أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مجلة الحرية - الذكرى السنوية الأولى لرحيل العلامة ألشيبي- العدد الثالث لمجلة الحريه-بقلم :أ.د.جعفر عبد المهدي صاحب















المزيد.....

الذكرى السنوية الأولى لرحيل العلامة ألشيبي- العدد الثالث لمجلة الحريه-بقلم :أ.د.جعفر عبد المهدي صاحب


مجلة الحرية

الحوار المتمدن-العدد: 2185 - 2008 / 2 / 8 - 11:35
المحور: سيرة ذاتية
    


في شهر آب من العام الماضي رحل إلى جوار ربه الأستاذ الموسوعي الدكتور كامل مصطفى الشيبي عن عمر يناهز التاسعة والسبعين , تاركا وراءه نتاجا علميا زاخرا بالعطاء أثرى به المكتبة العربية والعالمية في مجال الفلسفة واللغة والتراث والتصوف بشكل خاص .
إن سبب كتابتي لهذا المقال يعود لدافع الوفاء لهذا الرجل الذي جمعتني معه رابطة الزمالة إذ عملنا سوية قرابة عقد من الزمن في قسم الفلسفة بجامعة السابع من ابريل في مدينة الزاوية الليبية .
ورغم أن الرجل ترك ليبيا و عاد إلى العراق في مطلع القرن الحالي إلا أن صلتي به لم تنقطع,حيث نتبادل الرسائل والمكالمات الهاتفية ، وشاءت الصدفة أن أقضي إجازتي الصيفية العام الماضي في مصر فاتصلت به هاتفيا من القاهرة في السبت الأخير من شهر آب فكانت على الخط زوجته السيدة ( سماح النفطجي ) فعندما سألتها عن أبي طريف شعرت بأنها فرحة باتصالي ، دون أن توضح لي شيئا ، حيث أحسست بأنها فرحة بهذا الاتصال الهاتفي لأنه سوف يلهيه بعض الوقت عن سكرات الموت التي يعانيها , وكان إحساسي مصيبا إذ أعطته الهاتف وقالت له معك فلان على الخط من ليبيا فتكلمت معه مستفسرا عن حالته الصحية إلا أنه تكلم معي برباطة جأش وأسمعني ضحكته المعهودة واسترسل في الكلام بكل بشاشة وهو يسألني عن بعض الأصدقاء الليبيين مثل الشاعر الدكتورابو القاسم خماج والدكتور الطيب الشريف وغيرهما , ومع ذلك أحسست بأنه في حالة صحية صعبة .
وبعد يومين من تلك المكالمة شاهدت على الشريط الإخباري لمعظم المحطات العراقية نبأ رحيل شيخنا ألشيبي.
ونتيجة لظروف العراق الاقتصادية الصعبة خلال فترة الحصار الاقتصادي بعد أزمة الكويت جاء الفقيد إلى ليبيا لغرض العمل فعمل سنة واحدة في جامعة الفاتح بعدها تحول إلى قسم الفلسفة بجامعة السابع من ابريل

حياته:
ولد الدكتور كامل مصطفى ألشيبي بالكاظمية عام 1927 وأكمل دراسته الجامعية الأولية في جامعة بغداد ونال شهادة الماجستير عام 1958 من قسم الدراسات الفلسفية بجامعة الإسكندرية وحصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة كامبريدج في بريطانيا عام 1961 تحت إشراف المستشرق الشهير ( آرثر جون آربري ) رئيس قسم الدراسات الشرقية في الجامعة المذكورة .
عمل الفقيد محاضرا بجامعة بغداد منذ مطلع ستينيات القرن الماضي وتدرج في ترقياته العلمية فيها حتى نال لقب الأستاذية ثم منحته لقب أستاذ متمرس وهو من الألقاب النادرة التي تمنحها جامعة بغداد لأساتذتها المتميزين في مجال البحث العلمي .
وعمل المرحوم ألشيبي بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية لمدة سنة واحدة بصفة أستاذ زميل . وعمل أيضا أوائل سبعينيات القرن العشرين في الجامعة الليبية ( الفاتح حاليا ) . ونتيجة لظروف العراق الاقتصادية الصعبة خلال فترة الحصار الاقتصادي بعد أزمة الكويت جاء الفقيد إلى ليبيا لغرض العمل فعمل سنة واحدة بجامعة الفاتح بعدها تحول إلى قسم الفلسفة بجامعة السابع من ابريل في الزاوية فكانت الفرصة الذهبية أن نعيش سوية سنوات عديدة وبمقربة منه بشكل يومي وتفصيلي إذ كنت رئيسا لقسم الفلسفة طيلة الفترة التي عمل فيها ألشيبي بجامعة السابع من ابريل , فكان الرجل نشطا حاد الذكاء سهل العريكة مرحا طيب النفس سريع النكتة , وهذه الصفات نادرا ما توجد لدى رجل سبعيني .
ومن مواقفه المرحة أنه عندما نذهب لمكان ما أقدمه في مجلس للآخرين واذكر اسمه ومكانته العلمية يبادر هو مشيرا بيده علي " وهذا ولي أمري " .

