أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزو محمد عبد القادر ناجي - انقلابات عسكرية هزت استقرار سوريا















المزيد.....



انقلابات عسكرية هزت استقرار سوريا


عزو محمد عبد القادر ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 2209 - 2008 / 3 / 3 - 11:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعرضت سوريا لعدة انقلايات هزت استقرارها السياسي وهذه الانقلايات هي :
1- انقلابات عسكرية هزت استقرار سوريا

انقلاب حسني الزعيم في 29 مارس 1949 .
وقد تولت بموجب هذا الانقلاب ، القيادة العسكرية في 30 مارس 1949 ، بقيادة الزعيم حسني الزعيم كلا السلطتين التشريعية والتنفيذية، ثم تولاها شخصياً في 2 إبريل 1949 ، وفي 10 إبريل 1949 تولى رئاسة الحكومة التي شكلها وفق مرسوم رئاسي ، واحتفظ بحقيبتي الداخلية والدفاع ، ثم أجرى في 26 يونيو 1949 استفتاءاً شعبياً كان الأول من نوعه في الشرق الأوسط ، وفاز به بنسبة 99.9 ثم أتخذ لقب المشير ، وعهد رئاسة الحكومة إلى محسن البرازي .
وقد أصدر في يوم الانقلاب البيان رقم واحد وهذا نصه :
" مدفوعين بغيرتنا الوطنية ومتألمين مما آل إليه وضع البلد من جراء افتراءات وتعسف ممن يدعون أنهم حكامنا المخلصون ، لجأنا مضطرين إلى تسلم زمام الحكم مؤقتاً في البلاد التي نحرص على المحافظة على استقلالها كل الحرص ، وسنقوم بكل ما يترتب علينا نحو وطننا العزيز ، غير طامحين إلى استلام الحكم ، بل القصد من عملنا تهيئة حكم ديمقراطي صحيح ، يحل محل الحكم الحالي المزيف ، وإننا لنرجو من الشعب الكريم أن يلجأ إلى الهدوء والسكينة ، مقدماً لنا كل المعونة والمساعدة ، للسماح لنا بإتمام مهمتنا التحريرية ، وإن كل محاولة تخل بالأمن ، والتي يمكن أن تظهر من بعض العناصر الهدامة الاستثمارية تقمع فوراً دون شفقة أو رحمة .
30 مارس (شباط) 1949
القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة "

وفي نفس اليوم أذيع البيان الآخر وهذا نص البيان
" إلى الشعب السوري النبيل:
اليوم فتحت صفحة جديدة في حياة الشعب العربي في سوريا وطويت صفحات ، فتحت صفحة مجددة لتسجيل البطولات والأمجاد وطويت صفحات ملأى بالذل والعار .
لقد رأى الجيش السوري الباسل ما آلت إليه حالة البلاد في فوضى ، واستثمار وخذلان ، ووجد العهد الحاضر مليئاً بالمساوئ والمخازي من خيانات وسرقات ومن قضاء على الحريات الديمقراطية إلى مخالفة الدستور والقوانين ، لقد رأى الجيش كل ذلك ، وأيقن أن الأمة تسير بخطى متسارعة نحو الموت والفناء ، فأبت على أبنائه نفوسهم النبيلة أن يرضوا بالذل والعبودية والفناء مصيراً لأمة عظيمة كتب لها المجد والخلود ، فصمم على أن يقف هذا الموقف الشريف ، ويتدخل ليعيد الأمور إلى نصابها ، وليعيد إلى هذه الأمة شرفها وكرامتها وحريتها .
أقدم الجيش الباسل على هذه الحركة المجيدة بنفوس ملؤها الأيمان والتضحية ، فسجل نصراً للحرية على العبودية ، وللشرف على الذل ، أقدم الجيش فهز للمعالي همماً توشك أن تهمل ، وذكر بالمجد نفوساً تكاد تنسى ، وأضاف اسم سوريا إلى أسماء الأمم التي روت دمائها أصول الحرية والديمقراطية .
اليوم أثبت الجيش السوري للعالم أجمع أنه لم يزل في سوريا شعب عربي كبير ، يأبى الخنوع والاستسلام ، ويأبى الموت مصيراً له تحت الشمس ، شعب عربي مصمم وراء جيشه على انتزاع الأمجاد ، وارتفاع المعالي سلماً للخلود .
أما الشعب السوري الكريم ، فقد قابل هذا الانقلاب ، بما يستحقه من إعجاب وتقدير وتقديس ، فإذا بالناس يستفيقون اليوم مهللين مكبرين ، وإذا بالجماهير الشعبية تزحف لرفع أفراد الجيش على الأكف وسط زغاريد النساء وتهليل الأطفال ، إن الشعب العربي في سوريا عبر أصدق تعبير عن إخلاصه لجيشه الباسل ، الذي أنقذه من الهاوية وأعاد له حقه السليب ، والشعب السوري الذي أدرك بصدق وطنيته ووعيه فظاعة الكارثة التي جرته إليها الفئة الحاكمة ، والتي أنقذه منها جيشه الباسل ، يقف اليوم من هذا الجيش ، موقف الإعجاب بالبطولة الحقة ، والإخلاص البريء .
لقد تم هذا الانقلاب المجيد ، دون إراقة نقطة دم ، ودون إطلاق أية رصاصة ، واليوم إن شاء الله ستتألف حكومة قومية ديمقراطية تنقذ البلاد من هول الأوضاع الماضية ، فتؤمن للشعب جواً هادئاً للتمتع بحرياته الدستورية ، وتضمن له مستواً رفيعاً من العيش الكريم يتناسب مع وطنيته الصادقة ، وتضحياته السابقة ، اليوم شقت الطريق أمام الشعب العربي في سوريا للسير قدماً إلى الأمام ، في سبيل تحقيق رسالته الخالدة .
30 مارس ( آذار ) 1949
القيادة العادة للجيش والقوات المسلحة " :

وفي اليوم التالي صرح حسني الزعيم ببيان آخر موضحاً التزامات سورية وتعهداتها وعلاقاتها مع جميع الدول، وهذا نص الب" إن القيادة العامة للجيش والقوى المسلحة في سوريا ، بعد أن لمست مساوئ الحكم القائم ، وتأكدت أنه يؤدي بالبلاد إلى الفوضى ، ويهدد بقيام اضطرابات دامية ، عملت على إقامة نظام ديمقراطي صحيح ينقذ البلاد من المساوئ الجمة ، ويبعد عنها خطر الفوضى والاضطرابات ، والقيادة العامة بإقدامها على هذا العمل.
إنما تستجيب لأماني ورغبات جميع عناصر الشعب السوري وطبقاته ، كان الشعب السوري يشكو من استهتار الفئة الحاكمة بمبادئ حقوق الإنسان ، وسعيها الدائم للقضاء على الروح الديمقراطية المتأصلة في قلوب السوريين ، وقد عبر الشعب السوري في شتى المناسبات بإيمان وطيد وعقيدة راسخة، عن إرادته الملحة بقيام حكم ديمقراطي صحيح يحرر الشعب من العوز والجهل والمرض والخوف ، وينقذه من الاضطهاد ، ويساهم مع بقية الأمم الديمقراطية بتحقيق الخير المشترك ، ويهم القيادة العامة أن تؤكد أن الدولة السورية الجديدة حافظة لالتزامات سورية ، وتعهداتها الدولية ، ومتمسكة بالمبادئ الديمقراطية الصحيحة ، ومحترمة لميثاق هيئة الأمم المتحدة ، وعاملة جهدها على تحقيق أمال الشعب ، ورغباته ، وحماية استقلال البلاد من أي تدخل مع إقامة ، أوثق العلاقات وأوشجها مع الأقطار العربية الشقيقة ، وتوطيد أركان جامعة الدول العربية ، وتحسين الصلات وتمتينها مع جميع الدول الديمقراطية.
دمشق في 31 مارس (آذار) 1949
القائد العام للجيش والقوات المسلحة
الزعيم حسني الزعيم "

