أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجلة الحرية - القمع والانقماع-الحكاية الثالثة عشر لهلكان العريان-بقلم كامل الجباري














المزيد.....

القمع والانقماع-الحكاية الثالثة عشر لهلكان العريان-بقلم كامل الجباري


مجلة الحرية

الحوار المتمدن-العدد: 2278 - 2008 / 5 / 11 - 11:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يمكن إطلاق أحكام معممة على التاريخ, ولكن ظاهرة القمع والانقماع قد وجدت منذ قرون وترسخت واستمرت إلى يومنا هذا- ويبدوا للمتدبر إنها ستستمر ما لم يفاجئنا التاريخ- مشيرة إلى أن هناك أسباب معممة تخرج أحيانا عن منطق الأشياء فتضطرنا إلى دراسة لامنطقها. استمرار الفعل والعقل القامع والانقماعي في مجتمعاتنا وتمفصله في كل خلية من خلايا حيواتنا يخرج عن منطق التاريخ وعلوم الإنسان الأخرى وهي أدواتنا في تحليل الظواهر والجواهر وفهمها.
توقف عن الكلام ريثما ملأ أقداح الشاي وقدم لي لفافة تبغ آخذا واحدة لنفسه ومازحني قائلا: لا فائدة من الشاي بدون سيكارة وبالعكس فهنالك علاقة جدلية تربط بينهما... أدركت من خلال مزاحه المتفلسف انه يهيئني لموضوعة فيها شيء من الفلسفة فأخذت على نفسي أن اتركه يسترسل غير انني لم استطع إخفاء نظراتي المتسائلة والمستفهمة اعتمادا على أن العم هلكان من الذين (يلكفونهة وهية طايرة) كما يقول المثل الشعبي.
ابتسم ابتسامة خفيفة واستطرد موضحا لست ممن يعتقدون بالتفسير الواحدي ولا بانعزال المناطيق بعضها عن بعض, بل بتفاعلها تفاعلا جدليا في إنتاجها للتشكيلات الاجتماعية- الاقتصادية ووسمها بميسمها. ليس المقصود بذلك تساوي المناطيق في تأثيرها فمازال قانون البنية التحتية يلعب دورا رئيسيا في تحليل وفهم البنى الفوقية ولكن ليس بالفهم المسطح السائد فالمناطيق الأخرى لها استقلاليتها النسبية, ودينامياتها المؤثرة والمتأثرة في صياغة الأحداث. وقد يبرز تأثير واحد من هذه المناطيق أو أكثر ليكون له التأثير الأهم, وعلى العموم فأن ذلك يرجع إلى مجمل النشاط الإنساني والسايكولوجيا الجمعية المكونة لجماعة بشرية معينة, خصوصا إذا كانت موغلة في القدم, أو متطرفة في الاعتزاز بذاتها. وقد يصل الأمر إلى ’’ثبات‘‘ بعض القيم وعومها في بحور الأزمنة اللاحقة لزمانها وان حصلت متغيرات في البنية التحتية وبذلك تشكل كابحا لإنتاج قيم تتطلبها هذه المتغيرات.
تضاحكت مخاطبا العم هلكان (هاي ينراد الهة استكان جاي وجكارة) فبدلا من أن توضح قد أزدتني غموضا. صب لي قدحا من الشاي وقدم لي لفافة تبغ وقال (لا تستعجل على رزقك). وأضاف.. لقد وجدت من خلال معاصرتي للأزمنة المختلفة إن الأشياء تتغير, وان الشيء الدائم هو (إن دوام الحال من المحال) ولكنني قد وجدت القمع والانقماع شيء ’’دائم‘‘ عندنا وهذا مخالف لطبيعة الأشياء, حيث أن طبيعتها التغير والتحول حيث تحمل جرثومة فنائها في ذاتها, فما بال القمع والانقماع عندنا قد شذ عن منطق الأشياء؟ صمت قليلا ثم أضاف:
القمع صفة رذيلة وفي معانيه صرفك عما تريد فعلا وفكرا وقولا وفي نتائجه قهرك وإذلالك وردك حيث يأخذ منك ألانت ويجعلك ألهو. يستلبك ذاتك ويلغيك وفي ذاته يحتويك, فأنت شبح لذاته. ينتج عن ذلك النمطية والتنميط والظلال الباهتة للواحد وبذلك يحل العلاقة مع الآخر بإلغاءه. ينتج هذا الإلغاء الاستبداد وينتج الاستبداد طرفي علاقة لا وسط بينهما, الطرف القامع والطرف المقموع فيكون الثاني نسخة من الأول. تولد هذه العلاقة الشاذة الانقماع أي مطاوعة القمع وتبريره من المنقمع وبذلك يكون المنقمع مازوشيا والقامع ساديا فيتشرب القمع والانقماع في كامل النسيج الاجتماعي والذاتي الفرداني ليصل إلى قمع الجسد والعقل ويتحكم بهما ويشوههما منتجا سيكولوجيا سادية أو مازوشيا أو باجتماع الاثنين في الجسد والعقل الواحد, فيكون النظام العام والخاص شموليا وتدخليا يرسم للذوات مساراتها (فالعثة تفقس ما بين الإنسان وثوب النوم وزوجته وتقرر صنف المولود) ملغية بذلك عبقرية الطفولة الواعية بكل براءتها ومغامراتها المحكومة بالتساؤل الدائم والكشف والاستكشاف فالإنسان يولد على الفطرة ولكن؟!
القمع حقيقة عارية والانقماع حقيقة ملتبسة ومهما اختلفت مناطيقها فان لامنطقها واحد وهو البربرية المتوحشة, فهي السلطة أولا وهي قدس الأقداس وترنيمة السلطوي في السياسة وفي الفكر وفي الجماعة ابتداء وانتهاء بالذات القامعة.
مجتمعات القمع تنتج الشخصية الازدواجية فتوحد النقائض في الذات الواحدة. تخلق شخصيات منافقة وواهنة, عديمة المبادرة, تابعة مطيعة ذليلة, ومتمردة أنانية شرسة وفي ذات الوقت مستهينة بذاتها, إنها مرض جمعي. قلت له: لم هذا الثبات للقمع والانقماع على عكس منطق التاريخ؟ أجاب: ابحث في نمط الإنتاج الراكد والدوائر المغلقة للكثير من الأشياء وقد يكون الأوان قد آن لمثقفيكم وباحثيكم أن يكدوا الفكر ويكدحوا العقل للبحث في آليات اشتغال اللامنطق أي بمعنى تجاوز المناطيق العديدة السائدة فهي صائتة صامتة قد فقدت منطقها ولم يبقى منها سوى الصراخ.
أثارت أفكاره عندي تساؤلات مهمة وجوهرية وددت طرحها عليه غير انه سكت عن الكلام المباح إلى أن يدرك الشعب العراقي وفقرائه نور الصباح .



