أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سندس جليل العباسي - معتصمون وعاصون رغم انوفهم















المزيد.....

معتصمون وعاصون رغم انوفهم


سندس جليل العباسي

الحوار المتمدن-العدد: 2234 - 2008 / 3 / 28 - 11:45
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


يعرف هيرتجرمين في كتابه " طريق المقاومة"، العصيان المدني: بأنه نشاط شعبي متحضر يعتمد أساسا على مبدأ اللاعنف، والهدف منه هو المحافظة على ظاهرة معينة أو تغيير ظاهرة معينة في المجتمع ...ويعتبر الكاتب الأمريكي هنري ديفيد ثورو أول من استعمل مصطلح (العصيان المدني) في مقالة له بعنوان (العصيان المدني) وذلك عندما امتنع الكاتب عن دفع ضرائب الحرب احتجاجا على العبودية والاضطهاد والحرب التي كانت تخوضها الولايات المتحدة الأمريكية ضد المكسيك ..وقد أوضح الكاتب في مقالته بان المواطنين هم الذين يشكلون ويصنعون الجزء الأعظم من جماعة العصيان المدني.. كما ينبغي ان لا تنشغل حركة العصيان المدني بتوجيه خطابها الى الحكومة والنظام وتغفل عن اختيار خطاب مناسب للجماهير ودعوتهم للمشاركة في العصيان بإرادتهم دون إجبارهم على فعل ذلك..
نلاحظ أيضا ان العصيان المدني لا يظهر في الدول الديكتاتورية والشمولية وإنما يظهر في الأنظمة الديمقراطية.. أهم أنشطته هو الحد من ظاهرة العنف المسلح كما حدث في حركة (بلاوشرز) في ألمانيا إذ عمدت الى العصيان المدني بهدف نزع الأسلحة التي حرمها القانون الدولي.. كما انه يعتبر لغة التحاور للجماعات ذات الوعي السياسي وليس العنف المسلح الذي هو لغة التطرف في الرأي والعمل والفعل.. ولا يخفى ان أشهر من قام بالعصيان المدني ونجح أسلوبه كوسيلة للتحدي المتحضر وعبر عن عدم رضى عن القوانين الجائرة هو المهاتما غاندي، ومن ثم حذا حذوه مارتن لوثر كينغ للمطالبة بالحقوق المدنية للجماهير المغلوب على أمرها...

في مساء الاثنين الموافق 24/آذار/2008, وعلى اثر أحداث البصرة، ومقتل ستة من عناصر جيش المهدي، الجناح العسكري للتيار الصدري، واعتقال عدد من عناصره قبل أيام جنوب غرب بغداد, طلب هذا الجيش بل اجبر أهالي عدد من أحياء كرخ بغداد ورصافتها على إعلان العصيان تضامنا معهم .. كما اجبر طلبة المدارس والكليات والمواطنين على عدم الخروج من منازلهم، إذ قام هذا الجيش وبصورة غير مبررة بقطع الطرق وإغلاق المحال التجارية بقوة السلاح معلنين ان العصيان الإجباري وليس المدني سيستمر الى حين الإفراج عن عناصر من جيشهم المعتقلين، ومهددين الحكومة بأنهم سيلجئون الى خيارات أخري إذا لم تستجب لمطالبهم.. فقد هدد مسؤول في التيار الصدري هو مازن الساعدي مدير مكتب الصدر في جانب الكرخ انه في حال عدم تنفيذ هذه المطالب خلال مدة أقصاها 24 ساعة سيتم اللجؤ الى خيارات أخرى اهونها العصيان المدني!!، كما هدد مسؤول آخر في التيار الصدري يوم الثلاثاء 25/آذار بالعصيان المدني العام في العراق داعيا الى تنظيم اعتصامات بإيعاز من زعيم التيار مقتدى الصدر ملمحا الى اتخاذ خطوات لم يكشف عنها إذا استمرت الهجمات ضد جيش المهدي وان (لكل حادث حديث!!) ..
بدت بعض مناطق جانب الكرخ كالبياع والشعلة وجانب الرصافة ومنها مدينة الصدر خاوية إلا من مسلحي جيش المهدي.. ولا اعرف كيف يكون عصيان مدني أي غير مسلح مع وجود مسلحين ينتشرون ويهددون السكان وامنهم .. والمفارقة المضحكة انهم يرددون في جوامعهم بان توزع المصاحف واغصان الزيتون والورد على أفراد الجيش والشرطة في الوقت الذي يخطفون فيه ويقتلون عدد من عناصر الجيش والشرطة أضاف الى إصابة وقتل المدنيين عن طريق القصف العشوائي بالهاونات والكاتيوشا بحجة مقاومة الاحتلال.. ولا ادري ما ذنب الطفلة التي سقط على بيتها أحد الصواريخ وقتلها، هل كانت جزء من قوات الاحتلال؟! ..
قرأت الكثير عن المقاومة السلمية إلا أنى لم أرى أو اسمع أو أقرأ عصيانا مدنيا كالعصيان المدني الذي ينادي به التيار الصدري.. من أساسيات العصيان المدني ان لا ينغلق القائمون عليه داخل بوتقة المواقف السلبية عند ممارستهم الرفض والاحتجاج، وانما ينبغي عليهم في الوقت الذي ينددون فيه بظلم السلطة أو جور القانون ان يقترحوا حلا إيجابيا وبعيدا عن الصراعات وإثارة الفتن .. ان ما يقوم به التيار الصدري هذه الأيام لا علاقة له بالعصيان المدني بقدر ما يعبر عن عدم تحضر واضح وغطرسة غير مبررة، بل ساهم بقوة في تدهور الأمن العام وإشاعة روح العنف المنتشر في بلدنا وزاده تعقيدا .. هل يعلم القائمون بالعصيان ان من أهم ميزات الفرد الذي يقوم بالعصيان المدني ان يكون هادئا مالكا لزمام نفسه غير موتور بغية الوصول الى هدفه بيسر، فمثلا عندما يلقى القبض عليه من قبل رجال الشرطة أو الجيش، لا بد ان يكون مطيعا تماما ولا يجادلهم ولا يستفزهم.. كما انه من شروط العصيان وقبل القيام به ان يقوم القائمون به بنشر ثقافة اللاعنف وتحويلها الى قيم ثقافية راسخة في المجتمع وضرورة توعية المواطن العادي بأهمية العصيان المدني كوسيلة من وسائل المعارضة السلمية واخراجه من دائرة اللامبالاة والخوف وعدم تحمل المسوؤلية، وليس توزيع المصاحف واغصان التوت بيد (لان شجرة الزيتون ليس لها وجود في العراق طبعا) وحمل السلاح والإكراه بيد أخرى ... وما اراه من هذا المسمى عصيانا مدنيا إلا إجبار الآمنين بقوة السلاح على القيام بالعصيان، مع تأكدي التام على عدم فهم واستيعاب فكرة العصيان من قبل كافة أفراده القائمين عليه.. واصبح المواطن العراقي (معتصم وعاص مدني رغم انفه!!)، واقصد المواطن العراقي العادي الذي لا ناقة له فيها و لا جمل.. المواطن مدرك تماما ان المواجهات بين الحكومة والتيار الصدري ماهي إلا صراع مصالح وعمائم وفرض سيطرة عمامة على عمامة أخري.. وما المواطن إلا وقودا لتلك القبيلتين الصدرية والبدرية .. وبالتالي سيصبح شهيدا رغم انفه!!..
يعلمنا التاريخ ان الديمقراطية بما فيها احترام الرأي الآخر تصبح مهددة وقلقة في اغلب الاحيان جراء طاعة القطيع العمياء لاتباع الاتباع!! اكثر مما يهددها عصيانهم ...
يقول الإمام الراحل الشيرازي (ان حركة اللاعنف وان كانت صعبة جدا على النفس لكنها مثمرة جدا في الوصول الى الهدف، والعاقل يقدم الصعوبة على الفشل وان كل من يلتزم بقانون السلم واللاعنف لا مندوحة له إلا وينتصر في هذه الحياة...)