2- انقلاب سامي الحناوي في 14 أغسطس 1949 .
تولى فيه الزعيم سامي الحناوي السلطتين التشريعية والتنفيذية بعد أن أجرى محاكمة الرئيس حسني الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي ، وقرر المجلس العسكري الأعلى بقيادة الزعيم سامي الحناوي ، إعدام الرئيس حسني الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي .
ثم عهد سامي الحناوي ، إلى هاشم الأتاسي بتشكيل الحكومة الجديدة وسلمه الصلاحيات التشريعية والتنفيذية في نفس يوم الانقلاب وذلك وفق مرسوم أصدره سامي الحناوي ، و من ثم عهد إليه برئاسة الجمهورية بشكل مؤقت ريثما تجرى انتخابات رئاسية وتشريعية حرة .
وقد أصدر الزعيم سامي الحناوي البيان رقم واحد يوم الانقلاب وهذا نصه :
" لقد قام جيشكم الباسل بالانقلاب يوم الثلاثين من آذار الماضي لينقذ البلاد من الحالة السيئة التي وصلت إليها، لكن زعيم ذلك الانقلاب أخذ يتطاول هو وحاشيته على أموال الأمة، ويبذرها بالإثم والباطل، ويعبث بالقوانين وحريات الأفراد. لهذا، وبعد الاعتماد على الله، عزم جيشكم، الذي لا يريد إلا الخير بالبلاد، أن يخلصها من الطاغية الذي استبد هو ورجال حكومته. وقد أتم الله للجيش ما أراد، فأنقذ شرف البلاد، وآلى على نفسه أن يسلم الأمر إلى الأحرار المخلصين من رجالات سوريا، وسيترك الجيش لزعماء البلاد أنفسهم قيادة البلاد، وسيعود الجيش إلى ثكناته ويترك السياسة لرجالاتها".
القائد العام للجيش والقوى المسلحة
التوقيع الزعيم سامي الحناوي
دمشق في 14/8/1949 "

ثم صدر البيان التالي:
" اجتمع المجلس الحربي الأعلى ذو الرقم 23 وقرر تسمية القادة والضباط التالية أسمائهم : الزعيم سامي الحناوي رئيساً ، العقيد بهيج الكلاس ، العقيد علم الدين القواس ، المقدم أمين أبو عساف ، الرئيس محمد معروف ، الرئيس* عصام مريود ، الرئيس خالد جادة ، الرئيس محمود الرفاعي ، الرئيس محمود دياب ، الرئيس حسن الحكيم أعضاء ، وذلك لمحاكمة الطاغية رئيس الجمهورية المزيف ، ، والخائن محسن البرازي ، رئيس وزرائه ، وبعد إجراء المحاكمة القانونية ، حكم عليهما بالإعدام رمياً بالرصاص ، ونفذ الحكم صباح هذا اليوم فوراً في قلعة المزة .
القائد العام للجيش والقوى المسلحة
التوقيع الزعيم سامي الحناوي
دمشق في 14/8/1949 "

ثم أصدر سامي الحناوي بلاغاً آخر ، وهذا نصه
" ما إن استقر الزعيم بالسلطة ، حتى بدأ هو وزمرته ، باستغلال وإساءة استخدام ثروات البلاد ، وقاموا بتبديدها بصورة غير مشروعة ، وبشكل يشوه صورة البلاد ، كما أنهم عبثوا بحرمة الأفراد ، وعلاوة على ذلك ، فإن إدارة وحكومة الزعيم تميزت بالفساد وسوء استغلال السلطة إلى درجة أن الشعب بدأ بالاستخفاف وعدم احترام الجيش ، واستاء من الأوضاع في الدولة ، وما بدأ أسوء من ذلك هو السياسة الداخلية المشوشة والمضطربة ، والمتوافقة مع السياسة الخارجية الغير ملائمة .
القائد العام للجيش والقوى المسلحة
14 أغسطس ( آب ) 1949
الزعيم سامي الحناوي "

وبعد تشكيل الحكومة الجديدة التي تعهدت بإعادة الحياة الدستورية إلى البلاد ، صرح الزعيم سامي الحناوي للرئيس هاشم الأتاسي بالتصريح التالي : " أنا رجل عسكري ، ولا علم لي بشؤون السياسة ، ولكن أقول إنني قمت بحركتي هذه مدفوعاً بعامل إنقاذ الوطن من الخطر المحدق، أمام المطامع الشخصية ، وإني لا أطلب أجراً ولا شيئاً سوى خدمة الوطن ورفاه الشعب،وإننا كجنود مستعدون لبذل أقصى ما عندنا، وإراقة آخر قطرة من دمائنا في سبيل وطننا الغالي " .
وقد استمر الجيش بقيادة سامي الحناوي الذي رفع إلى رتبة لواء من قبل الحكومة الجديدة، فكان الجيش الحامي لقرارات النظام الجديد والحكومة الجديدة من أي تدخل عسكري آخر ، باعتبار أنه كان مؤيداً لقرارات الحكومة ، كما أن الحكومة الجديدة برئاسة هاشم الأتاسي قد أثنت على ما قام به الجيش من حركة ثورية للإعادة الحياة البرلمانية والدستورية وتحقيق آمال وطموحات الشعب السوري .

3- الانقلاب الأول لأديب الشيشكلي في 24 نوفمبر 1949 .
وتم فيه السيطرة على الجيش باعتقال اللواء سامي الحناوي ومؤيديه ، مع إبقاء الوضع الدستوري والجمعية التأسيسية المنتحبة ، ورئاسة الجمهورية والحكومة ، وقد وجه قائد الانقلاب العقيد أديب الشيشكلي البيان رقم واحد على الشعب السوري وينص على ما يلي :
" إلى الشعب السوري الأبي:
ثبت لدى الجيش أن رئيس الأركان العامة اللواء سامي الحناوي وعديله أسعد طلس ، وبعض ممتهني السياسة في البلاد يتآمرون على سلامة الجيش وكيان البلاد ، ونظامها الجمهوري مع الجهات الأجنبية ، وإن ضباط الجيش يعلمون هذا الأمر منذ بدايته، وقد حاولوا بشتى الطرق بالإقناع تارة ، وبالتهديد تارة أخرى ، أن يحولوا دون إتمام المؤامرة ، وأن يقنعوا المتآمرين بالرجوع عن غيهم فلم يفلحوا ، فاضطر الجيش حرصاً منه على سلامته وسلامة البلاد ، وحفاظاً على نظامها الجمهوري ، أن يقضي على هؤلاء المتآمرين ، وليس للجيش غاية أخرى ، وأنه ليعلن أنه يترك أمر البلاد في أيدي رجالها الشرعيين ، ولا يتدخل إطلاقاً في القضايا السياسية ، اللهم إلا إذا كانت سلامة البلاد ، وكيانها يستدعيان ذلك .
24 ديسمبر (كانون الأول) 1949
العقيد أديب الشيشكلي "
4- الانقلاب الثاني لأديب الشيشكلي في 29 نوفمبر 1951 :
حيث تم اعتقال رئيس الحكومة معروف الدواليبي ، وحل البرلمان ، واستقالة رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي في 2 ديسمبر 1951 وسمي الانقلاب بالحركة التصحيحية وكلف الزعيم فوزي سلو بالرئاسة ورئاسة الحكومة ، وفق مرسوم صادر من قائد الانقلاب العقيد أديب الشيشكلي ، ثم وضع دستور جديد للبلاد في 21 يونيو 1953 بموجب القرار رقم 504 .
وأجرى استفتاء في 10 يوليو 1953 أسفر عن فوز الشيشكلي بنسبة 99.9 ، وتشكل نظام رئاسي بدل النظام البرلماني ، وبموجب ذلك أصبح الشيشكلي رئيساً للحكومة والجمهورية في نفس الوقت .
وكان قد أصدر الشيشكلي البيان رقم واحد عشية الانقلاب ونصه هو :
" تحيط رئاسة الأركان العامة الشعب السوري الكريم علماً ، أن الجيش قد تسلم زمام الأمر في البلاد ، وترجو أن يخلد الجميع إلى الهدوء ، والسكينة ، وتسهيل مهمة الجيش ، ومتابعة أعمالهم دون قلق أو اضطراب ، كما تنذر في تسول له نفسه الإخلال بالأمن بأشد الإجراءات .
دمشق في 29 نوفمبر (تشرين الثاني)1951
رئيس الأركان العامة
العقيد أديب الشيشكلي "

وفي نفس اليوم نفسه أذيع البيان التالي موضحاً أسباب الانقلاب وهذا نص البيان :

