أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - تامر سعيد - فلسطين .... ليست عربية!!













المزيد.....

فلسطين .... ليست عربية!!


تامر سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2283 - 2008 / 5 / 16 - 06:51
المحور: القضية الفلسطينية
    


-كنت امشي في الجامعة حينما شرع بعض الاشخاص-المحسوبين على تيار الإسلام السياسي-في توزيع مسابقة (ثقافية) و كانت الجائزة الكبرى ممنوحة لمن يجيب على السؤال التالي: كيف تدلل -بايجاز- على عروبة فلسطين؟

لما قرأت هذا السؤال سألت الشاب الذي قدم لي ورقة المسابقة : و هل فلسطين حقا عربية؟؟ و كانت إجابته حاضرة "اه طبعا !" مع قليل من ارتفاع الحاجبين و اتساع العينين دلالة الاستغراب-و ربما الاشمئزاز-من طرح سؤال حول هذا الشئ المقدس الذي لا غبار عليه.

-إذا لم نسأل؟ السؤال-عادة- يأتي للشك ، أو لايجاد دليل ،و لكن هذا السؤال بالذات بلا معنى ، فنحن لسنا في درس فيزياء نحاول اثبات كروية الأرض لنلم بالخطوات و طرق التفكير العلمي المنظمة التي اتبعها السلف الصالح في الفيزياء ، إنما قضية فلسطين لا تنفع فيها الحتميات من قبيل "فلسطين عربية" أو "اسرائيل دولة اليهود".

-ما الخطوات التي يتبعها مريدي العروبة و القومية لأجابة هذا السؤال؟ انه يلجأون إلى التاريخ ،ذلك الكائن المسخ الذي يهيمن على عقول البشر كفيروس خطير لا نجد له علاجا حتى الآن في المنطقة العربية. التاريخ الذي كتبه المنتصرون ،و الذي شوهه-أحيانا-اللاحقون لمصلحتهم ، انه التاريخ الذي لن تتثبت من صحته الا إذا تطورت علوم الفيزياء لتوجد لنا آلة الزمن!

-سنعود إلى الماضي السحيق ، إلى ما قبل العروبة حتى ، لنثبت ان سكان فلسطين الاصليين من العرب. أي عرب؟ أي عرب و العربية لم تنطق بعد؟

-يرد عليك مقدسو العروبة : الجنس العربي ، أو القبائل التي تحدثت العربية فيما بعد!
-آه! هنا تختلف المسألة. ليست إذا قضية لغوية بحتة ، إنما يدخل فيها التعصب العنصري العربي ،فطالما سكنتها قبائل تحدثت العربية فيما بعد ،إذا فلسطين عربية!

-لو اننا سنعود إلى الماضي السحيق بهذه الطريقة فسيكون علينا هدم الكرة الأرضية و إعادة بنائها من جديد ،سيكون علينا طرد السكان البيض في استراليا و أمريكا و اعادتهم إلى أوروبا ،و لكن أي أوروبا؟ ان منهم -بل اكثريتهم - من هو نتاج أجناس أوروبية شتى تزاوجت معا في العالم الجديد . سنعيد الأفارقة السود إلى افريقيا ،و لكن أين يذهب من هم على شاكلة باراك أوباما ذي الاصول المهجنة؟إلى أوروبا أم افريقيا؟ أم نشطرهم نصفين؟؟! هل نتسامح إذا لو طلب البربر طرد العرب المحتلين ، سواء بحجة اختلاف العرق أو اللغة،أو من سكن الأرض أولا ، كما نبرر عروبة فلسطين؟هل سيطالب سكان شرق افريقيا من الزنوج بطرد ذوي الاصول العرقية الغير نقية من ساحل القارة الشرقي ،و الذين نتجوا من التزاوج مع العرب العمانيين عندما كانوا يسيطرون على الساحل؟