#مجلة_الحرية (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- افاق الماركسية واليسار ودور الطبقة العاملة في عصر العولمة-بق ...
- فاعل خير؟؟؟!!
- كي لا نتعفن
- الحلاج-العدد الرابع والخامس -مجلة الحرية
- قراءة في اوراق اليسار الديمقراطي العراقي-العدد الرابع والخام ...
- منظمات المجتمع المدني-العدد الرابع والخامس -مجلة الحرية
- مقالات ودراسات-العدد الرابع والخامس من مجلة الحرية-مشكلة كوس ...
- بطاقة شخصية-الحكاية الثانية عشرلهلكان
- الافتتاحية-العدد الرابع والخامس لمجلة الحرية
- (بطران الشبعان)وجواز سفر (هلكان العريان)
- قضية المراة/ قضية الانسان-العدد الرابع والخامس لمجلة الحريه- ...
- حقوق الإنسان: رصد حقوق وحريات المرأة في العراق لعام 2006-الع ...
- من يكسر الجره حكاية هلكان العريان العاشرة و الطنطل وتحولاته ...
- الكتاب العربي-بين الفكر المنتج المتجدد والفكر المستهلك المتج ...
- الذكرى السنوية الأولى لرحيل العلامة ألشيبي- العدد الثالث لمج ...
- ذكاء (قرود)العولمة!!!
- بيان انبثاق حركة اليسار الديمقراطي العراقي- حيد
- مجلة الحرية-المقال الافتتاحي
- جيفارا
- ملاحظات حول قانون النفط


المزيد.....




- إسرائيل تعلن استعادة جثامين رهينتين وجندي من غزة
- بعد الهجمات الأميركية على منشآتها النووية.. طهران تهدد بـ-رد ...
- خبير عسكري: هكذا ألحقت -مطرقة منتصف الليل- ضررا بمنشأة فوردو ...
- كيف علق مغردون على مشاهد الدمار في إسرائيل؟
- تقرير أممي يرصد زيادة غير مسبوقة في الانتهاكات ضد الأطفال
- نيويورك تايمز: 12 قنبلة ضخمة لم تدمر موقع فوردو وإيران نقلت ...
- خريطة دراما رمضان 2026.. عودة قوية لنجوم الصف الأول
- كاتب أميركي: إنها حرب ترامب ومقامرته وحده هذه المرة
- أمير قطر والرئيس الفرنسي يبحثان الهجمات على إيران
- واشنطن مستعدة للتفاوض وأوروبا تحث طهران على عدم التصعيد


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مجلة الحرية - القمع والانقماع-الحكاية الثالثة عشر لهلكان العريان-بقلم كامل الجباري