" ما إن استلم أعضاء الحزب المناصب الحساسة ، حتى بدؤوا بالاستعداد لوضع الخطط ولجرفكم وتعريضكم للخطر ، وللاستسلام والتعاون مع جهات أجنبية ... وذلك لكي يربطوكم بالعربة الأجنبية ... فهذه الجماعة المتآمرة هي المسؤولة عن بقاء البلاد دون موازنة مالية طيلة العام ، وهدف كل ذلك لوقف المخصصات الضرورية لتقوية جيشكم ووسائله الدفاعية ... ولقد رأيناهم وهم يحولون قوات الدرك ، لوزارة الداخلية ، ويعينون شخصاً مدنياً وزيراً للدفاع ، بهدف تحميل الجيش مسؤولية عيوبهم ، وتشوشهم ، واضطرابهم وتسخير المصالح العليا للبلاد لغاياتهم الشخصية ، فيجب أن تنتهي حفنة المحتالين والتلاعب ومحترفي السياسة .
29 نوفمبر (تشرين الثاني) 1951
القيادة العامة للجيش والقوى المسلحة "
5- انقلاب مصطفى حمدون في 25 فبراير 1954 :
وقد أعيد بموجبه الرئيس هاشم الأتاسي للرئاسة ليكمل ما تبقى من مدته الرئاسية الدستورية ، فتسلم زمام الأمور في اليوم الأول من مارس عام 1954 ، وكان قادة المناطق الثلاث الذين نفذوا الانقلاب وهم قائد المنطقة الغربية وقائد المنطقة الوسطى وقائد المنطقة الشرقية ، قد أصدروا بيانهم الآتي من إذاعة حلب:

" إخواننا في السلاح مواطنينا الأعزاء :
ليس هذا ببلاغ، بل هو اعتراف وعهد ونداء.
اعتراف بما آل إليه وضع الجيش والبلاد على أيدي فئة من ذوي النفوس الشريرة ، استغلت نياته الحسنة في سبيل مآربها الشخصية ، فلوثت بذلك سمعته وأخرجته من تقاليده النبيلة القائمة على التضحية والفداء ، وكادت تحكم بينه وبين الأمة العداء ، وعهد بأن نغسل ما لحق به من عار ونعيد إليه مناقبه ، ومزاياه ، وأن نعود إلى الثكنات عسكريين مخلصين لا دخل لنا في إدارة دفة الحكم في البلاد ، ونداء إلى الرفاق في السلاح في سائر مناطق البلاد أن يحذو حذونا في هذا الشأن ، وأن يساهموا معنا في لإعادة الأمور إلى النصاب ، وتحقيقاً لهذا الهدف النبيل ، تعلن المناطق العسكرية الشمالية والشرقية والغربية ، انفصالها عن دمشق ما دام حكم الزعيم أديب مفروضاً عليها وهي تناشده أن يغادر البلاد حقنا للدماء ، لكي تعود الطمأنينة إلى النفوس ، ويرفرف السلام على هذا الجزء من الوطن الذي نفديه جميعنا بالأرواح
قائد المنطقة الغربية
قائد المنطقة الشمالية
قائد المنطقة الشرقية "
ثم أذيع في نفس اليوم البيان التالي :
" إننا نعلن باسم كافة أبناء الشعب مدنيين وعسكريين في حمص وحماة وحلب ودير الزور واللاذقية والجزيرة، أن الشيشكلي معتد غاصب وإنه لا يتمتع بأي مشروعية ، وأنه يجب أن يتخلى فوراً عن السلطة ليحول دون وقوع كارثة قومية في البلاد ، وإننا ندعو كافة رفاق السلاح من ضباط وجنود أن يقفوا صفاً واحداً لإعلاء إرادة الشعب .... إن حريتنا تستهدف تحقيق رغبة الشعب الجماعية في إنهاء عهد الشيشكلي الأسود ، ودعوة الشعب لممارسة سيادته ممارسة حرة مطلقة ، وإقامة نظام الحكم الجمهوري الشعبي ، ودعوة الجيش إلى مهمته المقدسة في الحفاظ على الوطن والسهر على الحدود " .
وفي نفس اليوم استقال الزعيم أديب الشيشكلي وتولى مهام رئاسة الجمهورية ، رئيس البرلمان مأمون الكزبري ، في 26 فبراير 1954 ، وأصدر الزعيم شوكت شقير قائد الأركان العامة البيان التالي :
" إن رئاسة الأركان العامة ترجو مخلصة أن يوفق فخامة رئيس الجمهورية بالنيابة مأمون الكزبري ، وفي تحقيق الأغراض النبيلة الرامية إلى توحيد الصفوف وإجماع الكلمة ، وهي تقاوم كل فكرة انقلابية في الحكم ، وكل تعديل يأتي عن الطرق غير المشروعة ، وهي تعلن تأييدها التام للدكتور مأمون الكزبري في مهمته هذه "
26 فبراير (شباط) 1954
قائد الأركان:شوكت شقير "
لكن قادة الانقلاب رفضوا رئاسة مأمون الكزبري ، وطالبوه بالاستقالة ، مما حذا به إلى الاستقالة ، بعد يومين من رئاسته ، كما استقال رئيس البرلمان بعد أن حل البرلمان ، وأجمع قادة الانقلاب على عودة الرئيس هاشم الأتاسي إلى كرسي الرئاسة في 28 فبراير 1954.
6- انقلاب عفيف البزري في 13 يناير 1958 .
حيث قام قائد الأركان العامة اللواء عفيف البزري مع مجموعة من الضباط، عددهم أربعة عشرة ضابطاً ، بفرض الوحدة بين سوريا ومصر من خلال القوة العسكرية فذهبوا إلى مصر والتقوا بالقيادة المصرية ، دون علم رئيس الجمهورية شكري القوتلي وبدون علم رئيس الحكومة صبري العسلي أو وزير الدفاع خالد العظم ، وأجبروا الحكومة والنظام على القبول بها دون أية دراسة ، وبكافة الشروط التي فرضتها القيادة المصرية على سوريا ، لأن الضباط بقيادة عفيف البزري كانوا قد أعطوا القيادة المصرية كافة الصلاحيات التي ترتأي لها بشأن الوحدة ، وبعبارة أخرى سلموا سوريا لمصر ، وبناءاً على ذلك تنازل الرئيس شكري القوتلي في فبراير 1958 عن الرئاسة ، وأجرى استفتاء للرئيس المصري جمال عبدالناصر في كل من سوريا ومصر ، حيث أنتخب بموجبه رئيساً للجمهورية العربية المتحدة في 9 فبراير 1958 بنسبة 99.9 ، وما يثبت أن هذا الإجراء الذي قام به قائد الأركان عفيف البزري مع وفد الضباط ليس سوى انقلابا عسكريا ، أن الرئيس شكري القوتلي لم يكن له أي خيار أخر غير قبوله بالشروط المصرية ، حتى أن أحد الضباط من الوفد السوري الذي ذهب مع عفيف البزري إلى مصر . أجاب الرئيس جمال عبدالناصر عندما سأله عن صفة الضباط كمسؤولين وما هو رأي الرئيس شكري القوتلي،فكان جواب هذا الضباط : " شكري القوتلي سوف نبعث له بأمين النفوري ، يحمل له رأي الجيش ، وليس أمامه إلا أن يقبل، إنه لا يقدر أن يعارض على الإطلاق أي شيء نطلبه " ، كما قال آخر موجهاً كلامه لعبد الناصر: " أفعل بنا ما تريد ولكن أنقذنا من السياسيين ومن أنفسنا " , وبالفعل فقد بعثوا إليه وإلى رئيس الحكومة ووزير الدفاع ، ورئيس البرلمان أكرم الحوراني ليبعد عنه شبهة تآمره معهم، بمذكرة يحددون فيها قرارهم بشأن الوحدة كما يتصورنها ، حيث تعتبر هذه المذكرة بمثابة انقلاب عسكري على النظام الموجود ، وهذا نص المذكرة .
بيان المذكرة حول الوحدة :
1- دستور واحد يعلن إنشاء الجمهورية العربية المتحدة ويرسم نظام الحكم فيها ويفسح المجال لانضمام الشعوب العربية التي ستتحرر .
2- رئيس دولة واحدة .
3- سلطة تشريعية واحدة .
4- سلطة تنفيذية واحدة .
5- سلطة قضائية واحدة .
6- علم واحد وعاصمة واحدة للدولة الجديدة .
7- تسن القوانين المنظمة لحقوق الإنسان ، وواجباتهم في الدولة الجديدة استناداً إلى هذا الدستور الجديد.
الوحدة الدفاعية:
أما فيما يتعلق بالوحدة العسكرية، فإن ذلك يجب أن يقوم على الأسس التالية:
1- قائد أعلى للقوات المسلحة للدولة العربية الجديدة ، رئيس الجمهورية الاتحادية .
2- مجلس دفاعي أعلى .
3- قيادة عامة للقوات المسلحة .
4- قوات مسلحة برية ، وبحرية ، وجوية ، موحدة التنظيم والتسليح والتدريب والتجهيز ، توزع حسب متطلبات الدفاع والخطط الدفاعية المقررة على مسارح العمليات في أراضي الدولة الاتحادية
5- موازنة واحدة.
دمشق في 11 يناير (كانون الثاني) 1958
القائد العام للجيش والقوى المسلحة "
7- الانقلاب الأول لعبد الكريم النحلاوي في 28 سبتمبر 1961 :
وقد تشكل المجلس الثوري الأعلى بقيادة المقدم عبدالكريم النحلاوي ، ثم عهد إلى الدكتور مأمون الكزبري بتشكيل حكومة في 29 سبتمبر 1961، تعمل للإعادة الحياة النيابية والدستورية الديمقراطية إلى البلاد ، حيث جرت انتخابات وتشكل برلمان في 12 ديسمبر 1961 ، وتشكلت حكومة جديدة برئاسة الدكتور معروف الدواليبي ، وقد عمل قائد الانقلاب على تسفير جميع الضباط المصريين من سوريا ، وأصدر البلاغ رقم 10 الذي ألغى بموجبه القرار رقم 9 والذي كان قد رضي بعدم الانفصال لقاء إصلاحات جذرية يتعهد فيها النظام أمام الشعب والقيادة العسكرية ، لكن محاولة النظام القديم المراوغة لكسب الوقت رغبة منه في إحباط الانقلاب جعل المقدم عبد الكريم النحلاوي يصدر البلاغ رقم عشرة .
وكان البلاغ رقم واحد الذي أصدره القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة بزعامة عبد الكريم النحلاوي قد نص على الآتـي .
" إن القيادة العربية الثورية العليا للقوات المسلحة ، تعلن على الشعب العربي المكافح في سوريا ومصر ، خاصة ، وفي البلاد العربية والعالم عامة ما يلي :-
إن الشعب العربي المكافح في سوريا ومصر ، يدعمه الجيش العربي فيهما ، قد قام متكلاً على الله العزيز القهار ، بحركة عربية ثورية منظمة لمحق الانحراف والمنحرفين ، أولئك الذين ضربوا الوحدة العربية المقدسة في الصميم ، تلك الوحدة المقدسة التي ضحى الآباء والأجداد في كل قطر عربي بدمائهم وأرواحهم في سبيلها ، تلك الوحدة المقدسة التي سطعت أنوارها الأولى من قلب العروبة النابض ، سورية الثائرة على الطغيان ، سورية المؤمنة الجبارة ، التي قضت على المستعمرين ، والمتآمرين عبر التاريخ ، تزأر اليوم وتثب بمزيد من عون الله العلي القدير ، لتقضي على أشباه الطغاة والمستعمرين ، المستغلين ، والمنحرفين الذين سلمهم الشعب العربي الأبي في سوريا كل مقدراته ، مندفعاً وراء الوحدة العربية ، التي عاش من أجلها ويعيش ويموت من أجلها ولكن الطغمة المتحكمة خانت الأمانة وضربت بالوحدة عرض الحائط، ونفرت الشعب العربي في الأقطار العربية الشقيقة من كل ما يتصل بالوحدة، وأصبح كل هم هذه الطغمة الجائرة أن تثبت في كرسي الحكم السحري لا غير، وباتت العهود والمواثيق والدساتير حبراً على ورق، وراحت هذه الطغمة الفاسدة تفتش عن الأساليب التي تكفل تحقير للشعب وإفقاره، وتقتل في نفسه الجذوة المتقدة من الفضيلة والكرامة والفداء، كما وراحت تبدد الأموال العامة ، رشوات مفضوحة في الرواتب، لتشكك الأخ بأخيه والأب بابنه، فيسود في النفوس الذعر والخنوع، كما راحت بين الحين والحين تصدر قرارات سمتها ثورية، والثورة منها براء، قرارات ظاهرها فيه الرحمة وباطنها فيه العذاب، كل ذلك ليخدعوا الكادحين من أبناء الأمة، وخاصة العمال والفلاحين عصب الأمة القوي ويدها الأمينة المخلصة، ناهيك عن الخطة السافلة التي اتبعتها هذه الطغمة المجرمة في تصفية الجيش، سياج الأمة، من أبنائه المخلصين وأبطاله الميامين، وهم في ريعان شبابهم وعنفوان قوتهم، كما راحت هذه الطغمة تنشر دعايات مضللة، بغية صرف الأنظار عما يقترفون من جرائم، وما يشيعون من فساد إلى كثير وكثير مما لا يخفى على الشعب العربي، من تمثيل وإدعاء وكذب وخيانات، وقد أعمت بصيرة هذه الطغمة حمى الحكم، فنسوا أن الشعب العربي الثائر الذي سلمهم الأمانة ليصونوها، قادر على سحقهم وإسكات أصواتهم وأنفاسهم، والشعب الآن يمد يده الشريفة القوية ليتسلم حقه المقدس، وليعمل بكل أمانة وإخلاص في دعم الوحدة العربية المقدسة بين الأقطار العربية الشقيقة، من الخليج إلى المحيط، على أساس متين من التكافؤ والمساواة والحرية والإخاء وليصون المواثيق والقوانين والأنظمة الدولية، وليتبع كل ما من شأنه تحسين العلاقات مع الدول العربية الشقيقة خاصة، ومع الدول الأجنبية عامة، والله تعالى وحده هو نعم المولى ونعم النصير"..
دمشق في 8 سبتمبر (أيلول) 1961
القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة "
أما البلاغ رقم ( 9 ) فينص على ما يلــي:
" أيها الأخوة المواطنون:
إن القيادة العربية الثورية العليا للقوات المسلحة التي دفعها الشعور بالخوف على وحده الصف العربي ، وحماسها للقوة العربية وتأييدها ودفاعها عن مقوماتها تعلن للشعب العربي الكريم ، أنها لا تنوى المس بما أحرزته القومية العربية من انتصارات ، وتعلن أنها لمست عناصر مخربة انتهازية ، تريد الإساءة لقوميتنا ، فقامت بحركتها المباركة تلبية لرغبة الشعب العربي ، وآماله وأهدافه ، وأنها عرضت قضايا الجيش وأهدافه على سيادة المشير عبد الحكيم عامر نائب رئيس الجمهورية ، والقائد العام للقوات المسلحة الذي تفهم أمور الجيش على حقيقتها ، وأتخذ الإجراءات المناسبة لجعلها لصالح وحدة وقوة الجمهورية العربية المتحدة ، وقد عادت الأمور إلى مجراها الطبيعي اعتماداً على ثقتها بحكمة القائد العام للقوات المسلحة وقائد الجيش الأول اللذين يحققان أهداف القوات المسلحة والجمهورية العربية المتحدة .
28 سبتمبر (أيلول) 1961
القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة "

ثم جاء البلاغ رقم عشرة الذي ألغى البلاغ رقم تسعة، وهذا نصه:
إن القيادة العربية الثورية العليا للقوات المسلحة تعلن للشعب العربي أنها لدى اتصالها بالمشير عبد الحكيم عامر ، وعدها بالقضاء على الانتهازيين والمخربين ، مما دعاها لإذاعة بلاغها رقم تسعة .
ولكن ما لبث المشير أن نكث بوعده ، لذلك وحرصاً من القيادة الثورية على انتصارات الشعب العربي والقومية العربية تعلن للشعب اعتبار بلاغها رقم تسعة لاغياً ، وهي تعلن أنها وضعت يدها على كافة الأمور ، وتعاهد الله والوطن على حماية سلامة الأمة ، وصيانة حقوقها والحفاظ على كرامتها ، والقيادة الثورية لها من الثقة بوعي الشعب ما يمنع المأجورين والانتهازيين أينما وجدوا أن يندسوا بين صفوفه ، فالحركة من الشعب وإلى الشعب .
28 سبتمبر ( أيلول ) 1961
القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة "

وبسبب تنديد النظام المصري بحركة عبد الكريم النحلاوي صدر البلاغ رقم 13 في نفس اليوم الانقلاب وهذا نص البلاغ :
" إلى المواطنين إلى أبناء العروبة
أطلقت أبواق القاهرة ، مساء اليوم نص قرار لعبد الناصر بتجريد بعض ضباط القيادة من رتبهم العسكرية ، دون أن يعلم وراء هذه القيادة الثورية كثيرين آمنوا بقضيتهم وبثوريتهم ، لقد خيل للمسؤولين في القاهرة أن القرارات قد تستطيع أن تقف في وجه المد الثوري الذي ينبع من قلب كل مواطن ، خاب ظنهم ، فالشعب هنا يدرك مصلحته ، وهو حريص على وحدته الوطنية ، وله وحده الحق في تقرير مصيره" .
28 سبتمبر (أيلول) 1961
القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة "
و قد تتالت البيانات حتى وصلت إلى 25 بلاغا من القيادة الثورية العليا للقوات المسلحة ، ووقع كبار السياسيين السوريين على وثيقة الانفصال عن مصر.


