علم الدين بدرية
الحوار المتمدن-العدد: 2287 - 2008 / 5 / 20 - 07:11
المحور:
الادب والفن
أَخَالُ الْحُسْنَ قَادِماً مِنْ سَدِيْمٍ ، مِنْ سُحُبٍ فِي فَجْرٍ سَحِيْقٍ .. مِنْ وِلادَةِ الْعَدَمِ انْبَثَقَتْ شُموسٌ تَخْتَرِقُ حُجْباً تَنْثُرُ فِي الْمَجَرّاتِ الْخَاليّةِ نُوراً وأَنْوَاراً وتَزْرَعُ دَرْبَ التَّبَانة زهوراً وَرياحين ...تُضَمّدُ أَحْزَانَ الأُفقِ الْغَارِقِ فِي سُبَاتٍ عَمِيق ، تَنْثُرُ عِطْرَها الْهِيوليّ نُجوماً وَكَواكِبَ فِي لَيْلٍ بَهِيميّ يَسْتَفِيقُ فِي مَحَاجِرَ الْعُيون...
عِنْدَمَا هَاجَرَتْ طُيُورِي ، قَبْلَ الشِّتَاءِ الأَخِير ، وَلَمْ تَعُدْ الشَّمْسُ تُمَشّطُ شَعْرَها عَلَى شَاطِئ طُمُوحِنا الرَّهِيب ، وأَصْبَحَ عَامُنا عَلَى وَشَكِ الرَّحِيل ، وَعَالمُنا الْعَدميّ يُشَكّلُ اسْتِحَالةً فِي اسْتِعَادَةِ الزَّمَنِ الْمُتَبَقّي ..!! تَشَابَكتْ الخُطُوطُ الأُفُقِيَّةِ فِي مُعَادَلَةِ الْوِجُود ، وَظَهَرَتْ أَبْعَادٌ جَدِيْدَةٌ فِي غَسَقِ الْخَلِيْقَةِ بَيْنَ التَّمَدّدِ والضُمُور ... فَبَحَثْتُ عَنْكِ فِي لُغْزِ أَرْقَامِي النَّاطِقَةِ وأَشْكَالِي الْهَنْدَسِيَّةِ الْمُتَمَرِّدَةِ عَلِى قَانُونِ السَّبَبِيّةِ والنَّسْبِيّةِ وَهَذَيَانِ قَرْنٍ مِن الشّكُوك ..
حُلمٌ تَرَاءَى لِي فِي خَريِفِ الأَعْمَارِ حَمَلَتْهُ أَمِيْرةٌ فُرعُونِيّةٌ مَوَاثِيقَ عَوْدَةٍ وَطُقُوسَ تَقَمّصٍ وَعُهُودَ بَعْثٍ سُجِّلَتْ فِي كِتَابِ الْمَوْتَى عُلِّقَتْ عَلَى هَايَكِلَ الآلهةِ .. يُرَتِّلُهَا كَاهِنُ الْمَعْبَدِ الْقَدِيمِ صُوَراً فِي ذَاكِرَةِ الطّفُوْلَةِ الْتِي تَحْبُو فَوْقَ أَوْرَاقِ الْقَدَرِ وتَخْبُو فِي مُقَلِ الأَيْام . ..
أَسْتَغْفِرُ وَجْهَكِ الْقَادِمَ يَتَأَرْجَحُ بَيْنَ النَّارِ والْمَطَرِ وأَعَاصِير الثّلوجِ الْقُطْبِيَّة .. فَوْقَ هِضَابٍ بَارِدَةٍ لا تُثْمِرُ سِوَى صَفَعَاتِ زَمْهَرِيرٍ فِي عُمْرِي الْقَاحِل ..وأهاتٍ وأَنِيْنٍ مِنْ وَقْتٍ ضَائِعٍ مُسَجَّى فِي فُوّهةِ بُرْكانٍ خَامِدٍ عَلَى سَطْحِ الْقَمَرْ ..
سَافَرتْ رُوحي فِي جَسَدِ الْعَالَمِ مَرَّاتٍ وَمَرَّات ، وَمَرَّتْ عَلَى بُحُورٍ وَشُطْآن .. وَاسْتَوْطَنَتْ مَدَامِعَ الْحَرْفِ وَتَبَوأت مَسَامَاتٍ فِي رِحْلةِ زَمَنٍ قَادِمٍ فَوْقَ هَوَادِجَ الْعَهْدِ الْقَدِيمِ وَشَوْقِ الْقَوَافِل الْعَائِدَةِ فِي مَرَاكِبَ الشَّمسِ الآفِلةِ وَمَواكِبَ الْعِشْقِ الْمُرْتَحِلةِ مُنْذُ قُرِعَتْ أَجْرَاسُ الْعَوْدَةِ/ الرَّحِيلِ وَدُقَّت نَواقِيسُ الْخِتَامِ تُجَلْجِلُ فِي فَرَاغِ الأَثِير ..مُعْلِنَةً نِهَايَتِي وَبِدَايَتي ..!! أَنَا انْعِكَاسُ صُورَةٍ فِي حُلمِ الْحَياةِ وَتَقَمّصِ الزّمَنِ التّرَاجُعي خَلْفَ الْوَاحِ الإبْدَاعِ الأَولى ...
