2006 على لبنان،طالبت كل دول أوروبا وأمريكيا وبعض دول النظام الرسمي العربي حزب الله،بإطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين الأسيرين،وكان رد سماحة الشيخ حسن نصر الله أنه لو اجتمعت كل دول العالم،لما ألزمت الحزب بإطلاق سراح هذين الجنديين، وهذه اللغة التي اعتمدها الحزب والإرادة التي امتلكها،هي جعلته محط ثقة واحترام العدو قبل الصديق،وليس لغة الاستجداء والاستعطاف. والرئيس الفلسطيني عباس بدلاً، من عدم إضاعة فرصة العناق الأخير لشريكه"أولمرت" والذي أضحى خارج دائرة القرار والقدرة على التنفيذ،وفي ظل ما تقوم به إسرائيل من هجمة استيطانية شاملة،ويجري التبجح باستمرارها في القدس، وقبل يوم واحد من عقد اللقاء،ليدلل على النتائج التي سيخرج بها هذا اللقاء،هذا اللقاء الضار وغير مبرر،وبدلاُ من الهرولة للقاء "أولمرت"،كان الأجدى بالرئيس عباس،الإعلان عن مراجعة شاملة لنهج المفاوضات،والإعلان عن نهاية وفشل هذا الخيار، والعمل على إعادة ترتيب البيت الفلسطيني،وتشكيل حكومة وحدة وطنية،فهذا أهم وأولى من عقد مثل هذه اللقاءات العبثية والضارة.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأسرى وصفقات التبادل
-
المقاومةلا تنتظر اجماعاً وطنياً ولا شعبياً
-
اسرائيل تفعل قانون ما يسمى-بالمقاتل غير الشرعي-
-
من ذاكرة الأسر 31
-
وأخيراً نجحت قطر في حل مشكلة الاستعصاء اللبناني
-
العودة لثقافة أبو جهل وأبو لهب
-
هل تنجح قطر في حل مشكلة الاستعصاء اللبناني ؟
-
ماذا بقي من وعد بوش بعد خطابه الوداعي في الكنيست الاسرائيلية
...
-
صفحات مشرقة من ذاكرة الاسر
-
زيارة بوش للمنطقة بين القدوم والإلغاء
-
الغلاة والمتطرفين يشعلون فتيل الحرب الأهلية في لبنان
-
المفاوضات والدوران في الحلقة المفرغة
-
من ذاكرة الأسر30
-
من ذاكرة الأسر29
-
اغتيال الشيخ حسن نصر الله قد يشعل حرباً اقليمية
-
الأسرى الفلسطينيون ومحاكم ثلث المدة الاسرائيلية-الشليش-
-
في ذكرى عيد العمال العالمي
-
زيارات الأهل لأبنائهم الأسرى في السجون الاسرائيلية مسلسل ذل
...
-
المؤتمر الوطني الشعبي المقدسي/ بانتظار|فرمان-الرئيس
-
أسرى القدس والثمانية وأربعين
المزيد.....
-
مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
-
من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين
...
-
بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين
...
-
الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب
...
-
استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
-
لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
-
روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
-
-حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|