هل و هل و هل ..... هل نقلب الكرة الأرضية من أجل اثبات عروبة بقعة من الأرض؟
-هذا المنطق -الذي يتخذ من التاريخ مرجعا- غير ملائم ابدا لفلسطين. ثم أي تاريخ يراد به المرجعية :التاريخ القديم منذ ان وطأت قدما أول إنسان الأرض بعد النزول من على الشجر؟ أم العصر الحجري ، أو عصر ما بعد بدء التدوين باختراع الكتابة؟ أو نختار مرحلة العصور الوسطي لنضمن تماما ان يكون سكان فلسطين من العرب؟ و على أي أساس سنختار مرحلة تاريخية بالذات بدون غيرها؟

-لا أحب ان يتم استدراجنا بواسطة المعتدين الاسرائيليين لاستخدام منطق مغلوط. منطق التاريخ كان منطق الصليبيين ،و هو نفس منطق الاسرائيليين . و كذلك-بالحرف- منطق الدين. مثل هذه الأساليب لاثبات انتماء الأرض لمجموعة من الناس لا تحدي نفعا ، فلو كانت لديك حجة ،ستجد لديهم ألف ألف حجة. لكل هذا فانني لا ارى فائدة كبرى تعود على العرب بمغالطة العالم و العقل باستخدام الأسلوب التاريخي لاثبات انتماء فلسطين للعرب.كما ان استخدام الدين لا ينفع أيضا ،فلو صرفنا النظر عن ان الدول العلمانية الغربية لن تلتفت لهذه الادعاءات ، فهذا المنطق قد يستغل بشكل أفضل و أكثر اتساعا لتقسيم لبنان إلى نصف مسلم و آخر مسيحي . كما ان استخدام اللغة لاثبات انتماء فلسطين للمنطقة الناطقة بالعربية قد يعمل على تقسيم العراق و سوريا (الاكراد) و مصر و السودان (النوبيين) و بلاد المغرب (الامازيغيين).

-بأي شكل من الاشكال ،فإن محاولات اثبات عروبة فلسطين يعد نوعا من العنصرية و التعصب المقيت الذي ينفر منه كل إنسان يحب الانسانية و يسعى للسلام ،و هو نوع من (أقلمة) القضية ليتم تداولها بين الاقاليم العربية ،بدلا من جعلها قضية انسانية دولية تهم الإنسان أيا كان عنوانه ،و مهما اختلف دينه أو عرقه أو لغته.

-قضية فلسطين قضية انسانية حقوقية بالمقام الأول، قضية شعب تمارس ضده أفعالا عنصرية من جاره في الأرض ،أرض فلسطين ،لنطالب بوقف العنصرية الاسرائيلية ضد السكان العرب ،و بالمثل -و بالتوازي- توقف العداء العربي للاسرائيليين . انها قضية لاجئين يحنون لوطن عاشوا فيه أطفالا قبل تهجيرهم رغما عنهم ليشبوا خارجه و لكن لم يمت بداخلهم الحنين لملاعب الطفولة. و على الجانب الآخر نجد شعبا اسرائيليا هاجر جيله الأول منذ أكثر من 60 عاما ، فنشأت على أرض اسرائيل أجيال لا تعرف وطنا الا اسرائيل ،و أي محاولة لطرد هؤلاء من منازلهم لن تقل في بشاعتها عن طرد و تهجير السكان العرب منذ أكثر من 60 عاما.

-ان حركة حماس و مختلف الميليشيات الاسلامية المسلحة في فلسطين تمارس العنف ضد اسرائيل من منطلق ديني ،فتعطي بهذا الحجة لاسرائيل و قادتها لتطالب بالنص على ان تكون اسرائيل دولة لليهود فقط في حصر يهدد بمأساة جديدة و هي طرد السكان العرب المقيمين باسرائيل و المعروفين باسم عرب 48.