فِي مَنْفَى اتِّجاهَاتِكِ الْمُبَعْثَرَةِ أُوَزِّع ضُحْكَاتِي للأَشْرِعَةِ الْمُمَزَّقَةِ عَلَى نَاصِيَةِ الْوعُودِ الْكَاذِبَةِ الْمُلْتَصِقَةِ بِصَوَاري وَمِيْضِ نَجْمٍ قُطْبِيٍّ يَتَمَوَّجُ فَوْقَ ثُلوجٍ كَدَّسَها ارْتِحَالٌ مُعْشَوْشِبٌ فِي ذَاكِرةِ الْبَشَرْ ...
حُبُّكِ انْبِعَاثٌ لِرَعْشَاتِ وَتَرْ ، وَجَفَافُ نَبْعِ الإشْرَاقِ فَوْقَ الْقَمَرْ ، وَضَجِيجُ صَمْتٍ فِي لُعْبَةِ الْقَدَرْ .. أَشْبَاحُ ذِكْرَاكِ أَكْفَان مُعَطَّرَة لِنَزِيفٍ مُضَمّدٍ بالرّياحِين وفَجْرٍ مَقْتُولٍ تَحْتَ جُفُونِ الْيَاسَمِين ..!!
فِي تُخُومِ الْوِلادَةِ انْعِتَاقٌ ، رَمْزُ أَحْلامٍ يَبْحَثُ عَنْ حَقِيْقَةٍ كُليّةٍ فِي مَذَابِحَ أَوْهَامٍ أَزَليّة ، يُدْخِلُني اعْتِبَاطاً فِي فُصُولِ حُبٍّ سَرْمَديّة ، يَدْفَعُ بِي إلى جُنُونٍ مُثْقَلٍ بِرَعْشَاتِ أَصَابِعكِ الْبَارِدَةِ واسْتِفَاقَاتِ حُرُوفِي الشَّارِدِة .. كَأَني بِها رِثَاءٌ لِعُيُونكِ الزَّيْتِيّة ، للبَحْرِ ، للحُبِّ ، للرُّمُوشِ الْخَرُّوبيّة .. لِصَحْوَةِ احْتِرَاقٍ مُخْمَليّةٍ بَيْنَ قَطَرَاتِ النَّدى والشّمسِ الآفلةِ بَيْنَ فَكّي بُنْدُقِيّة .. للعِشْقِ طُقُوسُ ارْتِعَاشٍ وَهَمَسَاتُ قَمَرٍ نَائِمٍ فَوْقَ سِنْديَانِ الْجَليلِ وَصَنُوْبَرِ الْكَرْمِلِ وانْعِكَاسَاتِ وَمِيضِ لَهِيْبٍ فَوْقَ مَوْجَاتِ الْخَلِيْجِ فِي حَيْفَا .. وَأَغَارِيْدِ شَوْقٍ فِي هِضَابِ الشَّمْسِ الْغَائِبَةِ خَلْفَ غُيُومٍ دَاكِنةٍ رَمَاديَّة ..
أيُّها الصِّمْتُ الْمُتَألّقُ بَيْنَ حُرُوفِي الْوَلِيدة .. أَيُّ عُرْسٍ هَذَا ..؟! يَجْمَعُ زَهْرَ اللّوْزِ الذّابِلِ وَزَنْبَقِ الْحَدَائِق الْمُكَفّنَةِ بالورُودِ ...فَلْيَهْجُر الليْلُ أَحْلامَ الْوَليد .. وَلِيَرْثِ الرّمَانُ عِطْرَهُ الشَّهِيد ، ولِتَبْقَ يَاسَمِينةُ الدّارِ أَكَالِيلَ للعِيد .. أَيُّ عُرْسٍ هَذَا يَجْمَعُ النَّارَ وَالْحَدِيد ..؟!
ضُوءُ الْقَمَرِ أَيُّها الْبَعِيد مُنْذُ سَكَنَ فِيْنَا الذّهُولُ .. وَسَافَرَ طَيْرُ الْفَجْرِ خَارِجَ الْحُقُول ..أَصْبَحْنَا نَهْرُبُ مِنْ تَقْبِيلِ الزّهُورِ وَنَرْسُمُ دَوائِرَ مِنْ نُوْرٍ لِمَوْعِدِ أَحْزَانٍ وَجِرَاحٍ لا تَنْدَمِلُ فَي مَسِيْرَةِ عِنَاقِنا الطَّويل .. فَسَلامٌ لِعَيْنَيْكِ واعْتِذَارِي يَبْقَى شَاهِداً عَلَى الطَّرِيق ..!!
هَذَا نَصِّي وَبَقَايَا حُرُوفِي .. فَاشْعِليها واشْتَعِلي ، وَانْصَهِري حُبًّا خَالِداً يُطْفِئُ ظَمَأَ الْغُرْبَةِ فِي تِرْحَالِ صَيْرُورَةٍ تَمَاهَتْ فِي وَاقِعٍ مُسْتَحِيل ..!!
#علم_الدين_بدرية (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