أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غسان المفلح - ثرثرة خارج خط التماس!















المزيد.....

ثرثرة خارج خط التماس!


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 2239 - 2008 / 4 / 2 - 10:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هذه الثرثرة أوحى لي بها مقال للمفكر المغربي عبد الإله بلقزيز في صحيفة «الحياة» تاريخ 7/3/2008، في عنوان مقاله «ثرثرة حول الدولة» ينقد فيها النخب التي حتى اللحظة لا تستطيع التمييز بين السلطة وبين الدولة، وينقد مفاهيمهم عما يسمى المجتمع المدني. وتعريفاته البعيدة عن متناول الجمهور، ليست بالمؤدى الأخير صحيحة. يريد بلقزيز أن يقول لنا إن ما نشهده من فورة إنتاجية على الصعيد (المعرفي والأيديولوجي) ليس سوى تكرار لنسخة شعبوية. أي باختصار شديد دون أن نظلم صاحب المعنى: إننا أمام شعبوية نضالية جديدة، تفتقر إلى العمق المعرفي في حقيقة ما تتداول من مفاهيم واصطلاحات. بغض النظر عن موافقتي أو عدمها على السياق المفهومي والإيديولوجي لأطروحته هذه، فإنه من الواضح أنه لازال لدينا وضعا، ملتبسا علينا الدخول إليه من أجل إيضاحه: هذا الوضع يتعلق بمفهوم الفضاء الإسلامي والعربي عن نفسه، وعن العالم.
منذ أن حلت المؤسسة البحثية والتعليمية والأكاديمية للسلطة العربية، وتغلغلت في قلب المجتمعات العربية، وهي تزيح عن كاهلها محاولة لملمة أعمال المثقفين العرب، الفردية، ومهما كانت طموحة، مهما كانت ذات خلفية معرفية قل نظيرها من حيث العمق والفهم والشمولية في قراءة التراث العالمي حول الإشكاليات التي تواجه العالم العربي.وكل محاولات الاحتفاء بمثقف فردي عربي، قامت به مؤسسات غربية، وهذا للأسف يترك انطباعا عند هذه الشعبويات التي لم يتحدث عنها بلقزيز، أنها بمحاولات فردية هنا وهناك قادرة على استنهاض الهمم، وأن تهمين هذه المحاولات الفردية على فكر الجمهور، أو المجتمع إن شئتم. نحن لا نعتقد أن أسباب إجهاض النهضة الأولى في مطالع القرن العشرين سببها عدم فهم أصحابها لإشكالية الدولة والمجتمع وما يلحق بهما.بل أسبابها تكمن في المنع الذي حدث وبغض النظر عن أسبابه وأصحابه، المنع من مأسسة هذه المنتجات النهضوية، متى أصبحت بعض أسماء هذه النهضة تدخل أروقة التعليم في العالم العربي؟ وبمناسبة عيد المرأة متى دخل قاسم أمين الدرس المؤسسي في العالم العربي، وهل دخل؟
نحن لا نعتقد ذلك.
ليس كل فكر ذو فهم عميق وصحيح «نسبيا» للواقع قادرا أن يتحول إلى سلطة أدبية اجتماعية بدون وسائل إيصال. وليس عدم تحوله أيضا يعني أنه لا يستطيع التمييز بين المفاهيم.
لنعط أنفسنا فرصة، أو فسحة في التفكير ببداهة بسيطة، وهي انتهاء دور المثقف الرسالي لتحل محله مؤسسات قائمة بذاتها. وهذه النهاية المأساوية في مجتمعاتنا يجب النظر إليها كإفراز للدك والهدم الذي تعرضت له مجتمعاتنا التقليدية منذ حقبة الاستعمار التقليدي. وكي ندلل ببساطة على ما نقول: المثقف الرسالي يبحث عن مؤسسة تحتويه وتحتوي طرق إيصال فكره لأوسع قطاع مجتمعي، وهذه المؤسسات لها رسالة ولكنها ليست مؤسسات رسالية! ميزة من ميزات المثقف الرسالي، انه يحمل رسالة لتحقيق مجتمع مثالي،يتقاطع لدينا نموذجان في هذا الشأن الأول- النموذج اليساري» نحو مجتمع مثالي ليس له نسخة مطابقة أو شبيهة أو قريبة منه في الواقع العالمي المعطى» ونموذجه الاشتراكي.
الثاني- هو النموذج الإسلامي وتقاطعاته القومية وغير القومية، يريد مجتمعا مثاليا كما يرى هو حال المجتمع الإسلامي في العهد التدشيني الراشدي وما بعده، وبذلك نموذجه خلفه وليس أمامه، ولكن محاولته أن ينقله بقضه وقضيضه لكي يصبح أمامه وهذا هو ضرب من المحال. المؤسسات لا تهتم بأحلام وصور مثالية لا تجد رموزها في الواقع المعطى. ولنا في الغرب مثالا: هنالك من يقول بموت الفلسفة، في الواقع أن الذي مات هو الفيلسوف الشمولي، الذي يتقاطع مع المثقف الرسالي في أنه يريد صورة للعالم يرسمها وفق ترسيمة، لها ثلاثة آباء في الحقيقة: أفلاطون ثم هيغل ثم ماركس، وما تبقى هو تفريعات شمولية على هذا المنحى. أما ما بقي لدينا هنا في شرقنا العربي والإسلامي: المتفلسف الإسلامي بنموذجه الذي تحدثنا عنه.
وهذا المتفلسف يحاول أن ينشىء تصوره للمستقبل بناء على منجز كله وبكل رموزه وتفاصيله قد اختبره التاريخ في الماضي، وهذا بات وضعه مثيرا للشفقة من زاوية أن داعية إسلامي كعمرو خالد يجرف في صورته التلفزيونية: ألوف مؤلفة من المتفلسفين الإسلاميين، دون أن تهز صورته. البساطة لأنه يتكئ على مؤسسات السلطة العربية والإسلامية. ثم أن هذه الفسحة تحيلنا إلى قضية لا بد من أن نعيرها الاهتمام: الثقافة عموما تحولت إلى رأسمال: إما رابح أو خاسر؟ إنها تقنية فجة ولكنها مسيطرة ومهيمنة أيضا، مسيطرة بحكم اعتمادها على القوة- قوة السلطة- ومهيمنة بفعل قدرتها على التعاطي مع الرموز اليومية للكائن الاجتماعي من أجل أن تربح معاركها السلمية. الطريف بالأمر في موضوعنا هذا: أنه لازالت هنالك أحزاب كلها بقضها وقضيضها: تريد أن تلعب دور المثقف الرسالي، وهذه لها شجونها في عالمنا العربي، لأنها أخفت وتخفي خلفها أخطر أعداء الحرية بكل مستوياتها العملية.
المؤسسات ليست في يد المثقف الرسالي، ولن تكون!
والغرب المهيمن بكل حمولاته، يتعاطى مع الواقع المتخلف لمجتمعاتنا، بطريقتين: الأولى تحت الطاولة وهي لا تهمنا، إي حاجته لعملاء أفراد، وهذا الأمر يجيد المثقف العربي المعارض (والسلطوي) التحدث فيه وجعله أساسيا في علاقة الغرب بنا، وهو مستوى ضيق، وبات مكشوفا ولعه هذا بكشف المؤامرات الغربية المكشوفة أصلا.
أما الطريقة الثانية: فإن الغرب يريد عموما التعاطي مع مؤسسات، ذات نفوذ وهيمنة في الشارع العربي. وكان حتى وقت قريب ولازال بعضا من هذا الغرب لا يرى في العالم العربي مؤسسات باستثناء أجهزة السلطة العربية. وهنا مفارقة بدأ تتكشف بعد أن أصبح العالم كله غربا، أي بعد انتصار العالم الحر على المعسكر الشرقي. لكن ما يحدث الآن أن أجهزة السلطة العربية باتت أكثر كلفة لهذا الغرب، لكن الغرب أيضا يحتاج إلى وقت لكي يستطيع أن يفكر بالواقع فيما استجد به، وكي يجترح أساليب وآليات تعاطيه مع الواقع الجديد، يسمونه بعضهم النظام الدولي الجديد، الذي لم تستقر روابطه وآلياته ومراكز نفوذه بعد.
كما أننا يجب ألا ننسى أن أجهزة السلطة العربية هذه امتلكت وتمتلك القدرة على الاستفادة من هذا الغرب، حتى في أن تعيق استراتيجيات هذا الغرب، من أجل أن تبقى الطرف الوحيد الذي يلجأ إليه هذا الغرب، سواء لتحقيق استغلاله للشعوب- على حد تعبير اليسار عموما- أو من أجل إقامة عالم من الاستقرار والسلام والديموقراطية! وهذه لا تلتقي أبدا مع مصالح السلطة العربية، مفترضين في أن الغرب هو الهدفين معا وفي تجادل لا ينقطع تماما كصيرورة الحياة، التي تقول لنا «كشعوب عربية» علينا أن نفكر في هذا العالم ومن خلال ما أنتجه وينتجه وما سوف ينتجه.
لقد باتت السلطة العربية تعي أكثر من أي وقت مضى مصالحها، وخطورة الدفق الديموقراطي في المشروع الكوني على مصالحها هذه. كما أنها باتت تمتلك مقدرات عالية الجودة في الدفاع والذود عن هذه المصالح التي هي غالبا مصالح حكام وليست مصالح محكومين. أحد أهم الانشراخات داخل المجتمع العربي، وأحد أهم تشققاته: التمايز الذي بات صارخا بين مصالح الحكام ومصالح المحكومين، وكي يتم التلاقي بين هذه المصالح لا بد من عقد اجتماعي جديد، وهذا ما توظف السلطة العربية كل إمكانياتها من أجل عدم قيام عقد اجتماعي عربي جديد، والإسلام السياسي بوصفه منتج معاصر في سياقات السلطة العربية داخل النظام الدولي البائد، أيضا لا زال لا يؤمن بعقد اجتماعي جديد. لهذا أية معارضة تراهن على نظام عربي من أجل مساعدتها على دعم العملية الديموقراطية في بلدها فإنما هي تقوم بوأد تجربتها منذ البداية. لا يمكن لنظام غير ديموقراطي أن يدعم تحولا ديموقراطيا في بلد عربي آخر مترابط معه، بهذه الدرجة أو تلك، لأنه من غير المعقول أن يبادر أي نظام عربي على دعم صيرورة ديموقراطية، تفتح عليه أبواب جديدة، يريدها مغلقة أو أقله مفاتيحها بيده.



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعلان دمشق إلى أين؟
- النوروز السوري-خواطر كصنع آلة عود في السجن
- المعارضة السورية والثقافة النقدية.
- الكردي المبعثر، العربي المشتت.
- حضارة القوة أم قوة الحضارة؟
- الاضطهاد الاجتماعي في سورية، أهل حوران نموذجا
- غزة..إعادة إنتاج الديني سياسيا.
- السياسة اجتهاد وليست قياس.
- العنف... الصورة... المستقبل مقاربات لا تنتهي
- جرائم الشرف ثقافة المشهد.
- حوار مع ياسين الحاج صالح أزمة نقد أم نقد أزمة؟
- الاعتقال والتخوين تعبير عن ميزان قوى.
- فسحة بين إقصائين.سماح إدريس وفخري كريم.
- الليبرالية والمشروع الأمريكي، فك ارتباط أم التصاق آني؟
- إنه العار المطلق!
- إعلان دمشق في ميزان ذو كفة واحدة!
- على الحكومة اللبنانية تسليم سلاحها إلى حزب الله.
- العقلانية واللاعقلانية، هل السلطة حيادية؟
- أغنياء سورية، رفقا بها. إلى الدكتور عارف دليلة في سجنه.
- المعارضة السورية بين التنوير والبراغماتية!


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - غسان المفلح - ثرثرة خارج خط التماس!