أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رجا زعاترة - مسابقة – انتلكتوالية – في المعلومات















المزيد.....

مسابقة – انتلكتوالية – في المعلومات


رجا زعاترة

الحوار المتمدن-العدد: 697 - 2003 / 12 / 29 - 04:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الدنيا كلها.. منصة
كما لو كنا نجلس في قاعة كبيرة مجهزة بالوسائل التقنية الأحدث، نشاهد المشهد الأخير من المسرحية الشكسبيرية التي ينتجها البيت الأبيض، كلنا حضرنا مراسم اعتقال صدام، كلنا جزء من هذا المشهد.. فالجمهور هو جزء حيوي من العرض، يصفق أو يبكي، يحتج أو يشجع، هذه هي طبيعة الجمهور الشكسبيري وتلك هي الديناميكية التي تميزه.

حين تشاهد/ين مسرحية لا تروق لك، بامكانك الإنسحاب من القاعة بشكل تظاهري، الأكثر جرأًة منا قد يطالبون بتعويض عن التذكرة التي أهدر ثمنها، هذا في المسرحيات التي تعرض على المنصات، ولكن حين نتحدث عن مسرحية "حقيقية"، فالمسألة تكون أكثر تركيبًا: إنه الواقع الذي لا يمكنك الإنسحاب منه، يمكنك التماهي معه أو منهاضته، وفي عصرنا المهتوك هذا، حيث لا مكان للمناهضة في الحيز المتاح، يمكننا الإستكفاء مؤقتًا بالمقاومة، وهذا اضعف الإيمان.

وغالبًا ما ترتاد المسرح مجموعة متخيلة اصطلح على وسمها بالثقافة، كذلك الأمر بالنسبة لمرتادي السياسة ممن اصطلحوا على اعتبار انفسهم.. كيف نقولها.. ليس مثقفين (باعتبار إن هذه الكلمة فقدت بعض بريقها) وانما intellectuals، وهذه القبيلة الصغيرة لا يمكنها أن تكون ضمن العامة من الجمهور، فهذا يتنافى وانتلكتواليتهم المفترضة.

وقد أسعف الحظ الأقلية الأصلانية الفلسطينية داخل اسرائيل، بتشكُّل وتبلوُر بعض ملامح الإنتلكتوالية أعلاه، على غلاف فضائها الجمعوي ، لا سيما عضو الكنيست بشارة، الذي بالإمكان اعتباره انتلكتوالاً هامًا وبحق، خاصًة إنه قلمّا توفرت في شخص واحد مهارات كتلك التي يتمتع بها، ناهيك عن الكم الهائل من المعلومات التي يخزنها، إلاّ إن هذا كله لا يعفيه من الإجابة على السؤال الأخلاقي المحيِّد للدرجة الأكاديمية وسلالم التدرج الإنتلكتوالي: ما هو موقفك السياسي؟

سياق متأمرك

لأول وهلة، السطور الكثيرة التي عنونها عضو الكنيست بشارة باقتباس لمقولة موظف ادارة بوش في العراق بول بريمر  "سيداتي سادتي امسكنا به" (19/12/03)، تكاد تفتقر للموقف السياسي، وتلك السطور مليئة بالمعلومات المستعرضة – مع مراعاة البون بين العرض والإستعراض - عمّن يرى فيهم نظراء صدام حسين في الدكتاتورية، نراه يسرد أقاصيص الإمساك بموسوليني وانتحار هتلر، بالسنة والشهر واليوم. معلومات هامة بلا شك، وهي – لأول وهلة أيضًا – موضوعية، نقول لأول وهلة لأنها موضوعية فقط في حال انتزاعها من سياقها: سياق المسرحية الشكسبيرية التي أعِّدت للتغطية على النوايا الإستعمارية المبيتة لتلك الحرب التي قيل أولاً إنها للقضاء على أسلحة لم تُجد بعد، ثم قيل إنها لتخليص الشعب من الطاغية، ثم لتشييد نظام دمقراطي في العراق ومن يدري ماذا ستكون الذريعة القادمة.