-لقد كان خلق اسرائيل داخل الأراضي العربية خطيئة كبرى من خطايا القوى الاستعمارية في النصف الأول من القرن العشرين ،و كان استمرار الانحياز الأمريكي -بالذات- إلى جانب اسرائيل في مذابحها المتكررة لأبناء العرب خطيئة أخرى ،و كان إهدار الطرفين -العربي و الاسرائيلي - لفرص السلام المتكررة خطأ مازحا من كلا من الطرفين ،و كل من العرب و الاسرائيليين مسؤول عن الوضع السيئ للفلسطينيين حاليا.

-قضية فلسطين لم تكن نكبة على أهلها فقط ،بل كانت مصيبة على الجيران العرب ، خصوصا بعدما انتهزت الأنظمة العربية الفرصة لشد انتباه الشعوب بعيدا عن فسادها و اخطائها و عدم صلاحيتها لادارة البلاد ،و ذلك بالشعارات التي تشبه "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ،مما ادى إلى تفويت مراحل تاريخية ثمينة كان بامكانها ان تحول دولنا إلى دول ديموقراطية ،و ربما متقدمة أيضا.

-فلسطين لا ينفع معها الحل المطروح حاليا و هو دولتان بحدود مشتركة،فعلى أي أساس يتم رسم الحدود؟ سنة 47 أو 67 أو ما قبل الانتفاضة ؟ ان الحل المطروح الآن لا يجعل من فلسطين -التي ستكون-الا دولة تشبه ارخبيلات المحيط الهندي بعد التوسع الاستيطاني الاسرائيلي -الذي لا يزال مستمرا- في أراضي الضفة الغربية ،فتقطعت فلسطين إلى ما يشبه "الجزر الفلسطينية في بحر اسرائيل". الدولة المطروحة بهذه الهيئة ستتكون من جزيرة غزة الكبرى و مجموعة جزر الضفة الغربية تربط بينها جسور و انفاق، ستكون خاضعة تماما لسلطة الدولة الاسرائيلية و تحت رحمتها ، الدولة المطروحة -حسب آخر معطيات مؤتمر أنابوليس-سيكون عليها بمساحتها المحدودة الخانقة ان تستوعب أبناءها و العرب الاسرائيليين -الذين سيتم طردهم لتحقيق يهودية اسرائيل- بينما ستبقى قضية اللاجئين بلا حل ،و كذلك سيظلم أحد الطرفين- الفلسطيني غالبا -في موضوع القدس التي يراها كل من الطرفين حقا أصيلا ، و لكل منهم اثباتاته التاريخية.

-الحل العادل برأيي سبق ان طرحه الكثير من المفكرين ،و هو دولة واحدة تجمع الفلسطينين و الاسرائيليين في قومية واحدة ،دولة علمانية تتخذ من المواطنة و احترام العقائد و نبذ العنف دستورا لها ، دولة تكون حقا مثالا للانسانية و اثباتا على قدرة الإنسان على التسامي فوق التعصب و القبلية و سيطرة الكهنة.

-ما السبيل لتحقيق هذه الدولة الواحدة الجديرة بالاحترام؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي حقا ان يسأل و تقام من أجله الندوات و المؤتمرات ، اما مجاراة الاسرائيليين في مسابقة :"من تواجد على هذه الأرض أولا؟" فليس بالأمر الحكيم.

-حل القضية يكون بتدويلها ،و اخراجها من قضية تخص العرب إلى قضية تخص الإنسان ،و تحويلها من قضية صراع عربي اسرائيلي إلى صراع بين أنصار المدينة و السلام و المواطنة على جانب ،و أنصار التعصب و التطرف و العنف الديني على الجانب الآخر ،صراع بين الإنسان المتحضر و الإنسان البربري سليل العصور الوسطى ،حيث يحل السيف-الاصدق أنباء- محل الكتب.



#تامر_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تسود الطحالب
- الأوغام
- الرسوم و الأفلام: اساءة أدب أم توضيح بأدب؟؟
- آلهة بلا رصيد
- الحرية النقية
- الاحترام المفقود:لماذا لا تحترم من هو مثلي الجنس؟؟!
- بلاد الشر...ق


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - تامر سعيد - فلسطين .... ليست عربية!!