إنتاجه العلمي:
للمرحوم ألشيبي بحوث علمية معمقة عديدة يصعب سردها لكثرتها بالإضافة إلى مؤلفاته الكثيرة أذكر منها كتابه ( الصلة بين التصوف والتشيع ) الذي ترجم إلى الإنكليزية والتركية والفارسية وأثار لغطا كثيرا في الأوساط العلمية بين قادح ومادح كل حسب هواه.
ومن كتبه الحب العذري وصفحات مكثفة من تاريخ التصوف والبهلول الكوفي سيد عقلاء المجانين , ورباعيات الخيام باللهجات العامية العربية , والعجلي العضلي أول مظلي في التاريخ وديوان القومة وديوان الدوبيت الذي نال جوائز عالمية وعربية والفكر الشيعي والنزعات الصوفية وحقق رواية دون كيخوت وديوان الحلاج وكتاب الطواسين , وحقق كذلك ديوان الكان وكان وديوان الشبلي البغدادي , وعلى أثر هذه التحقيقات لقب ألشيبي بعاشق المهمشين في التاريخ .
ونقلت لنا زوجته خبرا يقول بأن أبا طريف في أيامه الأخيرة وضع مخطوط كتاب على الطاولة تحت عنوان ( عن الموت ) أوصى بطبعه بعد وفاته. وأوصى أهله بأن تفتح مكتبته العامرة بنفائس الكتب للباحثين وطلاب العلم .
إن من يتعامل مع ألشيبي يشعر بأنه مثال للإنسان المتفتح الوافر العطاء الجواد في الإرشاد والتوجيه من غير تكبر إذ كانت الكياسة والتواضع من أبرز خصاله, فهكذا كان الفقيد مع زملائه وطلابه.

سامرائي لا يعرف الملوية :
وكما كان ألشيبي مبدعا بصنعة التأليف كان أيضا من المبدعين بصنعة التعليم الجامعي بشقيه الأولي والدراسات العليا , وبهذه المناسبة أذكر واقعة حدثت عام 1999 , فقد كانت مادة التصوف مسندة إليه في الدراسات العليا منذ بضع سنوات , ففي ذلك العام عاد دكتور ليبي شاب بعد أن حصل على الدكتوراه في التصوف من بلد عربي مجاور لبلده وأصر على تدريس تلك المادة بدلا من الشيبي دون أن يعرف قدره , وهذا مؤشر واضح بأن الدكتور اليافع أشبه برجل يدعي أنه من أهل سامراء ولا يعرف المأذنة الملوية , هكذا كان واقع الحال لأن من يذكر مادة التصوف في الأوساط الأكاديمية على مستوى الوطن العربي لا يمكن أن يتجاوز الدكتور كامل مصطفى ألشيبي إطلاقا .
إن تصرف الدكتور الشاب جعل أساتذة القسم بموقف محرج وأصابني شخصيا إحراج مضاعف بسبب موقعي كرئيس للقسم لكن شيخنا ألشيبي بدد إحراجنا جميعا عندما تنازل عن تدريس تلك المادة بكل رحابة وطيب خاطر. ورغم موقف ألشيبي إلا أن هذا لا يعني أن القسم لا يستغل وجود رجل من هذا الطراز للاستفادة منه في الدراسات العليا فأسندت له مادة غير أساسية ( دراسات مستقلة ) ولكن إسناد هذه المادة غير الأساسية للشيبي سجلت حدثا لا يمكن نسيانه إذ انتهت السنة الدراسية وكانت المفاجأة حيث هرع طلاب الدراسات العليا من الأقسام الأخرى ( غير قسم الفلسفة ) بتصوير المادة التي ألقاها ألشيبي على طلبته . وانتقلت عدوى التصوير إلى الأساتذة وكاتب هذه السطور واحد منهم , لأنهم وجدوا فيها زادا علميا دسما . وذلك لغزارة المعلومات وموسوعية فكر المحاضر .
إن مفردات المادة غير الأساسية ( دراسات مستقلة ) جعلها ألشيبي تتضمن تحقيق المخطوطات , وتعليم حساب التاريخ الشعري ( كيف يكتب التاريخ بكلمات الشعر ) وهذا يتطلب تعليم الطلاب ما يقابل حروف العربية بالأرقام , وتضمنت المحاضرات أيضا العلامات والرموز لدى الكتاب العرب قديما وحديثا , وجداول بعلامات التنقيط والترقيم الروماني وحروف الأبجدة والأبتثة ( حروف الجمل ) والمصطلحات الفلسفية واليونانية والإنكليزية واشتقاق العربية من الآرامية ومقارنة بين الحروف العربية والحروف السبئية مع تعليم الطلاب كتابة أسمائهم واسم جامعتهم بتلك الحروف , وترتيب الحروف في كتاب العين للخليل بن أحمد الفراهيدي وأصول كتابة الجمل الاعتراضية وغيرها من المواضيع التي يشتاق لها كل كاتب أو باحث .

