هلوسه يسارية

محمود حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2249 - 2008 / 4 / 12 - 03:06
المحور: كتابات ساخرة
    

مع العلم بأن العنوان لايتماشى مع بعضه من باب أن اليسار العلمانى يخضع لمنهج علمى فى التفكير طبقا لقوانين معينة ورغم إدراكنا لذلك فنحن نسير فى موضوع الهلوسة ربما من باب التندر وربما السير فى الهلوسة يكون مبعثه إدخال مواضيع غير مرتبطة مع بعضها ولكنها فى النهاية مواضيع يسارية ، الموضوع الأول يخص الاقتصاد السياسى ول أدعى شرف المهنية فى هذا الموضوع ولكن هناك سؤال شائع على لسان رجل الشارع اليسارى مفاده أنه يجب توافر شروط معينة لقيام نهضة إنتاجية وهذه الشروط أولها توافر التراكم الرأسمالى وثانيها توافر اليد العاملة وثالثها توافر المواد الأولية أو المادة الخام ورابعها توافر العقول وإذا كانت كل هذه العوامل متوفرة لدينا فلماذا لانقيم نهضتنا الصناعية أو الانتاجية؟ ربما طرح هذا السؤال قبلا فهو من البديهيات فى مجتمعنا الحالى وربما تم الاجابة عليه ولكن هذه محاولة منا للاجتهاد فى الرد على هذا السؤال وليكن ردنا بقدر الامكان مقبولا فكرا وموضوعا ، مبدئيا يجب الاشارة فى الاجابة إلى الصراع الرئيسى بين الامبريالية( الرأسمالية العالمية)- وبين القوى المستلبة من هذه الامبريالية بقيادة الطبقة العاملة وحلفائها الطبيعيين الواقعين تحت نير الاستغلال. ثانيا : أن كل طرف من أطراف الصراع يديره لمصلحته محاولا تحقيق النصر على الطرف الآخر من الصراع من خلال ممارسته ووعيه الموضوعى وحسب هذا الوعى بمعرفة كل طرف بحاله ومعرفته بحال الطرف الآخر فكل يمارس سياسته لتجميع قواه وتفريق قوى الطرف الآخر(من خلال حركة إنجذاب وإنتباذ للأطراف المتصارعة) . ثالثا: كل طرف من الأطراف يعى حتميته التاريخية فالطرف التى تقوده القوى العاملة يعى حتمية التحول نحو الاشتراكية كحتمية تاريخية وعاجلا أم آجلا ستنتهى الرأسمالية التى دخلت فى مرحلة أزمتها منذ فترة ليست بالقصيرة. بالمثل فإن الرأسمالية تعى هذه الحقائق وتبحث عن الطرق والحلول التى تؤبد بها نظامها بكافة الوسائل حتى لو كانت هذه الوسائل أكثر وحشية. رابعا: طرفى الصراع إتخذ من العالم ( الكون) مسرحا له لوعيه لهذه الحقيقة فمنذ بداية الصراع أطلقت الطبقة العاملة صيحتها .. يا عمال العالم إتحدوا.. فى المقابل جعلت الرأسمالية من الكون مسرحا لها وقسمته بين مركز منتج للسلع ( يضم هذا المركز ثلاث قوى رئيسية هى أمريكا أوربا اليابان ) ومحيط مستهلك لفائض هذا الانتاج أى جعل هذا المحيط سوقا لتصريف فائض بضاعة المركز وبالضرورة لكى يكون المحيط مستهلكا لابد أن يكون لدية القوة الشرائية والتى سوف تكون دون الخوض من بيعه لمواده الأولية المتوفرة لديه والتى يحتاجها المركز فى عمليته الانتاجية (هذه المواد الخام وهذا السوق كان من أسباب الاحتلالات العسكرية للاستعمار فى القرن الثامن عشر والتاسع عشر مرورا بحركة التحرر الوطنى فى القرن العشرين ثم الاحتلالات العسكرية فى بداية هذا القرن الواحد والعشرين ) وطبعا أهم مادة أولية متوفرة فى المحيط فى الوقت الراهن هى النفط عنصر الطاقة الرئيسى الآن من بعد المرحلة الفحمية والتى يتوفر معظمه فى منطقتنا العربية أو الشرق أوسطية.عودة إلى السؤال فى البداية للتذكرة وهنا نقول أن أهم عنصر لدفع أى عجلة إنتاج هو رأس المال المتوفر لدينا مع بقية العناصر فكيف لانقيم نهضة حقيقية؟ من السابق فى ممارسة لأدوات الصراع قامت الرأسمالية المتوحشة بإستهلاك الرأسمال العربى حتى لايتراكم فى الآتى:- 1- زرع عدو محتل فى فلسطين لادارة صراع عربى- إسرائيلى يستهلك جزء من التراكم الرأسمالى لصالح الرأسمالية فى تشغبل مصانع إنتاج الأسلحة. 2- فى وجودها طرف فى هذا الصراع قامت بإنشاء صراع إقليمى آخر بين العراق وإيران للهدف نفسه وهو إمتصاص التراكم الرأسمالى العربى الخليجى فى التسلح وهو ما يصب فى النهاية لصالحها حيث أصبحت المورد الرئيسى للسلاح( دون الدخول فى تكسير القوة الايرانية منذ عهد الشاه ) .3- توجيه التراكم الرأسمالى العربى فى إستثمارات غير منتجة وتستهلك فائض كبير مثل الاستثمار العقارى والذى ينتج شكلا حضاريا راقيا دون أن يؤدى إلى إنتاج سلعة أو تشغيل يد عاملة فى هذا الاستثمار العقارى وهو ما يستنزف جزءا كبيرا من التراكم الرأسمالى. 4- جعل المنطقة مركز للتسوق العالمى حتى يتم إستنزاف للثروة عن طريق السلع الغير عادية بما يصحب هذه المراكز وهذه السلع م ن سياحات ترفيهية بكل ماتحمله كلمة ترفيه من معان. 5- الاحتلال المباشر ودفع المنطقة فى صراعات ثانوية ازجها فى حروب أهلية ونزاعات طائفية ومذهبية تجعل من الهاجس الأمنى أساسا لاستنزاف الموارد. وهنا يكون الاجابة على السؤال بسؤال آخر عندما يتم إستهلاك الفائض هل تستطيع القيام بنهضة صناعية؟ .

#محمود_حافظ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات