أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عزو محمد عبد القادر ناجي - دور المحور المصري السعودي في عدم الاستقرار السياسي في سوريا















المزيد.....



دور المحور المصري السعودي في عدم الاستقرار السياسي في سوريا


عزو محمد عبد القادر ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 2240 - 2008 / 4 / 3 - 02:17
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


كان لكل من مصر والسعودية دوراً بارزاً أثر على السياسة السورية خلال فترة الحرب الباردة ، فقد اشتركت الدولتان حول إيقاف أي تغيي يطرأ على العلاقات السورية مع محيطها الحيوي على أساس أن ذلك يؤثر على مركزهما في المنطقة العربية والإقليمية ، فما هو الدور الذي لعبتاه في هذا المجال هذا ما سنبينه في هذا البحث ؟ .
1- مصر
اعتمدت الصهيونية في إقامة إسرائيل على تأييد الدول الكبرى لها، إضافة إلى بعض القادة العرب أمثال رئيس وزراء مصر، اسماعيل صدقي، والأمير عبدالله، ملك شرقي الأردن، رغم وقوف بعض القادة العرب ضد قيامها، وأهمهم الرئيس شكري القوتلي الذي كان مناهضاً للصهيونية، وتفسير عدم اكتراث مصر في إقامة دولة إسرائيل، في بداية عهدها، أن البعض المتعصبين من الشعب المصري ينظر لنفسه أنه ليس من جنس العرب على أساس أن العرب عبارة عن بدو متخلفين، ويجب الحذر منهم والتعالي عليهم، لذلك عمل البعض من مثقفيهم على الطعن بالقومية العربية، ووصف أهدافها بالحقيرة، وذات نوازع شيطانية مثل الكاتب المصري محمد فريد، وأنكر بعضهم أن تكون هناك مسألة عربية على الإطلاق، ويرى البعض منهم أن الحضارة الفرعونية هي التي تمثله، لكن ادعاء هؤلاء المتعصبين في مرحلة لاحقة للقومية العربية كان من أجل إجهاض أي اتحاد بين سوريا والعراق أو الأردن، من خلال مشروعي سوريا الكبرى أول الهلال الخصيب، على أساس أن ذلك يجعلها دولة ثانوية أمام القوة الاتحادية لسوريا الطبيعية، بخلاف الشعب السوري الذي يعتبر أكثر الشعوب إحساساً بالعروبة، لذلك عمل النظام الملكي المصري عندما أسس الجامعة العربية على تعميق الانقسام، بحيث يكرس ميثاق الجامعة العربية ـ الذي وضعه النحاس باشا ـ الانفصال بين الدول العربية، فالمادة السابعة من ميثاق الجامعة العربية تقول : " إن ما يقرره المجلس بالإجماع يكون ملزماً لجميع الدول المشتركة في الجامعة، وما يقرره بالأكثرية، يكون ملزماً لم يقبله" ، حتى أن أمناء الجامعة العربية كان معظمهم مصريون، ويعملون لصالح مصر ضمن الجامعة العربية، أكثر مما يعملون به من أجل الدول العربية الأخرى، فالنقراشي باشا عميل الإنكليز، كان رئيساً لحزب الوفد ذي التوجهات المصرية الخالصة البعيدة عن العروبة، وعبدالرحمن عزام كان يقول: " نحن مصريون أولاً" ويقول أيضاً "لا نستطيع أن نترك سوريا تفعل كما تشاء بنفسها لأن الإستراتيجية الطبيعية لنا تقتضي أن تعيش سوريا في ساحتنا الحيوية" ولم يدرك أن مصر هي نفسها كانت تعيش في الساحة الحيوية لبريطانيا، ولم يدرك أن تعبيره هو تعبير استفزازي، ضد دولة مستقلة وغير مرتبطة بمعاهدة تحد من استقلالها بخلاف مصر، وأن هذه الدولة تسعى لتوحيد أجزائها مع بعضها، كما وصف الدول العربية المحيطة بمصر بمجموعة أصفار وأنهم جيران وليسوا دول شقيقة، ووصف مصر بأنها مركز إشعاع حضاري عالمي، وهذا تعبير لا يمت للواقع بأي صلة، ويقول أيضاً فكري أباظة : "نحن مصريون قدماء لا شيء غير ذلك" وقد سخرت الصحف المصرية من مشروع القدسي الذي قدمه للجامعة العربية، والذي دعى فيه إلى اتحاد فيدرالي أو كونفيدرالي بين الدول العربية جمعاء بتغيير ميثاق الجامعة العربية، حتى أن ثورة سعد زغلول عام 1919 لم تدعو للوحدة العربية بل رفعت شعار " مصر للمصريين "، ونادى البعض من المصريين المتعصبين اللاقوميين بأنهم لا ينتمون للعروبة، وضرورة تفضيلهم للعامية المصرية على أساس تمثيلها لهم، ورفض القومية العربية، وضرورة الحياد بين العرب وإسرائيل، وهذا ما يفسر معارضتهم على طول التاريخ المصري للوحدة العربية ، وذلك من أجل الحفاظ على الوضع القائم بشكل دول صغيرة مستقلة تابعة ، وقد أكد أحد أعضاء الوفد السوري في مباحثات الجامعة العربية، الأسباب التي دعت مصر لتأسيس الجامعة العربية بقوله : " لقد لحظنا بإهتمام ودهشة الصراع ما بين فاروق والنحاس، وقد أدركنا أن همها الوحيد من إنشاء الجامعة كان من أجل وضعهم داخل مصر، وليس من أجل العرب، ولكننا أغمضنا عيوننا على ما رأيناه، فقد كنا سعداء بأن مصر، مهما كانت الدوافع أخذت تعتبر نفسها جزءاً من العالم العربي" .
وقد كانت النظام الملكي المصري راضياً عن حكم الرئيس شكري القوتلي باعتباره إلتزم سياسة الحياد بين محوري العراق من جهة والسعودية ومصر من جهة أخرى، حيث كانت العراق تسعى للوحدة من خلال مشروع الهلال الخصيب، أما السعودية ومصر فكانتا تعارضان المشروع، إضافة لمشروع الأردن، الداعي لوحدة سوريا الكبرى، لهذا السبب فقد استاء النظام المصري من انقلاب حسني الزعيم عام 1949، حيث أرسل الملك فاروق، الأمين العام لجامعة العربية عبدالرحمن عزام، لسوريا، ليرتب له لقاءاً في القاهرة في 27 إبريل 1949، بعد أن أعلن حسني الزعيم نيته إقامة وحدة عسكرية مع العراق، وعلى إثر الزيارة، أعلن حسني الزعيم رفضه للتقارب مع العراق، مقابل اعتراف مصر بحكمه، وكان الملك فاروق قبل ذلك قد حث رئيس الحكومة اللبنانية رياض الصلح من أجل العمل لاسقاط حسني الزعيم، لكن بعد ابتعاد سوريا عن العراق، حث الملك فاروق، الرئيس حسني الزعيم على تسليم زعيم الحزب القومي السوري، للسلطات اللبنانية، بسبب دعواته لوحدة الهلال الخصيب، ورفضه لاتفاقيات الهدنة التي وقعتها الدول العربية مع إسرائيل، ووصلت العلاقات بين حسني الزعيم والملك فاروق إلى درجة أن الرئيس السوري حسني الزعيم أصبح يحتفل بعيد جلوس الملك فاروق على العرش، وعقب انقلاب سامي الحناوي وإعدامه لحسني الزعيم، أعلن الملك فاروق الحداد ثلاثة أيام في مصر، وعارض نظام هاشم الأتاسي، ووصفت الصحافة المصرية الحكم السوري بالدموي، خاصة بعد الدعوات الوحدوية مع العراق التي دعى إليها قائد الجيش سامي الحناوي، والرئيس هاشم الأتاسي، لذلك عمل الملحق العسكري المصري في دمشق جمال حماد، على حث الضباط السوريين على معارضة الاتحاد مع العراق على أساس أنهم سيفقدون مراكزهم ، وهذا ما ساهم في انقلاب أديب الشيشكلي في ديسمبر 1949، حيث أيد الملك فاروق الانقلاب مباشرة، كما صرح ناطق رسمي مصري " إن الانقلاب كان متوقعاً في أي لحظة"، وبسبب تخوف الملك فاروق من حدوث استقرار سياسي في سوريا شكل كتائب الفداء العربي الارهابية، وعمل لعودة الرئيس شكري القوتلي كونه حيادياً، وإن الشيشكلي ذي ميول قومية سورية باعتباره كان عضواً في الحزب القومي السوري، كما عمل خلال عملائه على محاولة قتل الصحفي البريطاني ستير لينغ في دمشق باعتبار عمله هذا سيعيق الانتخابات البرلمانية في سوريا عام 1950 رغم أنه عقب انقلاب الشيشكلي قدم لسوريا قرضاً بدون فوائد قدره ستة ملايين دولار و20 طائرة عسكرية، ووعد بخمسة ملايين جنيه استرليني أخرى إذا تعهدت حكومة خالد العظم بالحياد، أي بعدم التقارب مع العراق، وكان رفضه لمشروع دفاع الشرق الأوسط الذي يهدف لتدويل قناة السويس، وجعلها-مصر- عضواً في تحالف قيادة الشرق الأوسط، ، قد جعل اليسار يندد بهذا المشروع ويدعو حكومة حسن الحكيم لرفضه، وبعد الانقلاب الثاني للشيشكلي عام 1951، أيدت مصر أيضاً هذا الانقلاب، وبعد حركة محمد نجيب في مصر في يوليو1952، أيد الشيشكلي هذه الحركة مباشرة، وزار مصر وتبادل التهاني مع الرئيس محمد نجيب، وتوطدت العلاقات بين النظامين السوري والمصري.
لكن بعد سقوط الشيشكلي عام 1954 حدث شيء مشابه في مصر فتم إبعاد الرئيس محمد نجيب عن الحكم وتولى جمال عبدالناصر الرئاسة، مما حذا بمؤيدي الرئيس محمد نجيب، وغالبيتهم من الإخوان المسلمين، أن يرفضوا ذلك، فكانت حادثة المنشية في الاسكندرية التي حاول فيها البعض اغتيال عبدالناصر، واتهم الإخوان المسلمين بها، فعملت الحكومة المصرية على التنكيل بهم، وقررت المحكمة إعدام قسماً منهم، وعلى إثر أحكام الاعدام اندلعت المظاهرات في كل أنحاء سوريا تندد بالنظام المصري، خاصة أن اللواء علي نجيب أخو الرئيس محمد نجيب كان سفيراً لمصر في سوريا، وكان الملحق العسكري المصري في دمشق محمود أبو الفتوح ينتمي للأخوان المسلمين، مما حذا بعضو مجلس قيادة الثورة المصري، أنور السادات أن يقول للسفير السوري في القاهرة نجيب الأرمنازي، " إن ما حدث في سوريا سيسبب لها مشاكل كثيرة ، خاصة بعد أن أسقط النظام المصري الجنسية عن اللاجئين المصريين الإخوانيين إلى سوريا " ، ولهذه الأسباب بعث النظام المصري بضابطي مخابرات مصريين هما العقيد محمود رياض وعين سفيراً لمصر في سوريا، والعقيد عبدالمحسن أبو النور الذي عين ملحقاً عسكرياً في سوريا، وبدءا في تفتيت النظام السوري وإثارة عدم الاستقرار فيه وجعله تابعاً لمصر، من خلال إجراءاتهما المخابراتية المكثفة، وبدأت إذاعة صوت العرب تبث إلى سوريا لمدة أربعة ساعات يومياً رغم أنها كانت في زمن الرئيس محمد نجيب تبث لمدة نصف ساعة فقط، وقد اتهم وزير الدفاع السوري معروف الدواليبي، عام 1954، أن النظام المصري حرض قائد الأركان شوكت شقير على التدخل في السياسة، لكن النظام المصري أنكر هذه التهمة واستمر في اتباع السياسة المصرية القديمة بمعاداة الوحدة بين سوريا والعراق، وقال عبدالناصر عام 1954 حول ذلك" : "كيف تتحد سوريا بالعراق المرتبط ببريطانيا بمعاهدة تنتقص من استقلاله، وكذلك تتحد بالأردن الذي هو في وضع يشبه وضع العراق" ثم صرح في نفس العام بالتصريح التالي ، " لا يجوز لأي قطر عربي أن يتدخل في الشؤون الداخلية لقطر عربي آخر "، كما عمل محمود رياض على الاتصال بعبدالحميد السراج وأكرم الحوراني، فأصبح الحوراني يستشيره في كل شيء، والسراج يعمل بتوجيهاته، وأصبح النظام المصري يبث دعايته عبر صوت العرب، وشكل أجهزة أخرى لذلك، وهي الإدارة العربية بوزارة الخارجية، والمخابرات العامة، وكل ذلك بقصد الترويج لنفسه، مستغلاً معاداته لصالح الاستعمار القديم فرنسا وبريطانيا، ومستغلاً طبيعة الشعب المصري المعتاد على تقديس حكامه منذ عصر الفراعنة وحتى الآن، كونه شعباً مسالماً، لا يحدث التغيير في نظامه بدون العامل الخارجي، وعلى ذلك يقول أنتوني أيدن "إن المصريين معتادون على تأليه حكامهم فهم يعتبرون الزعيم إله ومنقذ للشعب"، فالكثير من الباحثين يعتبرون أن أغلبية الشعب هم من الفلاحين المستكينين الذين تحول ولاءهم من الباشوات إلى زعماء ثورتهم الجديدة، إضافة إلى أن الكثير من الشعب المصري لا يستطيع أن يتحمل أي نقد من الغير مصري- حتى لو كان عربياُ- لأي فرد من أعضاء نظامه، معتبراً أن هذا العمل هو الوطنية الحقيقية، وأما ثوراته فلم تكن دموية أومسلحة واقتصرت على المظاهرات في أغلب الأحيان وخاصة في عهد ما قبل انقلاب محمد نجيب حيث كان هذا الحكم ذو طبيعة ديمقراطية شكلية ، لكن حركة الإخوان المسلمين في مصر أعطت للمصريين بعض العنف المرن في النقد ، لكن هذا العنف أجهض بالحكم العسكري، ولم تستطع هذه الحركة أن تصل للسلطة، رغم أنها ولدت في مصر، ووصلت في دول أخرى خارج مصر، وبذلك يختلف الشعب المصري عن الشعب السوري باعتبار أن الشعب السوري لا يجتمع على رئيس معين، واتسامه بالثورية والاستعلاء على بعضه وعلى غيره أيضاً ، وقد عاش ديمقراطية الماضي منذ دخول الأمير فيصل إلى سوريا، ولكل واحد فيه رأي خاص بالمستقبل، لذلك فقد كان صعباً على النظام المصري أن يقنع الشعب السوري ويجعله يجمع على رأي موحد، خاصة بعد أن أعدت الولايات المتحدة وبريطانيا مبادرة سلام سرية بين مصر وإسرائيل عام 1954 تتضمن عدم اعتداء بين البلدين، على أن تتبعها بقية الدول العربية، ثم عملت الدعاية المصرية على العمل لإسقاط حكومة فارس الخوري عام 1954، كونها لم تندد بحلف بغداد، في اجتماع الجامعة العربية الذي دعت إليه مصر، ثم وقعت مصر وسوريا حلف عسكري في أكتوبر 1955 وأنشئت لجنة مشتركة، وهيئة دفاع مشترك بقيادة عبدالحكيم عامر، وقد انضمت السعودية لهذه الإتفاقية، لكن ظلت هذه الاتفاقية حبراً على ورق، ثم زاد النظام المصري من نشاطاته المخابراتية لتصفية العناصر الموالية للاتحاد مع العراق في سوريا وملاحقتهم في لبنان، والأردن، فندد بحكومة صبري العسلي عام 1955 عندما أعلن عن إمكانية دخول حلف بغداد، واجتماعه السري في لبنان مع رئيس الحكومة العراقية فاضل الجمالي بشأن تحقيق مشروع الهلال الخصيب، لذلك عمل اليسار على إسقاطها.
كما عملت إسرائيل في محاولة منها لتثبت هشاشة التحالف الثلاثي فقامت بمهاجمة المواقع السورية في منطقة الكرسي وأبوتايهة، وقتلت سبعة وثلاثين جندياً وجرحت آخرين، ولم تتدخل مصر رغم حصولها على أسلحة من الاتحاد السوفياتي، رغم أن سوريا وضعت كل قواتها تحت تصرف القيادة المصرية إبان العدوان الثلاثي على مصر في 1 نوفمبر 1956 وقطعت علاقتها مع فرنسا وبريطانيا، وأيدت قرار الأمم المتحدة بوقف العدوان عن مصر، واندلعت المظاهرات تأييداً لمصر، واجتمعت القوى السياسية في 20 نوفمبر 1956 لتوحيد الموقف تجاه العدوان، واتفق محمود رياض مع السراج لضرب محطات ضخ البترول التابعة للشركة العراقية الإنكليزية (ABC) ، وأعلن أنه تم ذلك بفعل المقاومة الشعبية، وعندما حاولت بريطانيا بعد انتهاء الحرب لصالحها، اشترطت سوريا، انسحاب القوات الفرنسية والبريطانية من مصر، واستمر الإصلاح عدة أشهر، وحاول الرئيس شكري القوتلي دخول الحرب لكن رفض عبد الناصر ذلك على أساس ضمان جانباً سليماً من القوات العربية في حالة أي طاريء، وأصبحت الإذاعة السورية تصدر البلاغات الرسمية المصرية بعد أن تبلغ على الهاتف من مصر، وذلك بعد أن دمر العدوان الإذاعة المصرية، وأوقف العمال السوريون في محطات ضخ البترول الضخ على الساحل السوري واللبناني، رغم أن توفيق الحكيم يقول حول تأميم القناة عام 1956 في كتابه عودة الوعي: " كان من الممكن أن تعود القناة لمصر بعد عشر سنوات، بدون دفع قيمة أسهم الشركة الإنكليزية الفرنسية، فأممها ودفع لهم قيمة الأسهم ".
ولاستكمال التدخلات المصرية في سوريا عمل على تقوية وضع حزب البعث الموالي له وضرب القوى السياسية التي لا تؤيد سياسته والتي تقبل بحلف بغداد، لذلك عملت على نعته ـ (حلف بغداد) ـ بأنه ضد مصالح الأمة العربية كونه ـ بحسب رأي النظام المصري ومؤيديه ـ يقيد الأمة العربية، ويضعف النضال العربي، ويشتت القوى العربية، ويحول دون تحقيق أهدافها، وأنه مؤامرة غربية ضد العرب ويعتبر تنازلاً عن وجود العرب، وليثبت أن أهدافه هي نفس أهداف البعث أصدر في 20 يوليو 1955 بياناً يطالب فيه بالقضاء على الاستعمار والإقطاع وتحقيق العدالة الاجتماعية، وعلى إثر ذلك اجتمع محمود رياض، مع شوكت شقير، وبارك الحوراني هذا اللقاء، ثم عمل النظام المصري - ضمن استراتيجيته للتدخل في السياسة السورية ، وجعلها تسير على خطاه - على تحطيم الحزب القومي السوري، الذي يدعو لوحدة الهلال الخصيب إضافة إلى سيناء، من خلال التآمر على قتل عدنان المالكي باتهام الحزب القومي السوري فيه، فيكون قد حقق عدة أهداف بضربه واحدة، فتم تشتيت الجيش السوري إلى كتل متناثرة ، وتصفية الحزب القومي السوري من سوريا. من خلال تحالفها مع غسان جديد وكتلته العسكرية ، وصعود البعث وكسبه أوراق أكثر داخل الحلبة السياسية، وتفكيكه للتجمع الوطني بحكومة الوحدة الوطنية التي شكلها سعيد الغزي، وإقامة جبهة بعثية يدور في فلكها الموالون لعبدالناصر ، وما يؤكد تورط السفير المصري بهذه الجريمة أنه كان قد أصر على حضور المالكي لمباراة كرة القدم بين فريقي الجيش السوري وفريق السواحل المصري، رغم أنه كان-المالكي- ذاهباً لخطيبته في لبنان، وكان السراج قد استلم منذ عدة أسابيع رئاسة المكتب الثاني، وجمع كل المعلومات عن الحزب القومي السوري، وتم اعتقال جميع أعضاء الحزب خلال أربعة ساعات فقط، فلو كان يريد الحزب بالفعل اغتياله لما نقل مقر قيادته من بيروت إلى دمشق حيث السراج موجود، ولكان قتله في لبنان وهو يزور خطيبته، حيث كان دائم الزيارة لها، كما أن غسان جديد نفذ جريمته بدون توكيل من الحزب، فتورط بعض الموالين لغسان جديد الأعضاء في الحزب لا يدين الحزب، فكان اغتيال المالكي قد ساعد عبدالناصر على تثبيت مكاسبه في سوريا.
ثم شكل قائد الأركان عفيف البزري الذي دعمه عبدالناصر أواخر 1956 مجلس قيادة ثورة، حيث أنه كان يسعى بشكل غير علني للوحدة مع سوريا، وباستراتيجية النفس الطويلة، مركزاً جهده على الجيش ومستفيداً من المناداة بالقومية العربية، من خلال احتواء سوريا من خلاله، نظراً لاختلاف النظامين وطبيعة البلدين، لهذا السبب كان قيام محمود رياض وعبد المحسن أبو النور لعلاقات قوية مع قادة الكتل العسكرية بعد مقتل المالكي ، وبعد سقوط حكومة سعيد الغزي شكل الحكومة صبري العسلي في نوفمبر 1956 حيث عملت هذه الحكومة، على إبعاد الجبهة الدستورية الحرة برئاسة الدكتور منير العجلاني بسبب دعواتها الوحدوية مع العراق، وعملت على التقارب من اليسار الموالي لمصر، كما قام الرئيس شكري القوتلي بعد انتخابه عام 1955، بإحياء المعاهدة السورية المصرية السعودية، ووقع معاهدة عسكرية مع مصر، مما حذا بمصر والسعودية إلى توقيع اتفاقية في القاهرة في يناير 1957 تعهدت فيها الدولتان بدفع 12 مليون جنيه مصري للأردن سنوياً، لإخراجها من المعاهدة البريطانية وتعويضها عن المساعدات البريطانية، ثم اتفق محمود رياض مع الحوراني على تحجيم دور شكري القوتلي من خلال انقلاب عسكري عام 1957 وهو ما عرف بعصيان قطنا، وكانت ترى القيادة المصرية ضرورة استكمال العصيان إلى انقلاب يطيح بشكري القوتلي، لكن كان رضوخ النظام لمطالب الانقلابين بإيقاف التنقلات التي قررها النظام قد أوقف العصيان.
وكان إرسال مصر لقواتها الرمزية بعد انتهاء الأزمة مع تركيا عام 1957 قد دعم موقف عبدالحكيم عامر كقائد للقوات السورية والمصرية، وتقليل نفوذ قائد الأركان السوري اللواء عفيف البرزي الذي لم يكن عبدالناصر يثق به، إضافة لدعم موقف الحوراني، أمام حزب الشعب، كما أن الدعاية المصرية قامت بالتهويل من التهديد التركي، وأن قواتها الرمزية هي السبب في عدم مهاجمة سوريا، وتحت تأثير الجيش صار الحوراني رئيساً للبرلمان السوري في الرابع عشر من أكتوبر 1957، ودعى مباشرة مجلس الأمة المصري برئاسة أنور السادات للتصويت على إتحاد فيدرالي بين سوريا ومصر في الثامن عشر من نوفمبر 1957، وبعد ذلك بشهرين قام عفيف البرزي بانقلابه في 12 يناير 1958 من خلال ذهاب وفد الضباط برئاسته، وعرض مشروع الوحدة على مصر، بعد أن رفض مجلس النواب السوري بأكمله باستثناء البعثيون على قرار الإتحاد مع مصر بسبب أن الوحدة سيتدخل فيها البعث، باعتبار أن الشعب السوري يؤيد الاتحاد الفيدرالي مع احتفاظ كل بلد بقوانينه وتشريعاته التي تلائمه، وكان هذا رأي شكري القوتلي، وخالد العظم، وصبري العسلي، فكان سعي البعث للوحدة على اعتبار أنهم أقلية لا تأييد شعبي لهم، لذلك رؤوا السيطرة على سوريا من خلال الوحدة مع مصر، فلم يكن انقلاب عفيف البرزي إلا من خلال الاتفاق مع أكرم الحوراني، ومحمود رياض، وعبدالمحسن أبو النور، وميشيل عفلق، وصلاح الدين البيطار، ولم يستطع الرئيس شكري القوتلي، أن يعارض ما قرره الضباط، مما اضطره لإيفاد وزير خارجيته صلاح الدين البيطار لبحث الأمر بشكل رسمي، لكن البيطار فوض القيادة المصرية بعمل الترتيبات التي ترتأيها بشأن الوحدة، ولو أن الرئيس شكري رفض ما قرره الضباط، لأوعزت القيادة المصرية لعملائها للقيام بانقلاب عسكري مباشرة، وستتهم الرئيس شكري القوتلي ورئيس الحكومة صبري العسلي، ووزير الدفاع خالد العظم، بالخيانة والانفصالية، وقد اشترطت القيادة المصرية عدة شروط هي :
1- عدم تدخل الجيش بالسياسة.
2- حل الأحزاب .
3- حل البرلمان السوري على اعتبار أنه لا يوجد برلمان في مصر.
4- منح الثقة الكاملة لعبدالناصر وإطلاق يده في سوريا.
5- دمج جميع القوى السياسية في منظمة الإتحاد القومي، حيث ظنها قادة البعث أنها طريقهم لحكم سوريا ونشر أيدولوجيتهم.
لكن كان ذلك بالنسبة للوطنيين السوريين تدميراً لاستقلال سوريا، الذين ناضلوا من أجله طيلة حياتهم، وهذا ما أكده أحد أعضاء البعث وهو جلال السيد وهو من الذين رفضوا هذه السياسة، بقوله:
" كان هناك دافع وحدوي أصيل لدى العرب السوريين، لكنه لم يكن فريداً وحيداً، فإلى جانبه دوافع أشد دفعاً وثقلاً، فالعسكريون شعروا بعدم قدرتهم على تسيير دفة الصراع كتلة واحدة، والمدنيون أفلسوا في إدارة الدولة، وتنافرت الأحزاب، وتباعدت النظريات ومدت الشيوعية برأسها مهددة أطراف القطر بالاجتياح. وكانت الوحدة مع مصر هي مخرج البعث الوحيد للخروج من المسرح بعزة وكرامة لذلك سرعان ما قبل شروط عبدالناصر بحل الأحزاب السورية" .
وكان عبد الناصر قد قال لصلاح البيطار حول الوحدة: " إما وحدة كاملة وفق الشروط المبلغة إلى الضباط أو لا شيء على الإطلاق "، رغم إدعاء النظام المصري بعد ذلك أنه كان يريد الوحدة على مراحل ووفق قواعد محددة، وهكذا فقد إتسمت مفاوضات الوحدة المصرية السورية بالخصائص التالية :
1- تمت بمبادرة سورية وتحفظات مصرية.
2- تمت في ظروف حرجة داخلياً وخارجية وفي وقت قصير جداً.
3- قامت في بيئة معادية، حيث نظرت إليها النظم العربية المحيطة بنظرة عدائية.
وقد أكد وزير الدفاع خالد العظم أن مصر ما كانت لتقيل باتحاد فيدرالي أو أي نظام آخر لا يضمن لها السيطرة الكلية على الحكم والانفراد به، كما برر ميشيل عفلق عمل البعثيين هذا بقوله: " نحن مقتنعون بأنه ليس بالإمكان إقامة وحدة بدون مصر، لا لأنها تشبه بروسيا في العالم العربي، وتستطيع توحيدها بالقوة، أو لأن الأقطار الأخرى لا تصلح نقطة اجتذاب للوحدة، ولكن لأننا رأينا مصر قادرة على عرقلة أي حركة وحدوية تسير بدونها " ، وعلى هذا الأساس عقد اجتماع في القاهرة في 31 يناير 1958 ضم الرئيس شكري القوتلي والرئيس جمال عبدالناصر، ووقعا على البيان المشترك في الأول من فبراير 1958 ثم جرى استفتاء في البلدين على الوحدة وانتخاب عبدالناصر، وفاز بنسبة 99.9 وأيد الوحدة في 21 فبراير 1958.
وخلال الوحدة كان تأثير مصر على الاستقرار السياسي في سوريا سلبياً إلى أبعد مدى، فقد سلح النظام الأكراد وأنشأ لهم برامج خاصة تبث من صوت العرب، وحرضهم في العراق وتركيا، وعملت الصحف على تشجيع التمردات الكردية ضد النظام العراقي برئاسة عبدالكريم قاسم، وعمل أيضاً على إقصاء معظم الضباط الأكراد من الجيش السوري، حتى يشعرهم أنهم فئة مختلفة عن بقية الشعب السوري، كما أحال الكثير من المعلمين وأساتذة الجامعات الأكراد إلى التقاعد. لنفس السبب، وأغلق مدارسهم، وملأ السجون بهم
على اعتبار أن النظام الجديد قد استلم أجهزة المخابرات والداخلية، وعمل على بث روح الفتنة والتفرقة بين الجماعات المتلاحمة في سوريا، وعادى الاتحاد الهاشمي بين الأردن والعراق ووصفه بأنه مشروع استعماري، وعمل على إسقاطه، من خلال عميله في سوريا عبدالحميد السراج، لتحويل سوريا لدولة مخابراتية، وتشويه صورة الرئيس شكري القوتلي، وأصبح السراج الحاكم المطلق في سوريا، فهو رئيساً لأجهزة الأمن والمخابرات والإتحاد القومي والداخلية والجهاز الإداري في المحافظات والإعلام والإذاعة، خاصة بعد أن أصدر عبدالناصر في أكتوبر 1958 قانون الطواريء في الإقليم السوري، مما أتاح للسراج أن يقمع أي معارضة في سوريا، وزاد عدد فروع المخابرات عن ستة أفرع، وهذا جعله يقوم بتسريح أكفأ الضباط ولم يبق سوى الأقل جدارة، وأصبح بعض الضباط المصريون يسيؤون معاملة الضباط السوريين، ونقل الكثير من الضباط السوريين إلى مصر بدون عمل، وقد أكد كل من زياد الحريري ولؤي الأتاسي هذه الحقيقة، كما لم يسمح النظام للبرجوازية السورية بالوصول للسوق المصرية، وعمل على تمصير الاقتصاد السوري، كما سيطرت البيروقراطية المصرية، واستحوذ المسؤولون المصريون على المناصب الرئيسية في سوريا، واستغلوا الاقتصاد السوري لصالحهم، وكان من أهدافهم توطين بعض المصريين في سوريا -الذين شردهم غمر مناطقهم بالمياه بعد قرار البدء بتنفيذ السد العالي ، ولم يعوضهم النظام عما حلَّ بهم من مآسي- ويرى محمود رياض أن الخطة كانت بتهجير خمسون ألف مصري وأن شكري القوتلي كان يؤيد فكرة التوطين ، خاصة بعد ادعاء النظام أن سوريا كانت فقيرة قبل الوحدة وخزانتها فارغة.
وبسبب السراج وعملياته القذرة تم المساهمة في إسقاط النظام الهاشمي في العراق، وكان الملحق العسكري المصري في بغداد يعمل على التآمر لإغتيال مسؤولين عراقيين، وقد طرد من العراق نتيجة لذلك، لكن هذا لم يمنع من استكمال المؤامرة لإسقاط النظام الهاشمي، وتفجير الحرب الأهلية في لبنان، ومحاولة إسقاط النظام الهاشمي في الأردن، وهذا ما أثار السخط الشعبي ضد نظام الوحدة، خاصة بعد ثورة عبدالوهاب الشواف في العراق والتي كانت بدعم السراج، ورغم محاولة قيادة نظام الوحدة، التقليل من مكسب الشعب السوري بسبب السراج بإصدارها في 21 أكتوبر 1959 قراراً بتعيين عبدالحكيم عامر للإشراف على شؤون الإقليم السوري نيابة عن عبدالناصر، إلا أن ذلك أثار الوزراء البعثيون، وخاصة نائب الرئيس عبدالناصر، وهو أكرم الحوراني، بعد أن أجبر كل من نائب الرئيس جمال عبدالناصر وهو صبري العسلي، وقائد الجيش الأول الفريق عفيف البرزي، والوزير رياض المالكي، على الاستقالة، وهذا ما دفع من تبقى من وزراء بعثيين وغيرهم مع أكرم الحوراني للإستقالة، ويبرز أحد الوزراء السوريين أسباب استقالة الوزراء السوريين لعدة أسباب أهمها:
1- إغلاق بعض الصحف السورية.
2- الزيارات المفاجئة من موظفي الرئاسة، وطلبهم عقد اجتماعات بحضورهم ومناقشاتهم للوزراء السوريين، بحجة نقل توجيهات القيادة.
3- تأخير بعض المشروعات المعروضة، كتعديل الإتفاقية مع شركة التابلاين، وعرقلة تنفيذ الإتفاقية مع الإتحاد السوفياتي للتنمية الاقتصادية.
4- إصدار مشروع اختصاصات محمود رياض، ومطالبته بمرور كافة القرارات عليه بل واحتفاظه ببعضها، وإعادته بعض المشروعات للمجلس التنفيذي، وقد أعيدت فعلاً بعض المشروعات بسبب رفضه التوقيع عليها.
5- عدم الموافقة على اقتراحات الوزارات بتسريح بعض الموظفين أو إحالتهم إلى التقاعد.
6- عدم السماح برسم سياسة سوريا في ظل الوضع الإقليمي في العراق والأردن ولبنان، وما جرى من أحداث عقب حركة يوليو 1958 في العراق، ودخول القوات البريطانية إلى الأردن، والأمريكية إلى لبنان.
7- الانتقاص من كرامة الوزراء السوريين من قبل أجهزة الأمن والمخابرات ، مما أثار الناس ضدهم، فأصبحوا موضع اسهتزاء عليهم.
8- حصر الرئاسة ووزارات الدولة لشؤون الرئاسة والدفاع والخارجية للمصريين.
9- شيوع الخرافات والدجل ومجالس تحضير الأرواح في الإقليم السوري، بسبب تشجيع النظام سراً لذلك، فكان معظم الوزراء المركزيين يمارسون جلسات تحضير الأرواح، وقد أكد ذلك عدداً من الوزراء السوريين مثل رياض المالكي، وفاخر الكيالي.
10- اقتصار عبدالناصر في مشاورات مع بعض السياسيين وإهمال الآخرين وهذا يتنافى مع طبيعة الشعب السوري الذي يفضل الاجتماعات الموسعة.
وهكذا أصبح الوزراء المصريون هم أصحاب السلطة الحقيقية والأساسية، كما أصبح وكلاء الوزراء السوريون وهم من المصريين، هم من يسير أمور الوزارات، ولم يستطع الوزراء السوريون الإتصال برئيس الدولة، إلا بعد عدة أشهر من الطلب لذلك، ولم يحصل أي اندماج للقوات العسكرية السورية مع المصرية، فبقي كل إقليم لوحده، وقد سيطر الضباط المصريون على الإقليم السوري، كل هذا أثار الرأي العام في سوريا ضد التسلط المصري، خاصة أن السياسة الخارجية للدولة أصبحت محصورة بعبدالناصر ومجلسه الاستشاري، كما أكد بطرس غالي، وكما أكد ذلك أيضاً أحد الوزراء السوريين وهو بشير العظمة منذ أول يوم ذهب فيه إلى مكتبه بالوزارة، قائلاً : " أفهمني مدير المكتب بعد ذلك بأن التقاليد لابد وأن تراعى، فالوزير لا يحضر لوزارته قبل الحادية عشر، إذا توفر لديه وقت لذلك، إخفاء وحجب الملوك والوزراء والأمراء عن الأنظار إجراءات لها ضرورتها، لتبقى صورة القادة في خيال الجماهير أقرب إلى صورة الالهة والأئمة نقية طاهرة، لم تعرف سوريا في تاريخها الحديث الملكية والحاشية والبلاط والحجاب، كان شكري القوتلي رئيس الجمهورية، يسكن في شقة مستأجرة عادية جداً، في حي الجسر الأبيض وحارسه شرطي يداوم نهاراً فقط... قضينا شهوراً عديدة، بل سنتين تقريباً من دون عمل ولا مسؤولية محددة، كنا نتبادل الزيارات بين المكاتب ونستقبل كل طارق، وإذا إشتد بي الضيق والضجر بعد قراءة الصحف والمجلات، وبعد إيجاد الحلول للكلمات المتقاطعة، أدفع الباب هائماً، أحاول الإنطلاق في حدود القفص الذهبي، فأقصد مكاتب الزملاء الأصدقاء، أحمد عبدالكريم، وأمين النفوري، وغرفهم لصيقة بمكتبي، لقد جمعتنا الزمالة والجوار، واكتشاف ميولاً مشتركة في البحث عن الكتابة والتعليق والثرثرة، وفي استعراض شؤون أوسع من الدائرة الخانقة الضيقة لحياتنا اليومية".
ولم تكن صلاحيات نواب الرئيس سوى رمزية، ويستطيع أن يسلبها منهم متى شاء، كما أنه أي الرئيس أبقى المجلس التنفيذي لسوريا بدون رئيس، بينما هو نفسه تولى رئاسة المجلس التنفيذي لإقليم مصر، وما يؤكد هشاشة المجلس التنفيذي لإقليم سوريا، أنه عندما اعترض على قرارات التأميم التي أصدرها عبدالناصر في يوليو 1961، أصدر عبدالناصر أوامره بإلغاء المجلس التنفيذي السوري على الفور، فكان ذلك الإلغاء هو إلغاء للشخصية السورية، واستغناءاً عن الوزارات السورية، وأما الاتحاد القومي فهو كما يقول أنور السادات : "إنه ليس نظام الحزب الواحد ولا نظام ائتلاف الأحزاب، إن الفروق بين الإتحاد القومي وبين الحزب الواحد فروق جوهرية"، هذا من الناحية النظرية لكنه عملياً ليس له أي مضمون في تسيير سياسة الدولة.
ورغم محاولة النظام الحاكم التخفيف من حدة مآسي الناس في ظل الوحدة باعتبارها أصبحت أشبه باحتلال مصري لسوريا، كما شعر الناس بذلك، وأنها كانت على حساب الحكومات الديمقراطية، فارتفع سخط الشعب السوري والاستياء، ضد كل ما هو متعلق بالنظام المصري، خاصة بعد الأفواج المصرية التي صارت تأتي لسوريا بشكل كبير، ومحاولتهم تغيير الأحوال في سوريا، دون أدنى فهم لطبيعة الشعب لسوري، وظروفه وتاريخه، فأصبحت سوريا وكأنها مستعمرة مصرية، بسبب سذاجة اليمين البعثي الذي كان له الدور الأكبر فيها، فنتيجة لذلك عمل النظام الحاكم في 16 أغسطس عام 1960 على توحيد المجلس التنفيذي السوري مع المصري، وأعطي أربعة عشرة وزيراً سورياً مقابل واحداً وعشرين مصرياً، وجعل القاهرة ودمشق عاصمتين دوريتين بحيث تكون مدة إقامة الرئيس في القاهرة ثمانية أشهر وفي دمشق أربعة أشهر، وإيجاد حكومة موحدة، وتعيين نور الدين كحالة وعبدالحميد السراج نواباً للرئيس، وإغلاق مكاتب المباحث وختمها بالشمع الأحمر، ونقل ضباط السراج إلى مصر، فحقد السراج على عبدالناصر بشكل كبير، وتنازل عن منصبه الجديد، وذهب إلى سوريا لتنفيذ انقلابه، لكن عندما شعر عبدالكريم النحلاوي بذلك تخوف من أن تعود إجراءات السراج القاسية، فكان ذلك من الأسباب التي ساهمت في دفعه للانقلاب في 28 سبتمبر 1961، وما يدل أن السراج كان ينوي الانقلاب أن اتباعه رفعوا صوره وشعاراته، متوقعين أنه هو صاحب الانقلاب، مما حذا بقائد الانقلاب عبدالكريم النحلاوي أن يصدر أوامره باعتقالهم واعتقاله معهم، رغم تأييد السراج للنحلاوي في انقلابه.
وقد كان استهتار عبدالناصر برجال سوريا الأوائل مثل هاشم الأتاسي، وفارس الخوري، ورشدي الكيخيا، وسلطان الأطرش، وغيرهم، على اعتبار أنه لم يتنفقدهم ولم يزورهم بالرغم من زياراته لبعض الشخصيات ممن لا تاريخ وطني لها، إضافة لتشهير أسماءهم بالإذاعة عقب إصدار قوانين الإصلاح الزراعي، وإلصاق التهم بهم، وكل من هؤلاء له تأييد شعبي واسع، لذلك فمعظمهم أيد انقلاب النحلاوي، ومنهم الحوراني، صبري العسلي، صلاح الدين البيطار، بشير العظمة، سهيل الخوري، رشيد الكيخيا، ناظم القدسي، عبدالرحمن الكيلاني، أحمد أبو صالح، خليل كلاس، سلطان الأطرش، شكري القوتلي، أمين النفوري، وغيرهم، أما ميشيل عفلق فقال "الانفصال شر لابد منه" .
وبالرغم أن قائد الانقلاب لم يكن يهدف إلى الانفصال، بل كان يهدف إلى تصحيح أخطاء النظام، لذلك عمل النحلاوي عى مفاوضة عبدالناصر لحل الخلاف، وتوصلا لبعض البنود وهي :
1- إعادة قسماً من الضباط المصريين إلى مصر، مع عودة قسماً من الضباط السوريين إلى سوريا.
2- إسناد مهام دقيقة للضباط السوريين في مصر بذات الفعالية الممنوحة للضباط المصريين في سوريا.
3- إصدار بلاغ عن ضباط الحركة لإنهاء الأوضاع الاستثنائية من خلال البلاغ رقم (9).
4- إصدار بلاغ من عبدالحكيم عامر بطي صفحة الماضي، وعدم المساءلة في المستقبل.
لكن عندما اتصل عبدالحكيم عامر، قال له عبدالناصر: "إزاي توافق، يا عامر، سنطبق الخطة"، وكان أحد معاوني عبدالكريم النحلاوي يتنصت على المكالمة، مما حذا بالنحلاوي، إلى إصدار البلاغ رقم عشرة، الذي ألغى بموجبه البلاغ رقم تسعة، وأعلن الانفصال رسمياً، فكان هذا جرحاً أصاب عبدالناصر، لذلك عمل كل جهده لمحاولة عودة سوريا صاغرة إلى قبضته دون قيد أو شرط، رغم اعترافه بخطأ النظام بحق سوريا، باعتباره لم يعطها الوقت الكافي، وإعطائه السراج صلاحيات أضرت بالوحدة، بالرغم من عدم اكتراث الشعب المصري بالانفصال، ما عدا المستفيد منهم ، وخلال فترة ما بعد الوحدة أخذت دعاية النظام المصري ، تعمل ضد سوريا كما أخذت تكيل المؤامرات على سوريا من خلال السفارة المصرية في لبنان، بواسطة السفير عبدالحميد غلاب، الذي أخذ ينشر الشائعات من خلال عملائه، وأخذ بتوزيع المنشورات التحريضية ضد المسؤولين السوريين ، ويبعث عملائه للإعتداء عليهم ، وإلقاء المتفجرات، وتوزيع رسائل التهديد، ووضع مخططات الاغتيالات، وتسليح العملاء والتسللات إلى سوريا عبر لبنان، حتى أن رئيس الحكومة السورية بشير العظمة تلقى تهديداً بالقتل، من قبل أحد العملاء، رداً على بيان رئيس الحكومة بالدعوة للوحدة مع مصر على أسس جديدة، بالرغم أن رئيس الحكومة معروف الدواليبي سمح للصحف المصرية عام 1962 بالدخول إلى سوريا، رغم قيام النظام المصري بتأميم جميع مشاريع السوريين واللبنانيين الذين كانوا يقيمون عقوداً طويلة في مصر وسلبهم أموالهم، وأخذ النظام المصري يهاجم النظام البرلماني السوري والليبرالية الاقتصادية، ويشجع ويدعم مؤيديه لإحداث انقلابات عسكرية وفتن داخلية، اشتكت سوريا إلى الجامعة العربية في 22 أغسطس 1969 فهددت مصر بالانسحاب من الجامعة العربية ، ونعتها بأنها صيغة استعمارية بعد ثبوت الأدلة على النظام المصري لإدانتها، ثم أثارت قضية الدندشي التي كانت عبارة عن فبركة من النظام المصري للطعن في البرلمان السوري بتوريط رئيس البرلمان مأمون الكزبري فيها، وقد أرسل النحلاوي وفداً إلى مصر عام 1962 برئاسة المقدم زهير عقل للاتفاق على بعض الأمور وهي :
1- وقف المهاترات الإذاعية فوراً.
2- الاعتراف بالوضع الحاضر في سوريا ليصار إلى الإنتقال إلى معالجة عودة الوحدة على أسس جديدة.
3- عقد إتفاق عسكري مشترك بين سوريا ومصر، لتطبيق الخطط العسكرية الموضوعة أثناء الوحدة.
4- تصفية الأمور الإدارية المتعلقة بين مصر وسوريا من أسلحة وغيرها.
لكن النظام المصري عمل على اتهام قادة الانقلاب بأنهم مرتشون ، وعمل أيضاً على إثارة الفتنة بينهم، وإثارة فتنة بين المدنيين وبين قادة الانقلاب، ولاسيما مأمون الكزبري الذي لم يثبت أي دليل يدينه أو يدين أحداً من أعضاء الحكومة، أو الضباط الذين اتهموا بالعمالة للمخابرات الأمريكية، فظل هؤلاء لا يملكون ثروات طائلة كما ادعى النظام المصري بذلك، رغم تأكيد الرئيس ناظم القدسي أن عبدالناصر هو نفسه كان يرفض الوحدة بعد انقلاب النحلاوي، ويعمل سراً لإسقاط نظامه، كما عملت السفارة المصرية في بيروت على رشوة الصحف اللبنانية للعمل ضد النظام السوري، وتحطيم هيبة الدولة بتشويه صورة أعضاء الحكومة، وشتمهم، وعندما ألح النحلاوي على ضرورة إعادة الوحدة مع مصر، اشترط عبدالناصر عليه أن يكون هو رئيساً لسوريا، وإلغاء البرلمان والحكومة، وكان النظام المصري متصلاً بحركتين أخريين هما حركة بدر الأعسر في حمص، وحركة جاسم علوان في حلب، لتفتيت الجيش السوري وإحداث حرب أهلية، وعلى إثر ذلك قام النحلاوي بانقلابه الثاني عام 1962، وقام تمرد جاسم علوان في حلب، وتمرد بدر الأعسر في حمص، وخوفاً على إنقسام الجيش، رأى النحلاوي قبول مؤتمر حمص للتفاهم على حل يرضي جميع الأطراف، ورغم ذلك قام جاسم علوان بانقلاب آخر بعد مؤتمر حمص، وحرض على إطلاق مظاهرات ضد النظام ، ثم حدث إضراب عمال النسيج في حلب في 7 يوليو 1962، مطالبين بعودة الوحدة، مما حذا بالحكومة إلى اعتقال محرضي الاضراب وجاسم علوان معهم ، وحينما رفع ناظم القدسي الأحكام العرفية , حيث كان قد استمر في إعلانها بسبب عملاء النظام المصري ولمدة عدة أشهر مما أدى ذلك إلى نشاط الناصريين السوريين ، والذين تسببوا قبل ذلك بإسقاط ، حكومة بشير العظمة في 17 سبتمبر 1962 بسبب انقسام الرأى حول قضية الوحدة مع مصر، وعلى ذلك كان رفع الأحكام العرفية خطأً كبيراً، لأن الناصريين السوريين تحالفوا مع البعث لإحداث انقلاب يطيح بالنظام وهذا ما ساهم فعلاً في انقلاب زياد الحريري بتحالف مستقلين وناصريين سوريين ، وقادة البعث، في 8 مارس 1963، وكانت مصر على علم تام بالانقلاب لذلك أوعزت إلى لاجئين فلسطينيين للقيام بمظاهرات أعدتها لإظهار الابتهاج بالانقلاب، وكان لهذه المظاهرات تأثيراً إيجابيا ًعلى الانقلاب الجديد الذي انتخب الفريق لؤي الأتاسي رئيساً للجمهورية ولمجلس قيادة الثورة، والذي عمل بدوره على الإتصال بقادة انقلاب العراق وبعبدالناصر، لعقد الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق، في 17 إبريل 1963، وبسبب محاولات البعثيين الحصول على المراكز القيادية بالجيش والدولة، حدث الخلاف بين الوحدويين والمستقلين من جهة وبين البعث من جهة ثانية، مما حذا بالوحدوين الناصريون إلى القيام بانقلابهم بقيادة جاسم علوان في يوليو 1962، وكان هذا الانقلاب على علاقة تامة بمصر، وبسبب ما قام به البعث من اعدامات وتنكيل بالوحدويين الناصريين، توترت العلاقات بينهم وبين مصر، فصرح عبدالناصر في 22 يوليو 1963:" إن الجمهورية العربية المتحدة، لا تعتبر نفسها مرتبطة أو ملزمة بأي إتفاق مع الحكومة السورية الحاضرة، لأن حكم البعث حكم فاشستي متسلط ودموي، وهو حكم المشانق وحمامات الدم... إن قيادة البعث وقعت وثيقة الانفصال ثم دخلت الانتخابات في العهد الانفصالي فخسرت المعركة، أما سبب بكاء البيطار، فليس الندم على توقيع وثيقة الانفصال، ولكن لأن البعث خسر في الانتخابات، وإن الأيام أثبتت أن سياسة البعث مجرد أساليب ملتوية رخيصة قائمة على المساومات، وإن قيادة البعث أرادت اقتسام مناطق النفوذ فتسيطر هي هناك، وتكون لنا منطقة نفوذنا" .
وقال أيضاً : "إننا لا نعتبر الجمهورية العربية المتحدة مرتبطة بأي وحدة في الهدف مع النظام الفاشستي القائم في سوريا، يستحيل علينا التعاون مع نظام قائم على الغدر والخيانة، بعيداً عن الإنسانية، متصف باللاأخلاقية، إن قبولنا يعتبر خيانة لقضية الوحدة العربية وللشعب السوري"، فيرد عليه ميشيل عفلق "إن السياسة التي إتبعتها البيروقراطية الإقليمية واللاعقلانية التي تحكم القاهرة، كانت مع الأسف الشديد، نسخة عن سياسة الأجهزة التي تحكم القاهرة قبل عام 1952، أي سياسة إقليمية توسعية قصيرة النظر، تخطط وتعمل لاضعاف الأقطار العربية لتبقى هى المتفوقة والمسيطرة" ، وظلت العلاقة متوترة بين نظام أمين الحافظ والنظام المصري، واستمرت الحملات الإعلامية بينهما، وفي أثناء زيارة الرئيس أمين الحافظ للقاهرة عام 1964 في اجتماع الجامعة العربية، عمد النظام المصري إلى محادثات سرية مع أحد أعضاء الوفد السوري وهو محمد عمران ، كما عمد إلى تشويه صورة الرئيس أمين الحافظ باختلاق شائعات تحط من شخصية الرئيس أمين الحافظ، على أساس علاقته بالجاسوس الإسرائيلي إلياهو كوهين، حيث يقول هادي البكار الذي كان يعمل في إذاعة صوت العرب في كتابه "أسرار سياسية وعربية": "إننا أنا وغسان كنفاني لفقنا حكاية زيارة كوهين للجبهة السورية لحرمان نظام البيطار من شرف اكتشافه" .
وبعد ذلك أيد عبدالناصر انقلاب صلاح جديد في 23 مارس 1966، واعترف بالنظام الجديد، ووقع في الثالث من نوفمبر عام 1966 معاهدة الدفاع المشترك والتمثيل الدبلوماسي بينهما، واعترف بانفصال القطرين، ثم أخذ نظام نور الدين الأتاسي، يزايد على النظام المصري وينتقده لدفعه للحرب مع إسرائيل، حيث انتقد قضية تحويل نهو الأردن التي أقرها مؤتمر القمة العربية عام 1965، على أساس أنه عمل على الدعوة لتأجيل تحويل روافد الأردن، حتى تستطيع تأمين الحماية الكافية من الطيران الإسرائيلي. فوصف النظام المصري بالاستكانة، وقد أكد الملك حسين أن نظام الأتاسي/جديد، كان مخترقاً بشكل كامل من قبل الجواسيس والعملاء المتواطئين مع جهات معادية للعرب، وهدفهم إشعال الموقف على الجبهة السورية لتوريط مصر في حرب غير مستعدة لها، وخاصة العمالة للاتحاد السوفياتي، وهكذا استدرجت مصر إلى الفخ الذي نصبه لها نظام الأتاسي/جديد، بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي، فطلب عبدالناصر انسحاب قوات الطواريء الدولية من سيناء ثم خطب أمام مجلس الأمة المصري في 29 مايو 1967 قائلاً: " لقد باتت استعداداتنا كاملة، ونحن الآن مهيأون لمواجهة إسرائيل ... لقد أصبحنا قادرين على معالجة قضية فلسطين بأكملها .... وسوف نقرر نحن وليس هم زمان المعركة ومكانها"، وكانت نتيجة الحرب هزيمة الجيوش العربية بأكملها، فقرر مجلس الأمن في السابع من يوليو1967، وقف القتال، وقد وافقت الأردن ومصر في الثامن من يونيو، أما سوريا ففي التاسع من نفس الشهر، وبعد ذلك أعلنت إسرائيل عن قبولها بوقف إطلاق النار بعد تدخل الدولتين العظمتين .
2- السعودية:
ترتبط بعض القبائل الموجودة في سوريا بفروع لها في السعودية مثل قبيلة عنزة والرولا وخالد وشمر وغيرهما من القبائل، لكن بعد دخول الفرنسيين سوريا عام 1920 وسقوط عرش الملك فيصل، قلت العلاقات بين الحجاز -حيث قائد الثورة العربية الكبرى ووالد الملك فيصل/ الشريف حسين بن علي/- وبين سوريا، وازداد الانقطاع أكثر بعد سقوط عرش الهاشميين في الحجاز على يد عبدالعزيز آل سعود، خاصة وأن آل سعود يتبنون نشر المذهب الوهابي الذي ليس له أي تأييد يذكر في سوريا، بسبب تاريخهم في ظل الدولة العثمانية عند إحتلالهم لدمشق وحلب وبغداد، ومحاولة نشر مذهبهم بالقوة، حتى قضى عليهم محمد علي باشا ودمر عاصمتهم الدرعية، لكن بعد استيلائهم على معظم شبه الجزيرة العربية وتكوينهم الدولة السعودية وعاصمتها الرياض، ظل تخوفهم من الهاشميين الذين يحكمون العراق والأردن، ويحاولون تكوين دولة قوية بالوحدة مع سوريا، سواءاً كان ذلك في مشروع سوريا الكبرى أو مشروع الهلال الخصيب، لذلك عملوا كل جهدهم بالاتفاق من حليفهم التقليدي المعادي أيضاً لهذين المشروعين وهو مصر، على العمل لتقويض أي محاولة وحدوية من خلال الأموال السعودية التي يغذيها النفط، والخبرة المصرية، وكان وسيلة السعودية إضافة للرشاوي، استغلالها للعلاقات بين بعض عشائرها والعشائر السورية التي ترتبط برباط القرابة، إضافة إلى علاقتها التجارية مع بعض الأسر مثل أسرة شكري القوتلي، حيث كان آل القوتلي وكلاء تجاريين لآل سعود في سوريا، وكانوا راضين عن حياد الرئيس شكري القوتلي تجاه هذين المشروعين لكن بعد انقلاب حسني الزعيم عام 1949، وعقده الاتفاقية العسكرية والاقتصادية مع العراق عام 1949، أخبر الملك عبدالعزيز آل سعود السفير العراقي في السعودية، أن عقد الإتفاقية هو عملاً عدوانياً موجهاً للمملكة العربية السعودية ومصر، وكان السبب هو تخوفه أن يحكم أعداءه الهاشميون المنطقة الممتدة ما بين الخليج والبحر المتوسط، لذلك عمل على دق إسفين بين سوريا والعراق من خلال دفع الرشاوي لبعض السياسيين والضباط، حتى أن الأسعار في سوق الذهب بدمشق في ذلك الوقت، أصبحت تعلن عند وصول طائرة ابن سعود إلى دمشق، محملة بالأموال التي توزع على السياسيين لوقف الوحدة مع العراق أو حتى التقارب معه، وعلى هذا الأساس كانت نتيجة زيارة حسني الزعيم لمصر في نفس الشهر الذي عقد فيه الإتفاقية مع العراق، ونقضه لها في 26 إبريل، رافضاً مشروعي الهلال الخصيب أو سوريا الكبرى، وأغلق الحدود مع الأردن، وندد بالملك عبدالله، وبنظام الحكم في العراق، مما حذا بالسعودية ومصر أن تعترفا بنظامه على إثر ذلك، وقد أكد وزير الدفاع العراقي طه الهاشمي أن السعودية ومصر وإسرائيل قاموا بدعاية واسعة وصرفوا مبالغ ضخمة ضد فكرة الاتحاد السوري العراقي، ورفضت مصر والسعودية من خلال الجامعة العربية عام 1949، مشروعي الهلال الخصيب أو سوريا الكبرى وعارضوه علناً.

وفي أعقاب انقلاب سامي الحناوي واندفاع الحكومة على إثره للوحدة مع العراق، عملت السعودية على رشوة بعض الضباط لإيقاف الوحدة السورية العراقية، وعملت على إثارة النعرات العشائرية في سوريا، وسعت بالتعاون مع النظام المصري لبث دعاية أساسها أن إسرائيل تدعم الإتحاد بين سوريا والعراق، وهكذا ساهمت السعودية في إحداث الاضطرابات في سوريا، وكان لذلك أثره في انقلاب أديب الشيشكلي عام 1949، لكن السعودية لم تكتف بذلك بل ساهمت أيضاً في إثارة الاضطرابات بعد استمرار الحكومات السورية بالسعي للوحدة مع العراق، فأوعزت إلى عملائها من بعض رؤساء العشائر لإحداث فتنة في البرلمان على أساس أن مقاعد العشائر ألغيت في قانون الانتخاب الجديد لعام 1950، ثم عملت من خلال الجامعة العربية مع مصر على معارضة مشروع الهلال الخصيب عام 1950، مما حذا برئيس الحكومة السورية ناظم القدسي إلى التهديد بانسحاب سوريا من الجامعة العربية، فسعت السعودية مع مصر في الجامعة العربية لطرح فكرة جديدة هي معاهدة الضمان الجماعي، ليوقفوا مشروع الهلال الخصيب، وأي خطوة وحدوية لسوريا مع العراق، وكانت وسيلتهم في ذلك هي قائد الجيش -من وراء الستار-أديب الشيشكلي الذي كان ألعوبة فرنسية سعودية مصرية، حيث ظل يلعب في الخفاء بعد انقلابه الأول، لإيقاف أي خطوة وحدوية بين سوريا والعراق، عندما استمرت دعوات الوحدة بين سوريا والعراق من قبل الجمعية التأسيسية برئاسة رشدي الكيخيا، لذلك عمل على المساهمة في عدم الاستقرار في الحكومات لدفعها إلى الإستقالة أي اسقاطها، فعندما شكل الحكومة حسن الحكيم ـ ذي الميول الهاشمية، ـ عام 1950، مما حذا بالسعودية إلى دعوة الشيشكلي لزيارتها في 20 يوليو 1950، وأعطته قرضاً لسوريا، مقابل منعه لأي دعوات وحدوية تعمل لها الحكومة، وعندما شكل معروف الدواليبي الحكومة وهو مؤيد للوحدة مع العراق كونه من حزب الشعب، مما حذا بالشيشكلي أن يقوم بانقلابه الثاني عام 1951، وكانت هدية مصر والسعودية له هي 100 ألف دولار، رغم دعم الشيشكلي قبلاً لحكومة خالد العظم الحيادية عام 1950، والتي دعمتها السعودية بمبلغ 6 ملايين دولار، وبسبب حكم الشيشكلي المعادي للوحدة العراقية السورية هرب الكثير من الضباط إلى العراق، مما حذا بالسعودية ومصر إلى بذل الدعايات لصالح حكمه ضد الدعوات الوحدوية مع العراق، فازداد ميل الشيشكلي للسعودية، ومعاداته للعراق، وهذا دفعه لشل أعمال السفارة العراقية، حتى اقتربت العلاقات السورية العراقية من الانقطاع بسبب تخريبه لأي علاقات جديدة، مع العراق، حتى أن الرئيس فوزي سلو الموالي لقائد الجيش أديب الشيشكلي، دعى جميع السفراء على مائدته في رمضان عام 1952، ولم يدعو السفير العراقي، مما حذا بوزير الخارجية العراقي (شاكر الوادي)، أن يدعو جميع السفراء والقناصل على مائدته في رمضان، دون أن يدعوا السفير السوري، كما عملت السعودية في صيف 1953 على توزيع الأموال (الرشاوي) في سوريا، لمواجهة حركة محمد صفا، الذي شكل من خلال الضباط الفارين إلى العراق حكومة سوريا الحرة، فوزعت حوالي 300 ألف ليرة سورية للموالين للشيشكلي لإطالة مقاومتهم.

كما عملت السعودية قبل ذلك في ظل حكم الرئيس هاشم الأتاسي بعد الانقلاب الأول للشيشكلي، على تشكيل منظمة ارهابية والتي تشكلت بالأموال السعودية والمخابرات المصرية، وقد سميت هذه المنظمة بمنظمة كتائب الفداء العربي، للعمل على إرجاع القوتلي الذي يعتبر صاحب مبدأ أكثر من الشيشكلي، بسبب تخوفها من الشيشكلي على اعتباره كان في الحزب القومي السوري الذي يؤيد وحدة الهلال الخصيب، فتخوفت من أن يغير آرائه، وعلى هذا الأساس ذهب وفد من أعضاء الحزب الوطني في السابع عشر من أكتوبر 1949 برئاسة عادل العظمة إلى مصر حيث إقامة القوتلي، لإقناعه بالعودة إلى سوريا، فكانت مساهمة السعودية كبيرة في إثارة عدم الاستقرار السياسي في سوريا، بسبب قيام هذه المنظمة الارهابية بأعمال إرهابية داخل سوريا، فعملوا لنسف الكنيست اليهودي في دمشق، ومحاولة قتل الكولونيل سترلينع، وهو مدرب انكليزي في المدرسة العسكرية في سوريا، وقاموا أيضاً بنسف مدرسة الأليانس في لبنان، وإلقاء قنبلة على السفارة البريطانية والسفارة الأمريكية بدمشق، ووضع ألغام في الحي اليهودي في دمشق، وتفجير مبنى الإغاثة الدولية في دمشق، ومحاولة قتل الشيشكلي تمهيداً لعودة القوتلي، وقد سمت هذه المنظمة نفسها اسماً حركياً هو "حركة القوميين العرب".

وفي اطار محاولة الشيشكلي لتحقيق الأهداف السعودية اجتمع في أغسطس 1951 مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل آل سعود وإتفقا على منع ضم الأردن إلى العراق، على أساس أن ذلك الضم سيكبل سوريا، ولكن رغم ذلك اشتدت المعارضة ضد الشيشكلي بالرغم من كل المحاولات السعودية لاستمرار حكمه، حتى سقط في 25 فبراير 1954 وإلتجأ في 28 فبراير 1954 إلى السفارة السعودية في بيروت، واستلم الرئاسة بعده رئيس البرلمان مأمون الكزبري – حسب ما ينص الدستور الذي وضعه الشيشكلي، على أساس أن رئيس مجلس الأمة يحل محل الرئيس في حالة حدوث فراغ رئاسي- لكن تحالف الإخوان المسلمين مع الشيوعيين لاسقاط البقية الباقية من حكمه، ثم لجأ على إثر ذلك (سقوط الشيشكلي) رئيس المكتب الثاني إبراهيم الحسيني إلى السعودية، وكوفيء بأنه أصبح مسؤولاً للمخابرات السعودية، وهذا المنصب لا يمكن أن تمنحه السعودية لأي كان إلا بموافقة الولايات المتحدة عليه، وعلى ذلك يتبين حجم التبعية السعودية للولايات المتحدة الأمريكية ، وبعد سقوط الشيشكلي ساد حكم يعادي التقارب مع الغرب، فبرز حلف بغداد، المعادي للسيطرة الشيوعية على المنطقة، لكن السعودية عارضت هذا الحلف بسبب تخوفها من ازدياد النفوذ الهاشمي العراقي، وهذا برأيها يهدد السعودية، وعارضت إسرائيل أيضاً هذا الحلف لنفس السبب، حتى أن الولايات المتحدة التي دعت إليه لم تدخله، وهذا يفسر أن سياستها من هذا الحلف هو تصديع جبهة العالم العربي، وهكذا استمرت الأموال السعودية لجميع الفئات المعارضة للوحدة مع العراق خاصة الشيوعيين، فساهمت السعودية في إسقاط حكومة فارس الخوري التي رفضت التنديد بحلف بغداد في مصر، فقد أنفقت السعودية مبلغ (600) ألف ليرة سورية، من أجل ذلك، وهذا ساهم في سقوطها في مارس 1954، فتشكلت على إثرها حكومة صبري العسلي الذي أثر الابتعاد عن العراق والإقتراب من مصر والسعودية، بعد أن دفعت السعودية قروضاً لسوريا مقابل ذلك، وخاصة بعد أن دخلت في المعاهدة المصرية السورية، ومجلس الدفاع المشترك، اللذين ظلتا حبراً على ورق.

لكن ازدياد النفوذ المصري في سوريا، بحيث أصبحت قوة إقليمية مؤثرة قد تهدد استقرار العرش السعودي، فأثار ذلك السعودية التي حاولت إرجاع التوازن الشرق أوسطي، بتأييدها مع العراق ولبنان لمشروع أيزنهاور عام 1957، ثم عملت على الدعوة لوحدة إسلامية بهدف دعم حكم القوتلي الذي يؤمن بسياسة الحياد مع جميع المحاور، والذي يرتبط معها أكثر من أي مسؤول آخر، وكان هدفها من دعم القوتلي هو إيجاد توازن مع حزب الشعب المؤيد للعراق ومع حزب البعث الموالي لمصر، ومع الحزب الشيوعي والكتلة اليسارية في البرلمان الموالية للإتحاد السوفياتي، رغم أنها كانت تؤيد سياسة التقارب مع مصر عقب تسلم محمود رياض لمهام السفارة المصرية في دمشق، وكانت تؤيده أيضاً، على إبعاد سوريا عن العراق بتوجيهها نحو مصر، وكانت وسيلتها رشوة الصحف والسياسيين لذلك، خاصة حكومة صبري العسلي عام 1956 ، وفي إطار جهودها لإحداث عدم الاستقرار السياسي في ظل هذا التقارب المصري السوري، والذي وصل إلى درجة التبعية السورية لمصر، عملت السعودية في إبريل من عام 1957 على التدخل في سوريا لإثارة النعرات الطائفة بين المسلمين والطائفة المرشدية العلوية، من خلال أحد عملائها في البرلمان، وهو عزيز عباد، وعلى إثر هذا التطرف الطائفي تشكلت منظمة طائفة درزية هي منظمة الدروز الأحرار، التي أخذت توزع بيانات سرية، مما حذا بسلطان باشا الأطرش لنقد هذا العمل والمساهمة في تفكيكها.
وهكذا توترت العلاقات بين السعودية ومصر بسبب الهيمنة المصرية على سوريا، التي انتهجها اليسار الذي يقوده حزب البعث، فاتهم الملك سعود أن عبدالناصر دبر محاولة لاغتياله في عام 1957 وأن المتهم قد أقر باعترافه، كما كشف عبدالحميد السراج مؤامرة لاغتيال عبدالناصر من قبل الملك سعود،،، الذي دفع مليوني جنيه استرليني مقدماً، وقد أظهرها بالوثائق، كما عرض على السراج من قبل السعودية مبالغ طائلة مقابل إيقاف التقارب المصري السوري والوحدة بين سوريا ومصر.
وبعد أن تمت الوحدة السورية المصرية عام 1958، عملت السعودية على التحالف مع الأردن لإسقاط الوحدة، فمولت محطات إذاعية مناهضة لهذه الوحدة، وبدأت من خلالها تحرض الشعب السوري على الثورة ضد نظام الوحدة، وبعد انقلاب عبدالكريم النحلاوي في عام 1961، أيدت السعودية الانقلاب مباشرة، لينتقم الملك سعود من فضيحة رشوة المليوني جنيه استرليني (خاصة من عبدالحميد السراج).
وبسبب حرب اليمن اتجهت اهتمامات السعودية منذ عام 1962 إلى اليمن وقلت تدخلاتها في سوريا، وبعد خمس سنوات من هذه الحرب أي عام 1967، عملت السعودية على العمل من أجل إبعاد مصر عن اليمن من خلال الملك فيصل الذي حل محل أخيه بسبب الفضائح المالية وخاصة شيك المليوني جنيه استرليني، فعمل الملك الجديد على تشجيع الحرب على إسرائيل عام 1967، من خلال سوريا، على اعتبار أن العرب يملكون سلاح النفط الذي به يستطيعون الضغط من أجل قضية فلسطين، وقد أيد نظام الأتاسي/جديد هذه الدعوة، رغم أنه كان يزايد على النظام الملكي السعودي ويتهمه بالرجعية والعمالة، واستمرت دعوته حتى سقوطه في أعقاب الحركة التصحيحية بقيادة اللواء حافظ الأسد عام1970، فكان دور السعودية في التمهيد لحرب يونيو1967 كبيراً جداً ، وعلى إثر سقوط نظام الأتاسي/جديد عام 1970، ساهم الدعم السعودي للحركة التصحيحية بقيادة الرئيس حافظ الأسد في زيادة التعاون والتقارب بين السعودية وسوريا .

المراجع :

• موشيه ماعوز، "سوريا وإسرائيل: من الحرب إلى صناعة السلام"، ترجمة: لينا وهيب، (عمان: دار الجليل للنشر، 1998).

• موشيه ماعوز، وآخرون، "الجولان بين الحرب والسلام"، ترجمة: أحمد أبو هدية، (بيروت: مركز الدراسات الإستراتيجية والبحوث والتوثيق ، 2001).

• سمير عبده، "حدث ذات مرة في سوريا"، (دمشق: منشورات دار علاء الدين، 2000).

• أديث وائي، أيف بينروز، "العراق: دراسة في علاقات الخارجية وتطوراته الداخلية1915 – 1975"، ترجمة: عبدالمجيد حسيب القيسي، (بيروت: دار الملتقى، 1989).

• أبوخلدون ساطع الحصري،"العروبة بين دعاتها ومعارضيها"،ط2، بيروت،مركز دراسات الوحدة العربية،1985

• أبوخلدون ساطع الحصري، "العروبة أولاً"، ط2، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1985.

• ممدوح محمود مصطفى منصور، "الصراع الأمريكي السوفياتي في الشرق الأوسط"، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1995).

• باتريك سيل، "الصراع على سوريا: دراسة للسياسة العربية 1945 – 1958"، ترجمة: سمير عبده ومحمود فلاحة، (بيروت: دار الكلمة للنشر، 1980).

• صلاح العقاد،"المشرق العربي 1985-1958: العراق، سوريا، لبنان"، (القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية ومطبعة الرسالة، 1966).

• أندروراثمل، "الصراع السري على سوريا 1947-1961"، ترجمة: محمد نجار، (عمان: الأهلية للنشر والتوزيع، 1997).

• بشير فنصة، "النكبات والمغامرات: تاريخ ما أهمله التاريخ من أسرار الانقلابات العسكرية في سوريا"، (دمشق: دار يعرب، 1996).

• باتريك سيل، "الصراع على سوريا: دراسة للسياسة العربية 1945 – 1958"، ترجمة: سمير عبده ومحمود فلاحة، (بيروت: دار الكلمة للنشر، 1980).

• عادل أرسلان،"مذكرات الأمير عادل أرسلان"، (بيروت: دار الكتاب الجديد، 1964).

• أكرم الحوراني، "مذكرات أكرم الحوراني"، 4أجزاء، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2000).

• نجيب الأرماني، "عشر سنوات في الدبلوماسية"، بيروت، دار الكتاب الجديد، 1964

• شبلي العسيمي، "الوحدة العربية من خلال التجربة، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1971

• محمود رياض، رياض، محمود، "مذكرات محمود رياض"، جزأين، (القاهرة: دار المستقبل العربي، 1986).
• محمود رياض، ، "البحث عن السلام والصراع في الشرق الأوسط، 1948-1978"، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1981).

• موسى الشابندر،"ذكريات بغدادية: العراق بين الاحتلال والاستقلال"، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 1993).


• سعدالدين إبراهيم، "مصر تراجع نفسها"، القاهرة، دار المستقبل الجديدة، 1983

• أكرم الحوراني، "مذكرات أكرم الحوراني"، 4أجزاء، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2000).

• سلمى الحفار الكزبري ، لطفي الحفار 1885-1968: مذكراته ، حياته وعصره ، لندن ، رياض الريس للكتب والنشر ، 1997.

• أنتوني نانج،"ناصر"، ط2، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1993).

• هنري لورانس، "اللعبة الكبرى: المشرق العربي والأطماع الدولية"، ط2، (بنغازي: دار الكتب الوطنية، 1993).

• ديفيد وليش،"سوريا وأمريكا"، (ليما سول (قبرص) :، دار الملتقى للطباعة والنشر، 1985).

• بيير بوداغوفا، ، "الصراع في سوريا 1945، 1966"، ترجمة ماجد علاء الدين وأنيس المتني، (دمشق: دار المعرفة، 1987).

• بشير فنصة،"النكبات والمغامرات: تاريخ ما أهمله التاريخ من أسرار الانقلابات العسكرية في سوريا"، (دمشق: دار يعرب، 1996).

• عزالدين دياب، "أكرم الحوراني كما أعرفه"، (بيروت: بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، 1998).

• أبو خلدون ساطع الحصري، "دفاع عن العروبة"، ط2، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1985).

• أبو خلدون ساطع الحصري، "محاضرات في نشوء الفكرة القومية"، ط2، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1985).

• حمدان حمدان، أكرم الحوراني : رجل للتاريخ ، بيروت ، بيسان للنشر والتوزيع والاعلان ، 1996 .

• هنري لورانس، "اللعبة الكبرى: المشرق العربي والأطماع الدولية"، ط2، (بنغازي: دار الكتب الوطنية، 1993).

• محمد طلب هلال،"دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية والسياسية (وثيقة)، (بيروت: دار كاوا للنشر والتوزيع، 2001).

• محمد سهيل العشي، "فجر الاستقلال في سوريا: منعطف خطير في تاريخها"، (بيروت: دار النفائس، 1999).

• أسعد الكوراني، "ذكرات وخواطر مما رأيت وسمعت وفعلت"، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 2000).

• غسان سلامة وآخرون، "الأمة والدولة والإندماج في الوطن العربي"، جزأين، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1989).

• عبدالسلام العجيلي، "ذكريات أيام السياسة"، ج2، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 2000).

• شاهد على العصر، أمين الحافظ http://www.Aljazeera.net،

• سعد جمعة، "مجتمع الكراهية"، (عمان، الأهلية للنشر والتوزيع والإعلان، 2000).

• خيرية قاسمة، "الرعيل العربي الأول: حياة وأوراق نبيه وعادل العظمة"، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 1991).

• ممدوح محمود مصطفى منصور ،"الصراع الأمريكي السوفياتي في الشرق الأوسط"، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1995).

• فيبي مار، ووليم لويس، "امتطاء النمر: تحدي الشرق الأوسط بعد الحرب الباردة"، ترجمة : عبد الله جمعة الحاج، (أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 1995).

• محمد حسنين هيكل، "ما الذي جرى في سوريا"، (القاهرة: دار الخيال، 1962).

• أكرم الحوراني، "مذكرات أكرم الحوراني"، 4أجزاء، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2000).

• محمود صادق، "حوار حول سوريا" ، (لندن: دار عكاظ، 1993).

• كوليت خوري، "أوراق فارس الخوري: أيام لا تنسى"، (بيروت: دار الغد، 1964).




#عزو_محمد_عبد_القادر_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر التدخلات الإقليمية: تركيا وإسرائيل على عدم الاستقرار الس ...
- دورالمعسكر الشيوعي في عدم الاستقرار السياسي في سوريا - الاتح ...
- الحزبية والصراع الحزبي في سوريا
- العشائرية وخصوصية الشعب والعوامل الشخصية وصراع الأجيال وتأثي ...
- العامل الاقتصادي والطبقي ودوره في عدم الاستقرار السياسي في س ...
- الطائفية والعرقية ودورهما في عدم الاستقرار السياسي في سوريا
- دور الجيش في عدم الاستقرار السياسي
- انقلابات عسكرية هزت استقرار سوريا
- عدم الاستقرار الحكومي ( الوزاري ) في سوريا
- العوامل الخارجية المؤثرة على الاستقرار السياسي
- انقلابات عسكرية فاشلة لكنها أدت لعدم استقرار سياسي في سوريا
- الصراع البريطاني الأيرلندي على أيرلندا الشمالية بين عامي 198 ...
- السيرة الذاتية لحكام السودان منذ المهدية حتى الآن
- مفهوم عدم الاستقرار السياسي في الدولة
- أثر التمايز الاجتماعي في عدم الاستقرار السياسي في الدولة( ال ...
- مفهوم عدم الاستقرار السياسي
- دور الجيش في عدم الاستقرار السياسي في الدولة
- علاقة صندوق النقد الدولي بالمؤساسات الاقتصادية الدولية
- الفقر فى أفريقيا: أبعاده والإستراتيجيات الموضوعة لإختزاله (ا ...
- من أجل وحدة الوطنية و استقرار السياسي


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عزو محمد عبد القادر ناجي - دور المحور المصري السعودي في عدم الاستقرار السياسي في سوريا