يذهب عضو الكنيست بشارة الى ما هو أبعد من وضع حرب العراق في سياق حرب العالم الحر الدمقراطي على الدكتاتورية والإرهاب، حين يردف الحديث عن هتلر وموسوليني بالحديث عن ستالين وتشاشسكو، ولست هنا في صدد الدفاع عن قادة الدول الإشتراكية التي قمعت شعوبها، ولكن الكاتب الذي يندم على ماضيه غير البعيد الذي أُخضِع فيه كل شيء للتناقض الرئيس بين الرأسمالية والإشتراكية لا يتورع عن إخضاع استعراضه للتناقض الجديد-القديم بين الدمقراطية والدكتاتورية، لذا يكتب إن ستالين هو أعتاهم (وضمير "هم" يعود للدكتاتوريين) ، هكذا يصبح ستالين رديفًا لهتلر، وهذه الرؤية كانت أحد محاور الدعاية الإمبريالية ضد الكتلة الإشتراكية، وإن كان هذا لا يكفي فهاكم المحور الجديد وهو إن سياق اعتقال صدام هو سياق صراع الدمقراطية والحرية مع الدكتاتورية، وليس سياق الإستعمار والهيمنة، ليس سياق الهجمة على العالم العربي تحت كنف 11 سبتمبر، ليس سياق القول إن السياسات الإستعمارية هي الب الشرعي تاريخيًا لأنظمة كنظام صدام، حتمًا ليس سياق التأكيد إن الدكتاتورية قد تنجز بآليات دمقراطية شكلاً كالقرارالذي اتخذته دول جميع مواطنيها (فرنسا) بمنع مواطناتها المسلمات من إرتداء الحجاب في المؤسسات التعليمية

لا تحتاج لنظرة ثاقبة لملاحظة التقارب المثير بين مشهد اعتقال صدام كما بثته شاشات امريكا واسرائيل وبين السياق الذي يستعرضه عضو الكنيست بشارة: الدمقراطية ضد الدكتاتورية، العالم الحر يحاسب الطغاة، هذه هي المعادلة التي استغلتها ادارة بوش قبل الحرب حين راهنت على استنساخ التعاضد الأنجلو-سكسي ضد النازية والفاشية فترة الحرب العالمية الثانية، وهذه هي الغنيمة التي يلوح بها بوش لناخبيه.

بالإمكان استشفاف الإبتذال في موقف عضو الكنيست بشارة بالإشارة لِما كتبه هو نفسه في مؤَلَفه "طروحات عن النهضة المعاقة":
"والوعظ بالدمقراطية للعالم العربي من داخل دولة مثل اسرائيل هو مهمة سهلة، لكنها أيضًا رخيصة ومتزلفة ومتلونة..... لتجاهلها الفضيحي لحقيقة انطلاقة هذا الوعظ من دمقراطية ليست دمقراطيته..... وتجربة ممارستها المحدودة جدًا "للسلطة" على المستوى الإجتماعي والبلدي لم تحمل معها بشائر دمقراطية نامية في المؤسسات وفي النفوس. إنه وعظ دمقراطي وتبشير بالدمقراطية من دون دمقراطيين."


نقدية انتقائية

نعود للمسرحية والى مشهد الأعلام الحمر التي رفرفت فرحًا لإعتقال صدام، صحيح إن ممارسات حاملي الأعلام تغلبت فيها ارتجالية العاطفة على حسابات السياسة، لذلك فهي ممارسات غير صائبة لأنها ليست موقف سياسي بقدر ما هي تعبير عفوي، ولكن تسليط الأضواء على الأعلام الحمراء لم يأت بمحض الصدفة، وإنما هو جزء من المسرحية، (حتى الحزب الشيوعي يفرح باعتقال الطاغية) والحقيقة هي إن غالبية الشعب العراقي رأت في اعتقال صدام انتقامًا شخصيًا على عقود طويلة من القمع الوحشي، وكم بالحري حين نتحدث عن الشيوعيين الذين عانوا الأمرين جراء سادية النظام البعثي.