كنا نأمل لو كان هذا العصيان عصيانا مدنيا متحضرا أي غير عنفي ودون اللجوء الى السلاح، ودون إجبار الناس على العصيان وقطع أرزاقهم وتعطيل الدولة وأجهزتها، وكم كنا نتمنى لو كانت مطالب منظمي هذا العصيان تصب في مصلحة الفرد العراقي الذي اكله الخوف والجوع والتهجير وليس من أجل مصلحة حزب ما أو تيار ما أو كتلة ما, كأن ينظموا مثل هذا العمل من اجل المهجرين وحقهم بالعودة أو من اجل الأطفال المرضى وقلة المستشفيات المتخصصة أو من اجل تحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي كتحسين الخدمات العامة ومنها الكهرباء والماء والمجاري، وعدم الاكتفاء بالقيام بعصيان يكون أول ضحاياه وأخرهم هو الموطن العراقي البسيط المسحوق تحت أقدام المليشيات وخاصة المليشيات الدينية والجوع والطائفية والبطالة والتشرد...؟؟
اعتادت أطراف الصراع على التقاتل من اجل سلب لقمة المواطن وحقه في العيش برفاهية واستقرار.. فالنصر برأي تلك الأطراف المتصارعة هو نصر من الله وفتح قريب .. وسينظر الى هذا النصر المبارك على انه نصرا إلهيا مادام الزعيم أو الرئيس لم يمس.. فشعار الأحزاب والتيارات الدينية تحديدا هو (نحن السادة الخواص مصالحنا أولا أما العوام فألى الجحيم وبئس المصير).. فهم العباد الوارثون ومن أجلهم خلق الله هذا الكون وما فيه!! .. هذا هو النصر الإلهي بنظرهم دون مرآعاة ان كان هذا النصر قد شيد على جماجم وأشلاء الأطفال واليتامى والأرامل.. فلمن المشتكى؟؟



#سندس_جليل_العباسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مولاي الجليل.. لا تقتلوا الامام الحسين مرتين..
- الابداع ومعاول الفقهاء المعاصرين
- في بيتنا هبل واللاتي والعزة...!!
- رعاة وقطيع من نساء
- مسيرة مارثونية مليونية لانفاذ اطفال العراق
- الكرامة والشهامة في ميزان الحضارة
- من له إذنان صاغيتان فليسمع، أين حقي؟
- كي تتعلم وتفهم
- ابو الهول أكثر صخبا من برلمانياتنا


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سندس جليل العباسي - معتصمون وعاصون رغم انوفهم