خوفو وخفرع ومنقرع :
كان قسم الفلسفة في جامعة السابع من ابريل من أرصن أقسام الفلسفة على مستوى الوطن العربي لوجود ثلاثة أساتذة أجلاء يعملون فيه : أ . د . كامل مصطفى ألشيبي و أ. د . جعفر مرتضى آل ياسين و أ . د . كريم متي , وهؤلاء الأعلام الثلاثة كان يتوافد عليهم باستمرار طلاب الجامعات الليبية للاستشارة .
كان د . جعفر آل ياسين يعتني بهندامه كثيرا على الطريقة الأكسفوردية ( نال الدكتوراه من جامعة أكسفورد ) في حين أن د . ألشيبي لم يعط الهندام شأنا وهو ذو روح شعبية ميالة إلى البساطة وكذلك د. متي .
جميعا كنا نسكن في الحي الجامعي الذي يبعد حوالي ثلاثة كيلومترات عن مبنى الكلية , وغالبا ما أنقل الشيوخ الثلاثة معي في سيارتي الخاصة , فالشيبي ومتي يدفعون بآل ياسين أن يجلس في (الصدر ) وهما يجلسان في القسم الخلفي من السيارة , وفي ذات يوم وبشكل مقصود حاولت أن أفجر لغما من المزاح معهم فقلت لهم يبدو أنكم متشددون وملتزمون عمريا لأنكم تجلسون في مقاعد السيارة حسب تدرج أعماركم . أجاب ألشيبي على الفور لا هذا خوفو ( وأشار إلى كريم متي ) وأنا خفرع وهذا جنبك ( يقصد آل ياسين ) منقرع وأضاف بالعامية " هذا بجنبك النونو مالنا " لقد ضحكنا لقول شيخنا ألشيبي ذلك القول الذي يدل على سرعة البداهة وطيبة النفس وخفة الحديث الذي لا يخلو من الدحة والمرح .

فضل لا ينسى :
في أحد الأيام وجدني في بيتي منهمكا في ترجمة مقال فقال ماذا تعمل ؟ فأجبته بأني أعد مقالا لصحيفة البوليتيكا اليوغسلافية فسألني مرة أخرى وماذا تكتب ؟ قلت له عن أزمة البوسنة التي كانت مشتعلة عام 1993 . فقال لي من الأفضل أن تكتب عن قضاياهم بالعربية وتكتب عن قضايانا باليوغسلافية .
لقد كانت كلماته المعدودات عاملا كبيرا في تبديل نمط تفكيري الأكاديمي فأخذت أكتب عن البلقان باللغة العربية فصدرت لي ثمانية كتب بهذا الشأن وأصبحت بفضل ألشيبي خبيرا أكاديميا في الشؤون البلقانية , ومما يذكر أن كتابي الأول ( الصرب الأرثدوكس الطائفة المفترى عليها ) كتب الفقيد تقديما جميلا له .
هكذا هم المفكرون المبدعون من أمثال فقيدنا المرحوم كامل مصطفى ألشيبي ينثرون الخير ويرشدون الآخرين بروح من التواضع والسمو بلا تكبر.
رحم الله ألشيبي الذي عاش مبدعا فذا وترك لنا كنوزا علمية خالدة , وسيبقى بعد موته يعد حينما يعد رجالات العراق المبدعون ومفكروه .



#مجلة_الحرية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكاء (قرود)العولمة!!!
- بيان انبثاق حركة اليسار الديمقراطي العراقي- حيد
- مجلة الحرية-المقال الافتتاحي
- جيفارا
- ملاحظات حول قانون النفط
- نقاط حرجة كاظم البياتي


المزيد.....




- ماذا قالت المصادر لـCNN عن كواليس الضربة الإسرائيلية داخل إي ...
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل
- CNN نقلا عن مسؤول أمريكي: إسرائيل لن تهاجم مفاعلات إيران
- إعلان إيراني بشأن المنشآت النووية بعد الهجوم الإسرائيلي
- -تسنيم- تنفي وقوع أي انفجار في أصفهان
- هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني - لحظة بلحظة
- دوي انفجارات بأصفهان .. إيران تفعل دفاعاتها الجوية وتؤكد -سل ...
- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مجلة الحرية - الذكرى السنوية الأولى لرحيل العلامة ألشيبي- العدد الثالث لمجلة الحريه-بقلم :أ.د.جعفر عبد المهدي صاحب