8- الانقلاب الثاني لعبد الكريم النحلاوي في 28 مارس 1962 .
حيث اعتبر عبد الكريم النحلاوي أن انقلابه الثاني هو تتمة لانقلابه الأول الذي قام به في 28 سبتمبر 1961 وعلى هذا الأساس أصدر أولى بيانات الانقلاب تحت رقم 26 ، بعد أن أعتقل أعضاء الحكومة ورئيس الحكومة ، وأجبر الرئيس ناظم القدسي على الاستقالة بداعي المرض ، وقد نص بلاغه رقم 26 بالآتي :
" إلى الشعب السوري:
تعلن القيادة الثورية العليا أنها استلمت زمام الأمور في البلاد اعتباراً من 28 مارس 1962 تحقيقاً لرغبات الشعب وحفاظاً على مكاسبه " .
28 مارس (شباط) 1962
القيادة الثورية العليا لقوات المسلح
ثم تتالت البلاغات وأهمها :
البلاغ رقم 27 : " إغلاق الحدود مع سوريا "
البلاغ رقم 28 : " حل المجلس النيابي ، لأنه عجز عن القيام بالمهمة الموكلة إليه ، وسعى لتأمين
مصالح أعضائه ومنافعهم الشخصية".
البلاغ رقم 29 : " إعلان قبول استقالة رئيس الجمهورية لأسباب صحية "
البلاغ رقم 30: " قبول استقالة رئيس وأعضاء مجلس الوزراء "
البلاغ رقم 31: " إعلان المجلس وحتى تتشكل حكومة انتقالية تتولى قيادة الجيش مهام السلطتين
التشريعية والتنفيذية".
البلاغ رقم 32: " منع المظاهرات والتأكيد بأن حالة الطوارئ ما تزال قائمة " .
البلاغ رقم 33: " صدور المرسومين التاليين :
1- يؤازر القيادة العامة للجيش الأمناء العوامون ويتولى كل منهم شؤون وزارته واختصاصه.
2- يتولى قادة المناطق السلطات العسكرية والمدنية في مناطقهم ، ويخضع لهم الموظفون المدنيون "
وعلى إثر هذا الانقلاب قام قائد المنطقة الوسطى العميد بدر الأعسر بتمرده رافضاً إجراءات النحلاوي ، كما صاحب الحركة تمرد قائد حامية حلب بقيادة العقيد جاسم علوان ، وخوفاً من انقسام الجيش ، عهد العقيد عبد الكريم النحلاوي ، لقائد الجيش عبد الكريم زهر الدين، -حيث كان قد عينه في منصبه منذ الانقلاب الأول– إلى لقاء المتمردين في حمص والاتفاق معهم على حل سلمى يحول دون انقسام الجيش ، فعقد المؤتمر في إبريل 1962 وقرر المؤتمرات -بعد تآمر عبد الكريم زهر الدين على النحلاوي بالوقوف إلى جانب المتمردين- ، ما يلــي :
1- إقصاء النحلاوي وجماعته ومغادرتهم البلاد .
2- تشكيل قيادة عسكرية جديدة، نال فيها عبد الكريم زهر الدين القيادة بإجماع الحاضرين.
3- رفض إعادة الوحدة مع مصر فوراً ، والموافقة على تحقيق وحدة مشروطة على أن يستفتى فيها الشعب، دون تخصيص دولة محددة.
4- العفو عن الذين اشتركوا بالتمرد والعصيان .
5- تشكيل حكومة مدنية لا يكون من أعضائها أيا من العسكريين.
والإفراج عن رئيس الجمهورية وعن المعتقلين الذين أعتقلهم النحلاوي وعاد الرئيس ناظم القدسي إلى رئاسة الجمهورية ، وتشكلت حكومة جديدة برئاسة بشير العظمة في 13 إبريل 1962 .
وعلى إثر ذلك تشكل مجلس الأمن القومي برئاسة الرئيس ناظم القدسي ويضم رئيس الحكومة ووزير الداخلية ، ووزير الخارجية ، ووزير المالية ، والاقتصاد ، والدفاع ، وقائد الأركان ، ورؤساء الشعب في وزارة الدفاع ، ومدير شؤون الضباط ، وعلى ذلك أصبح النظام يتدخل فيه العسكر ولكن من خلال المجلس الوطني برئاسة ناظم القدسي .
9- انقلاب زياد الحريري في 8 مارس 1963 .
وعلى إثر الانقلاب تشكل المجلس الوطني لقيادة الثورة ، بقيادة العقيد لؤي الأتاسي ، الذي أصبح رئيساً للجمهورية ، وتولى صلاح الدين البيطار رئاسة الحكومة في 9 مارس 1963 ، ورفع العقيد لؤي الأتاسي إلى رتبة فريق ، كما عين زياد الحريري قائداً للجيش أي قائد للأركان ، بعد أن رفع إلى رتبة فريق ، كما عين محمد الصوفي وزيراً للدفاع ورفع إلى رتبة فريق ، وقد نص البيان الأول للانقلاب بما يلــي:
البلاغ رقم 1 لانقلاب حزب البعث العربي الاشتراكي (ثورة 8 آذار(
أذيع في صباح 8 آذار 1963 البلاغ الأتي :
"بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المواطنون، أيها العرب في كل مكان، لقد انطلق صوت الحق يعلن كلمة الحق في صبيحة هذا اليوم الأغر، فانهزم الباطل وتساقط دعاته على درب أمتنا الطويل، وانتصرت إرادة الجيش والشعب، وانهزم عملاء الرجعية وأجراؤها، واندحر دعاة الانفصالية الذين حرفوا سوريا عن طريق الوحدة الصحيح، وكرسوا الانفصال بكل مظاهره وأشخاصه، وحاولوا أن يحلوا الديمقراطية محل الوحدة، فكانت ديمقراطية أعداء الشعب ودعاة الشعوبية والانتهازية.
لقد ظن حكم العمالة الذي انتهى بنهاية يوم أمس -إلى غير رجعة- أن إرادة الشعب ستقهر، وأن الغلبة للباطل المسلح، فراح يسرح ضباط الجيش الأشاوس، ويقيم المحاكم الصورية ليسوق إليها هؤلاء الضباط زرافات ووحدانا. ولبس ثوب الشرعية -شرعية أبي رمانة، مهزلة التاريخ والديمقراطية- فنكّل بالطلبة الأحرار، وافتعل الحوادث معهم، واستهان بكرامة المواطنين، فسرّح من سرح من المعلمين والموظفين، ونقل من نقل، وحل النقابات العمالية ليقيم على أنقاضها نقابات تأتمر بأمره، وشرّد العمال وهجّر الفلاحين، وأفسد محاسن قانون الإصلاح الزراعي، وانقض على كل مكسب عمالي أو فلاحي، وسخّر أجهزة إعلامه لخدمة مآربه، وأطلق للصحف الصفراء المأجورة ألسنتها خدمة لمآربه، فأفسد على الصحافة مهمتها وأغلق كل صحيفة حرة لا تأتمر بأمره. وأقفل المدارس والجامعات ليفسح له مجال التآمر بعيداً عن عيون شبابنا وطلائع زحفنا. وأخرج إخواننا العرب من بلدنا -بل بلدهم- خلافاً لكل عرف ولكل مبدأ قومي وعقيدة عربية وخلق رفيع، فمس بهذا كبرياء الشعب وكرامته. واستهان بكل تقليد عربي، وتنكر للعروبة بالقول والفعل، وبدأ انطلاقته الشعوبية لتجميد النضال الوحدوي، ولضرب فكرة الوحدة الصحيحة وفكرة القومية العربية الصادقة.
واستنفرت حكومة الانفصال الصحافة والانتهازية السياسية ورأس المال الاحتكاري في سبيل الاغتناء والكسب والتسلط، ولجأت إلى التلويح بشبح الناصرية في كل مناسبة، جاعلة منه قميص عثمان لتدعيم حكمها وسلطانها وتعزيز فرديتها وديكتاتوريتها، وإلهاء الشعب عن إدراك حقيقتها وحقيقة أهدافها، وعن متابعة الأزمة السياسية العميقة التي تعيشها.
ولكن أسطورة الحكومة القومية المنحلة لم تستطع أن تخفي حقيقتها، فكانت كالنعامة التي تخفي وجهها في التراب هرباً من الصياد.
ولكن الصياد، الشعب، أدركها، فقامت انتفاضه جيشه الباسل لتصحح الأوضاع وتقوّم الانحراف، وتضع سوريا العربية في طريقها الصحيح، طريق الوحدة والحرية والاشتراكية.
أيها المواطنون، أيها العرب في كل مكان، لقد عانينا طويلاً، وأفسحنا المجال أمام كل الحكومات التي تعاقبت بعد الانفصال لنعمل من أجل الشعب، فكانت المآسي التي عشناها، وكان الغلاء الذي اكتوى الشعب بناره. فقامت ثورتنا المظفرة، ثورة الجيش، ثورة العامل والفلاح، ثورة الطفل والشاب، ثورة المناضلين المكافحين، ثورة الثأر من حكم العملاء والمرتدين والمرتزقة.
أيها المواطنون، أيها العرب في كل مكان، بنفاذ الصبر انتهى حكم الغرباء عن الشعب، الغرباء عن أهدافه ومبادئه، عن مرارة كفاحه وحلاوة انتصاراته.
لقد انهاروا منذ أن جردهم الشعب من ثقته، ولكنهم ظلوا يحاولون ويكابرون حتى كانت ساعة صفرهم، وكانت نهايتهم المفجعة.
أيها المواطنون، أيها العرب في كل مكان، ندعوكم للوقوف وراء حكم وحدوي عربي شعبي اشتراكي، يضع سورية في طريق الوحدة، ويعيدها إلى الحظيرة العربية المتحررة، ويمكنها من أن تكون طليعة الدول العربية المتحررة، إيماناً بالله والعروبة، وخدمة للحرية والأحرار والاشتراكية والاشتراكيين.
ندعوكم للوقوف صفاً واحداً وراء ثورتكم المظفرة على مختلف فئاتكم، في وجه القوى الرجعية والانفصالية والشيوعية والانتهازية التي أقامت العهد الانفصالي لحمايتها وحماية مصالحها.
فاطمئنوا إلى مستقبلكم، فلن تسلّم الأمانة إلا للمؤتمنين الذين عرفهم الشعب ووثق بهم، وكانوا معه في كل معارك نضاله وكفاحه، وعاشوا حلاوة نعمائه ومرارة فاقته وشدة بلواه.
اطمئنوا إلى رفاق السلاح، رفاق المصير الواحد، رفاق النضال على دروب النضال.
أيها المواطنون، إن ينصركم الله فلا غالب لكم.
عاشت وحدة الجيش والشعب، وعاشت انتفاضة الثامن من آذار المباركة، في 8/3/1963
المجلس الوطني لقيادة الثورة." .
28 مارس (آذار) 1963 "

10- انقلاب أمين الحافظ في 27 يونيو 1963 .
على إثر فشل انقلاب جاسم علوان في 18 يوليو 1963 ، وإصدار صلاح الضلي أمراً بإعدام 30 ضابطاً ، وملاحقة آخرين ، واعتقال آخرين، ندد رئيس الجمهورية بإجراءات الإعدام والملاحقة والاعتقال التي قام بها البعثيون كونه لم يكن بعثياً بل مستقلاً . مما حذا بنائبه أمين الحافظ -الذي قمع الانقلاب باعتباره وزيراً للداخلية-، على القيام بانقلابه ضد الرئيس لؤي الأتاسي و إزاحته عن منصب رئيس مجلس قيادة الثورة ورئاسة الجمهورية ، فأصبح اللواء أمين الحافظ هو رئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس الجمهورية ، ورفع إلى رتبة فريق ، وقد أيد انقلابه، القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي بزعامة ميشيل عفلق ، كما أيدت الحكومة البعثية بقيادة صلاح الدين البيطار ، وقد أبقى أمين الحافظ على الحكومة ، وأتهم معارضيه بالانفصالية ، قائلاً. " نحن نقول لمن ينادون بوحدة فورية أو ثنائية ، أنهم عملاء مأجورون ودجالون ، كانوا يريدون إبعاد قطر عربي عن سوريا هو العراق "
11- انقلاب صلاح جديد في 23 فبراير 1966 .
نجح انقلاب صلاح جديد بعد مواجهات دامية قتل على إثرها أكثر من 200 فردا من الحرس الجمهوري ، وأكثر من 700 جريح ، كما قتلت إحدى بنات الفريق أمين الحافظ ، وجرح هو شخصياً ، وأدى هذا الانقلاب إلى حل مجلس قيادة الثورة القديم الذي كان برأسة أمين الحافظ ، واعتقال أعضاء القيادة القومية وأبرزهم ، ميشيل عفلق ، ومنيف الرزاز ، إضافة إلى اعتقال رئيس الحكومة صلاح الدين البيطار ، والرئيس أمين الحافظ ، ومنافس صلاح جديد على قيادة الجيش وهو وزير الدفاع محمد عمران ، وعلى إثر انقلاب صلاح جديد ، وتسلمه أمر الجيش بشكل كامل بعد أن كان قائداً للأركان ، أخذ بتعيين مؤيديه في مناصب حساسة في الجيش ، والدولة ، فعمد إلى تعيين الدكتور نور الدين الأتاسي رئيساً للجمهورية ، وتعيين يوسف زعين رئيساً للوزراء ، كونهما كانا من القيادة القطرية المنحلة الداعمة لصلاح جديد ذي التوجهات الماركسية كما عين نور الدين الأتاسي الأمين العام القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي السوري ، إلا أن الرئيس الفعلي الذي ظل يحكم من وراء الستار ومن خلال الجيش هو صلاح جديد ، وقد أصدرت القيادة الجديدة عدة بيانات حول الانقلاب ونددت بأعضاء القيادة القومية واتهمتهم بالعفانة والسقوط والتآمر على مصالح البلاد وغيرها من التهم، وأهم البيانات التي أصدرتها القيادة الجديدة هي:
بلاغ رقم1
" يمنع التجول في كافة أنحاء القطر العربي السوري اعتباراً من الساعة السادسة من صباح يوم الأربعاء 23/2/1966، وحتى إشعار آخر."
بلاغ رقم 2
"تغلق الحدود والمطارات والموانئ البحرية في القطر العربي السوري اعتباراً من لحظة إذاعة هذا البلاغ وحتى إشعار آخر".
بلاغ رقم 3
"في صبيحة هذا اليوم، تم القبض على كل من: أمين الحافظ، ميشيل عفلق، منيف الرزاز، محمد عمران، منصور الأطرش، صلاح البيطار، شبلي العيسمي، وسيقدمون للمحاكمة أمام محكمة حزبية خاصة لمحاكمتهم على ما اقترفوه بحق الحزب والثورة
القرار رقم 1
قررت القيادة المؤقتة لحزب البعث العربي الاشتراكي في جلستها المنعقدة بتاريخ 23/2/1966 ما يلي:
مادة أولى: وقف العمل بالدستور المؤقت، وحل المجلس الوطني لقيادة الثورة.
مادة ثانية: يعين اللواء حافظ الأسد وزيراً للدفاع ويباشر عمله فوراً.
مادة ثالثة: يرفع العقيد أحمد سويداني إلى رتبة لواء، ويعين رئيساً للأركان العامة ويباشر عمله فوراً.
بيان من القيادة القطرية المؤقتة لحزب البعث العربي الاشتراكي:
إلى الرفاق في وطننا العربي الكبير،
يا رفاقنا في الوطن العربي الكبير، إن حركة تجديد الثورة التي قامت في 23 شباط لم تكن حركة قطرية تستهدف تصحيح الانحراف على مستوى قطري فحسب، بل انطلقت لتقضي على الانحراف الذي مارسته العفلقية والبيطارية باسم الحزب القومي.
يا رفاقنا في الوطن الكبير، إن القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا لم تنطلق أمس إلا لتصحح باسم الحزب القومي ما أفسده الأنانيون المتسلطون. لقد ثرتم أيها الرفاق وأعلنتم عن رفضكم ليمينية البيطار وتسلط عفلق، ولكنهم كانوا يستهينون برأي الحزب وقواعده ومنظماته؛ كانوا يضربون بهذه الآراء عرض الحائط، مستهينين بديمقراطية الحزب وشعاراته. وحين تحركت القيادة القطرية أمس لتزيح هذا الكابوس عن صدر الحزب، لم تفعل ذلك إلا لأن هؤلاء المتسلطين لم يكتموا أنفاس الحزب على صعيد قطري فحسب، بل على الصعيد القومي.
أيها الرفاق، لئن كان هؤلاء المتسلطون قد استهانوا بآرائكم ومذكراتكم التي أدنتم فيها مجيء البيطار وزمرته إلى الحكم، فقد قامت القيادة القطرية لتضع بأسمائكم هذه الآراء والمقررات موضع التنفيذ، إذ أن القيادة القطرية تعلم علم اليقين أن التخريب الذي مارسه عفلق داخل الحزب، والآثار السيئة التي ولدها مجيء صلاح البيطار وتهديده للمكاسب الاشتراكية التي حققها الحزب، والتي وضعته في مكانه الطليعي بين الحركات الاشتراكية العربية والعالمية، هذه الآثار وهذا التخريب لم ينعكس داخل القطر السوري فحسب، بل انعكس على كل منظمات الحزب القومية.
ومن هنا فإن التصحيح الذي أقدمت عليه القيادة القطرية أمس كان تصحيحاً على المستوى القومي، وباسم الحزب القومي.
أيها الرفاق، إن حزبنا لم يكن في يوم من الأيام حزباً قطرياً، بل كان منذ النشأة حزباً قومي التنظيم والمحتوى. ويوم خاض حزبنا جميع معاركه الدامية في أرجاء الوطن الكبير، لم يخضها قطر دون آخر، بل خاضتها طلائع الحزب وجماهيره في كل مكان. والنكسات التي تعرض لها الحزب في بعض الأقطار، لم تصبه في تلك الأقطار وحدها، بل أصابته على المستوى القومي. والانتصارات التي حققها نضال الحزب وجماهيره الكادحة في كل قطر من أرض العرب كانت انتصاراً لنضال الحزب القومي في كل مكان.
ومن هنا فإن انتفاضة أمس ليست من أجل حزبنا وجماهيره في سوريا وحدها، بل هي لحزبنا الكبير في الوطن الكبير، وللشعب العربي كله.
أيها الرفاق، لقد بذلنا المستحيل من أجل إقناع عفلق وزمرته بالنزول عند إرادة الحزب وقواعده، والالتزام ضمن ديمقراطية الحزب بمقررات المنظمات القومية والقطرية، ولكن كل رجائنا كان يقابل بمزيد من الإصرار والتصميم على الاستهانة برأي الحزب وقواعده. طالبتم أيها الرفاق وطالبنا بإبعاد اليمينيين والمتآمرين عن الحزب، ولكنهم تحدوكم وتحدونا وجاءوا بهم للحكم. طلبنا عقد مؤتمر قطري فرفضوا. طلبنا عقد مؤتمر قومي لتكونوا أنتم الحكم الفصل، ولتحولوا بين اليمينية والحكم باسم الحزب، ولتحولوا بالتالي دون هدم المكاسب الاشتراكية التي تحققت بعد نضال دام خاضته جماهيرنا وطلائع حزبنا عبر سنين النضال المرير، ولكنهم رفضوا سماع صوتكم أو أخذ رأيكم، مستهينين بكل تقاليد الحزب ومبادئه وشعاراته. ولم يكن هناك بد أيها الرفاق من غسل أيديهم قبل أن يتمادوا في تخريب الحزب والثورة.
أيها الرفاق في الوطن الكبير، لتعش ثورة آذار ثورة حزب البعث العربي الاشتراكي والشعب العربي من المحيط إلى الخليج".
القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي
23 إبريل 1966
وكانت أسباب هذا الانقلاب هو عزم القيادة القومية ممثلة بمشيل عفلق ومؤيديه على حل القيادة القطرية ذات التوجهات الماركسية ، وإجراء تعديلات في الجيش والحزب ، وتكليف صلاح البيطار بتاريخ 4 يناير 1966 بتشكيل حكومة جديدة أصبح فيها محمد عمران وزيراً للدفاع ، وأعلنت القيادة القومية إثر تشكيل هذه الحكومة ما يلـــي :
" إن الحزب يراجع نفسه في الحكم لكي يقفز قفزة جديدة ، ليتفادى ما أرتكب من أخطاء ، ليصحح الانحرافات وليرسم طريقاً جديداً ".
لكن قائد الأركان صلاح جديد اشترط على القيادة القومية الشروط التالية :-
1- دخوله مع محمد عمران إلى مجلس الرئاسة وهو الذي شكلته القيادة القومية برئاسة أمين الحافظ .
2- ألا تتم تنقلات العسكريين إلا بموافقة مجلس الرئاسة .
3- إسقاط الحكومة ، وتشكيل حكومة جديدة بموافقة الطرفين .
بيد أن القيادة القومية رفضت ذلك وأصدرت مرسوماً في (14) فبراير 1966، يقضي بتشكيل المجلس الوطني لقيادة الثورة ، والذي سبق أن تشكل في 23 فبراير 1965، واستبعد من عضويته كل أعضاء القيادة القطرية السابقة ، حيث اشترك فيه 143 عضو يمثلون مختلف التيارات وهو بمثابة برلمان مصغر وكل أعضائه من المدنيين ، ماعدا ثلاثة هم الفريق أمين الحافظ وهو رئيس مجلس الرئاسة ، واللواء محمد عمران وزير الدفاع ، واللواء حافظ الأسد آمر سلاح الجو .
وكان ميشيل عفلق يرغب في حدوث صدام بين الرئيس الفريق أمين الحافظ وقائد الأركان اللواء صلاح جديد ، لتقوية مركز القيادة القومية بعد صدامهما الذي سيؤدي لإضعاف الطرفيين ، وكانت هذه الرغبة أيضاً لوزير الدفاع محمد عمران ، الذي كان يرى فيها تقوية لمركزه في قيادة الجيش ، بحيث أن إضعافهما سيجعله يحل محلهما ، فعمل على إشعال الفتنة بينهما ، من خلال أمره بنقل ثلاثة ضباط موالين لصلاح جديد -كون محمد عمران وزيراً للدفاع ، وكان هؤلاء الثلاثة موالين لصلاح جديد وهم اللواء أحمد سويداني رئيس المكتب الثاني ، والعقيد عزت جديد ( قريب صلاح جديد ) ، وكان آمراً لسلاح الدبابات ، والرائد سليم حاطوم ، قائد الحرس الجمهوري وقائد حرس الإذاعة ، وقائد المغاوير ، وكان سليم حاطوم له رغبة ملحة في الوصول للسلطة رغم أن عمره لم يكن يتجاوز 29 سنة ، وكان يرى أن العقبة الرئيسية أمامه هو الرئيس الفريق أمين الحافظ .
12- الحركة التصحيحية في 16 نوفمبر 1970 .
وعلى إثر هذه الحركة شكل اللواء حافظ الأسد في 21 نوفمبر 1970 حكومة برئاسته ، وعهد إلى أحمد الخطيب برئاسة الجمهورية ، كما تشكل مجلس الشعب ، حيث أيد مجلس الشعب الرئيس أحمد الخطيب، لكن عدة أشهر عزل مجلس الشعب الرئيس أحمد الخطيب وأقر استفتاء رشح فيه حافظ الأسد كمرشح للرئاسة، وفاز بالاستفتاء في 14 إبريل 1971 واعتمد على الايدولوجيا البعثية ، ولم يكن إقامة الجبهة الوطنية التقدمية ، إلا بعد الاشتراط أن العمل السياسي في الجيش والجامعات والمدارس ينحصر بحزب البعث ، وأن تكون نصف المقاعد أو أكثر في مجلس الشعب للبعثيين .
وكانت القيادة القطرية التي شكلها وزير الدفاع اللواء حافظ الأسد عقب حركته قد أدلت ببيان معتبرة أنها حركة تصحيحية لانقلاب صلاح جديد عام 1966 ، ونص البيان هو :
" لقد كان يتبين بمقدار ما كانت القيادة الحزبية تمضي في ممارساتها وبمقدار ما كانت تتابع المؤتمرات القطرية والقومية ، إن هذه القيادة تعاني من نقص خطير هو افتقارها إلى الثقة بقواعد الحزب ومناضليه وبالجماهير وطاقاتها وقدرتها على حمل مسؤولياتها، والتضحية من أجل قضيتها ، وعلى الرغم من تداعي قواعد الحزب المناضلة ، إلى عقد مؤتمر قطري استثنائي في ربيع عام 1969 لمعالجة الأزمة ، وعلى الرغم من المقررات الهامة التي اتخذها ذلك المؤتمر ، والذي هو في صلب اختصاصه ، وعلى الرغم من تظاهر العقلية المناورة ، والمتسلطة بالوضوح لإرادة قواعد الحزب ، وإعلانها القبول بهذه المقررات، وترشيحها نفسها للقيادة القطرية على هذا الأساس، إلا أنها استمرت وخلال عامين تقريباً بالتهرب من تحمل المسئولية، ووضع العراقيل في طريق الذين تصدوا لحمل أعباء المرحلة بجدية، وبروح المسئولية والالتزام الحزبي، والحرص على مصلحة الوطن والشعب، التي هي فوق كل اعتبار ، كما استمرت هذه العقلية بتسميم الجو الحزبي وخاصة على نطاق التنظيم القومي ، وتشويه صورة الثورة وجيشها العقائدي، بأذهان رفاقنا المناضلين في الوطن العربي ، الذين يخوضون أشرس المعارك ضد الرجعية العميلة في الأردن وضد العقلية اليمينية المتسلطة على شعبنا في العراق ، وضد كل قوى التخلف والعمالة على كل الساحة العربية، لهذا ولكي لا نفسح المجال أمام هذه العقلية المناورة والمتسلطة والفردية ، أن تعرقل مسيرة الحزب والثورة وتضع جماهير الشعب في سلبية قاتلة ، ولكي نعيد إلى حركة 23 شباط ( فبراير ) صفائها وثوريتها، كان لابد لقواعد الحزب مدعومة بتأييد جماهيرنا الكادحة ، وبقوة هذا الشعب الذي لم تلن له قناة من أن تتصدى مرة أخرى لهذه العقلية ، فتبعدها نهائياً عن مسرح الأحداث وعن مواقع المسؤولية ، وانطلاقا من هذا الفهم فقد تصدى رفاق لكم من واقع الشعور بالمسؤولية والحرص على الحزب والثورة ، وشكلوا قيادة قطرية مؤقتة ، أخذت على عاتقها قيادة الحزب والثورة في هذه المرحلة الانتقالية، بما يكفل السير بجدية من أجل رأب الصدع والعودة إلى الحياة الطبيعية ... بقيادة الرفيق حافظ الأسد يوم السادس عشر من تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1970 ، للقيام بحركة تصحيحية من داخل الحزب تعيده إلى مساره الصحيح وتخلق مناخاً حزبياً وشعبياً في مجال القطر والوطن العربي ".


وعلى ذلك فعدد الانقلابات الناجحة هو اثنا عشر انقلاباً خلال ثمان وعشرين سنة ، وذلك يعني أن كل 2.3 سنة يوجد انقلاب ناجح، لو أخذت المدة وسطياً ، فإذا كانت أقل مدة رئاسة جمهورية في العالم هي أربعة سنوات فهذا يعني أن هناك عدم استقرار سياسي نظمي في سوريا منذ الاستقلال في السابع من أغسطس 1943 ، وحتى تسلم اللواء حافظ الأسد مقاليد السلطة كرئيس للجمهورية في الخامس عشر من إبريل 1971

المراجع :

• بشير فنصة ، "النكبات والمغامرات: تاريخ ما أهمله التاريخ من أسرار الانقلابات العسكرية في سوريا"، (دمشق: دار يعرب، 1996).ص 86 . ص239 – 251. ص 229 . ص 329 – 330

• فارس قاسم الحناوي ، "صراع بين الحرية والاستبداد " ، دمشق ، دار علاء الدين ، 2000 ، ص 58 – 59 .ص 69. ص70
http://www.damascus-online.com/Arabic/history/doc/quwatli_jalaa.htm
• أندرو راثمل ، " الصراع السري على سوريا من 1949 – 1961 : "الحرب السرية في الشرق الأوسط"، ترجمة محمد نجار ، عمان ، الأهلية للنشر والتوزيع ، 1997 ، ص 77 . ص 114 – 115 .
ديفيد وليش ، سوريا وأمريكا"، (ليما سول (قبرص) :، دار الملتقى للطباعة والنشر، 1985).
• ص 35 .
• أكرم الحوراني ، "مذكرات أكرم الحوراني"، ج2 ، القاهرة ، مكتبة مدبولي ، 2000 – ص 1570 – 1575 . ص 2906 .ص 3011 – 3012 .، ص 301 – 3017 . ص 3029 ، ص 3207 . ص3380 – 3384 ، ص3207 ، ص ص307 ، ص3380 – 3384 . ص1199

• محمد حسنين هيكل ، "ما الذي جرى في سوريا" ، القاهرة، 1962 ، ص 35 .
• خلدون حسن النقيب ، " الدولة التسلطية في المشرق العربي المعاصر"، ط2، بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 1996 ، ص131 – 132 . ص 3378 – 3384 .
• سمير عبده ، ""حدث ذات مرة في سوريا"، (دمشق: منشورات دار علاء الدين، 2000).ص32 . ص 103 – 106 . ص 121 – 132
• أسعد الكوراني،"ذكريات وخواطر مما رأيت وسمعت وفعلت"، لندن ، رياض الريس للكتب والنشر ، 2000 ، ص 325 – 335
http://www.damascus-online.com/Arabic/history/doc/march_8.htm
• أنتوي ناتنج ، " ناصر " ، ط2 ، القاهرة ، مكتبة مدبولي ، 1993 ، ص 155 .
• بيير بوداغوفا، "الصراع على سوريا لتدعيم الاستقلال الوطني 1995 – 1966"، ترجمة ماجد علاء الدين وأنيس المتنبي ، دمشق ، دار المعرفة ، 1997 ص243 – 245 ص243 – 245 .
• عزالدين دياب ، "التحليل الاجتماعي لظاهرة الانقسام السياسي في الوطن العربي"، القاهرة ، مكتبة مدبولي ، 1993 ، ص 432 . ص423 ص226
http://www.damascus-online.com/Arabic/history/doc/23_feb.htm
• غسان سلامة وآخرون ، " الأمة والدولة والاندماج في الوطن العربي ، " ج2 بيروت ، مركز دراسات الوحدة العربية ، 1989 ، ص522 – 520 .
• www . asharqa/ arabi.org/center/rijal/salah.htm .
• أديت وائي ، إيف ، بينروز ، العراق: دراسة في علاقات الخارجية وتطوراته الداخلية1915 – 1975"، ترجمة: عبدالمجيد حسيب القيسي، (بيروت: دار الملتقى، 1989).ص23 ،
• جمال الشاعر ، "سياسي يتذكر"، بيروت ، رياض الريس للكتب والنشر ، ص1 .



#عزو_محمد_عبد_القادر_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدم الاستقرار الحكومي ( الوزاري ) في سوريا
- العوامل الخارجية المؤثرة على الاستقرار السياسي
- انقلابات عسكرية فاشلة لكنها أدت لعدم استقرار سياسي في سوريا
- الصراع البريطاني الأيرلندي على أيرلندا الشمالية بين عامي 198 ...
- السيرة الذاتية لحكام السودان منذ المهدية حتى الآن
- مفهوم عدم الاستقرار السياسي في الدولة
- أثر التمايز الاجتماعي في عدم الاستقرار السياسي في الدولة( ال ...
- مفهوم عدم الاستقرار السياسي
- دور الجيش في عدم الاستقرار السياسي في الدولة
- علاقة صندوق النقد الدولي بالمؤساسات الاقتصادية الدولية
- الفقر فى أفريقيا: أبعاده والإستراتيجيات الموضوعة لإختزاله (ا ...
- من أجل وحدة الوطنية و استقرار السياسي


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزو محمد عبد القادر ناجي - انقلابات عسكرية هزت استقرار سوريا