خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 2300 - 2008 / 6 / 2 - 00:21
المحور:
الصحافة والاعلام
بعد مقالات قليلة تقدمت بها الى القراء الاعزاء , أجد من الامانة مع جدية قضايانا التي نعالجها , ومع المستوى الراقي لكيفية الحوار الجاد الذي عودتنا اياه التجربة الوطنية وبرهانا على احترام عقل القاريْ ومع المستوى المتقدم والامين لموقع الحوار المتمدن,و مع نفسي ومع القراء , , , وحرصا على ان يكون ما اكتبه رافعة لمستواه ورقيه الانساني , ان اعترف امامه ان خدمتي المهنية لما كتبته وقدمته للقاريء لم تكن بالمستوى الذي تستحقه و رغم انني لا اخطيء فحوى وصوابية ما قدمت . الا انني لا اجد في مهنيته المستوى الواجب ان تكون عليه . لذلك وحيث تحضرني امانة الكتابة وهي لم تغب عني ابدا , فانني اتقدم باعتذاري هذا لجميع من ذكرت , غير قاصدا الاستنكاف عن الكتابة ولكن التزاما لاحقاق حق من ذكرت وكي لا اهدر هذا الحق فيما ساكتب مستقبلا عبر تسخير قدراتي وامكاناتي بمستوى اكبر من الخدمة المهنية , التي ليس في الواقع مجالها مقال المتابعة اليومية للحدث بمقدار ما هي افضل في مجال المتابعة البحثية للاتجاه الذي ينضوي تحته .
انني اشعر براحة ضمير مميزة ان اتخذ خطوة الاعتذار هذه , التي كان يمكن وكما يفعل البعض تجاوزها والقفز عنها وعلاجها بصمت اثناء متابعة مسار الكتابة , غير ان ذلك لا يتم إلا من منظور الطبيب الانتهازي الذي بعد ان يكتشف خطأ الوصفة الدوائية التي صرفها لمريضه الذي وثق به وهي اصلا ترتبت على خطأ تشخيصه سابقا للحالة المرضية يعود الى صرف وصفة دوائية جديدة على اساس تشخيص جديد للحالة المرضية , دون ان ينسى بالطبع اخذ الكشفية من المريض , ودون التفات لحق المريض باعتذار الطبيب له , مع حرمان المريض ايضا من حقه في اختيار ان يبقى هذا الطبيب معالجا له او ان يتعالج لدى غيره .
ولربما كان مثال علاقة الطبيب والمريض هو اقرب الامثلة تشبيها الى علاقة القاريء بالكاتب , حيث ياخذ الكاتب موقع الاختصاص الطبي الذي يعالج العفوية لدى المريض باعتبارها حالة مرضية اجتماعية لا ينجو منها الا من ندعوهم النخبة , وهي في الواقع حالة مرضية قسرية يقع في حبائلها المواطن جراء انشغاله بتحصيل قوت الاسرة يوميا , وهي قسرية تتضاعف قساوتها في الوقت الحالي نتيجة موجة الغلاء العامة الشاملة التي عمت اسعار مختلف السلع وبشكل خاص الضروريات منها , فمواطننا في ظل غياب النزاهة من دور الحكومات كادارة لجميع المجتمع ونظامه فانها تصمت بصورة انتهازية وتنحياز الى جانب زيادة المدخول الضريبي من موقعها كشريك للطبقة مالكة وسائل الانتاج والوكالة التجارية ومالك العقار والبنك الربوي وتحمي ذلك بشرعية سلطة السيطرة الاجتماعية وحق القمع . الى جانب سرورها الكبير لحالة العفوية المسيطرة لدى المواطن وغياب قدرة المتابعة عنه , مما يضعف قدرته على اتخاذ الموقف والالتزام به كحد اعلى وتدني مستوى مشاركته المسار الديموقراطي كحد ادنى , الى درجة السكوت عن تجارة بيع الاصوات الانتخابية بثمن بخس الى من لا يستحقه.
إن دور الكاتب هنا هو دور خطير الاهمية , فهو الذي يحتضن المواطن كما تحتضن الام ابنها وتسهل عليه امور الحياة الى اللحظة التي يستطيع معها فك اتكاله عليها , والاعتماد على ذاته وقدراته , فنجد مهمة النخبة تمرعبر مهمة تقديم كم متعدد متنوع من الغذاء النظري السياسي للمواطن يختار منه ما يناسب إما هواه اوعقله في البداية وينتهي الى ما يناسب عقله ومصلحته في النهاية , حيث يتم رفع مستوى الادراك والوعي لدى المواطن الى مستوى القدرة على المشاركة بصورة لائقة في مختلف المجالات .
لكن انجاز هذه المهمة من قبل النخبة والتعبير عنها اجتماعيا بالكتابة او الحوار , يشترط عليه ان يلتزم الاسس والنهج الصحيحة في بلورة موقفه من حدث ما , حيث لا يجب ان يكون هذا الموقف تعبيرا عن هواه الفكري ولا السياسي , بل تعبيرا عن موضوعية الحدث , احاطة وتحديد عوامل وتبيان لحركتها وانسجامها وتعارضها وهو المستوى المؤسس للقدرة على الكتابة بنزاهة وايضا الانتهاء بالكاتب الى توقع الاحتمالات الاكثرترجيحا صوابيتها وملائمتها لترشيد اتجاه مسارووحدته .
إن الكاتب الامين وليس شرطا ان يكون المبدع هو الذي يلتزم بالمنهج السابق اثناء ممارسته الكتابة والنشر , وهو الكاتب المتوقع منه الابداع في النهاية , حيث يكون قد عزز المستوى الانساني الحضاري له ولمجتمعه الى درجة يفاخر بها المجتمعات الاخرى , وانجز بصورة امينة مهمته او مبادرته في الكتابة , ولست ادعو هنا الى رقابة على الفكر والتعبير , فانا اقف على الجانب الاخر المعادي لهذا النوع من الرقابة وادعو الى اطلاق حرية القراءة كمقدمة وارضا خصبة لنمو قوى الانتاج الفكري , وبوصلة استشعار مسار القومية في حركته نحو الترقي والتطور وادعو الى تفكيك مستويات الرقابة الاكثر ضيقا من فرصة العيش الكريم في مجتمعاتنا , والتي يبدو ان الانظمة في المنطقة تتجه الى الحفاظ على مستواها الراهن والانحدار بها الى مستويات اكثر ضيقا مستقبلا , حتى لكأن الناتج الديموقراطي على علاقة عكسية في مجتمعات المنطقة مع تصاعد النضال بها وطنيا كان او ديموقراطيا , وعلى الاخص في عهد العولمة الذي جعل من غوانتنمو السجن المركزي لانظمة العالم جميعا , وتهمة مكافحة الارهاب تشمل المعارضة في كل القوميات , كما انني ادعو الى حرية التعبير التي هي المدرسة القومية السليمة القادرة على بناءالنخبة اللازمة لترشيد عملية الترقي والتطوروتحافظ على مستوى ادراك عال لوحدة مصلحة القومية وظروف وشروط تحققها , وتنتقد من موقع الحرص لا التعالي معيقات هذا التقدم ,
ارجو بصدر رحب تقبل هذا الاعتذار من اللذين يهمهم الامر , مع الاحترام
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