عضو الكنيست بشارة، كغيره من المصابين بداء العداء للشيوعية، ينقض على هذا المشهد ويقص علينا بشكل حنيني (من الحنين بمعنى النوسطالجيا) كيف كان يتعاطف مع رفاق الحزب الشيوعي العراقي حين كان هو عضوًا في الحزب الشيوعي الإسرائيلي يدرس على حساب إحدى الدول الإشتراكية، وها هو اليوم ينتقد الرفاق العراقيين ونفسه لأنهم كانوا "في ضيافة دكتاتوريات سوفييتية أعتى وأكثر دموية من نظام صدام حسين"، وهل الأنظمة العربية التي تستضيف عضو الكنيست بشارة اليوم هي أكثر دمقراطية من الدكتاتوريات السوفييتية؟ هل أطلق سراح المعارضين المسجونين في المزة وغيرها من معتقلات نظام الأسد؟ هل ضربت الحريات السياسية أطنابها في قطر؟ هل تكون الدكتاتورية حلالاً اذا مارستها الأنظمة التي يتملق لها عضو الكنيست بشارة وتغدو حرامًا اذا مارستها الأنظمة الإشتراكية؟ هل اغفل صاحبنا، بقدراته الإنتلكتوالية الفذة، هذه التناقضات الصارخة؟

الدمقراطية الوحيدة التي يعرفها عضو الكنيست بشارة هي الدمقراطية اللبرالية، كما أشار هو في الماضي، وبالمناسبة هذه المقدمة تصلح لمنطق الهزيمة المسمى ما بعد الحداثة: هناك حداثة واحدة ودمقراطية واحدة، وبحسب عضو الكنيست بشارة بامكاننا إما الإعتراف بها وبتخلفنا عن مواكبتها أو انكارها والهروب الى عالم الغيبيات، والإعتراف هنا لا يقتصر على كون الحداثة مرحلة حاسمة في مسيرة التطور الفكري في العالم الغربي وإنما الإعتراف بصحة التيار المنتصر فيها وهو القطب الرأسمالي، والدمقراطية الرأسمالية هي فعلاً الوحيدة التي يمكن لنيو لبرالي من نوعية عضو الكنيست بشارة أن يدعي معرفتها، ذلك إنها الوحيدة - في عصر العولمة - التي تمتلك المقومات المادية والسياسية لإستيعاب عضو الكنيست بشارة وغيره من النخبويين العرب في مكان ما على هامش هوامش تعدديتها، استيعاب سرعان ما يتحول الى احتواء ما يزعم هؤلاء تمثيله من الناس والقضايا.

أحقية

يحق لعضو الكنيست بشارة أن يروج للبرالية الدمقراطية الرأسمالية، يحق له ان يستعرض معلوماته وطروحاته عمّا يجمع هتلر وستالين وصدام حسين، يحق له القفز من الدكتاتوريات السوفييتية الى الدمقراطيات الغربية مرورًا بالقراداحة والدوحة، يحق له مضع مقولات دعائية امبريالية معلوكة لم تعد تقنع الغرب نفسه، يحق له أيضًا أن يناقض نفسه وأن يمنتج فكره بما يتلائم ومتطلبات النيو لبرالية، يحق له كل هذا وأكثر، ففي نهاية المطاف يحق للإنتلكتوال ما لا يحق لغيره!


* كاتب فلسطيني من مدينة حيفا



#رجا_زعاترة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في ثورية ((الثورة الدستورية)) الإسرائيلية
- عن التيارات الفكرية في الحركة النسوية: من الليبرالية الى الم ...
- بين الديمغرافية والديمقراطية
- بين قبعة بوش وسجائر شارون..
- المرأة في الإعلانات التجارية: تكريس الآراء المسبقة أم -تحرر- ...


المزيد.....




- وزير الخارجية الفرنسي يستهل جولته في الشرق الأوسط بزيارة لبن ...
- مفتي سلطنة عمان معلقا على المظاهرات الداعمة لفلسطين في جامعا ...
- -عشرات الصواريخ وهجوم على قوات للواء غولاني-.. -حزب الله- ين ...
- مظاهرات حاشدة بتل أبيب تطالب بصفقة تبادل
- أوكرانيا تطلب من شركة ألمانية أكثر من 800 طائرة مسيرة للاستط ...
- زواج شاب سعودي من فتاة يابانية يثير تفاعلا كبيرا على مواقع ...
- بعد توقف 4 سنوات.. -طيران الخليج- البحرينية تستأنف رحلاتها إ ...
- ماكرون يعتبر الأسلحة النووية الفرنسية ضمانة لبناء العلاقات م ...
- مقتل 5 أشخاص على الأقل وإصابة 33 جراء إعصار في الصين
- مشاهد لعملية بناء ميناء عائم لاستقبال المساعدات في سواحل غزة ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رجا زعاترة - مسابقة – انتلكتوالية – في المعلومات